كتب رئيس تحرير موقع "ميدل إيست آي" البريطاني ديفيد هيرست مقالة في الموقع تناول فيها تأثير اتفاقي التطبيع بين الإمارات والبحرين مع "إسرائيل" على مصر. وقال هيرست: "عندما قامت الإمارات والبحرين بتطبيع العلاقات رسمياً مع إسرائيل في 15 أيلول / سبتمبر، أشاد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بـبزوغ "فجر شرق أوسط جديد". تستيقظ مصر اليوم على ما تعنيه لها هذه الحقبة الجديدة. هناك نوعان من الكوارث التي تعرضت لها مصر في محاولة ضمنية من الإمارات لتصبح الشريك التجاري العربي الرئيسي لإسرائيل - الكوارث المرتقبة والكوارث الفورية".
وأضاف: "للبدء بالخطر طويل الأجل أولاً، يمكن لخط أنابيب النفط الصحراوي الذي كان يعمل في السابق كمشروع مشترك سري بين إيران الشاه وإسرائيل أن يلعب دوراً كبيراً في ربط شبكة الأنابيب العربية بالبحر المتوسط. يمتد نظام خطوط الأنابيب التابع لشركة خطوط الأنابيب الأوروبية الآسيوية بطول 254 كيلومتراً من البحر الأحمر إلى ميناء عسقلان الإسرائيلي".
وتابع هيرست قائلاً: "إلى جانب خط الأنابيب، تشارك موانئ دبي العالمية المملوكة للدولة في دبي مع شركة "دوفر تاور" DoverTower الإسرائيلية لتطوير الموانئ الإسرائيلية والمناطق الحرة، وفتح خط شحن مباشر بين ميناء إيلات على البحر الأحمر وميناء جبل علي في دبي".
وأوضح الكاتب أن خط الأنابيب هذا وربط المينائين لا يعدا أخباراً جيدة لقناة السويس، التي أنفق الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أخيراً 8 مليارات دولار لتوسيعها. فبين عشية وضحاها، سيتم قطع قناة السويس بوسائل أرخص لنقل النفط من البحر الأحمر إلى البحر الأبيض المتوسط.
وهناك مخاطر أخرى أكثر إلحاحاً على مصر. فمع اتفاقات التطبيع، تفقد القاهرة الدور الذي كانت تتمتع به لعقود من الوساطة في العلاقات بين الدول العربية و"إسرائيل"، حيث كانت مصر هي المرجع لكل الفصائل الفلسطينية - ترتيب وقف إطلاق النار بين "إسرائيل" وحماس في غزة، أو اجتماعات المصالحة بين حركتي فتح وحماس في القاهرة. ومن اللافت أن المحاولة الأخيرة للمصالحة بين فتح وحماس حدثت في تركيا وليس في القاهرة.
وينقل هيرست ما كتبه محمد عصمت في صحيفة "الشروق نيوز" المصرية من أن فقدان مكانة مصر يذهب إلى أبعد من ذلك بسبب اتفاقات التطبيع، إذ "سيتم تفكيك نظام الأمن القومي العربي بكامل أبعاده العسكرية والسياسية والاقتصادية. كل خطاب العالم العربي عن الحرية والوحدة والتنمية المستقلة ستتحجر وتخزن في المستودعات. فطوال سنوات المواجهة مع إسرائيل، لعبت مصر الدور الرئيسي في تحديد ردود الفعل العربية على الرغم من اختلافها مع هذه الدولة العربية أو تلك، لكن هذا الوضع لن يستمر. إسرائيل تطمح لتحل محل مصر وقيادة المنطقة العربية بحسب المعادلات الجديدة. معادلات تقضي على كل مؤسسات العمل العربي المشترك وعلى رأسها جامعة الدول العربية نفسها".
إلى جانب هذا الوضع الاستراتيجي، ستخسر مصر الأموال بالعملة الصعبة. إذ توقفت كل من السعودية والإمارات عن تمويلها، بعدما ضخت فيها مليارات الدولارات. فقد أوقفت السعودية الأموال والنفط عن مصر بسبب أزمة ميزان المدفوعات، ووجد ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد المزيد من الحلي الجذابة للعب بها وتوقف عن دعم مصر.
وأوضح هيرست أن "شركة مبادلة للاستثمار" في أبو ظبي تحظى بأهمية خاصة لـ"إسرائيل"، وهي إحدى صناديق الثروة السيادية في الإمارات العربية المتحدة بقيمة 230 مليار دولار. ووصف أحد الأكاديميين الإسرائيليين الذي أمضى بعض الوقت في أبو ظبي هذا الصندوق بأنه "سيغير قواعد اللعبة" للتكنولوجيا الإسرائيلية العالية.
ويشير الكاتب إلى تأثير خسارة المليارات الخليجية على مصر بشدة حيث لجأت بالفعل إلى صندوق النقد الدولي، وفرضت التقشف ومزيد من الضرائب على مواطنيها. وقد تضاعف الدين القومي لمصر ثلاث مرات تقريباً منذ عام 2014، من حوالي 112 مليار دولار إلى حوالي 321 مليار دولار.
وخلص الكاتب إلى أنه إذا خسرت السعودية والإمارات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ومصر ككل، فإن خططهما للهيمنة الإقليمية ستنهار قريباً. بعد ذلك، ستكون المنطقة قد وصلت بالفعل إلى نقطة تحول - ولكن ليس تلك التي كان يخطط لها محمد بن زايد ولا رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.