• اخر تحديث : 2024-11-22 10:05
news-details
مقالات مترجمة

"فورين بوليسي": ماذا تريد الصين؟


في مقال نُشر على موقع مجلة "فورين بوليسي" الاميركية يوضح خبيران في السياسة الدولية أن أكبر الكوارث الجيوسياسية تحدث عندما يتقاطع الطموح مع اليأس.

يقول هال براندز أستاذ الشؤون العالمية بكلية جونز هوبكنز للدراسات الدولية، ومايكل بيكلي أستاذ العلوم السياسية المشارك بجامعة تافتس، إن الصين تحت قيادة شي جين بينغ ستكون عما قريب مدفوعة في تصرفاتها بقدر كبير من الطموح واليأس.

وفي مقالهما المشترك بالمجلة -الذي اقتبسا مادته من مؤلفهما الجديد بعنوان "منطقة الخطر: الصراع القادم مع الصين"- يرى الكاتبان أن سبب هذا اليأس يعود إلى اقتصاد متباطئ، وشعور متزايد بالحصار والانحدار.

وفي معرض شرحهما لتلك الطموحات التي تحاول بكين تحقيقها، يؤكد الكاتبان أن من العسير إدراك مدى صعوبة انهيار الصين دون معرفة علو المكانة التي تريد بكين بلوغها.

وينخرط الحزب الشيوعي الصيني حاليا في مشروع "ملحمي" لإعادة صياغة قواعد النظام العالمي في آسيا وخارجها، إذ إن بكين لا ترغب في أن تكون قوة عظمى بين قوى عظمى عديدة، بل "القوة العظمى، أو الشمس الجيوسياسية التي يدور حولها النظام" العالمي.

ويتجلى هذا الطموح في المشاريع التي يعكف عليها الحزب بدءا من برنامج بناء السفن البحرية الذي يبز نظراءه في العالم، وحتى جهوده لإعادة تشكيل الجغرافيا الإستراتيجية لمنطقة أوراسيا.

وتتضمن الإستراتيجية الكبرى للصين العمل على بلوغ أهداف قريبة من حدودها، مثل تعزيز قبضة الحزب الشيوعي على السلطة واستعادة الأجزاء التي انشطرت عندما كانت الدولة ضعيفة.

كما تتضمن أهدافا أكثر شمولا مثل إقامة مجال نفوذ إقليمي ومنافسة القوة الأميركية على نطاق عالمي.

ويمضي براندز وبيكلي في مقالهما إلى أن أجندة الحزب الشيوعي تمزج بين الإحساس بالمصير التاريخي للصين، مع التركيز على أدوات القوة الحديثة في القرن الـ 21.

وهذا الإحساس متجذر في الطموحات الجيوسياسية الأزلية التي تحفز العديد من القوى العظمى، والشعور بعدم الأمان الذي ينتاب النظام "الاستبدادي" في الصين، وفق مقال فورين بوليسي.

وعلى الرغم من أن دافع الصين لإعادة ترتيب العالم كان سابقا لتولي شي مقاليد الحكم، فإنه تسارع بشكل كبير السنوات الأخيرة.

4 أهداف

وعادة ما تتبدى إستراتيجية الصين الكبرى في الرأي السائد بين النخب أكثر من وجودها بالخطط التفصيلية المتدرجة للمستقبل. ومع ذلك، فإن هناك أدلة كثيرة على أن الحزب الشيوعي ينتهج إستراتيجية كبرى مصممة ومتعددة المستويات ذات 4 أهداف رئيسية:

أولا- حسب اعتقاد براندز وبيكلي فإن للحزب الشيوعي طموحا "أبديا" كالذي لدى أي نظام "مستبد" وهو الحفاظ على قبضته الحديدية على السلطة.

ثانيا- الحزب يريد أن يوحد الصين مرة أخرى من خلال استعادة الأراضي التي فقدتها في العصور السابقة من الاضطرابات الداخلية والعدوان الأجنبي.

ثالثا- إيجاد مجال نفوذ إقليمي تكون فيه الصين هي الأعلى منزلة لأن الجهات الخارجية الفاعلة -وخاصة الولايات المتحدة- يتم دفعها إلى الهامش.

أما الهدف الرابع لاستراتيجية بكين فهو التركيز على أن تكون هي القوة العالمية، ومن ثم اعتلاء الصدارة الدولية نهاية المطاف.

إن السعي وراء القوة الإقليمية والعالمية ينبغي أن يعزز سلطة الحزب الشيوعي بالداخل، التي من شأنها أن تمنحه الشرعية لتأجيج النزعة القومية الصينية في وقت يتخلى فيه النظام عن أيديولوجيته الأصلية وهي الاشتراكية، كما يزعم كاتبا المقال.

وفي هذا الإطار، فإن الاستراتيجية الصينية الكبرى تشمل أكثر بكثير من مجرد دفاع ضيق عن الدولة ونظامها الحاكم، بل إن أهدافها ترتبط ارتباطا وثيقا بمحاولات إحداث تغيير تاريخي في القواعد الإقليمية والعالمية للطريق، من ذلك النوع الذي يحدث عندما تنهار إحدى القوى المهيمنة وتبرز أخرى.

دور الولايات المتحدة

على أن براندز وبيكلي يحذران من أنه لا يمكن أن يغيب عن بال صانعي السياسة الصينيين أن الولايات المتحدة لديها سجل مميز في تدمير أخطر منافسيها العالميين، مثل الإمبراطورية الألمانية، الإمبراطورية اليابانية، ألمانيا النازية والاتحاد السوفياتي، بالإضافة إلى مجموعة من المنافسين الأقل خطورة.

ولا يمكن للمسؤولين في بكين أن ينسوا أن الولايات المتحدة مستعدة لإحباط جميع مخططات الحزب الشيوعي.

ويلفت المقال إلى أن الولايات المتحدة تقف في طريق الصين نحو بلوغ "العظمة المنشودة" كما أنه لن يتسنى للحزب الشيوعي توحيد الصين مرة أخرى دون استعادة تايوان التي تحميها واشنطن من ضغوط بكين وذلك عبر مبيعات الأسلحة، والدعم الدبلوماسي والوعد الضمني بالمساعدة العسكرية.

ويخلص الكاتبان إلى أن القوى الدولية في أوج ذروتها تصبح، عادة، عدوانية عندما تتلاشى ثرواتها ويطوقها أعداؤها.

ويختم المقال بأن الصين تشق طريقا ينتهي في الغالب بمأساة تتمثل في صعود سريع يتبعه خطر بانهيار حاد.