حذّرت صحيفة "نيويورك تايمز" (The New York Times) من احتمال أن يغرد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بعيد انتهاء عملية الاقتراع في الرئاسيات المقبلة مباشرة، ويعلن لمناصريه وللعالم أنه تمت إعادة انتخابه رئيسا لولاية ثانية، دون أن يتم استكمال فرز وتعداد كل أصوات الاقتراع الشعبي.
وقالت الصحيفة إنه خلال الانتخابات الرئاسية الأربعة السابقة كان دائما المرشح الجمهوري متقدما في بداية فرز الأصوات، لكن ما تلبث الكفة أن تميل تدريجيا للمرشح الديمقراطي -خاصة بعد عدّ أصوات المنتخبين غيابيا والبطاقات المؤقتة- وهو ما يعرف بظاهرة "التحول الأزرق" (Blue Shift)، نسبة للون الحزب الديمقراطي الأزرق.
هذا المصطلح الذي أطلقه للمرة الأولى "إدوارد فولي" (Edward Foley) -أستاذ قانون الانتخابات في كلية موريتز للقانون بجامعة ولاية أوهايو- بعد انتخابات عام 2012، ظاهرة "موثقة" حدثت مرارا خلال انتخابات رئاسية سابقة منها انتخابات 2016، حيث كان ترامب متقدما مع بداية فرز الأصوات على منافسته هيلاري كلينتون بمليون صوت تقريبا، قبل أن يخسر لاحقا التصويت الشعبي بحوالي 3 ملايين صوت.
وأكدت الصحيفة أن ترامب بإمكانه فعليا تنفيذ هذا "السيناريو المقلق" بعد الساعات الأولى من انتهاء التصويت، حيث قد يكون اللون الأحمر (لون الحزب الجمهوري) طاغيا على الخريطة الانتخابية بداية، خاصة قبل ظهور نتائج الولايات المتأرجحة، ومع وجود أعداد قياسية لعدد المصوتين غيابيا أو عبر البريد، فيقرر في لحظة أنه رأى ما يكفي ويعلن نفسه فائزا رافضا قبول أي نتيجة أخرى.
فيقرر على إثرها ترامب الذي يتصدر التصويت الشعبي -كما تقول الصحيفة- أن يعلن عبر منصات التواصل الاجتماعي الخاصة به لعشرات الملايين من أتباعه أن الديمقراطيين والصحافة سيحاولون تغيير النتيجة وسرقة الانتخابات، فاتحا بذلك باب الاضطرابات والأزمة الدستورية على مصراعيه.
وبعد إعلان فوزه المبكر -تضيف نيويورك تايمز- يتداعى المشرّعون والمحللون المؤيدون لترامب لتضخيم موقف رئيسهم والدفاع عنه، فيتحول في لحظة ما كان مجرد "معلومة مضللة" إلى قناعة لدى الحزب الجمهوري وقطاع عريض من الأميركيين.
وتفاديا لهذا "الكابوس"، تؤكد الصحيفة أن على كبرى منصات التواصل الاجتماعي -مثل فيسبوك وتويتر ويوتيوب- إنشاء إطار عمل واضح وصريح لما يمكن اعتباره معلومات انتخابية مضللة، وأن يحددوا بدقة ما هي الأمور التي لن يتسامحوا معها، وما العقوبات التي ستفرض في حال انتهاك القواعد المتفق عليها، وأن يعلنوا هذه القواعد للعموم.
كما يمكن لشركات التكنولوجيا -وفق الصحيفة- أن تشكل اتحادا لإضفاء الطابع الرسمي على هذه القواعد بمختلف المنصات، وهو قرار سيبعث أيضا إشارة قوية للرأي العام الأميركي على خطورة الموقف.
قرارات صعبة
ويؤكد ديفيد كاي المقرر الخاص السابق للأمم المتحدة المعني بحرية الرأي والتعبير، أن مثل هذه الجبهة الموحدة لشركات التواصل "لن تكون خطوة رمزية فقط، بل سيتيح الإعلان المشترك للضوابط للمدراء التنفيذيين المتحفظين اتخاذ القرارات الصعبة بشكل أسرع".
وترى نيويورك تايمز، أن بذل منصات التواصل الكبرى جهدا علنيا وواضحا في هذا الإطار، سيعرض كل من ينشر معلومات مضللة في الأسابيع والأشهر التي تلي الانتخابات لمساءلة إضافية.
لكنها تؤكد أن هذه المنصات التي عززت عبر السنوات قوة تحكمها في تدفق المعلومات لمليارات الأشخاص، أبقت مسؤولية الحكم بضرر أي محتوى تنشره بالديمقراطية -خاصة خلال الفترات الانتخابية- بيد حفنة من المدراء التنفيذيين، بعضهم مثل مؤسس فيسبوك مارك زوكربيرغ لا يمكن إخضاعه للمساءلة أمام أي كان.
وفيما يطالب هؤلاء -ومعظمهم رواد أعمال غير منتخبين، ولم يتلقوا تعليما بشأن المسائل الانتخابية والدستورية- من شعب أميركي خائف وقلق أن يثق بهم، وأن يصدق أنهم سيضعون مصلحة البلاد فوق مصالح شركاتهم وسيبقون محايدين سياسيا، ترد الصحيفة بأن الشعب لم يمنحهم بعد هذه الثقة، وأن الوقت قد حان لكي يتعهدوا جميعهم بالتزامهم بالصالح العام.