رُفعت المحرمات. وبدأ الاندفاع نحو الشرق بالنسبة إلى الغربيين. كان بطيئًا في البداية مع إعلان فرنسا والولايات المتحدة وألمانيا عن تسليم مركبات مدرعة خفيفة. في هذه المرحلة الأولى كانت فرنسا، ولمرة واحدة، أول من أخذ زمام المبادرة من خلال تقديم دبابات غربية الصنع إلى كييف، بينما حتى ذلك الحين، كان حلفاء كييف - الشرقيون - يقدمون إلى لأوكرانيين الدبابات السوفيتية الصنع فقط. لا شك أن لديها الكثير، لاسيما عبارة الرئيس حول "الضمانات الأمنية" التي ينبغي تقديمها إلى الكرملين، أو أمره بعدم "إذلال" روسيا. "كان توفير AMXs طريقة لاتخاذ موقف سياسي، لأن موقف باريس كان موضع تساؤل كما اعترف دبلوماسي كبير.
بدأت المرحلة الثانية الأسبوع الماضي، وهي إرسال الدبابات الثقيلة، ومن المفترض أن تنطلق من رامشتاين ـ ألمانيا، ومن المقرر أن يجتمع وزراء دفاع حلفاء أوكرانيا يوم الجمعة المقبل. وأبدت بولندا وفنلندا استعدادهما لتسليم جزء من دبابات ليوبارد ألمانية الصنع إلى أوكرانيا. ووعدت لندن بعشرين دبابة. أما واشنطن فليس لديها أي خطط في الوقت الحالي لتزويد أوكرانيا بدبابات أبرامز، لكن الأوروبيين يتمتعون بمباركة الولايات المتحدة للمضي قدما.
لماذا هذا التسارع المفاجئ، حتى لو استغرق الأمر لإحضار هذه المعدات الثقيلة إلى المقدمة؟؛ يشعر الغربيين الآن بالإلحاح، والذعر. ويلخص مصدر دبلوماسي بالقول: "إن خطر هجوم روسي جديد يبرر حقيقة أننا نقدم المزيد من الأسلحة إلى أوكرانيا".
لقد انخرط المعسكران: أوكرانيا وحلفاؤها من جهة، وروسيا من جهة أخرى في سباق السرعة. على الأرض، الجبهات راكدة، لكن الكرملين يستعد على الأرجح لإعلان تعبئة عامة ترسل 500 ألف رجل إلى الميدان. والتوقيت أمر بالغ الأهمية.
تعهد الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي أيضًا الأسبوع الماضي بتزويد كييف بالوسائل العسكرية اللازمة للفوز على روسيا. لقد تجاوز الغربيون منذ 24 شباط\ فبراير الخطوط الحمراء المفترضة لموسكو الواحدة تلو الأخرى. وحذر الكرملين في بداية الحرب من أن أي مساعدة عسكرية غربية لأوكرانيا ستعتبر استفزازًا. وهو يعد اليوم بتدمير الدبابات الغربية.
لايزال بعض العواصم الأوروبية مترددًا بشأن توفير الدبابات القتالية التي تسمح للجيش الأوكراني باستعادة الأرض. هذا هو حال برلين وباريس. وألمانيا، واحدة من أكثر الدول حذراً في ما يتعلق بالمساعدات لأوكرانيا منذ بداية الحرب. قد تُغيّر رأيها بشأن دبابات ليوبارد، لكنها لا تريد أن تكون أول من يفعل ذلك. لم يكن الغرض من تسليم الدبابات الخفيفة AMX إثبات حقيقة الالتزام الفرنسي فحسب، بل كان يهدف فقط إلى تسهيل الأمر على ألمانيا، كون دباباتها ليوبارد الأكثر تكيفًا مع التضاريس الأوكرانية.
وتمارس وارسو ضغوطا، لأن تسليم دبابات ليوبارد التي تحتفظ بها دول أوروبا الوسطى يتطلب تصريح إعادة تصدير من برلين. والتحفظ نفسه لدى فرنسا، فالإليزيه ينظر إلى قضية دبابات لوكليرك على أنها موضوع حساس. ومن شأن تسليم الدبابات الفرنسية تحريك ألمانيا بسرعة أكبر. حتى إذا اقتصر الأمر على عدد قليل، فإنها سترسل إشارة سياسية مهمة إلى أوكرانيا وحلفائها. لكن هناك شعور بأن باريس لاتزال مترددة. فبعد عقود من خفض ميزانية الدفاع والجيش يظهر القليل من الحماس لهذا الاحتمال. ويقول مصدر دبلوماسي: "نحن ندعم أوكرانيا لكننا لا نريد شن حرب على روسيا.. وفي الإليزيه، لم يختف منطق التوازن الذي يجب الحفاظ عليه بين موسكو وكييف لتجنب تصعيد جديد من قبل روسيا. بالإضافة إلى الوهم بأن فرنسا لاتزال قادرة على القيام بدور الوسيط بين البلدين".
مع حلول يوم الجمعة سيتعين على برلين وباريس أن تقررا ما إذا كانتا ستتبعان مبادرات المملكة المتحدة ودول وسط أوروبا وشمالها من خلال إطلاق دباباتها الثقيلة، وإذا أراد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الاحتفاظ بمكانته كزعيم داخل أوروبا، فعليه الانضمام إلى صف الأوائل لحلفاء أوكرانيا، لأن موقفه الحذر بدافع الخوف من التصعيد أضعف نفوذه ونفوذ فرنسا في القارة.
ناهيك عن أن المساعدات العسكرية الغربية لأوكرانيا سوف تزداد في الأشهر المقبلة بلا شك. وقد أشار الدبلوماسي الأوكراني أندريج ميلنيك في تغريدة عن مطالب كييف الآتية على الأرجح: "لدي اقتراح إبداعي لأصدقائنا الألمان. يمتلك الجيش الألماني 93 طائرة مقاتلة من طراز تورنادو تم إيقاف تشغيلها وسيتم استبدالها قريبًا بطائرات إف 35. إنها مقاتلات قديمة، لكنها لاتزال قوية للغاية. لماذا لا تعطى هذه التورنادو لأوكرانيا؟". إذن، يبدو أن النقاش بدأ حول هذه الموضوع.