لم تحصد المملكة السعودية من سياسة الانصياع للولايات المتحدة الأميركية، إلا الخيبات والعداوات مع شعوب المنطقة ودولها. من إيران، حيث دعمت المملكة أعمال الشغب في الجمهورية الإسلامية، غير أن السلطات الإيرانية تمكنت من ضبط الشارع... إلى اليمن حيث غرقت السعودية في الرمال المتحركة، بعدما ورطتها واشنطن في حربٍ عبثيةٍ على اليمن منذ ربيع العام 2015، لم تخرج منها بما يحفظ "ماء وجه المملكة" حتى الآن... مرورًا في العراق، حيث آلت الأوضاع إلى تثبيت حضور محور المقاومة وشراكته في المؤسسات الدستورية العراقية... ثم في سورية، التي واجهت بتلاحم شعبها وجيشها أعتى الحروب الكونية، وها هي اليوم تشهد انفتاحًا عربيًا ودوليًا عليها، بعدما تمكّن الجيش السوري من دحر الإرهاب عن غالبية أراضي بلاده... وصولًا إلى لبنان، حيث فشل الفريق المعادي للمقاومة في استهدافها، بعدما استنفد كل الوسائل في حربه عليها، بدءًا من استخدام المال السياسي، والتحريض المذهبي قبل الاستحقاقات التشريعية منذ العام 2005 وما تلاها. ثم في دعم التنظيمات التكفيرية، التي طال لظى إرهابها مختلف الأراضي اللبنانية من الشمال إلى الجنوب مرورًا بالعاصمة بيروت، والبقاع وجبل لبنان، إلى أن اندحرت هذه التنظيمات عن الأراضي اللبنانية في عملية فجر الجرود في آب 2017، التي خاضها الجيش اللبناني بالتعاون مع المقاومة، لتطهير جرود سلسلة الجبال الشرقية من رجس الإرهاب.
بعد هذه الحروب العقيمة المذكورة آنفًا، اتخذت السعودية خطواتٍ نوعيةٍ في سياستها الخارجية، وتجلى ذلك بانعقاد القمة العربية- الصينية في الرياض في الأيام القليلة الفائتة، حيث أكدت الأطراف حرصها المشترك على تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الدول العربية والصين. ما يؤكد اعتماد المملكة سياسة خارجية ترتكز على التوازن في علاقاتها الخارجية والاقتصادية بين الشرق والغرب، بدلًا من أن تكون مجرد "بقرة حلوب" لدى الأميركيين، على حد تعبير الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب.
وفي سياق سياسة الانفتاح السعودية حيال دول المنطقة، جاءت المحادثات السعودية- الإيرانية، التي قد تستأنف قريبًا، بعدما توقفت، بسبب تورط السعودية في دعم "الاحتجاجات" في إيران. ولكن هذا التورط لم يكن مستجدًا، بحسب تأكيد مصادر عليمة.
وسبق ذلك، فتح صفحةٍ جديدةٍ في العلاقات السعودية- السورية، استهلت بلقاءاتٍ أمنيةٍ دوريةٍ، وزيارات متبادلةٍ بين كبار المسؤولين الأمنيين في البلدين، منذ أعوامٍ خلت، على ما يؤكد مرجع لبناني ناشط على خط بيروت- دمشق. ويتوقع أن تتطور هذه اللقاءات من أمنيةٍ إلى سياسيةٍ في وقتٍ قريب، يختم المرجع.
وما يؤكد حقيقة هذا الانفتاح، هو رفع العلم السوري في منطقة السفارات في العاصمة السعودية الرياض، بالتزامن مع انعقاد القمة العربية- الصينية في المدينة المذكورة.
وفي السياق عينه، تأتي أيضًا دعوة المملكة لرئيس الحكومة اللبنانية المستقيلة نجيب ميقاتي إلى حضور هذه القمة، بعد شهدت العلاقات اللبنانية- السعودية شبه قطيعة في الأعوام الخمسة الفائتة.
وهنا يكشف مرجع على علاقةٍ وطيدةٍ بميقاتي وفريق المقاومة في آن، معلوماتٍ عن إمكان تعريب الأزمة اللبنانية، بعد "الانفتاح السعودي" على دمشق، من خلال تكليفها بتدوير الزوايا بين الفريق المذكور والدول العربية، خصوصًا تلك الخليجية المؤثرة في السياسة اللبنانية، على طريق الحل المرتجى للأزمة اللبنانية الراهنة، يختم المرجع.
وتعقيبًا على ذلك، يستبعد مرجع قريب من محور المقاومة هذه المعلومات، على اعتبار أن الملف اللبناني، ليس في سلم أولويات السعودية، ودول الخليج في الوقت الراهن، كذلك لن تقدم المملكة على خطوةٍ من هذا النوع من دون التوافق مع الولايات المتحدة، فظروف هذا التوافق غير متوافرةٍ راهنًا، يختم المرجع.