ينتقد موقع "world socialist web" الأميركي "الوعود الكاذبة" التي أطلقها الرئيس الأميركي، جو بايدن، بأنه سيعاقب السعودية التي وصفها بالدولة "المنبوذة" بعد مقتل الصحافي السعودي المعارض جمال خاشقجي، وحربها في اليمن، ويصف الموقع بايدن بأنه "منافق ووقح"، وفي ما يلي نص المقال المترجم للعربية:
سيلتقي الرئيس جو بايدن ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، ولي عهد الديكتاتورية السعودية، بعد 4 سنوات على تدبير ابن سلمان جريمة قتل الصحافي السعودي المعارض جمال خاشقجي، وهو مواطن أميركي من أصل سعودي، وكاتب في صحيفة "واشنطن بوست"، أكثر الصحف قراءة في الولايات المتحدة.
كانت الجريمة عملاً مهوّلاً، وأثارت موجة غضب دولية، بعد أن تأكد بأنّ المغدور ذبح بدم بارد، باعتراف بايدن نفسه عشية انتخابه للرئاسة وبعده، وقال إنّ ابن سلمان سيقبض عليه فور رؤيته في أي بلد لديه أدنى حد التزام بسيادة القانون، حتى أشدّ المعارضين لعقوبة الإعدام تعنتاً قد يستثنونه.
مع ذلك، وبغضّ النظر عن توسلات خطيبة خاشقجي وعائلته، إلا أن بايدن يتبنى الآن قاتل خاشقجي علناً، عندما يعود إلى البيت الأبيض، سيتعقب آثار دماء خاشقجي على حذائه.
ربما قوبل الاعلان عن زيارة بايدن إلى السعودية باحتجاجات شعبية، ولدى معظم وسائل الإعلام الأميركية. وفي الشهر الماضي، وصفت هيئة تحرير صحيفة "واشنطن بوست" رحلة بايدن بأنها "مخيبة للآمال"، لكنها لم تطالب بإلغائها، قبل أن تسكت عن الموضوع.
في شهر شباط/ فبراير من العام 2021، أصدرت إدارة بايدن تقريراً خلصت فيه إلى أنّ "ابن سلمان وافق شخصياً على قتل خاشقجي في العام 2018"، وأنه تمّ استدراجه إلى القنصلية السعودية في اسطنبول بتركيا، وبمجرد دخوله قُتل على يد مجموعة من المجرمين. وظهر أنّ تسجيلاً لدى قوى الأمن التركية، يوثّق تمزيق جسد المغدور بمنشار كهربائي.
وفي مناظرة رئاسية في العام 2019، جزم بايدن بأنه في حال انتخابه رئيساً، ستتوقف إدارته عن بيع الأسلحة للسعودية لاستخدامها في حربها ضد اليمن، وأنه سيعاقب " المسؤولين السعوديين الذين قتلوا خاشقجي".
سُئل بايدن: "الرئيس ترامب لم يعاقب كبار القادة السعوديين.. هل بامكانك فعل ذلك؟"
أجاب بايدن: "نعم، لقد قُتل خاشقجي وقُطعت أوصاله بأمر من ولي العهد السعودي. وأودّ أن أوضح أننا لن نبيع لهم المزيد من الأسلحة حيث يذهبون بها الى اليمن ويقتلون الأطفال والأبرياء، لذا يجب محاسبتهم وسنجعلهم يدفعون الثمن، كمنبوذين، كما هم".
إشارة بايدن الى حرب السعودية على اليمن، جاءت بعد سنوات من تعمّد النظام الملكي السعودي قصف السكان المدنيين، واستخدام سياسات تهدف الى تجويع كافة اليمنيين. كما خلص أحد مسؤولي الأمم المتحدة، إلى أن "المدنيين في اليمن يتضورون جوعاً"، وطالب المسؤول بإحالة النظام السعودي إلى المحكمة الجنائية الدولية.
ووفقاً لوزارة الخارجية الأميركية، فإنّ "قضايا حقوق الإنسان المهمة" في السعودية، تشمل: القتل غير المشروع، وعمليات الإعدام على جرائم غير عنيفة، والاختفاء القسري، والتعذيب، والتدخل المباشر في حرية التجمع السلمي وحرية تكوين الجمعيات، وعدم قدرة المواطنين على اختيار حكومتهم بشكل سلمي من خلال انتخابات حرة ونزيهة، بالإضافة إلى العنف والتمييز ضد المرأة، وتجريم المثليين، والقيود المفروضة على حرية العمال في تكوين الجمعيات، بما في ذلك حظر النقابات والاتحادات العمالية".
يذكر أنه وقبل أربعة أشهر فقط من رحلة بايدن إلى السعودية، أعدمت المملكة 81 شخصاً في يوم واحد، وهو أكبر عدد في تاريخ المملكة الحديث.
وعلى الرغم من وعوده الانتخابية، شحن بايدن إلى السعودية صواريخ وقنابل بمئات ملايين الدولارات في العام 2021. وهذا يمثل "تنصلاً" من تعهد حملته بـ "إنهاء هذه الحرب".
وحين كان بايدن يدلي بتصريحاته "الفارغة" حول السعودية، تمّ وضع خطط بعيدة المدى لتسليح أوكرانيا بشكل منهجي استعداداً للحرب الحالية التي تقودها واشنطن بالوكالة مع روسيا.
يستند بايدن إلى الحرب الأوكرانية لتبرير التخلي عن محاسبة جرائم القتل الجماعي السعودي في اليمن، إضافة إلى قتلها خاشقجي. وكان بايدن قد نشر مقالة في صحيفة "واشنطن بوست"، بعنوان: "لماذا أنا ذاهب إلى السعودية؟".
يفهم من المقال أنّ بايدن يرفض إلى حدّ كبير أي نقاش حول حقوق الإنسان وربطها بالسياسة الخارجية الأميركية. وهو يحدد أهداف سياسة واشنطن في الشرق الأوسط بالكامل، من وجهة نظرالمصالح الأميركية، التي تطلب اللقاء وجهاً لوجه مع ابن سلمان، في سبيل تقدم المصالح التجارية بين البلدين على حد تعبير بايدن، الذي لم تظهر في مقالته كلمتا "حقوق الإنسان" و "خاشقجي" إلا مرة واحدة فقط. وبدلاً من ذلك، يُفسر بايدن أهمية الشرق الأوسط و "ممراته المائية الضرورية للتجارة العالمية وسلاسل التوريد التي نعتمد عليها، وموارده من الطاقة حيوية للتخفيف من التأثير على الإمدادات العالمية لحرب أوكرانيا".
ويضيف بايدن أنّ "توجهاته حول حقوق الإنسان واضحة وطويلة الأمد"، لكن الضرورات العسكرية والاقتصادية لها الأسبقية على ذلك.
ويقول بايدن: "بصفتي رئيساً، وظيفتي الحفاظ على بلدنا قوياً وآمناً. علينا مواجهة العدوان الروسي، ووضع أنفسنا في أفضل وضع ممكن للتغلب على الصين، والعمل من أجل استقرار أكبر في لعالم. وللقيام بهذه الأشياء، يتعين علينا التعامل مباشرة مع البلدان التي يمكن أن تؤثر على تلك النتائج. والسعودية واحدة منها، وعندما اجتمع مع القادة السعوديين، سيكون هدفي هو تعزيز شراكة استراتيجية للمضي قدماً على أساس المصالح والمسؤوليات المشتركة".
من جهة أخرى ناشدت خديجة جنكيز (خطيبة خاشقجي)، الرئيس الأميركي لإلغاء زيارته إلى السعودية، ودعته إلى الوفاء بوعده بالسعي لتحقيق العدالة لجمال. وكتبت أنّ "الرحلة ستزيد بشكل كبير من حزننا ويأسنا". متساءلة "لماذا تمنح العائلة المالكة السعودية تصريحاً لأعمالهم المشينة، هل هذا سعر النفط؟.. من الواضح أنه كذلك".
لماذا يذهب بايدن إلى السعودية؟
لأنه منافق ووقح. ولأنه قادر على ارتكاب أي جريمة، باسم النفط، والمال، والأرباح لأصحاب المراتب في الأوليغارشية الأميركية وصنّاع الأسلحة، وحتى يتمكنوا من خوض حرب مع روسيا، فهو يشرعن قتل خاشقجي، ويمنح تفويضاً مطلقاً لقتلته.
وبالنسبة لأولئك السذج بما يكفي للاعتقاد بأن الحرب الأميركية ضد روسيا لها علاقة "بحقوق الإنسان" ومعارضة جرائم الحرب، فإنّ رحلة بايدن إلى السعودية يجب أن تفتح أعينهم. وهي توضح مرة جديدة، بأنّ المخاوف على "حقوق الانسان"، ليست إلا تغليفاً للسياسة الخارجية للولايات المتحدة.. لا أكثر!