• اخر تحديث : 2024-05-02 20:55
news-details
مقالات مترجمة

"وول ستريت جورنال": المخاوف من روسيا ضعيفة تدفع الصين إلى إعادة التفكير


نشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية مقالا للكاتب لينغلي وي يتناول فيه دوافع الصين لإنهاء الحرب في أوكرانيا، لافتا الى ان القلق من أن انتكاسة روسيا في أوكرانيا ستشل شريكتها الصين في مواجهة الغرب دفع بكين نحو إنهاء الحرب. وفي ما يلي ترجمة المقال الى العربية:

تتزايد مخاوف القيادة الصينية من أن زيادة الدعم العسكري الغربي لأوكرانيا سيضعف بشدة روسيا، الشريك الرئيس لبكين في تنافسها المتزايد مع الولايات المتحدة وحلفائها. لقد دفعت مقاومة أوكرانيا القوية في ساحة المعركة بكين إلى إعادة التفكير، ما جعلها أكثر ميلًا للضغط من أجل وقف إطلاق النار لمنع المزيد من الانتكاسات الروسية، أو حتى هزيمة واسعة النطاق وفقًا لمقربين من صنع القرار الصيني.

لقد قادت عملية إعادة التفكير الصين إلى زيادة علاقاتها الاقتصادية مع روسيا؛ إذ تتطلع بكين إلى زيادة وارداتها من النفط والغاز والبضائع الزراعية، وتوثيق شراكتها في مجال الطاقة في القطب الشمالي وزيادة الاستثمارات الصينية في سكك الحديد والموانئ الروسية.

ومن غير الواضح كيف يمكن ترجمة الانضباط الصيني وعدم تقديم الأسلحة لروسيا، وهو موضوع كان حاضرًا في تعليقات وزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكن التي قال فيها إن لدى واشنطن معلومات حول تفكير بكين في تقديم أسلحة فتاكة لروسيا. وأثار بعض المخططين الاستراتيجيين في بكين أفكارًا حول ما إذا كان على الصين التفكير تقديم الدعم العسكري لروسيا واستخدامه لأغراض دفاعية.

وهذا قد يعطي روسيا ورقة نفوذ لإنهاء النزاع لكن خطوة كهذه قد تثير حنق الغرب ضد الرئيس شي جين بينغ. ولا يمكن التأكد ما إذا كانت هذه الفكرة تحظى بدعم القيادة الصينية. وهاجم وزير الخارجية الصيني يوم الإثنين واشنطن ورد على اتهاماتها بالقول: "إنها الولايات المتحدة وليس الجانب الصيني من تقدم سيلًا لا يتوقف من الأسلحة إلى أوكرانيا. وقال المتحدث باسم الخارجية الصينية وانغ وينبن في إحاطة للصحافيين: "لا يحق للجانب الأميركي اتهام الصين أو إصدار الأوامر لها، ولن نقبل أبدًا النقد الأميركي للعلاقات الصينية- الروسية".

وفي زيارة لتركيا يوم الإثنين، قال بلينكن: "أعتقد أن الصين تفهم مخاطر تقديم الدعم المادي بأي نوع إلى روسيا".

وفي زيارة مفاجئة لأوكرانيا، وعد الرئيس جو بايدن بمساعدات إضافية بقيمة نصف مليار دولار، وهو ما زاد حاجة الصين إلى البحث عن طرق لوقف النزاع الذي أدى لتوثيق علاقة الولايات المتحدة وحلفائها في أوروبا، ما يثير مخاطر زيادة الصدع الصيني مع الغرب.

ومع أن تراجع القوة الروسية سيعطي الصين ميزة على روسيا لناحية الحصول على صفقات طاقة رخيصة، لكن يقول المطّلعون على تفكير الرئيس شي إنه لا يريد خروج روسيا ورئيسها فلاديمير بوتين من النزاع في حالة ضعف. ولمنع هذا، تدفع بكين لوقف النزاع. وقال أكبر دبلوماسي صيني وانغ يي في مؤتمر الأمن في ميونيخ إن بكين ستقدم مبادرة سلام مفصلة في 24 شباط/فبراير وهو اليوم الذي بدأت فيه روسيا حملتها ضد أوكرانيا.

ووصل المسؤول الصيني الشهر الماضي إلى موسكو لمناقشة التطورات مع الرئيس بوتين. ولطالما تجنبت واشنطن وبكين المواجهة الشاملة، والإجراءات التي قد تقود لزيادة النزاع. ونفت الصين ارسال أسلحة فتاكة لروسيا، مؤكدة أن شركاتها تقوم بإجراء تعاملات تجارية عادية مع الشركات الروسية. وعبّر بايدن عن مخاوفه من تقديم أسلحة بعيدة المدى إلى أوكرانيا قد تضرب العمق الروسي بشكل يجعل أميركا وروسيا في مواجهة شاملة.

ويقول أستاذ العلاقات الدولية في جامعة جونز هوبكنز سيرغي راديشنكو إن "الدعم العسكري الصيني سيكون بمثابة تغيير لقواعد النزاع.. وقد يكون جزءًا أساسيًا في خطة السلام التي تحدث عنها وانغ يي أو الدعوة إلى وقف إطلاق النار على طول الخطوط التي تسيطر عليها روسيا وأوكرانيا.... الرسالة هنا للغرب: إذا فشلنا في انتهاز فرصة تجميد النزاع الآن، فإن مساعدة الصين لروسيا ستجعل الحرب أكثر كلفة وبمخاطر كبيرة على أوكرانيا والاستقرار الإقليمي".

ومنذ بداية الحرب، دعمت الصين روسيا دعما اقتصاديًا إلى جانب الدعم الدبلوماسي، فقد اتهمت الولايات المتحدة وحلف الناتو بخلق الظروف التي استفزت روسيا كي تغزو أوكرانيا. وتظهر سجلات الجمارك الصينية شحن معدات ملاحة وتكنولوجيا تشويش وقطع غيار للمقاتلات إلى روسيا التي تتعرض للعقوبات.

إن دفع الصين لهدنة جزء من الدور الذي يرى شي أن بلاده تؤديه في هذه الحرب. فبعدما التزم الحياد، ورفض الضغوط الغربية عليه لشجب الحرب تحرك الآن لأداء دور حيوي. وتتشارك الصين وروسيا بهدف إعادة النظام الدولي الذي تريان أنه متحيز للعالم المتطور، وفي الوقت الذي تجنبت فيه الصين أي خطوات واضحة لدعم روسيا بشكل يدعو إلى عقوبات جماعية غربية، إلا أن بكين واصلت تطوير وتعميق علاقاتها مع موسكو وسط زيادة التوتر بينها وبين واشنطن. ولا تزال روسيا عالقة في أوكرانيا على الرغم من أنها نشرت معظم قواتها البرية في منطقة واحدة، ومن هنا بدا الدفع لوقف الحرب أمرا ملحّا في بكين.

وقد نشرت مجموعة راند تقريرًا يناير الماضي بعنوان "تجنب الحرب الطويلة" لفت انتباه صناع السياسة في بكين بحسب أشخاص مطلعين على الأمر، إذ ناقش التقرير أنه كلما طال أمد الحرب كلما زادت احتمالات المواجهة بين روسيا والناتو.

ويرى بعض صناع السياسة في التقرير فرصة للصين كي تتقدم وتخلق فرصة لوقف النزاع. ولكن يشكك قادة الغرب بأداء الصين دور الوسيط الذي يوثق به نظرًا للعلاقة الصينية الروسية الوثيقة. وعبّر الأمين العام للناتو يانس ستولتنبرغ في مؤتمر ميونيخ للأمن عن هذا؛ إذ قال: "لم تكن الصين قادرة على شجب الغزو" و"لم تكن قادرة على القول إن هذه حرب غير شرعية". وعبّر بعض القادة الغربيين عن أملهم في قدرة الرئيس شي على استخدام الدعم الاقتصادي للضغط على بوتين كي يذهب إلى طاولة المفاوضات، لكن شي لم يُظهر أي إشارة حتى هذا الوقت، مع أنه أخبر قادة العالم أن الصين تعارض استخدام السلاح النووي في أوكرانيا كما هدد بوتين.

ويتساءل مسؤولون أميركيون وبعض المحللين الغربيين ما إذا كانت خطة السلام الصينية وموقف الصين من استخدام السلاح النووي هي دعم خفي وهادئ لبوتين. ويرى يان صن من مركز ستيمصن في واشنطن أن الصينيين لن يقفوا موقف المتفرج أمام هزيمة الروس بالكامل، و"خطة السلام المقترحة خطوة تجاه ذلك الهدف". مضيفا: "لدي شك في اقتراح الصينيين أي شيء جوهري غير الدعوة للسلام والحوار".