• اخر تحديث : 2024-04-24 13:38
news-details
قراءات

ما تأثير نتائج انتخابات الكونغرس على العلاقات الأمريكية-الصينية؟


تعهد الرئيس الأمريكي جو بايدن في لقاء مع نظيره الصيني شي جين بينغ في منتصف نوفمبر 2022، بأنه لن تكون هناك “حرب باردة جديدة” مع بكين، وذلك على هامش قمة العشرين، وهو ما يأتي متزامناً مع انتخابات التجديد النصفي للكونغرس. ورغم أن قضايا السياسة الخارجية لم تكن من بين القضايا الرئيسية التي يهتم بها الناخبون في الانتخابات، بل التركيز بدرجة أعلى على القضايا المحلية على غرار الاقتصاد والحدود الأمريكية والإجهاض والعنف المسلح والديمقراطية الأمريكية، فإن نتائج تلك الانتخابات ستكون لها تأثيرات متعددة على المقاربة الأمريكية تجاه الصين؛ فقد عزز حفاظ الديمقراطيين على أغلبيتهم في مجلس الشيوخ، واحتمالات فوز الجمهوريين بأغلبية ضئيلة في مجلس النواب من قوة الرئيس الأمريكي خلال اجتماعه الأخير مع نظيره الصيني، والذي ساهم في توضيح الخطوط الحمراء الأمريكية للصين خلال العامين القادمين.

تأثيرات بارزة

تتمثل أبرز انعكاسات نتائج انتخابات التجديد النصفي للكونغرس على العلاقات الأمريكية الصينية فيما يلي:

1. ضغوط أكبر على الصين بشأن تايوان: تعتبر قضية أمن تايوان من القضايا الرئيسية التي تشغل اهتمام الولايات المتحدة الأمريكية في علاقتها بالصين؛ حيث أكدت واشنطن في أكثر من مناسبة التزامها بمبدأ “الصين الواحدة”. ومع ذلك، رفضت الترهيب الذي تمارسه بكين ضد تايبيه في إطار تأكيدها ملكيتها لتلك الجزيرة، وأنها تقع تحت سيادتها، بجانب الاستعداد للجوء لاستخدام قوتها العسكرية للسيطرة على تايوان.

وتحتفظ الولايات المتحدة بعلاقات غير رسمية مع الجزيرة. وينظر الحزبان (الديمقراطي والجمهوري) باهتمام تجاه أمن تايوان. فعلى سبيل المثال، قد تعهد كيفن مكارثي، الذي سيصبح رئيس مجلس النواب الأمريكي القادم في حال سيطر الجمهوريون على المجلس، بأن يقوم بزيارة تايوان في حال أصبح رئيساً للمجلس لتأكيد أهمية أمن تايوان للولايات المتحدة. وسيكون من المتوقع ممارسة ضغوط جمهورية أكبر على الإدارة الأمريكية لاتخاذ موقف أكثر صرامة بشأن أمن تايبيه. كما قد يتم إضافة بعض العبارات الأكثر صرامة في قانون سياسة تايوان المعلق في الكونغرس الأمريكي، على غرار جعل "تايوان حليفاً رئيسياً من خارج حلف الناتو".

2. تبني واشنطن سياسات أكثر صرامة تجاه بكين: يشترك الحزبان في نظرتهما تجاه ضرورة تبني إجراءات أكثر صرامة تجاه الصين. وهو ما شرع الرئيس السابق دونالد ترامب في تنفيذه، ويستكمل الرئيس الحالي جو بايدن النهج نفسه؛ إذ أقر الكونغرس بدعم من الحزبين تشريعات تفرض قيوداً على الاستثمار الصيني في الولايات المتحدة، وتمنع بكين من الوصول إلى التكنولوجيا الأمريكية، وهو أمر من المتوقع استمراره مع فوز الجمهوريين بأغلبية مجلس النواب، خاصة أن هناك قبولاً واسعاً من الرأي الأمريكي لتلك السياسات؛ إذ أظهرت استطلاعات الرأي زيادة وجهات النظر السلبية تجاه الصين، وارتفاع نسبة من يرون أنها “عدو” للولايات المتحدة.

3. تعزيز أفضلية الصناعة الأمريكية بمواجهة الصين: من المتوقع استمرار الولايات المتحدة في توجهها نحو تحسين سلاسل التصنيع الأمريكية لتقليل الاعتماد على بكين، وتخفيض التكاليف على المواطنين الأمريكيين، وخلق المزيد من فرص العمل للمواطنين الأمريكيين بدلاً من السماح لبكين بالاستفادة على حساب الولايات المتحدة عبر افتتاح مصانع في الصين تخدم الشعب الصيني، كما ستستمر واشنطن في مسعاها نحو تحقيق الاستقرار في سلاسل التوريد الأمريكية التي سبق أن تعرضت لاضطرابات خلال جائحة كوفيد-19، وستكرس الولايات المتحدة اهتمامها لصناعة أشباه الموصلات لتعزيز سلاسل تصنيعها في الولايات المتحدة، لا سيَّما أنها محورية الاستخدام في مختلف الصناعات الحساسة، بما في ذلك الإلكترونيات.

4. إثارة قضية مسلمي الإيغور في إقليم شينغيانغ: من المتوقع استمرار الحديث عن مشكلة مسلمي الإيغور في إقليم شينغيانغ في الصين، والانتهاكات الواسعة التي تقع بحقهم على غرار إجبارهم على العمل القسري وإجهاض النساء. كما سيتم التطرق إلى النخب الأمريكية التي تستثمر في الشركات الصينية الموجودة في الولايات المتحدة، التي تستخدم عمالة مسلمي الإيغور، وسيتم استخدام تلك الرسائل من الحزبين داخل الكونغرس؛ حيث هناك اتهامات متبادلة لأفراد من النخبة الديمقراطية والجمهورية التي تنتهج هذا السلوك.

5. محاولة عرقلة أي دعم صيني لموسكو في أوكرانيا: في حال نجح الديمقراطيون في الفوز بالمقعد الـ51 في مجلس الشيوخ الأمريكي، فإن ذلك سيمنح الرئيس بايدن متنفساً أكبر للتعاطي مع بكين في مختلف القضايا التي تخدم مصالح البلدين، بما في ذلك الدعم الصيني لموقف روسيا في أوكرانيا، ومحاولة عرقلة أي تقارب بين البلدين في خضم الحرب الأوكرانية.

6. تعاون أكبر بشأن قضايا تغير المناخ: في ظل اهتمام الديمقراطيين بدرجة أكبر بقضايا التغير المناخي، وحرصهم على التعاون مع بكين في هذا الشأن لتقليل الانبعاثات الكربونية العالمية، فمن المتوقع أن يشجع الديمقراطيون داخل الكونغرس الإدارة الأمريكية ممثلة في مبعوثها لشؤون المناخ جون كيري على التفاوض مع بكين بشأن الالتزام بالسياسات ذات الصلة بالتغير المناخي، لا سيَّما أن الصين والولايات المتحدة الأمريكية تتقدمان الدول التي تسهم في الانبعاثات الكربونية العالمية.

7. استمرار التحقيق في أصول فيروس كورونا: في ظل إشارة النتائج الأولية إلى نجاح الجمهوريين في تحقيق أغلبية بسيطة في مجلس النواب الأمريكي، فمن المتوقع استمرار التحقيق في أصول فيروس كورونا، وإذا ما كان هذا الفيروس مصنعاً أم انتقل من الحيوان إلى الإنسان للمرة الأولى، وهو الأمر الذي من المتوقع أن يدعمه الديمقراطيون أيضاً، في ظل الرغبة الملحة في تحديد أصول الفيروس.

ضغوط متوازنة

وختاماً، يمكن القول إنه في ضوء نتائج الانتخابات الأولية، وعدم سيطرة حزب واحد على مجلسي الكونغرس الأمريكي (مجلس النواب ومجلس الشيوخ)، فإن السياسة الخارجية الأمريكية تجاه الصين لن تكون مستمرة على نمط واحد عدائي أو تفاوضي؛ حيث ستكون هناك ضغوط من جانب الجمهوريين في مجلس النواب لتبني سياسات عدائية تجاه بكين، بينما سيعمل الديمقراطيون في مجلس الشيوخ على الدفع نحو الحفاظ على مساحة حوار بين البلدين تسمح بالتعاون بينهما بما يحقق المصالح المشتركة.