نشر موقع "كاونتربنش" الأميركي، مقالاً، تحدث فيه عن الحروب الأميركية السرية أو بالوكالة في جهات عديدة. ويشير المقال إلى استخدام أميركا "شبح الإرهاب"، لممارسة عمليات الاغتيال والقتل. وفيما يلي نص المقال كاملاً منقولاً إلى العربية:
تخدع الإمبريالية الأميركية، مواطنيها بأسلوب شيطاني مروع، وتخفي الحقائق عن توغلها العسكري في مناطق تكاد لا تحصى على امتداد جهات الأرض.
في تقرير صادر عن "مركز برينان للعدالة"، بعنوان "الحرب السرية"، عن استخدام الولايات المتحدة، الشراكات العسكرية كقوى بالوكالة لشن الحروب، وما اللائحة التي قدمها البنتاغون عن عدد البلدان التي تنتشر فوق أرضها قوات أو سلاح أميركي سوى تزوير وتزييف وحشي لدرجة أنّه تمّ حذف 17 دولة من القائمة الطويلة أصلاً.
لقد خططت الولايات المتحدة منذ نشأتها، لنشر قواتها العسكرية من خلال التآمر وبشكل سري، يخولها خوض الحروب الإمبراطورية بالوكالة دون الإعلان عنها، أو مباشرة مع احاطتها بالغموض والتمويه.
وتشكّل جمهورية لاوس، في قلب شبه الجزيرة الهندية الصينية، أحد أكثر الأمثلة على وحشية الصراع السري الذي شنته الولايات المتحدة في ذلك البلد البعيد عنها آلاف الأميال، كونها وجدت "مكانًا رائعاً لخوض الحرب"، العنوان المظلم الذي اختاره الكاتب جوشوا كورلانتزيك، لكتابه حول هذا الموضوع.
وكانت الولايات المتحدة قد بدأت نشاطاتها السرية في لاوس، مع وكالة الاستخبارات المركزية، من خلال تدريب وتسليح البعض من أقلية الهمونغ العرقية، ثمّ تطور التدخل إلى هجوم واسع النطاق ترافق مع حملة جوية شنيعة، أسقطت فيها القوات الجوّية الأميركية، أكثر من 2.5 مليون طن من الذخائر، ونفذت نحو 580.000 طلعة وهجوم، وهي تتفوق على ما فعلته وأستخدمته في كل الحرب العالمية الثانية.
يميل المشرّعون الأميركيون، إلى التعبير عن دهشتهم الكبيرة من أنّ القوات الأميركية تنتشر بشكل غامض في بلدان بالكاد تجدها على الخريطة. لكن،لا يمكنهم التحلل من مسؤوليتهم حيال أمر، لا يمكن أنّ يمر إلا بتواطؤ مؤسسات الحكم العميقة التي يمثلونها.
بعد 11 أيلول/سبتمبر 2001، تعززت هذه التوجهات بقوانين مكافحة الارهاب، وبمظلّة واسعة لبرامج "التعاون الأمني" بشكل سري تماماً وبعيد عن أيّ شفافية، ويسمح لوزارة الدفاع الأميركية بتدريب وتجهيز القوات الأجنبية، أو القوات غير النظامية أو الجماعات الميليشاوية وحتى الأفراد المنخرطين في دعم أو تسهيل العمليات العسكرية لقوات العمليات الخاصة الأميركية، في أي جزء من العالم.
قدم قانون مكافحة الإرهاب لعام 2001، أداة مرنة كبيرة، استفادت منها كل الإدارات الأميركية المتعاقبة، بحجب الكثير من المعلومات عن الجمهور الأميركي، ولا تزال اللائحة الخاصّة بالجماعات الإرهابية سرّية بحجّة الدوافع الأمنية.
كما تلتزم وزارة الدفاع الأميركية، الصمت بشأن معظم الأحداث التي تقع في البلدان التي تعمل في ميادينها القوات الأميركية . وتتبنى منطق تبريري لذلك، بأنّ الأحداث لا تطلب إعداد تقارير رسمية، كونها مواجهات تعتبر عرضية، وجزء لا يتجزأ من الحرب "غير النظامية" التي لا ترقى إلى مستوى الصراع الفعلي.
استخدمت الولايات المتحدة الأميركية، "شبح الإرهاب"، لتمارس عمليات اغتيال وقتل بشراهة تتخفى ومحمية بقوانين، تسمح للسلطة التنفيذية كتم الوقائع عن السلطة التشريعية.
بين الحين والآخر، يتم رفع حجاب السرية حين يتخطى الحدث مجالات السيطرة عليه، مثل عملية قتل 4 أفراد من القبعات الخضر التابعة للجيش الأمريكي، إلى جانب 4 جنود من النيجر، في كمين خارج قرية تونغو تونغو، في عام 2017. وتعد هذه أكبر خسارة في الأرواح بين أفراد الجيش الأمريكي منذ عام 1993، عندما لقي 18 من المارينز حتفهم بعد سقوط مروحيتهم أثناء مواجهة فوق الأرض الصومالية.
تزعم التصريحات العلنية للولايات المتحدة، عن أنّ الدور العسكري في المسارح العالمية، مثل إفريقيا، يقتصر على "تقديم المشورة والمساعدة" للجيوش المحلية، لكن الواقع العملياتي يقول غير ذلك في معظم الأحيان.
في عام 2018، كان الجنرال المتقاعد دونالد بولدوك، الذي قاد القوات الخاصة الأميركية في إفريقيا حتى عام 2017، لديه ما يكفي من الصراحة ليكشف أنّ الجيش لديه جنود في كينيا وتشاد والكاميرون والنيجر وتونس، يقومون بمهمّات كما مهمّة "جنود الصومال" يعرضون أنفسهم للمخاطر، "لقد أصيب رجال في جميع أنواع المهمات التي نقوم بها".
تحرص المؤسسة الأمنية في واشنطن ومجموعة من المصابين بفقدان الذاكرة، على إبقاء غطاء على حقيقة أنّ الولايات المتحدة، كانت دولة محاربة منذ عام 1941. وهي تتهيأ دوماً للولوج الى صراعات كبيرة على وشك الحدوث.
يتوجب على الكونغرس إصلاح قنوات التعاون الأمني مع وزارة الدفاع. وإلى أن يفعل ذلك، ستظل الأمة في حالة حرب، دون موافقة أو حتى معرفة الشعب الأميركي.