• اخر تحديث : 2024-03-29 11:41
news-details
إصدارات الأعضاء

اقتصاد الغاز وحقل كاريش وقرع طبول حروب المستقبل


تشهد الساحة العالمية حاليا صراعا دوليا حول حوامل الطاقة من (نفط وغاز وفحم حجري) وخاصة على الغاز، ويتنامى الطلب عليه من سنة لأخرى فقد ارتفع في سنة /2021/ بالمقارنة مع سنة /2020/ بنسبة /4،8%/ وسيزداد في سنة /2022/ والسنوات التي تليها بسبب أنه اقل المصادر تلويثا للبيئة وأكثر مردودية.

وتزداد أصوات (طبول الحرب) الدولية وخاصة بعد قرار مجموعة (أوبك بلاس +) بتخفيض الانتاج من النفط بحدود /2/ مليون برميل يوميا منذ بداية شهر تشرين الثاني لسنة /2022/، وهذا أزعج الإدارة الامريكية وقال الرئيس الأمريكي جون بايدن على ان مجموعة (أوبك +) التي تضم /23/ دولة وهي دول الأوبك البالغ عددها حاليا /13/دولة وهي  (السعودية والجزائر والعراق والكويت وليبيا والامارات وايران وفنزويلا والكونغو وأنغولا والجابون وغينيا ونيجريا ) و/10/ دول جديدة وأهمها (روسيا وكازاخستان وأذربيجان وماليزيا والمكسيك والبحرين وبروناي وسلطنة عمان والسودان وجنوب السودان) من دول العالم المنتجة والمصدرة للنفط قد انحازت إلى روسيا؟!

وبنفس الوقت يزداد التوتر حول الغاز والذي زاد الطلب عليه  في سنة /2022/، ومع الاكتشافات الحالية والكبيرة لحقول الغاز في البحر الأبيض المتوسط ومع زيادة حاجة الأسواق الاوربية للغاز بدأنا نشاهد تدخلات غربية (أمريكية واوربية) في استخراج الغاز من منطقتنا بهدف تعويض أوروبا عن الغاز الروسي، وهذه المشكلة الاقتصادية ستتفاقم اكثر مستقبلا بسبب تبعية أوروبا لأمريكا وفرضها عقوبات اقتصادية على روسيا لم يشهدها التاريخ!، ويتركز الصراع حاليا بين (لبنان) و(الكيان الصهيوني) وخاصة حول حقل كاريش للغاز الطبيعي المكتشف سنة /2013/ وتقدر احتياطاته  بين  / 1،3و2/  تريليون قدم مكعب وهو ضمن المنطقة المتنازع عليها مع الكيان الصهيوني الذي يدعي أن الحقل تابع له.

ومع زيادة الرحلات المكوكية للوسيط الأمريكي آموس هوكشتاين والتصريحات المتفائلة للسفيرة الامريكية في لبنان دوروثي شيا بعد لقاءتها مع الرئاسات الثلاث في لبنان ! ، ولكن قناعتنا الاقتصادية المنطلقة من معرفة الاطماع الصهيونية في الثروات العربية فإن توقيع الاتفاق لن يحصل قريبا بسبب الصراعات الصهيونية واستخدام العرب في أتون المعارك الانتخابية الإسرائيلية، وهذا تجسد بشكل واضح خلال الأسبوع الماضي بتقاذف التهم بين الحكومة الصهيونية بقيادة (لابيد) والمعارضة بقيادة (بنيامين ناتنياهو)، ولكن بالمقابل فإن لبنان بشكل عام ومقاومته بشكل خاص وحزب الله اللبناني بشكل اخص أكدوا على انه لن يتم السماح لإسرائيل باستخراج الغاز من حقل  كاريش قبل ان يحصل لبنان على كل حقوقه، وأمام هذه التناقضات للمفاوضات التي تتم وبشكل غير مباشر فإن مستوى التصعيد يزداد بينها، والدليل انه بتاريخ 6/10/2022صدر قرار صهيوني يدعو للتصعيد على الجبهة الشمالية مع لبنان إذا انهارت المفاوضات الغير المباشرة لترسيم الحدود البحرية التي بدأت في شهر تشرين الأول سنة /2020/، وخاصة بعد ان اطلع لابيد على التعديلات التي طالب فيها لبنان وأوعز للفريق المفاوض برفضها.

وهنا نسأل بل نتساءل وامام ضغط الحاجة الغربية للغاز أيا كان مصدره باستثناء (روسيا) هل ستمارس أمريكا ضغوط على الطرفين لتنفيذ الاتفاق؟ وتلجأ من طرف أخر على ممارسة الغدر والنفاق في حقل كاريش والحقول المجاورة له من خلال استخدام ألية استخراج من قبل شركة (إنيرجيان) البريطانية اليونانية باعتماد طريقة استخراج منحرفة وليست عمودية وبالتالي يتم سرقة الحوضين /8و9/ في المنطقة؟!

وعندها يتحول حقل كاريش إلى منصة وانبوب لسرقة الغاز اللبناني؟ ولكن الاحداث اليومية تؤكد أن المقاومة اللبنانية تضع هذه الأمور في حساباتها وأكدت على ان أي عمل  صهيوني في  حقل كاريش والحقول الأخرى لا يضمن حقوق لبنان بشكل كامل 100% فإنه يعتبر عملا عدائيا سيتم الرد بالوقت والشكل المناسبين، وأكد الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله بقوله [عيننا وصواريخنا على حقل كاريش وأننا لن نسمح لإسرائيل باستثمار حقل كاريش قبل تحقيق مطالب لبنان]، وان الكيان الصهيوني وصلته معاني إطلاق المقاومة للطائرات المسيرة الاستطلاعية بتاريخ 2/7/2022 في اتجاه المنطقة المتنازع عليها وتحديدا مكان تواجد المنصات العائمة التابعة للشركة  اليونانية البريطانية (إنيرجيان) أي أن هذه المسيرات أنجزت مهمتها بنجاح ووصلت الرسالة المستهدفة لقيادة الكيان الصهيوني وهذا أحدث ارتباك سياسي وأمني كبير فيه، وادى ذلك  لمغادرة شركة إنيرجيان مؤقتا المنطقة باتجاه الكيان الصهيوني.

ومن هنا نتفهم أن القوة لا تواجه إلا بالقوة وان إسرائيل وامريكا وأوروبا لم يعودا قادرين على فرض ما يريدوا في ظل تغير معادلات القوة الدولية، بدليل أن الكيان الصهيوني أرسل وفدا من وزارة الطاقة الصهيونية إلى فرنسا وتحديا إلى شركة (توتال) التي ستقوم باستخراج الغاز والهدف هو الوصول لاتفاق مرتقب لترسيم الحدود البحرية بين إسرائيل ولبنان ومعرفة ما سيحصل عليه الكيان الصهيوني من إيرادات ولا سيما في حال اكتشاف حقول جديدة للغاز ولا سيما في منصة (قانا) ولا سيما بعد أن قدم الوسيط الأمريكي اقتراح حل وسط لإسرائيل ولبنان بعد العديد من الزيارات والاتصالات مع البلدين خلال الأشهر الماضية، ومن هنا يتبين لنا أن المفاوضات تمر بمرحلة حذرة تسيطر عليها حالة عدم اليقين، فهل تنضم جوقة عزف طبول الحرب المتوسطية إلى طبول الحرب الغربية الناتوية الروسية؟