حقق تيار اليمين المتطرف انتصاراً جديداً له في أوروبا؛ وذلك بفوز حزب “فراتيللي دي إيطاليا” أو “إخوة إيطاليا” بالانتخابات التشريعية التي أجريت في الخامس والعشرين من سبتمبر الجاري. ووفقاً للنتائج المعلنة، تصدَّر حزب “فراتيللي دي إيطاليا” النتائج بحصوله على 26% من إجمالي الأصوات في انتخابات مجلس النواب الإيطالي، وحلَّ في المركز الأول في انتخابات الغرفة الثانية للبرلمان الإيطالي، وهي مجلس الشيوخ، بعد حصوله على 26% من الأصوات، في اختراق تاريخي هو الأول لحزب يميني متطرف منذ 1945؛ ما يعني أن جورجيا ميلوني زعيمة الحزب، سوف تكون رئيسة الوزراء الجديدة لإيطاليا. وأظهرت النتائج حصول الأحزاب اليمينية بالإجمال على 43.8% من الأصوات في مجلس النواب، و44% من الأصوات في مجلس الشيوخ، بينما حصلت أحزاب اليسار على 26% من الأصوات في المجلسَيْن.
وحصلت حركة “خمس نجوم” على 15.4% من الأصوات في مجلس النواب، و15.6% من الأصوات في مجلس الشيوخ. أما تحالف الوسط الذي تشكَّل بصورة رئيسية من التحالف بين حزب “أتسيوني” بزعامة كارلو كاليندا وزير الاقتصاد السابق، وحزب “إيطاليا فيفا” بقيادة رئيس الوزراء الإيطالي السابق ماتيو رينزي، فقد حصل على 7.7% تقريباً من الأصوات في المجلسَيْن. وهي متغيرات تحمل العديد من الدلالات المهمة، فضلاً عن التداعيات المحتملة التي ستترتَّب عليها، سواء على الداخل الإيطالي، أو على مستوى السياسة الخارجية للبلاد.
دلالات مهمة
يمكن القول إن هناك جملة من الدلالات المهمة عبَّر عنها فوز اليمين المتطرف الإيطالي بالانتخابات التشريعية للبلاد؛ وذلك على النحو التالي:
1. فقدان الإيطاليين الثقة بالنخب التقليدية: عقب الإعلان عن نتائج الانتخابات وإقرار الحزب الديمقراطي الإيطالي بهزيمته في الانتخابات التشريعية، قالت جورجيا ميلوني زعيمة حزب إخوة إيطاليا اليميني المتطرف، إن “الإيطاليين بعثوا رسالة واضحة لدعم حكومة يمينية بقيادة فراتيللي دي إيطاليا”. وقد عبَّرت نتائج الانتخابات التشريعية الإيطالية عن فرضية تصاعدت صحتها في السنوات الأخيرة وهي أن الشعوب الأوروبية فقدت الثقة بالنخب التقليدية التي عبرت عنها تيارات الوسط ويمين الوسط ويسار الوسط، وفي المقابل تصاعد حضور ونفوذ التيارات الشعبوية والمتطرفة.
2. التحولات الراديكالية في المزاج الانتخابي العام: لا يقتصر الأمر على فقدان الثقة بالنخب التقليدية فقط – وهو ما قد يؤدي إلى تقليل دعم أو شعبية بعض القوى السياسية التقليدية – ولكن نتائج الانتخابات تكشف عن تحولات راديكالية في المزاج الانتخابي العام للناخبين الإيطاليين. صحيح أن نسبة المشاركة في الانتخابات قُدِّرت بـ64% تقريباً، وهي نسبة أقل من المشاركة في الانتخابات السابقة في عام 2018 التي قدرت بـ 73%، إلا أن هؤلاء الناخبين عبروا عن تفضيل واضح للقوى اليمينية وتحول راديكالي تجاه هذه القوى؛ إذ حصل حزب إخوة إيطاليا على 25.99% من إجمالي الأصوات خلال الانتخابات الحالية، وهي نسبة أعلى بكثير من انتخابات عام 2018؛ حينما حصل الحزب على 4.40% فقط من إجمالي الأصوات.
3. التأثير المعاكس للأوضاع الاقتصادية المتردية: كان تفاقم المشكلات والتحديات الاقتصادية التي تواجهها البلاد خلال السنوات الأخيرة، أحد الاعتبارات الرئيسية التي يمكن في ضوئها فهم صعود اليمين المتطرف؛ حيث انخفضت إنتاجية الاقتصاد الإيطالي، وشهدت إيطاليا العديد من الأزمات بسبب الضعف في البنى التحتية، وتراجع قطاع الاستثمار، وارتفعت معدلات التضخم بدرجة كبيرة، وزادت الأسعار، خصوصاً مع تداعيات جائحة كورونا والأزمة الروسية الأوكرانية؛ ما يعني أن الإيطاليين صوَّتوا عقابياً ضد ائتلاف حكومة الوحدة الوطنية الذي قاد البلاد في السنوات الأخيرة.
4. التداعيات الممتدة لتفكيك ائتلاف حكومة الوحدة الوطنية: شهدت الأشهر الأخيرة تحولات في المشهد السياسي الإيطالي تجلَّت مع تفكُّك الائتلاف الذي كان مُكوِّناً لحكومة الوحدة الوطنية؛ حيث دخلت حركة النجوم الخمس أبرز قوى الائتلاف الحاكم والقوة البرلمانية الأولى في البلاد، في صراع ضد رئيس الوزراء الأسبق ماريو دراجي، الذي استقال في 21 يوليو الماضي؛ وذلك بسبب خلافات حول بعض القضايا الاقتصادية، وحول الدعم العسكري المقدم لأوكرانيا؛ الأمر الذي أدى إلى انهيار هذا التحالف. وبناءً عليه تراجعت نتائجه الانتخابية، في ضوء توظيف اليمين المتطرف هذا التفكك.
وفي هذا الإطار، أشارت بعض التقارير إلى أن نجاح حزب إخوة إيطاليا السياسي مرتبط بإبقاء الحزب خارج حكومة رئيس الوزراء المنتهية ولايته ماريو دراجي، على عكس “ليجا” أو (رابطة الشمال)؛ ما عزَّز وضع الحزب بصفته “صوتاً مُعارِضاً”، ومنحه مكانة رائدة في ائتلاف انتخابي يميني يضمُّ كذلك “ليجا” و”فورتسا إيطاليا” بقيادة رئيس الوزراء الإيطالي الأسبق "سيلفيو برلسكوني"، وحزب "نوى مودراتي".
5. التركيز على أزمات أطراف المناطق الحضرية: تربط بعض التقديرات بين صعود اليمين المتطرف في إيطاليا والتجاهل الكبير الذي طغى على تعامل الحكومات السابقة مع أزمات أطراف المناطق الحضرية، وهي المناطق التي مثَّلت، على مدار العقود الماضية، أرضية خصبة للأحزاب الشعبوية؛ حيث عانت هذه المناطق من العديد من المشاكل البنيوية التي أدَّت إلى زيادة معدلات الفقر والبطالة وضعف البنى المؤسساتية والتحتية. وفي المقابل حرصت “ميلوني” على تقديم نفسها دائماً على أنها “من الضواحي الحضرية المهجورة في روما”، ومن ثم فهي أكثر من يدرك أزمات المناطق المُهمَّشة، وأكثر من يُعبِّر عن هذه المناطق وأزماتها.
6. تفضيل الناخبين الخطاب الانعزالي: لا يمكن إغفال أن حصول القوى اليمينية على الأغلبية في الانتخابات التشريعية يدلل، بطريقة أو بأخرى، على تفضيل قطاع واسع من الناخبين الخطابَ الانعزاليَّ الذي تُروِّج له القوى اليمينية؛ إذ يعتقد الكثيرون أن حزب “إخوة إيطاليا” تعود أصول أفكاره وأطروحاته إلى الحركة الاجتماعية الإيطالية التي أسَّسها الفاشيون السابقون بعد الحرب العالمية الثانية. ويبدو هذا التقارب من خلال المواقف المتشددة التي يتبنَّاها حزب “إخوة إيطاليا” من الهجرة بجانب التشكيك الشديد في اليورو والمنظومة الأوروبية.
تداعيات محتملة
في خطابها عقب إعلان نتائج الانتخابات التشريعية، أعلنت “ميلوني” أن “حكومتها سوف تعمل من أجل جميع الإيطاليين، وسوف تحاول التجميع لا التقسيم”، مُعرِبةً عن اعتقادها أن “الوضع في إيطاليا مُعقَّد بوجه خاص، ويتطلَّب مساهمة الجميع”. وبعيداً عن التصريحات الرسمية ومقتضياتها، فإن صعود اليمين المتطرف في إيطاليا يُنذر بالعديد من التداعيات المهمة؛ وذلك على النحو التالي:
1. عودة حركة خمس نجوم إلى صفوف المعارضة: في ضوء هذه النتائج سوف تعود حركة الـ”5 نجوم” إلى صفوف المعارضة. وقد أكد ذلك زعيم الحركة ورئيس الوزراء الأسبق جوزيبي كونتي، الذي قال عقب النتائج: “خمس نجوم حقَّقت عودة رائعة إلى أدراج المعارضة”، مشيراً إلى أن “الجميع أرادوا خروجنا من البرلمان” وفق تعبيره، وأضاف “كونتي”: “مع الاحتمال الذي سنواجهه في البرلمان المقبل، من المُتصوَّر أن يكون لحركة (خمس نجوم) دور للمعارضة. أود أن أطمئن كل المواطنين الذين صوتوا لنا بأننا سنكون قوة معارضة ستعبر بشجاعة وتصميم عن الكثير، وسنركز باستمرار على تحقيق البرنامج الذي أعلناه خلال الحملة الانتخابية”. وفي المقابل سيُشكِّل تحالف ميلوني–سالفيني–بيرلسكوني الأغلبية في البرلمان.
2. سياسات أكثر تشدداً في ملف الهجرة: يقوم الخطاب السياسي لليمين المتطرف الإيطالي على قناعات أيديولوجية شعبوية متطرفة؛ إذ تتمسك “ميلوني” بقناعاتها فيما يتعلق برفض ما تصفه بـ”الاستبدال العرقي لإيطاليا من قِبَل المهاجرين”، ونظرتها إلى الدين الإسلامي على وجه الخصوص على أنه “دين تطرف وعنف”؛ ما يعني أن “ميلوني” والائتلاف الحاكم الجديد في إيطاليا سوف يتبنَّى سياسات وقوانين أكثر تشدداً في التعامل مع قضية المهاجرين. وربما يساعد على ذلك التداعيات السلبية التي أنتجتها الحرب في أوكرانيا وموجات اللاجئين الأوكرانيين التي تدفَّقت على العديد من الدول الأوروبية.
واللافت هنا أن “ميلوني” اشتُهرت خلال السنوات الماضية بأطروحاتها المعادية للمهاجرين؛ فقد دعت – على سبيل المثال – إلى إنشاء حاجز بحري يمنع المهاجرين الأفارقة من القدوم إلى بلادها، كما ذكرت أن إيطاليا “إذا احتاجت إلى مهاجرين فأولى بها أن تأخذهم من فنزويلا؛ لأنهم مسيحيون وبعضهم ذوو أصول إيطالية”. ولا يُمكِن إغفال أن ملف الهجرة سيُشكِّل محدداً رئيسياً للسياسة الإيطالية الجديدة تجاه منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لا سيما أن أغلب الهجرات إلى إيطاليا تأتي من هذه المنطقة.
3. تزايد الضغوط على الحكومة الجديدة لمواجهة الأزمة الاقتصادية: يُرجَّح أن يستحوذ الملف الاقتصادي على أولوية كبيرة بالنسبة إلى الحكومة الجديدة التي ستُشكلها القوى اليمينية، وهو ما سينتج عنه ضغوط هائلة على الحكومة الجديدة من قبل الرأي العام الإيطالي؛ إذ يُرجَّح أن تواجه إيطاليا أزمة طاقة متفاقمة خلال الشهور القادمة بفعل الحرب الأوكرانية، كما ذكرت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في توقعاتها الاقتصادية المتوسطة، يوم 26 سبتمبر الجاري، أن من المقرر أن ينخفض الناتج المحلي الإجمالي لإيطاليا إلى 0.4% في عام 2023 مقارنةً بمعدل ناتج يُقدَّر بـ3.4% عام 2022.
4. التوترات المحكومة في العلاقات مع أوروبا: كانت أحزاب يمين ويسار الوسط الإيطالي مؤمنة إلى حد كبير بأولوية التحالف مع حلف شمال الأطلسي، وبمركزية دور الاتحاد الأوروبي، وضرورة التماشي مع رؤيته، وهي القناعات التي انعكست على السياسة الخارجية الإيطالية في السنوات الأخيرة، لكن موقف اليمين المتطرف في هذا الصدد مختلف إلى حد كبير؛ إذ تتبنى “ميلوني” مفاهيم قومية متطرفة، وتدعم التوجهات المناوئة للاتحاد الأوروبي؛ ما يعني أن “ميلوني” سوف تتبنَّى العديد من التوجُّهات الخارجية والاقتصادية التي تتعارض مع رؤية الاتحاد الأوروبي.
وفي هذا الصدد، تناقلت تقارير إعلامية، يوم 24 سبتمبر الجاري، تحذيرات رئيسة المفوضية الأوروبية “أورزولا فون دير لاين” من عواقب محتملة على إيطاليا إذا انتهكت الأحزاب اليمينية في البلاد مبادئ الديمقراطية في حالة فوزها بالانتخابات، كما ذكر مفوض الاتحاد الأوروبي لشؤون العدل “ديدييه ريندرز”، أن “هذه المرة ليست الأولى التي يرتسم فيها خطر مواجهة حكومات تضمُّ أحزاباً يمينية متطرفة أو يسارية راديكالية”، وأضاف: "فلنترك الناخبين يختارون مُمثِّليهم. سنردُّ على تصرُّفات الحكومة الجديدة، ولدينا وسائل تحت تصرُّفنا".
وبالرغم من ذلك، فإن من المرجح أن تكون التوترات بين الحكومة الإيطالية اليمينية الجديدة والاتحاد الأوروبي، محكومةً بحيث تتجنَّب الحكومة الإيطالية التصعيد الواسع النطاق مع الاتحاد، أو الوصول إلى القطيعة التامة، لا سيما أن إيطاليا تحتاج إلى الدعم الاقتصادي الأوروبي؛ حيث تُعَد إيطاليا من المستفيدين الرئيسيين من تمويل NextGenerationEU. وتنفيذ الخطة الوطنية للتعافي والقدرة على الصمود مصلحة وطنية واضحة تفهمها الطبقة السياسية بأكملها. علاوةً على ذلك، لا يمكن أن يكون لروما – نظراً إلى عبء الدين العام – علاقات إشكالية مع المفوضية الأوروبية والبنك المركزي الأوروبي.
5. احتمالية التماهي مع الموقف الروسي: كانت الحكومة الإيطالية السابقة من أكثر الداعمين لمساندة أوكرانيا ضد روسيا، وهو ما تجسَّد في دعم روما جميع العقوبات المفروضة على روسيا التي اقترحها الاتحاد الأوروبي، فضلاً عن تحركات الحكومة الإيطالية السابقة الجادة لإيجاد بدائل للغاز الروسي. أما “ميلوني”، فعلى الرغم من انتقادها الحملة العسكرية الروسية في أوكرانيا، فإن اليمين المتطرف بوجه عام، يرى خطأ العقوبات على روسيا، ويرى ضرورة الحوار والتعاون مع موسكو، فضلاً عن أن “ميلوني” متحالفة مع حزب الرابطة، وهو الحزب الذي تُثار شبهات بشأن تلقيه تمويلات من روسيا، والذي أعلن زعيمه (سالفيني) عن إعجابه بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ناهيك عن الصداقة القوية بين زعيم فورزا إيطاليا سيلفيو بيرلسكوني وبين بوتين.
6. إمكانية تشكيل تحالف يميني إقليمي: ربما يدفع فوز اليمين المتطرف في الانتخابات التشريعية الإيطالية إلى تشكيل تحالف يميني إقليمي على امتداد أوروبا، وهو أمر قد يؤدي إلى استقطاب سياسي حاد داخل الدول الأوروبية؛ حيث جاء هذا الفوز بعد فوز مماثل حققته القوى اليمينية في السويد في الانتخابات التشريعية التي جرت خلال الشهر الجاري، وهو ما نجم عنه تكليف رئيس الحزب السويدي المحافظ “أولف كريسترسون”، يوم 19 سبتمبر الجاري، بتشكيل الحكومة.
هذا المنحى التصاعدي لليمين ظهر أيضاً في الانتخابات التي عُقدت في المجر وصربيا في شهر أبريل الماضي؛ ففي المجر، أُعيد انتخاب الزعيم المحافظ “فيكتور أوربان” رئيساً للوزراء لولاية رابعة على التوالي من خلال تأمين 53% من الأصوات الوطنية، ضد كتلة معارضة موحدة تتكون من ستة أحزاب مختلفة. وبالمثل، أعيد انتخاب الرئيس الصربي “ألكسندر فوتشيتش” بنسبة 60% من الأصوات، كما نجحت “مارين لوبان” مرشحة حزب “التجمع الوطني” اليميني المتطرف في الوصول إلى الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية الفرنسية التي عُقدت في شهر أبريل الماضي، مع خسارتها أمام ماكرون في الجولة الثانية بعد تذليل الفارق بينهما مقارنةً بانتخابات 2017 (حصلت على 41.5% من الأصوات مقارنةً بـ33.9% في 2017). يضاف إلى ما سبق تحقيق الحزب اليميني ذاته نتيجة تاريخية في الانتخابات البرلمانية التي عُقدت في شهر يونيو 2022 بفوزه بـ89 مقعداً كفلت له المشاركة بوصفه إحدى قوى المعارضة الرئيسية في المشهد السياسي الفرنسي.
وتظهر مؤشرات تشكيل تحالف يميني إقليمي في الاحتفاء الواضح من قبل الأحزاب والتيارات اليمينية الأخرى في أوروبا بفوز التيار اليميني في إيطاليا؛ فعلى سبيل المثال، علَّق “سانتياجو أباسكال” زعيم حزب فوكس على فوز حزب “جورجيا ميلوني” بقوله إن ميلوني “أوضحت الطريق لأوروبا فخورة وحرة: دول ذات سيادة قادرة على التعاون من أجل الأمن والازدهار للجميع […] الليلة يُعلِّق ملايين الأوروبيين آمالهم على إيطاليا”، كما أشارت “مارين لوبان” زعيمة التجمع الوطني اليميني الفرنسي إلى أن "الشعب الإيطالي قرر استعادة مصيره وانتخاب حكومة وطنية وقومية […] أحسنت جورجيا ميلوني وماتيو سالفيني؛ لمُقاومتهما تهديدات الاتحاد الأوروبي المناهضة للديمقراطية والمتغطرسة".
براجماتية جزئية
في الختام، يمكن القول إن فوز اليمين المتطرف في إيطاليا بالانتخابات التشريعية، عبَّر عن حالة السخط التي تسيطر على المجتمع الإيطالي تُجاه نخب الحكم التقليدية، لكن هذا المتغير قد يدفع باتجاه حدوث العديد من التداعيات التي ستتجاوز حدود الداخل الإيطالي لتمتد إلى السياسة الخارجية الإيطالية، خصوصاً على مستوى العلاقات الأوروبية والأطلسية الإيطالية، في ضوء رؤية التيار اليميني المتطرف المناهضة لسياسات المحورَيْن. ومع ذلك، فإن مسئوليات الحكم والأزمة الاقتصادية الداخلية قد تفرض قيودًا على تحركات الحكومة اليمينية الجديدة وتجعلها تتبنى سياساتٍ أكثر برجماتيةً – ولو على مستوى جزئي – تعتمد على مراجعة وتنقيح بعض الأفكار التي تبني عليها الأحزاب اليمينية خطابها المُتطرِّف.