شهدت الكويت انتخابات مجلس الأمة في 29 سبتمبر الماضي (2022)، التي خاضها 305 مرشحاً من بينهم 22 امرأة، اختار الكويتيون منهم 50 نائباً لتمثيلهم في الفصل التشريعي السابع عشر، تحت شعار "تصحيح المسار" خاصة بعد حل المجلس في 2 أغسطس الماضي جراء ارتفاع حدة المواجهات السياسية بين مجلس الأمة والحكومة، وهي واحدة من آفات التجربة السياسية في البلاد، إذ لم يحدث تلازم بين التطور الديمقراطي والاستقرار السياسي لدرجة أن أحد التعليقات الشهيرة يقول: "الحل بالحل" أي حل مجلس الأمة أو استقالة الحكومة أو الاثنين معاً.
وقد أجريت الانتخابات في خمس دوائر للمرة السادسة، وهو النظام الانتخابي المتبع منذ سنوات، بحيث تنتخب كل دائرة 10 أعضاء للمجلس، على أن يكون لكل ناخب حق الإدلاء بصوته لأربعة من المرشحين في الدائرة المقيّد فيها، إذ ترشح في الدائرة الأولى 48 مرشحاً، وضمت الدائرة الثانية 48 مرشحاً، أما الدائرة الثالثة فتنافس فيها 47 مرشحاً، في حين شهدت الدائرة الرابعة تنافس 80 مرشحاً، وأخيراً الدائرة الخامسة جاءت في المرتبة الأولى في عدد المرشحين والناخبين إذ ضمت 82 مرشحاً.
أما فيما يخص عدد الناخبين، فقد بلغت أعدادهم إجمالاً 795911، منهم 388 ألف و99 رجلاً و407 آلاف و812 امرأة، يتوزعون على الدوائر الخمس، في الدائرة الأولى يبلغون أكثر من 100 ألف ناخب وناخبة، وفي الدائرة الثانية 90 ألف، وفي الدائرة الثالثة 138 ألف، وفي الدائرة الرابعة 208 ألف، وفي الدائرة الخامسة 270 ألف، وفقاً للإحصاءات الرسمية لإدارة شئون الانتخابات التابعة لوزارة الداخلية. وتصادف إجراء هذه الانتخابات مع الذكرى الثانية لحكم الشيخ نواف الأحمد (سبتمبر 2020). كما أنها الانتخابات الثانية التى تجرى في عهده.
وفي الوقت الذي تراجعت فيه دور الديوانيات في التفاعلات الاجتماعية للمرشحين في انتخابات أمة 2022، تزايد اللجوء إلى ساحات بديلة في الدعاية الانتخابية مثل وسائل التواصل الاجتماعي وبشكل خاص "تويتر"، وهو ما تزامن مع سفر قطاع من المواطنين إلى الخارج، علاوة على الانقسام بشأن بعض القضايا الخلافية مثل قضية العفو العام.
السياقات الحاكمة للعملية الانتخابية
تمثلت السياقات الداخلية التي حكمت انتخابات مجلس أمة 2022، في الاتجاهات التالية:
1- حياد أجهزة الدولة تجاه مختلف المرشحين: تعد انتخابات 2022 واحدة من أكثر الانتخابات التي شهدتها الكويت على مدار تاريخها والتي اتسمت بالنزاهة والشفافية، وهو ما جاء استجابة لنداء القيادة السياسية بضرورة التحلي بالمسئولية خلال المرحلة المقبلة، إذ وجه ولي عهد الكويت الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح في كلمة له نيابة عن أمير البلاد الشيخ نواف الأحمد في 26 سبتمبر 2022، رسالة إلى الشعب الكويتي لحسن اختيار من يمثله، قائلاً: "إننا نطلب من الجميع إدراك حجم المسئولية الوطنية الملقاة على عاتقكم في المشاركة الإيجابية في عملية الانتخابات واختيار القوي الأمين المؤمن بربه ثم بوطنه والذي يضع مصلحة الكويت وشعبها فوق كل اعتبار".
وفي هذا السياق، كان التيار الرئيسي من الرأي العام والنخبة السياسية والفكرية مؤيداً للتغير الحادث في جداول الناخبين بعد إصدار اللجنة القانونية لمجلس الوزراء في منتصف أغسطس 2022، "مرسوم التصويت بالبطاقة المدنية" لأول مرة، وبموجبه تم إجراء تعديل على جداول الناخبين بناءً على عناوين السكن التي تظهر في بطاقاتهم المدنية، ومحاربة ظاهرة شراء الأصوات على نحو أثر بالتأكيد على نتائج الانتخابات خاصة بعد أن تم نقل آلاف الناخبين من دوائرهم السابقة إلى دوائر أخرى أجبروا على الانتقال إليها بسبب أماكن سكنهم، كما تم إضافة مرسوم آخر، يقضي بإضافة 19 منطقة جديدة إلى الدوائر الانتخابية الخمس.
2- عودة مشاركة قوى المعارضة المُقاطِعة: يعد الملمح المميز لتلك الانتخابات تحول بعض التيارات السياسية عن المقاطعة إلى المشاركة، إذ لم تكن هناك ثنائية "المشاركة أم المقاطعة" التي سادت في انتخابات ديسمبر 2020 بل شهدت هذه الانتخابات مشاركة بعض الشخصيات والتيارات السياسية المقاطعة لانتخابات مجلس أمة 2020، ومن أبرزها، "العمل الشعبي" (حشد)، و"المنبر الديمقراطي الكويتي"، والتي أعلنت أن عودتها جاءت استجابة لدعوة أمير البلاد خلال خطابه في 22 يونيو 2022 إلى المشاركة في تصحيح المشهد السياسي للبلاد، إضافة إلى استمرار مشاركة "كتلة الـ5" المعارضة في البرلمان السابق.
ومن أبرز المرشحين العائدين للمشاركة في العملية الانتخابية بعد غياب دام عقد كامل، أحمد عبدالعزيز السعدون رئيس مجلس الأمة السابق في دورات أربع (1985-1986) و(1992-1996) و(1996-1999) و(فبراير 2012)، وهو مرشح عن الدائرة الثالثة، ووفقاً لما أعلنه رئيس "حشد"، فإن الحركة رشحت ثلاثة أشخاص لخوض هذه الانتخابات، هما متعب عايد الرثعان، ممثلاً عن الحركة في الدائرة الرابعة، ومحمد مساعد الدوسري في الدائرة الخامسة، وباسل البحراني في الدائرة الأولى.
كما أن "المنبر الديمقراطي الكويتي"، المقاطع سابقاً للانتخابات رشح ممثله الوحيد عزام بدر العميم لخوض الانتخابات عن الدائرة الثالثة، إضافة لذلك، فإن "كتلة الـ5 المعارضة" رشحت زعيمها د.حسن جوهر النائب السابق لخوض الانتخابات في الدائرة الأولى، إلى جانب عبد الله المضف، وبدر الملا في الدائرة الثانية، ومهند الساير ومهلهل المضف عن الدائرة الثالثة. غير أنه لُوحظ رغم عدم مشاركة بعض التيارات السياسية في انتخابات أمة 2022 إلا أنها أعلنت دعمها لتوجهات بعض المرشحين كـ"الحركة التقدمية الكويتية".
3- محورية القضايا الداخلية في برامج المرشحين: كانت قضايا الداخل هي محور اهتمام المرشحين لمخاطبة الناخبين خلال المراحل المختلفة للدعاية الانتخابية، على الرغم من التحديات الخارجية والتهديدات الإقليمية التي تحيط بالكويت من اتجاهات مختلفة مثل انتفاضة المرأة التي تحولت إلى احتجاجات شعبية واسعة النطاق في إيران، فضلاً عن الفوضى المزمنة في العراق، وتهديدات التنظيمات الإرهابية والمليشيات المسلحة العابرة للحدود الرخوة لدول الخليج.
وقد ارتكزت العناصر الأساسية للبرامج الانتخابية لمعظم المرشحين في انتخابات الأمة 2022، على محاربة الفساد وحماية المال العام، وتعزيز الحريات العامة وإلغاء القوانين المقيدة لحرية الرأي والتعبير، وحل مشكلة الإسكان، وتطوير التعليم والاهتمام بقضايا الشباب، والتصدي للبطالة وخاصة في أوساط خريجي الجامعة وتأهيل الكوادر الوطنية (التكويت) في ظل أغلبية سكانية شبابية وتعديل قانون المسيء، إضافة لإصدار قانون عفو لمن أدينوا داخل الكويت أو خارجها بسبب أنشطتهم السياسية أو آرائهم الفكرية.
4- استباق التيارات الإسلامية العملية الانتخابية بإصدار "وثيقة القيم": أعلنت الحركة الدستورية الإسلامية "حدس" (الجناح السياسي لإخوان الكويت) بالتعاون مع عدد من التيارات الإسلامية، عن تكثيف جهودها في الحشد والتعبئة لحصد أكبر عدد ممكن من المقاعد في انتخابات أمة 2022، وهو ما دفعها لاستباق العملية الانتخابية بإصدار "وثيقة القيم" والتي تضمنت عدداً من البنود المتشددة ومن أبرزها الفصل بين الجنسين وتقييد حرية الاختيار للمرأة ومنع إقامة الحفلات الغنائية وغيرها من البنود التي ألزمت مرشحي التيار الإسلامي بالتوقيع على بنودها والالتزام بتنفيذها فيما بعد، وهو ما تم التعبير عنه بالعمل على تأييد القوانين الإسلامية ومنع الممارسات الوثنية. وقد اعتبرت بعض قطاعات الرأي العام الكويتي أن هذه الوثيقة "قندهارية" في إشارة إلى القيود المتشددة التي تطبقها حركة طالبان في أفغانستان.
5- مشاركة ضعيفة لممثلي التيارات الليبرالية: عانت بعض التيارات الليبرالية في انتخابات الأمة 2022 من "ضعف" شديد لاعتبارات تتعلق بضعف القواعد المجتمعية الداعمة لها من ناحية، ومحاولة ممثلي التيارات الإسلامية السنية، بشقيها الإخواني والسلفي، تضييق الخناق على الليبراليين لفرض سيطرتهم على مجلس الأمة القادم، لذا فإن "التحالف الوطني الديمقراطي" (أبرز التيارات الليبرالية) لم يدفع سوى بالمرشح محمد هادي الحويلة في الدائرة الخامسة. وقد دفع ذلك اتجاهات عديدة إلى وصف الانتخابات بأنها انتخابات ديمقراطية بدون ديمقراطيين أو بالأحرى بدون ليبراليين.
6- غياب الدعوة إلى تخصيص كوتا نسائية للمرأة: لم يكن موضوع تخصيص مقاعد للمرأة ضمن الحسابات أو المطالب التي تدعو إليها النساء المرشحات في انتخابات 2022، فيما يعرف بالتمييز الإيجابي للمرأة، بل خاضت المرأة السباق الانتخابي بلا دعم تشريعي، مع الأخذ في الاعتبار أن إحدى الأفكار التي دعا إليها رئيس مجلس الأمة السابق مرزوق الغانم تمثلت في تخصيص مقاعد للمرأة في المجلس النيابي، إلا أن ذلك لم يتحقق. وهنا، تجدر الإشارة إلى تراجع متواصل في معدلات تمثيل المرأة في المجالس النيابية الأخيرة بدءاً من مجلس 2009 حتى مجلس 2020. وكان لافتاً للنظر أن العديد من المرشحات لم يركزن على القضايا المتعلقة بالمرأة بل تناولن قضايا متعددة تخص الرجل والمرأة، الأمر الذي عكس أنهن يطرحن أنفسهن كمرشحات عن الناخبين ككل وهو ما يسهم في بناء الثقة مع الناخب الكويتي.
الدلالات العاكسة لنتائج انتخابات 2022
هناك عدد من الدلالات المعبرة عن نتائج انتخابات مجلس أمة 2022، يمكن تناولها على النحو التالي:
1- تزايد معدل دوران النخبة البرلمانية: تشير نتائج انتخابات 2022 إلى أن عوامل التغير رجحت كفتها على عوامل الاستمرار، على نحو يعكس انفتاح ودوران النخبة البرلمانية وليس انغلاقها وجمودها، إذ بلغت نسبة التغيير 54% مقارنة بمجلس الأمة السابق الذي لم ينجح من أعضائه في هذا الانتخابات سوى 24 نائب بينما خسر بقية النواب السابقين مقاعدهم بينهم ثلاثة من الوزراء السابقين في حكومة رئيس الحكومة السابق الشيخ صباح الخالد الحمد الصباح، وهم وزير الإعلام والثقافة السابق حمد روح الدين الكندري، ووزير الشئون الاجتماعية والتنمية المجتمعية ووزير الدولة لشئون الإسكان والتطوير العمراني السابق مبارك العرو، ووزير الدولة لشئون مجلس الأمة السابق محمد عبيد الراجحي. في حين فاز 26 نائباً في الانتخابات، بينهم 15 نائباً للمرة الأولى، مع الأخذ في الاعتبار سقوط النواب الذين كانوا داعمين للحكومة.
2- عودة رموز قوى المعارضة المختلفة: حصدت النخبة المضادة أو قوى المعارضة الكويتية معظم المراكز الأولى في الدوائر الانتخابية الخمس، بحصولها على 28 مقعداً من أصل 50، أي أكثر من نصف مقاعد المجلس. ومن أبرز نواب المعارضة الذين صاروا أعضاءً في البرلمان المقبل، مبارك الحجرف، ومهلهل المضف، وعبد الكريم الكندري، ومهند الساير، وعبد الله المضف، وحسن جوهر، وبدر الملا، ومحمد المطير، وشعيب المويزري، وحمدان العازمي.
كما حصل رئيس مجلس الأمة السابق أحمد السعدون (87 عاماً) المعروف بمواقفه المعارضة للحكومة على أعلى نسبة من الأصوات تعد الأعلى على مستوى البلاد، إذ حقق فوزاً ساحقاً بتسجيله أكثر من 12 ألف و200 صوت في الدائرة الثالثة، وهو ما يعطيه الصلاحية لتولي رئاسة مجلس الأمة 2022 خاصة أن رئيس البرلمان السابق مرزوق الغانم لم يشارك في هذه الانتخابات، ومن ثم فإن رئاسة السعدون للبرلمان المقبل ستتم إما من خلال تزكية النواب له أو حسمها بالتصويت والحصول على أكبر عدد من أصوات النواب المؤيدين، إذا فشل خيار التزكية.
3- حفاظ التيار الإسلامي على مقاعده: فازت القوى الإسلامية الممثلة بشقيها السلفي والإخواني بـ 10 مقاعد في مجلس الأمة 2022، حيث حافظت الحركة الدستورية الإسلامية "حدس" (الممثل الرسمي لجماعة الإخوان) على مقاعدها الاستراتيجية الثلاثة في هذه الانتخابات من خلال أسامة الشاهين (الدائرة الأولى) وعبد العزيز الصقعبي (الدائرة الثالثة) وحمد المطر (الدائرة الثانية)، كما فاز اثنان من المقربين من الإخوان، وهما فلاح ضاحي (الدائرة الثانية)، وعبدالله فهاد (الدائرة الرابعة). أما التيار السلفي الممثل في "التجمع الإسلامي السلفي" و"تجمع ثوابت الأمة" وبعض المستقليين السلفيين، فقد فاز في هذه الانتخابات بـ 5 مقاعد من خلال مرشحيه وهم: حمد العبيد ومبارك الطشة ومحمد هايف وعادل الدمخي وعمار العجم.
4- صعود جديد لممثلي التيار الشيعي: شهدت تلك الانتخابات ازدياد عدد المقاعد التي حصلت عليها القوى والتيارات والشخصيات المحسوبة على الشيعة. فقد حصد التيار الشيعي الممثل في "تجمع العدالة والسلام"، و"التآلف الإسلامي الوطني" وبعض المستقلين الشيعة، على 9 مقاعد في انتخابات الأمة 2022، من خلال النواب: حسن جوهر وأسامة الزيد وأحمد لاري وصالح عاشور وخليل الصالح وشعيب علي شعبان وجنان رمضان بوشهري وخليل أبل وهاني حسين شمس، وهو ما يعني فوز هذا التيار بثلاثة مقاعد إضافية عن الانتخابات التشريعية 2020 حيث فاز حينذاك بـ 6 مقاعد فقط بينما في انتخابات 2012 كانت الأعلى بالنسبة لهم، إذ حصلت القوى الشيعية وقتها على 17 مقعداً، ولذلك فإن صعود التيار الشيعي مجدداً أعاد مخاوف بعض قوى المعارضة التي ظهرت إبان انتخابات 2012 من أن يؤدي صعود الشيعة من تنامي دورهم السياسي في الكويت والعمل على تغليب الانتماءات المذهبية على المصالح الوطنية الكويتية.
5- تمثيل نسبي للعنصر النسائي: تمكنت المرأة الكويتية من الحصول على مقعدين نيابيين، هما: عالية الخالد (2365 صوتاً من الدائرة الثانية) والوزيرة السابقة جنان رمضان بوشهري (4321 صوتاً من الدائرة الثالثة)، خاصة بعد أن غابت المرأة لأول مرة عن مجلس أمة 2020 بخسارة النائبة المثيرة للجدل صفاء الهاشم وقتها لمقعدها الذي حافظت عليه في الانتخابات السابقة لـ3 دورات متتالية. وعلى الرغم من أن هذا العدد ليس كبيراً خاصة أن عدد المترشحات في تلك الانتخابات بلغ 22 امرأة، إلا أنه يعكس عودة التمثيل النسائي للمرأة مرة ثانية. بعبارة أخرى، في العام 2009 تمكّنت 4 نساء من الوصول إلى البرلمان والفوز بجدارة، لكن في العام 2012 تقلّص عدد النواب النساء إلى 3 ثم إلى 2 في العام 2013 وبعدها إلى مقعد نسائي وحيد في العام 2016، ليعود البرلمان الكويتي دون حضور نسوي في العام 2020، ثم عودة الحضور في العام 2022.
6- محورية الانتماء القبلي للتجنيد النخبوي البرلماني: إن أحد أبرز ما كشفت عنه انتخابات مجلس الأمة 2022 هو استمرار تأثير الانتماء القبلي في الفوز بالمقعد النيابي، على الرغم من إصدار الحكومة الكويتية قراراً يقضي بمنع الانتخابات الفرعية التي تجريها القبائل قبل الانتخابات العامة لاختيار مرشح أو أكثر بهدف عدم تشتيت الأصوات. وكان لافتاً للنظر نجاح اثنين (مرزوق الخليفة في الدائرة الرابعة وحامد البذالي في الدائرة الثانية) رغم أنهما يقبعان داخل السجون بتهمة المشاركة في انتخابات فرعية. ولا يوجد نص قانون يتعامل مع مثل هذه الحالة فيما يخص الحصانة البرلمانية وتطبيقها على من صدر بحقه حكم وبدأ في تنفيذه قبل الفوز بالعضوية.
وتجدر الإشارة إلى أن قبيلة "الدواسر" تعد إحدى القبائل التي فاز ممثلوها بمقاعد في مجلس أمة 2022، بل يعد المرشح البرلماني المخضرم أحمد السعدون أحد أبنائها. ومن بين القبائل التي حصل أبنائها على عدد من المقاعد في مجلس الأمة 2022، قبيلة العوازم التي فاز أبنائها بـ 3 مقاعد، من خلال، حمدان سالم العازمي، ومرزوق فالح الحبيني، وخالد الطمار العميرة، بينما حصل أبناء قبيلة العجمان على خمسة مقاعد، وهم: الصيفي مبارك الصيفي، ومحمد هادي الحويلة، مبارك هيف الحجرف، ومحمد حسين المهان، وعمار محمد العجمي، في حين فاز أبناء قبيلة مطير بعدد أربعة مقاعد، من خلال، النواب، محمد هايف المطيري، وماجد مساعد المطيري، وعبيد الوسمي المطيري، وامهند طلال الساير. ولعل ذلك يعكس مقولة الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد أن "الكويت هي القبائل".
المسارات المستقبلية للعلاقة بين مجلس الأمة والحكومة
إن أحد التساؤلات الرئيسية في مرحلة ما بعد انتهاء الانتخابات واستقالة الحكومة، ثم تشكيل حكومة جديدة، يتصل بالعلاقة بين تلك الحكومة ومجلس الأمة ودور "الرئيسين" في صياغة أبعاد تلك العلاقة، والتي بناءً عليها سيتحدد ما إذا سيكون هناك تحول جديد في دعم أواصر التعاون ويصبح مجلس الأمة مختلفاً مقارنة بالمجالس السابقة أم سيستمر الخلل في إدارة العملية السياسية والخضوع لنفس التوازنات. ويبدو أن الخيار الثاني الأقرب للحدوث لاسيما أن رأسي قوى المعارضة يدعمون خيار المناكفة للوصول إلى مرحلة رئيس وزراء شعبي أي من خارج الأسرة الحاكمة، ليكون أقرب إلى الإمارة الدستورية على شاكلة النموذجين المغربي والأردني.
وقد أطلق عدد من النشطاء السياسيين وبعض نواب المعارضة الذين حصدوا مقاعد في انتخابات 2022، حملة على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" تضمنت هاشتاج (#نبيها_تزكية)، الهدف منها، أن يصبح كل من أحمد السعدون رئيساً للمجلس، وحسن جوهر نائباً للرئيس، إذ أكد النشطاء من خلال هذه الحملة أنه يستوجب استكمال مهام المرحلة الحساسة التي تشهدها البلاد ولا تتحمل وجود أي اختلافات باستبعاد الأطراف المنبوذة شعبياً والفاسدة سياسياً من المشهد السياسي وتولي من يصلح لقيادة مجلس الأمة 2022.
ومن ثم، يشير اتجاه رئيسي في الكتابات إلى أن صعود قوى المعارضة قد يعد مؤشراً لاحتمال تجدد الصراع بين الحكومة وأعضاء مجلس الأمة خلال المرحلة المقبلة، وعلى نحو يرجح عدم التعاون بين السلطتين التنفيذية والتشريعية من خلال برنامج عمل يسهم في إنجاز حزمة من المشاريع التنموية التي تحتاجها البلد التي تشهد أزمات اقتصادية وسياسية، والمضي قدماً في تنفيذ مضمون الخطاب الذي ألقاه ولي عهد الكويت نيابة عن أمير البلاد في 22 يونيو 2022 والذي انتقد فيه وقتها تفاقم الخلافات والصراعات التي هددت الوحدة الوطنية بالبلاد، معلناً أنه عقب انتهاء الانتخابات ستتخذ الدولة إجراءات أخرى لتصحيح مسار المشهد السياسي، قائلاً: "ستكون لنا في حالة عودة فرصة تصحيح المسار إجراءات أخرى ثقيلة الوقع والحدث".
وطبقاً للمؤشرات الأوّلية، الناتجة عن تركيبة مجلس 2022 وهي أغلبية من الإخوان والسلفيين والشيعة والمستقلين المعارضين، قد يكون ذلك مجلساً للتأزيم، بما قد يجعل مصيره الحل، لاسيما في ظل حديث ولي العهد عن إجراءات متشددة إزاء "عدم التعاون" من جانب الأعضاء الجدد. في مقابل ذلك، يرى اتجاه آخر في الأدبيات أن تمرير بعض القرارات داخل مجلس الأمة والتعامل مع بعض القضايا الاقتصادية وخاصة تمرير الميزانية وإعادة هيكلة الاقتصاد وفرض الضرائب الخاصة مثل ضريبة القيمة المضافة، سيكون محط الاختبار في العلاقة بين الحكومة ومجلس الأمة خلال المرحلة المقبلة.