على ما يبدو أن الأوضاع السياسية في لبنان، باقية في حال المراوحة، لا بل قد تذهب إلى مزيدٍ من "التمأزق"، في وجود الاصطفافات السياسية الداخلية الراهنة في هذا البلد، والمتمترسة خلف طروحاتها وشروطها، تحديدًا في شأن الاستحقاق الرئاسي اللبناني، وغياب الحوار الرامي الى التوافق بين المكونات اللبنانية على إعادة انتظام مؤسسات الدولة اللبنانية، بدايةً من خلال تمرير الاستحقاق المذكور، ثم التفاهم على تأليف حكومةٍ جامعةٍ مؤهلةٍ للبدء في عملية النهوض وقف الانهيار الاقتصادي الراهن. غير أن هذا الأمر غير متاحٍ في المدى المنظور، في ضوء الانقسامات بين الأطراف اللبنانيين، وغياب أي مبادرةٍ عربيةٍ أو أجنبيةٍ جديةٍ تجاه لبنان، بحسب تأكيد مصادر سياسية عربية مراقبة لمجريات الأوضاع في لبنان.
وتعتبر أن الطريق الأقرب والأمثل لخروج لبنان من "النفق المظلم" على حد تعبير المصادر، من خلال سلوك طريق الحوار، والتفاهم، والإسراع إلى التوافق على انتخاب رئيسٍ جديدٍ للبلاد. وإلا ستبقى الأوضاع اللبنانية المأزومة على ما هي عليه، في انتظار توافق القوى الدولية والإقليمية المؤثرة في الساحة اللبنانية على حل للأزمة اللبنانية، أو في انتظار اختلال التوازن الراهن بين هذه القوى، لمصلحة إحداها، ولا مؤشرات على ذلك في المدى القريب، تختم المصادر.
وتعقيبًا على ما ورد آنفًا، يأمل مرجع سياسي سوري في أن يعم الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي ربوع "الجار الأقرب" لبنان، لأن ذلك يشكل انعكاسًا مباشرًا على مجمل الأوضاع في سورية، وذلك بحكم الجغرافيا والتداخل الاجتماعي، بصرف النظر عن الأوضاع السياسية في البلدين. ويقول المرجع: "إن أقرب مدينة على دمشق، هي بيروت، فهي نافذه دمشق، والأخيرة هي ظهر بيروت". على حد تعبيره.
ويؤكد أن دمشق ترفض ممارسة أي ضغوطٍ خارجيةٍ على لبنان من أي جهةٍ أتت، سواء كانت حليفة أو في موقع الخصم، جازمًا أن تحرر القرار اللبناني، سيسهم حكمًا في تعزيز العلاقات الثنائية اللبنانية- السورية، لما فيه مصلحة البلدين والشعبين، تحديدًا لجهة المصالح الاقتصادية، لافتًا إلى أن لبنان بلد مصدّر لطاقات الإبداع والإنتاج، ولدى الأسواق السورية الكبيرة حاجة لهذه الطاقات، كذلك فإن لبنان في حاجةٍ لليد العاملة السورية. على أن يتخذ المعنيون الخطوات اللازمة الآيلة إلى تحقيق التكامل الاقتصادي بين البلدين، لما في ذلك من انعكاسٍ إيجابيٍ كبيرٍ على الأوضاع الاقتصادية والمعيشية والاجتماعية بينهما.
وفي تفاصيل الشأن السياسي اللبناني، تحديدًا الاستحقاق الرئاسي، يؤكد المرجع حرص القيادة السورية على وحدة الصف بين حلفائها جميعًا في لبنان، والتوافق على كلمة سواء في ما بينهم، بالتالي الذهاب إلى الاستحقاق الرئاسي بخيارٍ توافقيٍ واحدٍ، كخطوةٍ إلزاميةٍ على طريق إعادة انتظام المؤسسات في لبنان، يختم المرجع.
وفي السياق عينه، تنقل مصادر سياسية لبنانية قريبة من دمشق، أن مسؤولين سوريين معنيين بشأن العلاقة مع بيروت، شددوا على حزبٍ لبنانيٍ حليفٍ، ضرورة التوافق على مرشحٍ رئاسيٍ، يكون مقبولًا بين جميع حلفاء سورية والمقاومة، وفي مقدمهم الرئيس العماد ميشال عون، من دون الغوص في تفاصيل أسماء المرشحين، تختم المصادر.