• اخر تحديث : 2024-11-15 12:27
news-details
إصدارات الأعضاء

سورية ومؤتمر فالداي والتغيرات الدولية؟


نسمع صوت سوريا قويا في مدينة (فالداي) الروسية والتي شهدت عقد مؤتمر فالداي الدولي الثاني عشر وليومين 17و18/2/2023، وهنا نشير إلى ان المؤتمر الأول عقد سنة /2004/، وانطلقت فكرة المؤتمر من ضرورة العمل لتحقيق اللقاء بين النخب الفكرية والعلمية والسياسية الروسية والعالمية، لكي يكون الحاضر أفضل من الماضي والمستقبل افضل من الحاضر، ويتجسدّ هذا من خلال التوجه لتحقيق السلام والامن بين الشعوب واحترام ميثاق الأمم المتحدة وشرعية حقوق الانسان على أساس العدالة والمساواة ورفض التدخلات الخارجية والاستغلال وفرض الارادات وتحقيق التنمية الاقتصادية وإنهاء كل أشكال الاستعمار والتمييز.

اتخذ المؤتمر الحالي شعارا له وهو (الشرق الأوسط الجديد والأزمة الأمنية في أوروبا: التأثيرات المتبادلة)، ومثلّ (سورية) السيدة (بثينة شعبان) مستشارة السيد رئيس الجمهورية وأكدت امام ممثلي الدول المشاركة على ان (تطورات الوضع في أوكرانيا أظهرت أن العالم لا يمكن أن يستمر وفق قواعد الغرب، وأن واشنطن وحلف الناتو يكّونان تحالفات إقليمية في ظل أحداث أوكرانيا وأن الغرب يختار العناصر الموالية له ويدعمها وهذه العناصر هي التي تتولى مهمة الغرب، وأنهم يستخدمون الإرهابيين لتغيير النظام العالمي القائم ولجعل الدول تسير وفق هواهم، كما اكد السيد وزير الخارجية الروسي (سيرغي لافروف) بأن [تعزيز العلاقة مع دول الشرق الأوسط يعتبر من أهم أولويات السياسة الروسيّة،  وهي أولوية استراتيجية وبدون شروط بالنسبة لروسيا، وأن موسكو ستواصل العمل على جعل الشرق الأوسط منطقة آمنة، وستساعد في التغلب على الأزمات، وستشارك في إعادة الإعمار ما بعد النزاع في البلدان المتضررة].

ويركز المؤتمر منذ سنة /2009/ وبدعم من معهد (الدراسات الشرقية التابع لأكاديمية العلوم الروسية) على قضايا (شرق المتوسط) أو ما يطلق عليه تجاوزا (الشرق الأوسط)، ومع انفتاح روسيا على دول العالم عقد المؤتمر سابقا في /3/ دول وهي (الأردن والمغرب ومالطا)، ولكن في سنة /2016/ وفي مؤتمر (سوتشي الروسية) تم الاتفاق على ان يتم عقد كل المؤتمرات اللاحقة في روسيا، ويتزامن عقد المؤتمر الحالي مع تغيرات كبيرة على الساحة العالمية وفي كل المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية وتغير موازين القوى الدولية والتوجه لإنهاء القطبية الأحادية والانتقال إلى عالم متعدد الأقطاب، وخاصة أن العالم يعيش حالة مخاض حقيقية والمولود الجديد هو على الأقل تغير معالم النظام العالمي القديم.

ويتجلى هذا  في توسع الخلافات الكبيرة بين التوجهات الغربية والتي يقودها التوجه (الأنغلو- ساكسوني) بقيادة أمريكا ومعها (حلف الناتو والاتحاد الأوروبي والدول السبع الصناعية) وبين القوى الصاعدة ولا سيما التحالف (الروسي  الصيني الهندي الإيراني السوري) وغيرها من دول (الاتحاد الأوراسي ومجموعة البر يكس ومنظمة شنغهاي)، ويسيطر على هذه الخلافات ظلال وتداعيات الحرب على الأرض الأوكرانية بين دول الناتو وروسيا والتي مرّ عليها اكثر من سنة، إضافة إلى الممارسات الامريكية لتسخير الموارد العالمية لمصلحة أمريكا ودول الغرب الاستعمارية المتغطرسة، عبر تمدد حلف (الناتو العسكري شرقا وانضمام بعض دول حلف (وارسو) السابق المناقض له إلى الناتو بهدف محاصرة واستنزاف قوة الدول المنافسة للناتو ولا سيما (روسيا والصين والهند والدول الصاعدة والاقتصاديات الناشئة) وهذه الدول ساهمت في السنوات الثلاث الأخيرة اكثر من /55%/ من معدل النمو الاقتصادي العالمي، وانه قريبا سيتجاوز الناتج المحلي الإجمالي الصيني مثيله الأمريكي، وان روسيا وضعت عقيدتها العسكرية على قوتها البحرية والبرية والجوية.

كل هذه التحولات تساهم في إضعاف القدرة الامريكية والغربية وخاصة التحالف (الأنغلو سكسوني) من فرض إرادته عبر الإدمان على ممارسة الإرهاب الاقتصادي من (عقوبات وحصار) جائرين مفروضين من طرف واحد مخالف للشرعية الدولية كما هي حاليا على (روسيا والصين وايران وسورية وكورية الشمالية وكوبا ...الخ )، وبالتالي يجنب العالم الكثير من الازمات المالية والاقتصادية، وهنا نسأل هل يمهد مؤتمر فالداي لتغيرات عالمية تتجلى في المؤتمر القادم لقمة مجموعة العشرين G20  في الهند التي تترأس المجموعة هذه السنة، هذه المجموعة التي تسيطر على اكثر من /85%/ من حجم الاقتصاد العالمي، لكن الوقائع تؤكد زيادة الانقسام بين دول العالم الكبرى حيث أن اجتماع وزراء خارجية المجموعة بتاريخ 2/3/2023التي تمهد لعقد قمة الدول العشرين في شهر أيلول سنة/  2023 /، والدليل أن السيد رئيس وزراء الهند (ناريندا مودي) أكدّ على فشل الحوكمة في مواجهة التحديات الدولية مثل الأزمة المالية العالمية والتغير المناخي والجائحة والإرهاب والحروب  وغيرها، واعترف بانقسام العالم بخصوص حرب (الناتو مع روسيا) وحتى أن الهند رفضت الاستجابة للإملاءات الامريكية والاوربية بإدانة روسيا واكتفت بالدعوة إلى الحل  الدبلوماسي ولم يصدر بيان ختامي عن اجتماع وزراء الخارجية بل تم الاكتفاء  بملخص ووثيقة نتائج.

وللخروج من هذه المشكلة اقترح السيد (مودي) أن تعقد قمة الدول العشرين القادمة تحت شعار (أرض واحدة وعائلة واحدة ومستقبل واحد) للإشارة إلى الترابط بين حياة الانسان والبيئة،  فهل نجاح مؤتمر فالداي وفشل مؤتمر وزراء خارجية مجموع العشرين يمهد لتغيرات دولية كبيرة يتبعها تغير في بنية (مجلس الأمن) وأن تضاف إلى الدول الخمسة الدائمة العضوية والتي تمتلك (حق الاعتراض"فيتو" دولة أو دولتين على الأقل لتمثلان كل من أمريكا اللاتينية وأفريقيا هذا ما نتمناه ونرجوه، وهل سنسمع  صوت الحق السوري في قمة العشرين القادمة وغيرها ولا سيما بعد التضامن الدولي الكبير لأغلب دول العالم مع سورية.