يرى المدير العام للمجلس الروسي للشؤون الخارجية، أندريه كورتونوف، أن السيناريو الأكثر واقعية لتطور الحرب في أوكرانيا هو انخفاض طفيف في العمليات العسكرية للقوات الروسية وللمواجهات مع الجيش الأوكراني، يوازيه تثبيت وضع جيوسياسي- عسكري معين على الأرض، وكل ذلك من دون التوصل إلى اتفاق سياسي.
ويأتي كلام كورتونوف تعليقاً على التقرير الذي نشرته صحيفة "الغارديان" البريطانية للكاتب دان صباغ، وتحدث فيه عن السيناريوهات الأكثر احتمالاً لتطور الصراع العسكري في أوكرانيا خلال الأشهر الستة المقبلة.
سيناريوهات
ووفقاً للتوقعات الأولية للكاتب البريطاني، سيستمر الصراع المسلح في أوكرانيا لعام آخر، لكنه لن يكون على المستوى نفسه من الحدية والزخم، كما كانت عليه الحال في فصل الربيع. أما السيناريو الثاني فيفترض – حسب رأيه- أن تنفد لدى الجانب الأوكراني الوسائل والذخائر والمقومات اللازمة كافة لشن هجوم مضاد وفعال، قادر على التصدي للتقدم العسكري الروسي.
تأكل الجغرافيا الأوكرانية
أما السيناريو الثالث فينص على أن روسيا سوف تتقدم ميدانياً بشكل أكبر داخل الأراضي الأوكرانية، لكن هدفها سيكون "احتجاز" هذه المناطق والأقاليم، أكثر مما هو ضمها وتغيير واقعها الديمغرافي. كما يشير الكاتب في مقاله إلى أن فصل الشتاء سيسرع اندلاع أزمة جديدة. وفي السيناريو الرابع، يتحدث الصحافي أن على الغرب أن يقرر ما إذا كان يجب على أوكرانيا أن تفوز في الحرب، أم أن تبقى واقفة على قدميها لا أكثر، لأن الدول الغربية – حسب رأيه- لا تغطي احتياجات كييف المتعاظمة مع مرور الوقت، والتي أصبحت الأراضي التابعة لها تعاني من التآكل.
اعتبارات الأمر الواقع
لكن المدير العام للمجلس الروسي للشؤون الخارجية، أندريه كورتونوف، يؤكد أنه من الصعب إعطاء تقديرات حاسمة، والسيناريو الأكثر واقعية –برأيه- هو حدوث انخفاض طفيف في نشاط الأعمال العسكرية، وتثبيت وضع جيوسياسي- عسكري معين على الأرض، وكل ذلك من دون التوصل إلى اتفاق سياسي، وفي إطار مواصلة التوتر مع المنظومة الغربية.
ويشير كورتونوف إلى أن جدوى التنبؤ بمستقبل الصراع ستعتمد على عوامل عدة، كاستمرار الدعم الغربي لأوكرانيا وثباته، والاستعداد أو عدم الرغبة في زيادة هذا الدعم، مع الأخذ في الاعتبار المخاطر المحتملة التي يمكن أن تنجم عن ذلك لجهة الدخول في صدام مباشر مع روسيا.
تأثير "التعب" الغربي
وبرأي الخبير الروسي، فإن بلدان العالم الغربي قد سئمت من تواصل العملية العسكرية الروسية الخاصة، ويمكن لمثل هذا المزاج المتغير للدول الغربية أن يؤثر أيضاً في تطوير العملية العسكرية الخاصة، متابعاً أن حالة "التعب" والإرهاق الغربية هذه ليست موجودة فقط في دائرة النخب السياسية، بل وعلى مستوى المجتمع.
ويتابع بأن ظهور حالة الإرهاق يعود، ليس فقط إلى أن الموقف من الصراع الروسي – الأوكراني آخذ في التغير، ولكن بسبب تراكم مشاكل أخرى، لاسيما الداخلية منها، كالتضخم، وخطر الركود الجديد، وارتفاع معدلات البطالة.
ووفقاً له، لا يمكن إبقاء مشكلة واحدة في دائرة الضوء إلى أجل غير مسمى، وهذا يعني أن الأولويات ستتغير عاجلاً أم آجلاً.
ولكنه يوضح في الوقت نفسه، أن كل هذه المعطيات لا تعني بالضرورة توقف الدعم الغربي لأوكرانيا بشكل نهائي، مختتماً حديثة بالقول إن المزيد من برامج المساعدة واسعة النطاق لكييف ستصبح تدريجياً أكثر تعقيداً، خاصة إذا كنا نتحدث عن المساعدة الاقتصادية، ولا سيما إذا كان الحديث يدور عن البلدان الأوروبية، وليس عن الولايات المتحدة.