• اخر تحديث : 2024-05-02 20:55
news-details
قراءات

ما فرص الديمقراطيين في انتخابات التجديد النصفي للكونغرس؟


كرَّست السياسات الأمريكية تاريخياً قاعدة صارمة تقضي بأن الحزب الذي يمثله الرئيس الأمريكي في البيت الأبيض يخسر، في أغلب الأحوال، السيطرة على مجلس النواب في أول انتخابات تجديد نصفي للكونغرس (بفارق متوسط 23 مقعداً منذ عام 1974، باستثناء حالة الرئيس الأسبق جورج بوش الابن بعد أحداث 11 سبتمبر 2001). ومع هذا، تتعدد التساؤلات عن فرص وتحديات فوز الديمقراطيين في تلك الانتخابات، لا سيما مع جهود الجمهوريين الدؤوبة لاستعادة الأغلبية في مجلس النواب، الذي حصل فيه الديمقراطيون على 222 مقعداً مقابل 213 للجمهوريين من ناحية، ورغبتهم في كسر التعادل الحالي في عدد المقاعد مع الديمقراطيين في مجلس الشيوخ لصالحهم من ناحية ثانية.

فرص الديمقراطيين

يتمتع الديمقراطيون بجملة من الامتيازات تدعم موقفهم في انتخابات التجديد النصفي للكونغرس المقبلة، وهي الامتيازات التي يمكن الوقوف على أبرزها من خلال النقاط التالية:

1ورقة قضية الإجهاض الرابحة: تدلل بعض استطلاعات الرأي الرائدة على تزايد احتمالية تقدم الديمقراطيين في انتخابات مجلس الشيوخ – على سبيل التحديد – بسبب الزخم الناجم عن قضية الإجهاض، وخاصةً عقب إلغاء الحماية الفيدرالية للحق فيه عقب قرار المحكمة العليا في يونيو 2022، وهو ما مكَّن الديمقراطيين من استقطاب النساء خاصةً، والترويج لمواقفهم الداعمة لهن. ومن ثم، فإن من المُتوقَّع أن تزيد قضية الإجهاض من إقبال الناخبين على الحزب الديمقراطي في الانتخابات المقبلة، لا سيما بين نساء الضواحي.

2مشروعات القوانين المحتملة: تتعدد مشروعات القوانين التي يسعى الديمقراطيون إلى تمريرها في الكونغرس الأمريكي ومن ثم استخدامها كأوراق ضغط على الجمهوريين على نحو يدفعهم لمعارضتها بالضرورة. ومن أمثلة تلك القوانين قانون زواج المثليين، والحق في تحديد النسل، وتقديم الرعاية الطبية؛ إذ يرفض الجمهوريون المحافظون مسألة زواج المثليين وتحديد النسل؛ لكونها تتعارض مع مواقفهم من الفطرة البشرية، كما يعارضون توفير الرعاية الطبية لمختلف الأمريكيين بالنظر إلى ثقل كاهل الموازنة الأمريكية.

3تقدم الديمقراطيين في استطلاعات الرأي: تتعدد الظروف والعوامل التي تصبُّ جميعها في شعبية الحزب الديمقراطي، والتي انعكست بدورها في بعض استطلاعات الرأي التي نُشرت مؤخراً، والتي تؤكد تزايد فرص الديمقراطيين في انتخابات التجديد النصفي المقبلة. ومن تلك العوامل يبرز – على سبيل المثال – انخفاض أسعار الوقود خلال الأشهر القليلة الماضية، وارتفاع شعبية بايدن منذ شهر يوليو حتى نهاية شهر سبتمبر نسبياً، وانحسار كوفيد–19 بشكل شبه كامل، ورفع الحظر المفروض لمجابهته، وغير ذلك.

4تراجع شعبية ترامب: دفعت بعض التحليلات إلى أنه في الآونة الأخيرة تراجعت شعبية الرئيس السابق دونالد ترامب من جراء التغطية الإعلامية السلبية التي تعرض لها عقب تفتيش منزله في ولاية فلوريدا، ووجود وثائق سرية في مكتبه، ومزاعمه بأن مكتب التحقيقات الفيدرالي هو من وضع له تلك الوثائق. ولا شك أن تراجع شعبية ترامب يُعَد مكسباً حقيقياً للديمقراطيين على نحو يُعزِّز فرصهم في الانتخابات المقبلة.

تحديات متعددة

في اتجاه مضاد لما سبق، تتعدد التحديات التي يواجها الديمقراطيون في انتخابات التجديد النصفي للكونغرس المقبلة، وهي التحديات التي يمكن الوقوف على أهمها على النحو التالي:

1تردي الأوضاع الاقتصادية: كان الاقتصاد ولا يزال هو أحد أهم القضايا الأساسية في معظم الانتخابات، سواء كانت انتخابات نصفية أو رئاسية، وهو ما تتزايد خطورته هذا العام من جراء الارتفاع الحاد في معدلات التضخم. ووفقاً لشبكة “سي بي إس” الإخبارية، يعد الاقتصاد الوطني ومعدلات والتضخم من أبرز القضايا المؤثرة في انتخابات التجديد النصفي؛ فعلى الرغم من التراجع النسبي في أسعار وقود السيارات، فإن الغالبية العظمى من الناخبين يتوقعون أن يدخل الاقتصاد الأمريكي في حالة من الركود في العام المقبل، كما دللت أحد استطلاعات الرأي التي أجرتها الشبكة على أن 40% فقط من الناخبين يوافقون على طريقة تعامل الإدارة الأمريكية مع الأوضاع الاقتصادية.

2استمرار هيمنة ترامب على الجمهوريين: في اتجاه مضاد لتراجع شعبية ترامب، يرى قطاع آخر من التحليلات أن ترامب لا يزال مؤثراً في انتخابات التجديد النصفي للكونغرس على الرغم من الجهود التي مارستها الإدارة الأمريكية للتأثير على شعبيته؛ إذ يرى قطاع من الجمهوريين أن محاولات التحقيق معه على خلفية أحداث الكابيتول هيل، فضلاً عن مصادرة مكتب التحقيقات الفيدرالي وثائق سرية من منزله في فلوريدا، ما هي إلا محاولات مستميتة من قبل الإدارة الديمقراطية لإقصائه عن الانتخابات الرئاسية المقبلة، بيد أنها لا تنفي دعمه الواسع والمؤثر لعدد من المرشحين الجمهوريين في الانتخابات المقبلة.

3تعدد إخفاقات بايدن: يواجه الحزب الديمقراطي تحديات عدة تقوض مساعيه في انتخابات التجديد النصفي المقبلة، وفي مقدمتها إخفاقات إدارة “بايدن” التي يستغلها الجمهوريون للتأثير في توجهات الناخبين. ومن ثم، يولي الجمهوريون اهتماماً كبيراً بمناقشة قضية تخفيض الضرائب والتخلص من اللوائح غير المجدية لدعم الاقتصاد، ويقترحون حلولاً غير تقليدية للحد من التضخم بوصفه من أكبر إخفاقات الإدارة الأمريكية الراهنة.

4استمرار الهجرة غير الشرعية: يُنتقد الديمقراطيون لفشلهم في معالجة ملف الهجرة مع استمرار تدفق المهاجرين على الحدود الجنوبية للبلاد على نحو يؤثر سلباً في المجتمع الأمريكي، ويزيد من معدلات الجريمة والاتجار بالمخدرات؛ إذ يربط الجمهوريون قضية الهجرة بالأمن القومي، لا سيما المرشح الجمهوري لمنصب حاكم ولاية فلوريدا رون ديسانتيس وحاكم تكساس جريج أبوت، اللذان يُروِّجان لوجود أزمة حقيقية على الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك مع تدفق آلاف المهاجرين غير الشرعيين بشكل شبه يومي.

ضعف بايدن

ختاماً، في ظل تعدد فرص وتحديات الديمقراطيين في انتخابات التجديد النصفي للكونغرس المقبلة، تتزايد أهمية تلك الانتخابات، خصوصاً مع تأثيرها المحتمل في نتيجة الانتخابات الرئاسية لعام 2024؛ فهي أقرب ما تكون إلى الاستفتاء على أول عامين من رئاسة جو بايدن، ومؤشراً على فرص دونالد ترامب المحتملة في السباق الرئاسي المقبل، لا سيما أن خسارة الديمقراطيين المحتملة لها، على تعدد تحدياتهم الراهنة، تعد علامة على ضعف بايدن سياسياً على نحو قد يجدد الدعوات الرامية إلى تنحِّيه جانباً من أجل مرشح ديمقراطي آخر في الانتخابات الرئاسية القادمة.