مقدمة
تعرضت جماعة الإخوان المسلمين منذ سقوطها عن الحكم في مصر عام 2013 إلى عدد من التحولات على المستوى البنيوي “التنظيمي” وعلى مستوى منظومة القيم الحاكمة للتنظيم، نتيجة صراعات عدة متوالية نشبت بين قيادات الجماعة كان أساسها الرغبة في بسط السيطرة على الجماعة.
هذه الصراعات أثرت في بناء الجماعة بشكل لافت للانتباه، فما عادت كما كانت في السابق، من حيث القوة، بعد تفجّر النزاعات بداخلها على مستوى القيادة الحاكمة بحيث تحولت في النهاية إلى قسم موالٍ للقائم بأعمال المرشد، إبراهيم منير، المقيم في لندن، وقسم آخر موالٍ لأمين عام الجماعة السابق، محمود حسين، المقيم في تركيا، فضلاً عن قسم ثالث يُطلق عليهم المكتب العام للإخوان، وقد تمسك أعضاؤه بخط، محمد كمال، عضو مكتب الإرشاد، مسؤول اللجان النوعية “العمل المسلح” داخل التنظيم. وقد طرحت هذه الانقسامات أسئلة مهمة تتعلق ببقاء الجماعة من عدمه بعد أن تفجّرت من داخلها، فالنظرية تؤكد أن انهيارات التنظيمات المؤدلجة دائماً ما تكون من داخلها وليس من خارجها.
الصراع داخل جماعة الإخوان المسلمين ليس مجرد صراع بالمفهوم السياسي، بمعنى أنه لا يمكن فهمه على أنه صراع سياسي طبيعي كما يحدث في التنظيمات السياسية، وذلك لعوامل عدة، أهمها أنه يشهد اتهامات عديدة متبادلة بين أطرافه، فإلى جانب الاتهامات الخاصة بالسعي إلى السيطرة على الجماعة، هناك اتهامات تتعلق بالذمة المالية، وبالرغبة في هدم الجماعة، فضلاً عن اتهامات بالعمالة لأجهزة استخبارات أجنبية، وهي اتهامات لأول مرة تظهر على العلن بين قيادات نافذة في الجماعة.
وترصد هذه الورقة الجوانب الخفية في الصراع، بحيث تتضح طبيعة الأزمة التي تمر بها الجماعة، كما تتناول السيناريوهات المتوقعة إزاء آخر نقطة وصل إليها الخلاف بين أطراف الصراع. وترسم بوضوح صورة الجماعة في الوقت الحالي وتستشرف مستقبلها أيضاً، وذلك من واقع فهم دقيق للحركة داخل الجماعة التي كانت مغلقة على خلافاتها لفترة طويلة وممتدة، كما تعتني الدراسة برسم خطوط المواجهة مع تغير شكل الجماعة وفق التحولات التي طرأت عليها.
أولاً: بدايات الانقسام ودلالاته:
يمكن رصد بداية الانقسام والصراع داخل جماعة الإخوان المسلمين مطلع عام 2016، حيث ظهرت بوادره بين محمود عزت القائم بعمل المرشد، آنذاك، ومحمد كمال، عضو مكتب الإرشاد، الذي تولى رئاسة اللجنة الإدارية العليا، المنوط بها إدارة شؤون الجماعة داخل مصر والتي كانت بديلاً لمكتب الإرشاد، حيث قرر كمال ممارسة مهامه دون العودة إلى محمود عزت.
وقد حاول “عزت” في خلافة مع “كمال”، أن يُظهر أن الخلاف بينهما كان على فكرة استخدام العنف لا على ترتيب أولويات العمل داخل الجماعة، ورغم أن كليهما قد أقر العنف، فإن “عزت” كان يرى أن استخدامه بالصورة نفسها التي أقرها “كمال” لا يخدم أهداف الجماعة وقد يتسبب في القضاء عليها. وفيما انحاز كمال لرأي اللجنة الشرعية التي شكلها وأقرت في بحثها “المقاومة الشرعية” رد الصائل بالقوة، رأى عزت ذلك بمنزلة انتحار تنظيمي لوجود فارق في القوة بين الدولة والجماعة، وهو ما استتبع عزل “كمال” من منصبه كرئيس للجنة الإدارية العليا، ما أدى إلى تكون فصيل يعرف باسم “الكماليين” الذي سعوا إلى تبنّـي مشروع محمد كمال في استخدام العنف ضد الدولة المصرية.
وقد فجّر إلقاء السلطات المصرية القبض على محمود عزت، في 28 سبتمبر عام 2020، الخلافات بصورة أكبر داخل الجماعة؛ فبينما كان يرى محمود حسين، عضو مكتب الإرشاد، أمين عام التنظيم، أحقيته بأن يحل محل عزت في منصب القائم بأعمال المرشد، كان إبراهيم منير، أمين عام التنظيم الدولي، يعتقد أنه الأولى بتولي المنصب ذاته.
لا شك أن نجاح الأجهزة الأمنية المصرية في القبض على عزت، قد قضى على التماسك الهش والرمزية الزائفة التي سعت الجماعة إلى تسويقها لأتباعها ومموليها، حيث أصبحت قيادات الجماعة كافة تنقسم إلى إما ملاحقين بتهم تورطوا فيها الجماعة، وإما هاربين في الخارج، وهو ما يحيلنا إلى اضطرار اختيار مكتب التنظيم الدولي لتبنّي “فقه الضرورة” واختيار “إبراهيم منير” مرشداً جديداً، رغم تعارض هذا الاختيار مع لائحة التنظيم الداخلية التي لا تجيز تولية مرشد للتنظيم خارج القطر المصري، فضلاً عن ضعف هياكل التنظيم وعدم قدرتها على إجراء انتخابات جديدة، ما يعني أن اختيار “منير”، آنذاك، لم يكن يحظى بتوافق يمكّنه من ممارسة دور المرشد بالشكل المعتاد.
وقد أخذ الخلاف بين منير وحسين مظاهر عديدة، حيث بادر الأول فور القبض على محمود عزت بإلغاء منصب أمين عام الجماعة الذي يشغله محمود حسين، فور تلفظ الأخير بأنه الأحق بتولي منصب القائم بأعمال المرشد في أحد الاجتماعات الخاصة وفي حضور قيادات إخوانية في أسطنبول، في المقابل قام مجلس شورى الإخوان بإعفاء إبراهيم منير من منصبه والاكتفاء بدوره في إدارة شؤون التنظيم الدولي، وهو ما حدا بالأخير بتحويل أعضاء المجلس الذين اتخذوا هذا القرار للتحقيق، وبالتالي ما دفع مجلس الشورى إلى استصدار قرار بأنه الجهة الوحيدة المنوط بها اختيار القيادات التنفيذية وأنه جهة غير قابلة للعزل.
وسار الوضع على هذه الحال، بيانات وبيانات مضادة تُصدرها كل جبهة تجاه الجبهة الأخرى، بحيث بات من المستحيل التقارب بينهما بعدما خرج الخلاف بينهما إلى العلن، وباتت كل جبهة تتحصن بنشر اتهاماتها للجبهة الأخرى أمام وسائل الإعلام.
وفي تطور جديد، أعلنت جبهة محمود حسين في ديسمبر 2021، عزل منير رسمياً وتشكيل لجنة للقيام بمهام القائم بعمل مرشد الجماعة، وقالت الجبهة في بيان رسمي “إن مجلس الشورى العام اجتمع وقرر تشكيل لجنة مؤقتة باسم اللجنة القائمة بأعمال المرشد العام من بين أعضائه، وتقوم بمهام المرشد العام للجماعة لمدة ستة أشهر، على أن يتم الإعلان عن هذه اللجنة في الوقت الذي يحدده المجلس”، وأن المجلس قرر تسمية الدكتور مصطفى طلبة ممثلاً رسمياً لها.
في المقابل، وبعد ساعات من إعلان تشكيل “لجنة للقيام بأعمال المرشد”، أكدت جبهة لندن، أن إبراهيم منير هو القائم بأعمال المرشد والمعبر عن مؤسسات التنظيم، ونفى أسامة سليمان، المتحدث باسم جبهة منير، في بيان نشره موقع “إخوان سايت” (الموقع الرسمي للجبهة)، ما تردد عن انعقاد مجلس الشورى العام، أو صدور أي قرارات عنه. وفي إجراء آخر، قرر منير عزل مصطفى طلبة، وقالت جبهة لندن في بيان صدر في 29 يناير 2022 “إنّ كلَّ من خرج عن الصف، وكلَّ من أسهم في شق الجماعة وترديد الافتراءات الكاذبة ليس من الجماعة، معلنة أنّها قررت بطلان ما يُسمّى باللجنة القائمة بعمل المرشد التي يمثلها مصطفى طلبة”.
ولا شك أن الصراع بين جبهتي منير وحسين يثير أسئلة تتعلق بطبيعة الخلاف وشكله، وهل هو خلاف تنظيمي أم فكري؟ وأيهما أعمق وأثره أكبر على التنظيم؟ وهل يمكن معالجته عبر مبادرات للصلح ولمّ الشمل؟
بداية يمكن الإشارة إلى أن الخلاف بين جبهتي منير وحسين يتضمن جزءاً تنظيمياً حركياً يرتبط بأدوات العمل، لكن الجزء الأكبر والأهم منه يرتبط بالجانب الفكري، مما تصعب تسويته على غرار الخلافات التنظيمية التي نجحت الجماعة في تسويتها على مدار فترات تاريخية سابقة. وتبدو طبيعة هذا الخلاف بالنظر إلى أن كل جبهة ترى في نفسها المعبّـر الحصري عن أفكار التنظيم وعن لوائحه، ولذلك ذهبت محاولات تقريب وجهات النظر كلها سدى نتيجة إصرار كل جبهة على موقفها باعتباره الموقف الفكري الصحيح.
وفي هذا الإطار فشلت مبادرات الصلح كلها بين الجبهتين، ومنها المبادرة التي قادها اتحاد علماء المسلمين وتضمنت الإبقاء على الامتيازات التي خصصت لمحمود حسين وأعضاء جبهته، ومنها: إبقاء العمارة السكنية التابعة للجماعة والكائنة في منطقة الفاتح في إسطنبول باسمه بعد أن استولى عليها ونقل ملكيتها له، والسيارتين المخصصتين له والسيارة التي اشتراها لابنه بمبلغ 100 ألف دولار من أموال الجماعة، مع التسليم بقرارات منير، والحفاظ على كيان الجماعة، وهو ما رفضه حسين، خاصة أن منير طلب في المقابل تسليم مكتب تركيا واستثمارات الجماعة فيها، التي يشرف عليها ويديرها بشكل فعلي القيادي الإخواني مدحت الحدّاد، أحد أعضاء جبهة حسين
ثانياً: تأثير الانقسام في بنية الجماعة
أدت الخلافات والصراعات التي تعرضت لها جماعة الإخوان المسلمين منذ عام 2016 إلى شقها إلى نصفين، خاصة أن هذه الخلافات لم تشهد الجماعة مثلها من قبل، وربما تكون بداية الأفول بعد عشرة عقود لم يُسمح خلالها بأي خروج على منهج الجماعة أو قادتها. فما تشهده الجماعة ليست مجرد خلافات بقدر كونها حالة من التفكك التنظيمي، الذي يمثل الخلاف إحدى علاماته، بمعنى أن هذه الخلافات هي مجرد عرض لحالة التفكك والتحلل التنظيمي.
ويمكن القول في هذا السياق، إن هذه الخلافات تعبر عن حالة شيخوخة تعيشها الجماعة وربما تمثل بداية لفقدان الحياة بعد عمر الجماعة الطويل، حيث فقدت توازنها وقدرتها على الحركة، فالجماعة تعيش بدايات الانهيار بعدما فقدت حالة التماسك الداخلي، التي كانت تحققها من خلال السلطة الأخلاقية والأدبية المفروضة على الأتباع.
من جهة أخرى، تعيش جماعة الإخوان المسلمين حالة من التكلس الفكري والتنظيمي معاً، فلم تعد قادرة على الحركة، نتيجة الصراعات التي تعيشها، ومحاكمة الأعضاء للقيادات، وتحميلهم مسؤولية ما حدث للجماعة خلال العقد الأخير، ومطالبتهم بالتنحي عن إدارة شؤون الجماعة، وهو ما رفع من حدة الصراع والسجال، الذي وصل إلى اتهامات مخلّة بالشرف، منها ما يتعلق بالخيانة والذمة المالية والمحسوبية.
ولعل الخسارة الأكبر التي تعيشها الجماعة هي أنها أصبحت بلا تنظيم! فكثيراً ما كانت تتفاخر بأنها قادرة على حل خلافاتها دون ضجيج، حيث كانت قادرة على حسم الخلافات في مهدها بطريقة قمعية، مع الانتصار للقيادات في أي خلاف أو صراع مهما كانت الخسائر، وقد نجح الإخوان في الإبقاء على التنظيم لفترات طويلة ولكنه بات تنظيماً مشوهاً، لا يمكن مراجعة قادته ولا يسمح بالحوار بين أعضائه والمنتمين إليه، وهذا ساعد بصورة أو بأخرى بظهور ضعفه الشديد مع أول خلاف عميق بين قياداته الكبرى.
ثالثاً: السيناريوهات المتوقعة لوضع الجماعة
في ظل الصراعات الشديدة التي تشهدها جماعة الإخوان المسلمين يمكن الحديث عن ثلاثة سيناريوهات متوقعة لوضع جماعة الإخوان المسلمين وذلك على النحو التالي:
1– انهيار الجماعة
ينطلق هذا السيناريو من فكرة أن الصراعات الشديدة داخل الجماعة قد تؤدي إلى انهيارها خاصة إذا ما أصر كل طرف على موقفه وهو أمر قد يؤدي بدرجة أو بأخرى إلى تشقق الجماعة إلى فرق عديدة ما يؤدي في النهاية إلى تفككها ومن ثم انهيارها، وما يغذي هذا السيناريو فشل محاولات الصلح كلها التي بذلت لتسوية الخلاف بين جبهتي منير ومحمود حسين، وعمق الخلافات التي ظهرت معها اتهامات متبادلة تتعلق بالذمة المالية وسرقة أموال الجماعة والعمل لصالح أجهزة استخبارات أجنبية، وكلها أمور تتعلق بسلة القيم التي كانت الجماعة تتغنى بها لفترة طويلة، بالإضافة إلى أن هذه الخلافات قد تدفع شباب الجماعة في داخل مصر إلى فقدان الثقة بها وبقياداتها ومن ثم محاولة الخروج منها.
2– استمرار الوضع القائم
يتضمن هذا السيناريو استمرار الوضع القائم مع محاولة أطراف الصراع ضبط صراعهم بحيث لا يؤدي إلى انهيار الجماعة بالكامل، بمعنى أن تستمر الخلافات القائمة في ظل سعي كل طرف من الأطراف المتصارعة إلى إقصاء الطرف الآخر، وفي ظل عدم قدرة أي من منهما على تحقيق الانتصار، فقد يستمر الوضع الحالي للجماعة بحيث تكون منقسمة على ذاتها غير قادرة على الحركة ومن ثم تدخل في حالة من الضعف لكن من دون أن تنهار تماماً أو تختفي من المشهد.
3- معالجة الخلافات وعودة الجماعة موحدة
يتضمن هذا السيناريو نجاح الجماعة في تسوية الخلافات بين جبهتي منير وحسين ومن ثم عودة الجماعة مرة أخرى كجماعة موحدة، وهو أمر من الممكن حدوثه إذا ما توافرت بعض الأمور، مثل، وفاة أحد قيادات الجبهتين، أو نجاح المرشد محمد بديع في التدخل من داخل سجنه لتسوية الخلاف بين منير وحسين، أو حسم الخلاف لصالح إحدى الجبهتين، أو ضغط دول، مثل: بريطانيا أو تركيا لإنهاء الخلاف وتسويته.
ويبدو السيناريو الأول الخاص بانهيار الجماعة وتفككها ومن ثم انهيارها مستبعد الحدوث، في ظل إصرار الجماعة قادة وأعضاء على الحفاظ عليها، فالجماعة ليست تلك الموجودة في مصر فقط ولكن هناك العديد من الجماعات الأخرى الموجود في دول عديدة من العالم تابعة للإخوان المسلمين ولا يرغبون أبداً في اختفاء الجماعة أو انهيارها أيضاً. من جهة أخرى فإنه ليس من المتصور أن تختفي الجماعة وما زالت تمتلك الكثير من القدرات التي تؤهلها للبقاء ومنها قدرات اقتصادية هائلة تساعدها بلا شك على الحفاظ على بقائها.
ويبدو السيناريو الثالث مستبعد الحدوث لا سيما على المدى القصير أيضاً، فليس من المتصور أن تنجح الجماعة فجأة في معالجة خلاف شديد العمق بين اثنين من كبار قادتها يتنازعون السيطرة عليها ويرى كل منهما أنه الأحق من الآخر بتولي شؤون الجماعة، فعنصر فقدان الثقة بين الجبهتين المتصارعتين سيظل مستمراً لفترة طويلة لا سيما في ظل إقدام كل جبهة على “فضح” الجبهة الأخرى من خلال اتهامات بالخيانة أو العمالة لأجهزة استخبارات خارجية أو سرقة أموال الجماعة.
وعلى ضوء ذلك يبدو السيناريو الثاني هو الأكثر ترجيحاً حيث ستستمر الجماعة على وضعها القائم مشتتة بين خلاف شديد العمق بين اثنين من أبرز قادتها بما يجعلها في حالة ضعف تعوق حركتها، وتعود أرجحية هذا السيناريو إلى عوامل عدة، أبرزها عدم قدرة أي من الجبهتين المتصارعتين على الانتصار على الجبهة المناوئة، وعدم قدرة الجماعة أو قادتها الآخرين على فرض تسوية على الجبهتين، فضلاً عن أن نظم الحكم المناوئة للجماعة ترغب في استمراها على وضعها القائم.
خاتمة
إن الخلافات والصراعات التي تشهدها جماعة الإخوان المسلمين قد تزيد من حالة الضعف التي تعانيها منذ سقوطها من الحكم في مصر عام 2013، لكن هذه الخلافات لن تؤدي إلى انهيار الجماعة واختفائها من المشهد تماماً، وهو ما يستدعي أن تستمر الدول الرافضة لهذه الجماعة وفكرها في المواجهة الشاملة معها، إذ لا بد من استمرار المواجهة الفكرية والأمنية والعسكرية للتنظيم، فصحيح أن الجماعة تمر بحالة ضعف شديدة لكن أفكارها مازالت حيّة وموجودة وربما جاذبة لبعض الأشخاص.
الأمر الآخر الذي تنبغي الإشارة إليه هو أنه ينبغي أن يكون هناك تصور لمرحلة ما بعد الإخوان، فمازالت الساحة خالية من المؤسسات القادرة على ملء الفراغ الذي يمكن أن يخلفه اختفاء “الإخوان” من الساحة تماماً، وما زالت المؤسسات السياسية والاجتماعية والدينية سواء الأحزاب السياسية أو جمعيات المجتمع المدني أو الجمعيات الدينية الرسمية غير قادرة على منافسة الجماعة، وهو أمر ينبغي العمل عليه من خلال تجهيز هذه المؤسسات ورفع قدرتها على العمل على أرض الواقع.
وأخيراً ينبغي التأكيد أن خطورة “الإخوان” ليس في تنظيمهم، رغم أنه تنظيم قوي تمدد في أكثر من ثمانين دولة، ولكن في الأفكار المؤسسة للتنظيم، فالتنظيمات دائماً تعيش على الأفكار، ومن ثم فإن المهم هو مواجهة هذه الأفكار.