من الواضح انّ الوفد اللبناني الذي سيتولى التفاوض غير المباشر مع كيان العدو تشكّل على ما تم الاتفاق عليه عندما تم الإعلان عن إطار الاتفاق وهو أمر فيه مخالفة دستورية :
وهنا نتحدث عن المادة 52 من الدستور اللبناني المتعلقة بالمفاوضة وعقد المعاهدات الدولية وابرامها بالإتفاق مع رئيس الحكومة .
وهذا نص المادة 52 المعدلة مرتين ، المرة الأولى سنة 1943 والمرة الثانية سنة 1990 علماً بان المادة 52 كانت قبل تعديلها الأخير تجيز لرئيس الجمهورية التفاوض وعقد وابرام المعاهدات والإتفاقيات واطلاع مجلسي النواب والوزراء عليها عندما يعتقد ذلك مناسباً وهي الفقرة التي ازيلت والزمت رئيس الجمهورية بالإتفاق مع رئيس الحكومة مسبقاً قبل الإقدام على أي مفاوضات او ابرام لمعاهدات واتفاقيات وهو ما يسري على أعضاء الوفد المفاوض ايضاً .
( نص المادة 52 في تعديلها الأخير بتاريخ 21/9/1990 والتي انهت العمل بالمضمون السابق الذي كان نافذاً منذ تاريخ 9/11/1943 ) :
المادة ( 52 ) عدلت بموجب 18 /1990
تاريخ بدء العمل 21/9/1990
يتولى رئيس الجمهورية المفاوضة في عقد المعاهدات الدولية وابرامها بالاتفاق مع رئيس الحكومة.
ولا تصبح مبرمة الا بعد موافقة مجلس الوزراء.
وتطلع الحكومة مجلس النواب عليها حينما تمكنها من ذلك مصلحة البلاد وسلامة الدولة.
اما المعاهدات التي تنطوي على شروط تتعلق بمالية الدولة والمعاهدات التجارية وسائر المعاهدات التي لا يجوز فسخها سنة فسنة, فلا يمكن ابرامها الا بعد موافقة مجلس النواب.
- والسؤال الأساسي هنا : هل اتفق رئيس الجمهورية مع رئيس الحكومة حول الوفد المفاوض وتركيبة الوفد ، وهل تم الإلتزام بنص إطار الاتفاق ؟ الذي يقول ان المفاوضات هي غير مباشرة ويتولاها عسكريون من الجيش اللبناني وعسكريون من جيش العدو برعاية اممية تتولى التوقيع فيما بعد على أي اتفاق نهائي دون ان يتضمن الاتفاق أي توقيع لرئيسي الوفدين من لبنان والكيان الصهيوني وفي ذلك ما هو مهم لناحية الشكل والمضمون يُنهي أي جدل حول مسألة الإعتراف بكيان العدو والإبقاء على حالة الحرب انطلاقاً من اتفاق الهدنة الموقع سنة 1949 .
- السؤال الثاني الطبيعي هو : هل يفتقد الجيش اللبناني بين صفوفه لخبراء في المسح الجغرافي ولديه في مديرية الشؤون الجغرافية من الضباط الأكفاء وذوي الخبرة ما يجعل لبنان قادراً على تعيين احدهم بدل الإتيان بنجيب مسيحي وهو بحسب المعلومات يحمل الجنسية الأميركية ويملك آلية للتفاوض لم يتم الإعلان عنها ولا تزال قيد الكتمان ، إضافة الى المعلومات التي تشير الى ان نجيب مسيحي التقى مدير عام النقل البري والبحري عبد الحفيظ القيسي الموجود في السجن. وذلك للتشاور معه في آليات التفاوض حول الترسيم البحري، وخصوصاً أن القيسي له خبرة دولية في هذا المجال ، إضافة الى ان الجنسية الأميركية التي يحملها مسيحي إضافة الى جنسيته اللبنانية كافية لإبعاده عن الوفد المفاوض وتطرح امر ولائه وهو موضوع أساسي وليس شكلي ، خصوصاً ان تكليف نجيب مسيحي جاء بعد استبعاد هادي هاشم الديبلوماسي واحد مستشاري الوزير جبران باسيل وهو على ما يبدو كان مناورة لإستبدال هادي هاشم بنجيب مسيحي .
-السؤال الثالث : اليس المهندس وسام شباط رئيس هيئة قطاع البترول موظفاً مدنياً ولا ينطبق عليه مواصفات ما تمّ الاتفاق عليه في اطار الاتفاق ؟
وبناء على ما تقدّم تبدو الأمور في عناوينها وليس في جزئياتها فقط غامضة وتدعو الى الريبة خصوصاً ان عدداً من الخبراء في موضوع مسح الخرائط والقانون الدولي أشاروا الى ان لبنان سيذهب الى التفاوض بملفات منقوصة وغير مكتملة وبعضها يدور حوله الكثير من اللغط سواء كان قوانين دولية او خرائط ، وعل سبيل المثال وليس الحصر فإن الإعتماد على القرار 1701 وحده الذي نتج عنه ما يسمى بالخط الأزق يمكن ان يؤدي الى التهاون في التخلي عن اراضٍ لبنانية ، حيث كان من الأفضل اعتبار القرار 425 المرجعية الأساسية حيث ينص القرار على انسحاب جيش العدو الى الحدود الدولية التي ترسخها اتفاقية الهدنة عام 1949 وتؤكدها وثيقة ترسيم الحدود بين لبنان وفلسطين بتاريخ 10 / 3 / 1923 .
وفي التعريف يمكن للوفد اللبناني خلال المفاوضات القول ان الخط الأزرق هو خط انسحاب لجيش العدو وان ما يجب التفاوض عليه هو خط بوليه – نيوكومب ( paulet – new comb ) و يعرف أيضًا باسم الاتفاقيات الحدودية البريطانية الفرنسية والتي كانت سلسلة من الاتفاقيات الموقعة بين 1920 و1923 بين الحكومتين البريطانية والفرنسية فيما يتعلق بوضع وطبيعة حدود انتدابي فلسطين وبلاد الرافدين المنسوبين إلى بريطانيا العظمى وانتداب سوريا ولبنان المنسوب لفرنسا.
والمهم في المقارنة بين خطي
- خط الانسحاب المرتبط بالقرار 1701 وخط بوليه – نيو كومب ( paulet – new comb ) ان لبنان يمكنه ان يفاوض بقوة اكبر واستناداً الى الخرائط الموجودة ، كما يحسن وضع لبنان التفاوضي بإعادة النظر بترسيم الحدود البحرية للبنان وقبرص استناداً الى التمسك بقانون البحار فقبرص جزيرو ولبنان بر وهو ما يعطي لبنان مساحات اكبر في المياه الإقليمية اللبنانية وهو الذي يجب ان تبدأ منه المفاوضات باعتماد النقطة ( 23 ) بدلاً عن النقطة ( 1 ) التي تم الترسيم على أساسها بين لبنان وقبرص .
-وبناء على ما تقدم تبدو الأمور متداخلة وتحتاج الى الكثير من الرقابة والتدقيق وهو ما يتحمل المسؤولية فيه الجهات السياسية والدستورية اللبنانية والتي كان عليها التدقيق اكثر وعدم الاستهتار بالوثائق والخرائط والعمل على تجميعها والإستعانة بها .
واخيراً : هل سنكون امام مفاوضات شكلية يستهدف الأميركي منها استخدامها في الانتخابات الرئاسية الأميركية ، ويريد الصهاينة منها اظهار أجواء تفاوض سياسي .
الأيام القادمة كفيلة بإظهار ما بعد النوايا ، فالتجربة اثبتت ما يكفي من اسليب ووسائل الخداع الأميركية – الصهيونية ، ليبقى امر واحد نعول عليه جميعاً هو قوة المقاومة عسكرياً وشعبياً في تفويت الفرصة على الخداع المعادي وعلى التهاون اللبناني اذا ما وُجد .