• اخر تحديث : 2024-11-22 10:05
news-details
مقالات مترجمة

حركة الولايات المتحدة في المحيط الهادئ: توجه أعمى بدافع استراتيجي كارثي


نشر موقع "سي جي تي إن" الصيني مقالا للكاتب حفيجور رحمان، أشار فيه إلى أنّ الولايات المتحدة تؤطر كل جانب من جوانب سياستها الخارجية بناءً على توجه الاحتواء ضد بكين، وبذلك تنشط أعمالها اليائسة في جزر المحيط الهادئ، معرضةً إياها لمخاطر جمة، وفي ما يلي ترجمة المقال الى العربية:

بعد عقود من تعامل الولايات المتحدة مع بلدان جزر المحيط الهادئ كمقبرة للنفايات النووية، ولاستخراج الموارد الخام ونشر سلاسل من القواعد العسكرية، يبدو أنّ واشنطن ولجت إلى حالة جنون لإعادة ترسيخ مصالحها الاستراتيجية في تلك المنطقة.

لهذه الغاية، تُعقد القمة الأولى من نوعها بين الولايات المتحدة ودول جزر المحيط الهادئ في واشنطن في هذه الأثناء، تتويجاً للجهود الأميركية المركزة في منطقة الجزر على مدار العامين المنصرمين، بدءاً من الإعلان عن تمويل جديد إلى توسيع مسارات التواصل الدبلوماسي.

وأشار بيان صادر عن البيت الأبيض إلى أنّ القمة المذكورة ستنعكس على القضايا الرئيسية مثل تغير المناخ، والاستجابة للأوبئة، والتعافي الاقتصادي، والأمن البحري، وحماية البيئة. لكن مثل هذه المبالغة البيانية، اعتادت واشنطن استخدامها، لتغطية أهدافها الحقيقية، أو كلما شعرت أنّ هيمنتها تراجعت. وما تقوم به في منطقة جزر الهادئ موجّه استراتيجياً نحو عنوان مستتر لاحتواء الصين.

جوهر الجغرافيا السياسية

العناوين الرنانة التي تطرحها الولايات المتحدة في القمة المذكورة تظهرها خيّرة في إعادة تركيزها الدبلوماسي والسياسي على المنطقة، ومن خلاله يمكن دمج دول الجزر في إستراتيجيتها المزدوجة في المحيطين الهادئ والهندي، وبالتالي تصبح حلبة جديدة ومنصة جيوسياسية للتنافس بين واشنطن وبكين.

على الرغم من أنّ المسؤولين الأميركيين يقللون من أهمية الحضور الصيني في المحيط الهادئ، فإنّ موظفي مجلس الأمن القومي الأميركي يدركون بشدة أنّ التنافس مع الصين لن يؤدي إلا إلى محصلة صفرية النتائج، إذا ما اقترنت بالجهود الصينية المتميزة في دول جزر المحيط الهادئ، عبر تعزيز قدراتها الوطنية من خلال التعاون في مجالات التجارة المتبادلة، والاستثمار في البنية التحتية، والأمن الداخلي، وغيرها من القطاعات الحيوية المفيدة لسكان الجزر.

تمت صياغة النهج الاستراتيجي بأكمله من دون تشاور حقيقي مع القادة المحليين، فالولايات المتحدة تدرك على ما يظهر أنّ هؤلاء القادة لا يشاركونها مخاوفها الأمنية والجيوسياسية المدفوعة بردة فعل على كما تفعله الصين.

النفور يتزايد

أثناء مخاطبتها لـ "حوار شانغريلا 19” في سنغافورة، حددت وزيرة الدفاع الفيجية إينيا سيروراتو الأولويات المشتركة بين بلدان جزر المحيط الهادئ بدقة، قائلة: "في فيجي، لسنا مهددين بالمنافسة الجيوسياسية. ولا نخاف من السفن الرمادية المموهة ولا تشكل مخاوفنا الأمنية الأساسية. والتهديد الأكبر الوحيد لوجودنا هو تغير المناخ. والأولوية الإستراتيجية للولايات احتواء الصين".

كي نكون على حق، فإنّ الولايات المتحدة لديها القدرة ولا تزال لديها القدرة على مساعدة المنطقة المحاصرة بأزمات وجودية متعددة. ولكن، حتى الآن، تقدم المساعدات المالية التي لا تدفع بسكان الجزر والحكومات نحو بناء قدراتهم الذاتية والالتزامات، فقط يطلب منهم الانضواء تحت التوجهات الأمنية الغامضة. وقد أبقت الولايات المتحدة تلك البلدان عن قصد بعيدا عن تنمية الاعتماد على الذات، كي يراوحو في العجز والحاجة الى المساعدات دوما. كذلك، فشلت الولايات المتحدة في متابعة الالتزامات التي قطعتها في إطار مبادرات المحيط الهادئ الخاصة بها. وينطبق الشيء نفسه بشكل قاطع على مبادراتها العديد الأخرى.

تريد الولايات المتحدة، من خلال تسليط الضوء على "التهديد الصيني"، إعادة توجيه مخاوف بلدان جزر المحيط الهادئ الفورية نحو أولويتها الإستراتيجية في مواجهة الصين وحضورها المرحب به والمفيد لسكان الجزر.

كل المساعي الإستراتيجية الخاطئة لواشنطن قوبلت بنفور واسع النطاق في معظم أنحاء المنطقة، لأنّ سكان الجزر يدركون أنّ مبادرات واشنطن منفصلة إلى حد كبير عن الحقائق على الأرض وأولوياتها. والأهم من ذلك، أنّهم لا يريدون أن يتمّ استخدامهم كبيادق في يد أميركا.