• اخر تحديث : 2024-07-01 12:23
news-details
مقالات مترجمة

للوموند: أصبح هدف الدولة الفلسطينية ثانويًا بالنسبة للولايات المتحدة والأوروبيين


يميل الزخم الحالي أكثر من أي وقت مضى نحو توحيد الأراضي مع حقوق مختلفة للسكان الفلسطينيين والإسرائيليين، لا يتوقع أن يحتفل أحد بالذكرى الثلاثين لاتفاقيات أوسلو في أيلول /سبتمبر المقبل. لا توجد وحدة أعظم من الفشل. إن حل النزاع الإقليمي الذي أصبح أكثر صعوبة يتوقف على إنشاء دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل. لقد تطلب الأمر رجال دولة وتسويات مؤلمة.

لم يفِ أي من الطرفين بالتزاماته. هذا الأمل الباهت تم تقليصه الآن إلى نقطة نقاش "حل الدولتين" الذي يتكرر مراراً وتكراراً من قبل الدبلوماسيين الذين لا يصدقون أي كلمة منه في أعماقهم.

خلال رحلته إلى القدس ورام الله في 30-31 كانون الثاني / يناير وافق وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكين على أسطورة أخرى، وهي أن الوضع الراهن سيسمح باستئناف المفاوضات المحتملة بمجرد أن تهدأ التوترات وظهور معجزة - معنى السياسيين. سيتبع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون هذا الأنموذج بالتأكيد عندما يستقبل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في 2 شباط / فبراير. ومع ذلك، لم تعد التنازلات الإقليمية مطروحة على الطاولة. أما بالنسبة لرجال الدولة على الجانب الإسرائيلي، فإن عدم اليقين الوحيد المتبقي يتعلق بطبيعة ضم أجزاء كاملة من الضفة الغربية ـ خفية أو معلن عنها ـ التي تم احتلالها بالقوة عام 1967 واحتلت منذ ذلك الحين.

يمكن رؤية مثال على ذلك في القدس الشرقية حيث تدور معركة صامتة بيتًا بيتًا. الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة لم تخف نواياها. لعقود من الزمان، أصبحت سياسة "الأمر الواقع" القوة الدافعة للاستعمار الذي تعززت مكوناته الدينية باستمرار. ترفض إسرائيل الآن أو في أي وقت من الأوقات إقامة دولة فلسطينية.

الجمود الدبلوماسي

الحكم الذاتي الذي نصت عليه اتفاقيات أوسلو والتقسيم المتعرج للضفة الغربية إلى مناطق تقع فيها السيطرة الأمنية إما للفلسطينيين (في 18 في المئة فقط من المنطقة) أو للإسرائيليين لا يزال قائمًا. إلى جانب الجمود الدبلوماسي الذي يمكن أن يؤجج جدلًا لا نهاية له، فإن الزخم الحالي يميل أكثر من أي وقت مضى نحو توحيد الأراضي مع حقوق مختلفة للسكان الفلسطينيين والإسرائيليين.

جاء الهجوم المميت الذي شنته القوات الإسرائيلية على جنين في 26 كانون الثاني \يناير بمثابة تذكير بأن الجيش الإسرائيلي هو الوحيد الذي يسيطر على المنطقة الممتدة من البحر الأبيض المتوسط إلى الحدود الأردنية. ويتم استخدام عملة واحدة فقط، وهي الشيكل الإسرائيلي، والنظام القضائي الإسرائيلي هو الوحيد الذي يتمتع بالسلطة القانونية على النزاعات الإقليمية في أربعة أخماس الضفة الغربية المحتلة ليتم البت فيها في نهاية المطاف من قبل المحكمة العليا التي يقيم بعض أعضائها في المستوطنات الإسرائيلية.

وقبل إخضاع الائتلاف الحكومي اليميني الأكثر تطرفًا في تاريخ إسرائيل للمحكمة العليا، فإن الأحكام الصادرة عنها تُظهر أن القضاة الإسرائيليين لم يترددوا حتى الآن في شرعنة عمليات الطرد التي ترقى إلى أعمال التهجير القسري للسكان حسب القانون الدولي. ومنح وزير المالية بتسلئيل سموتريتش المحسوب على اليمين المتطرّف سلطةً على الضفة الغربية ـ التي لا تزال حتى الآن تحت سيطرة الجيش ـ يمثلّ خطوة جديدة نحو تحقيق التوحيد الإقليمي المفروض بأحكام إسرائيلية.

لقد أصبح هدف إنشاء الدولة الفلسطينية قضية هامشية في الأجندة الأميركية والأوروبية مقارنة بعلاقاتها الاستراتيجية مع إسرائيل، ولم يبق سوى تجنب التصعيد في العنف المفرط وانهيار الاقتصاد الفلسطيني الذي يبدو غير قادر على التطور في ظل السيطرة الإسرائيلية. ومن المفارقات القاسية أن دافعي الضرائب الأميركيين والأوروبيين يموّلون الاحتلال الإسرائيلي، ويضمنون استمراريته، بينما تدعو دبلوماسيتهم إلى إنهائه.

ميول استبدادية

 أن غياب الأفق السياسي التام بالنسبة إلى لفلسطينيين لا يضاهي تبعات ن الانحرافات الدبلوماسية التي ينطوي عليها الاستسلام لسياسة إسرائيل في الضفة الغربية. ولا شك أن بقاء محمود عباس على رأس السلطة الفلسطينية الذي انتهت ولايته منذ العام 2009 هو أفضل من انتصار حركة حماس التي تسيطر بالفعل على قطاع غزة. وهذا ما دفع الأميركيين والأوروبيين إلى التسامح مع ميول محمود عباس الاستبدادية وغياب الانتخابات لما يقارب عشرين عامًا. وهذا الخضوع يعني قبول الضفة الغربية لعنف شرعي واحد فقط، وهو العنف الذي يمارسه الجيش الإسرائيلي.

ومنذ 24 شباط/ فبراير 2022 ـ تاريخ غزو الجيش الروسي لأوكرانيا ـ باتت هذه التناقضات أكثر إحراجًا للمدافعين عن نظام دولي تشوبه العيوب، ولكن تحكمه معايير محددة؛ فقد اكتشف حلفاء كييف الغربيون مدى انعزالهم عن الجنوب العالمي الذي لا يبدو أنه يشاركهم سخطهم على الانتهاك الصارخ لميثاق الأمم المتحدة من قبل أحد الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن. وقد أصبح التخلي التدريجي عن القضية الفلسطينية أكثر وضوحًا مع تطبيع عدد من الدول العربية تحت رعاية دونالد ترامب مع إسرائيل.