• اخر تحديث : 2024-05-10 13:04
news-details
تقدير موقف

ما دور منظمة "أيباك" في انتخابات التجديد النصفي للكونغرس؟


تضخ لجنة الشئون العامة الأمريكية–الإسرائيلية (أيباك) أقوى جماعات الضغط (اللوبيات) المؤيدة لإسرائيل داخل الولايات المتحدة، ملايين الدولارات للتأثير في انتخابات التجديد النصفي للكونغرس التي ستُجرى في نوفمبر المقبل لمواجهة الدعم المتزايد للقضية الفلسطينية بين المشرعين الأمريكيين، لا سيما من قبل النواب التقدميين، وهو ما تجلَّى بوضوح في بعض الولايات المهمة، وفي مقدمتها تكساس، وميشيغان، وبنسلفانيا، ونورث كارولينا. ولكنها تواجه صعوبات جمة من جراء إعادة تقسيم الدوائر من ناحية، وتعدد الانتقادات التي تعرضت لها من ناحية ثانية.

الجهود والاستراتيجية

يمكن الوقوف على أبرز جهود "أيباك" – على تعدد المنظمات التابعة لها – في انتخابات التجديد النصفي للكونغرس؛ وذلك من خلال النقاط التالية:

1. جمع التبرعات المالية للدعاية الانتخابية: جمعت "أيباك" من خلال لجنة العمل السياسي ومشروع الديمقراطية المتحدة (UDP) – التي تعد أكبر لجنة سياسية غير حزبية إنفاقاً في انتخابات التجديد النصفي للكونغرس – ملايين الدولارات من المليارديرات الجمهوريين، وتحديداً بعض ممولي حملة الرئيس الأمريكي السابق "دونالد ترامب"، وعلى رأسهم "بول سينجر"، و"بيرني ماركوس"، لهزيمة المرشحين الذين لا يؤيدون إسرائيل على النحو المرجو.

وقد أشارت بعض التقديرات إلى قدرة المنظمة – على اختلاف الهيئات التابعة لها – على جمع ما يزيد على 27 مليون دولار، وهو ما حقق النتائج المرجوة منها نسبياً بالنظر إلى فوز 207 مرشحين من إجمالي المرشحين الذين دعمتهم، الذين يُقدر عددهم بنحو 212 مرشحاً ممن خاضوا الانتخابات التمهيدية حتى الآن. وعليه، يمكن القول إن استراتيجية “أيباك” لجمع الأموال والتبرعات تتمحور حول جمع الأموال من مؤيدي ترامب وداعميه من الجمهوريين لدعم المرشحين الديمقراطيين المؤيدين لإسرائيل.

2. الإنفاق ببذخ لإسقاط المرشحين المنتقدين لإسرائيل: ضخت "أيباك" أكثر من 24 مليون دولار لهزيمة المرشحين الديمقراطيين الذين ينتقدون إسرائيل، أنفقت منها أكثر من 4 ملايين دولار لهزيمة "آندي ليفين" في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي في شمال غرب ديترويت، ونحو 1.2 مليون دولار لدعم عضو الكونغرس الديمقراطي عن ولاية تكساس "هنري كويلار" ضد "جيسيكا سيسنيروس" البالغة من العمر 28 عاماً والداعمة للفلسطينيين. ويجد هذا الإنفاق جذوره في تآكل دعم الدولة اليهودية من قبل الحزبين الديمقراطي والجمهوري في الولايات المتحدة، لا سيما مع تعدد استطلاعات الرأي التي تؤكد تزايد انتقاد الديمقراطيين الشباب، بمن فيهم اليهود الأمريكيون، لإسرائيل.

3. الدفع بتأييد إسرائيل إلى صدارة قضايا الانتخابات: تنهض استراتيجية "أيباك" على دفع الاهتمام بإسرائيل إلى صدارة القضايا الانتخابية؛ بهدف تضييق وإعادة تعريف المؤيد لإسرائيل بعد أن تمكنت الجماعات الليبرالية – وعلى رأسها (جي ستريت من توسعته في فترة العقد ونصف العقد الماضية). بيد أن المنظمة لم تدفع مسألة دعم إسرائيل إلى الواجهة في بعض الحالات، وانصبَّت انتقاداتها لبعض الديمقراطيين المعارضين لإسرائيل على انتقادات لا تمس الأخيرة بشكل مباشر، ومن ذلك وصف بعضهم بأنهم “غير ديمقراطيين على المستوى العملي.

4. التحول من الانخراط غير المباشر إلى الانخراط العلني: حتى عام مضى، لم تتدخل "أيباك" مباشرةً في الانتخابات السياسية، وسعت جاهدة إلى توصيف جهودها بالجهود الودية الفردية/الجماعية القائمة على الإقناع المعتدل، وفي الوقت الذي لم تتدخَّل فيه مباشرةً في الانتخابات، شجَّعت مانحيها على القيام بذلك، وهو ما ساعدها على الحفاظ على مسافة واحدة من الجميع طوال عدة عقود.

بيد أن المشهد السياسي المتغير بات يستلزم الانخراط المباشر في المشهد الانتخابي الحاسم، لا سيما في ظل التغيرات الدولية المتلاحقة من ناحية، والتأثير المتزايد للجناح الناقد لإسرائيل بين التقدميين في الحزب الديمقراطي من ناحية ثانية. فقد تمكن عدد صغير من الديمقراطيين اليساريين في الكونغرس من تعليق التصويت على المساعدات الدفاعية لإسرائيل في العام الماضي لفترة وجيزة، لا سيما في ظل سيطرة التقدميين على نفقات الدفاع من خلال الكونغرس، ومطالباتهم بإخضاعها لمزيد من التدقيق.

انتقادات مضادة

لا تحظى جهود "أيباك" باتفاق المنظمات اليهودية داخل الولايات المتحدة، لتتعرض الأولى لعدة انتقادات يمكن إجمالها في النقاط التالية:

1. ضعف فاعلية "أيباك" على المدى الطويل: قد تثبت جهود "أيباك" فاعليتها على المديين القصير والمتوسط، بيد أنها ستخلف أضراراً بالغة على المدى الطويل؛ إذ يظهر جلياً للناخبين الأمريكيين كيف يموِّل كبار المانحين الجمهوريين جهود "أيباك" للترويج لأجندة غير شعبية تضر بالسياسة الخارجية الأمريكية والحزب الديمقراطي من ناحية، وتُظهِر لهم أيضاً أن مرشحيهم لا يمكنهم الفوز بجدارة في الانتخابات دون دعم يُقدَّر بملايين الدولارات من ناحية ثانية.

2. نفور السياسيين بسبب التبرعات الضخمة: في بعض الحالات، أدى إنفاق "أيباك" المتزايد إلى نفور السياسيين المحليين من جراء التبرعات المالية الضخمة المتدفقة من "خارج البلاد" (على حد تعبير كثير منهم)، وهو ما تجلى – على سبيل المثال – في حالة ولاية كارولينا الشمالية؛ حين سحبت "مارسيا موري" دعمها لمرشحة الكونغرس "فاليري فوشي" بسبب ما وصفته بالتبرعات الخارجية الضخمة من إحدى المنظمات التابعة لأيباك.

3. عشوائية الدعم المالي لبعض المرشحين: عارضت "أيباك" – على اختلاف المنظمات التي تنضوي تحت لوائها – بعض المرشحين على الرغم من عدم معارضتهم لإسرائيل، وهو ما حدث، على سبيل المثال، في حالة ولاية تكساس، وتحديداً حالة دعم "هنري كويلار" دون أن توجه منافسته "جيسيكا سيسنيروس" أي انتقاد يذكر لإسرائيل، ودون أن يتطرق موقعها الإلكتروني إلى قضايا السياسة الخارجية. وفي حالات أخرى، لم تستهدف "أيباك" بعض أبرز منتقدي إسرائيل في مجلس النواب، مثل "إلهان عمر" و"بيتي ماكولوم" و"رشيدة طليب".

4. تعميق الاستقطاب السياسي داخل أمريكا: قد يضع السباق الانتخابي اثنين من المرشحين الداعمين لإسرائيل كلاً منهما في مواجهة الآخر؛ بسبب إعادة تقسيم الدوائر، وهو ما حدث في حالة ولاية ميشيغان لتدعم "أيباك" النائبة "هالي ستيفنز" وتُعارض ترشيح النائب "أندي ليفين" على الرغم من كونه سليل عائلة سياسية يهودية تروج صراحةً لدور الولايات المتحدة في حل الدولتين، وهو ما يفاقم الاستقطاب السياسي المتأزم بالفعل في الداخل الأمريكي، ويُعرض "أيباك" لانتقادات لاذعة من جراء استخدام كبار المانحين الجمهوريين لاختطاف الانتخابات لصالحها.

ضبابية النتائج

ختاماً.. قد يصعب في بعض الحالات إخلاء بعض مقاعد الكونجرس لمرشحين بعينهم، ولا يمكن ضمان فوز المرشحين الداعمين لإسرائيل في حالات أخرى، كما لا يسهل الاستعاضة عن الديمقراطيين التقدميين بآخرين مؤيدين للدعم الأمريكي لإسرائيل في حالات ثالثة. وعلى الرغم من نجاحات "أيباك" النسبية، فإنها تواجه معارضة شديدة من بعض فصائل الحزب الديمقراطي؛ حيث اتهمها البعض بالعمل نيابةً عن الجمهوريين ولصالحهم، بل استهداف التقدميين وشراء الانتخابات صراحةً.