في توقيت لافتٍ، جاءت زيارة وزير الخارجية الإيرانية حسين أمير عبد اللهيان للبنان، إن على الصعيد الإقليمي، حيث تشهد المنطقة، متغيراتٍ في مجرى العلاقات والسياسيات بين دولها، قد تكون على طريق إعادة "ترتيب المنطقة" بأسرها، خصوصًا غداة الإنفتاح التركي على سورية، بالتزامن مع ما أعلنه رئيس لجنة الأمن الوطني والعلاقات الخارجية في البرلمان الإيراني شاريار حيدري، في الأيام القليلة الفائتة، أن الاستعدادات للإتفاق مع الجانب السعودي على إعادة فتح سفارتي البلدين باتت قريبة من نهايتها.
علّ أن يقرأ الساسة اللبنانيون هذه المتغيرات، كي يكون لبنان حاضرًا لمواكبة هذه المتغيرات والتطورات الإقليمية. ولا يمكن أيضًا، فصل تأثير الحدث الدولي، عن الأوضاع الإقليمية، تحديدًا بعد هزيمة الجيش الأوكراني في سوليدار، وتداعياتها على معارك كل منطقة الدونباس، وسط بروز معلوماتٍ ومقالاتٍ صحافيةٍ، تتحدث عن إنهيار وشيك لهذا الجيش. ولاريب أن الإنجازات العسكرية الروسية في أوكرانيا، ستأخذ صدارة الإهتمام لدى الولايات المتحدة ودول الناتو. لما لهذا الإنجاز الروسي من إنعكاس على السياسة الدولية، والأوضاع الإقتصادية في العالم.
الأمر الذي يساعد في تمرير بعض التسويات في المنطقة, اذا توافرت الإرادات لإبرامها. أما على الصعيد المحلي أو الداخلي، فقد جاءت زيارة رئيس الدبلوماسية الإيرانية لبيروت، في وقتٍ تزداد فيه الأزمتين السياسية والإقتصادية- المعيشية في لبنان تعقيدًا، إثر الإرتفاع الحاد في سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية، وتفاقم أزمة الكهرباء، وفقدان أدوية الأمراض المزمنة وحليب الأطفال من الأسواق اللبنانية، بالإضافة إلى تحذير أصحاب المطاحن من "أزمة رغيف" وشيكة في البلد.
فعلى هذا الصعيد أي (الإقتصادي- المعيشي)، فقد أكد عبد اللهيان في كل لقاءاته مع المسؤولين اللبنانيين، استمرار إلتزام بلاده بالتعهدات الخاصة في ملف الكهرباء تجهيزا وتزويدا بالوقود، ومد يد العون إلى الشعب ودعمه في مختلف المجالات المتاحة. و على الصعيد السياسي، فرغم التعثر اللبناني، فقد نقل رئيس الدبلوماسية الإيرانية لبيروت، الأنباء الإيجابية عن تحسن العلاقات الإيرانية السعودية، علّ أن يسهم هذا التطور في دفع المكونات اللبنانية إلى الحوار، والتفاهم على إنتخابٍ رئيس جديدٍ للجمهورية، وتأليف حكومة لوقف الإنهيار الإقتصادي، في هذه الأجواء الإقليمية الملائمة لذلك، تحديدًا وسط التقارب الإيراني- السعودي. ما يبدد الخوف لدى بعض الأطراف من الغضب السعودي عليهم، في حال بادروا إلى الحوار المطلوب، وإعتماد سياسة مد اليد تجاه الآخر.
لقد أدى الجانب الإيراني قسطه للعلى، فهل تجرؤ السلطات اللبنانية وتتلقف، المبادرة الإيرانية،وبالتالي تسلك طريق الخروج من أزمة الكهرباء وسواها، من خلال الموافقة على المساعدة الإيرانية، وهل تحذو الدول المؤثرة في القرار اللبناني، تحديدًا الولايات المتحدة والسعودية، حذو الجمهورية الإسلامية، وتسهّل إنتخاب رئيس للبلاد، لإعادة إنتظام عمل المؤسسات في لبنان؟... إن غدًا لنظاهره قريب.