• اخر تحديث : 2024-11-15 12:27
news-details
مقالات مترجمة

كيف يمكن للذكاء الاصطناعي أن يُحدث ثورة في المجال الدبلوماسي؟


نشر موقع "فورين بوليسي" الأميركي مقالاً بعنوان "كيف يمكن للذكاء الاصطناعي أن يُحدث ثورة في الدبلوماسية؟". وأوضح المقال أنه بعد مرور أكثر من عام على التدخل العسكري الروسي في أوكرانيا، هناك القليل من الدلائل على أن الصراع سينتهي في أي وقت قريب. وأشار المقال إلى أن نجاح أوكرانيا في ميدان المعركة، كان مدعوماً بالاستخدام المبتكر للتقنيات الجديدة؛ من الطائرات بدون طيار إلى أنظمة الذكاء الاصطناعي المفتوحة المصدر، إلا أنه وفقاً للمقال فإن الحرب في أوكرانيا – مثل أي حرب أخرى – ستنتهي بالمفاوضات.

وعلى الرغم من أن الصراع قد حفَّز – بحسب المقال – مناهج جديدة للحرب، فإن الأساليب الدبلوماسية ظلت عالقة في القرن التاسع عشر. وطبقاً للمقال، فإنه مع ذلك لا يمكن حتى للدبلوماسية – وهي واحدة من أقدم المهن في العالم –أن تقاوم موجة الابتكار؛ حيث يمكن أن تُسفر الجهود العالمية الرامية إلى إعادة تصور الحوافز لصنع السلام، عن مناهج جديدة للدبلوماسية، لكن الكثير من التغيير سيأتي من تبني وتكييف التقنيات الجديدة.

تأثيرات إيجابية

أكد المقال أن هناك تأثيرات إيجابية محتملة للذكاء الاصطناعي في المجال الدبلوماسي. وتتضح هذه التأثيرات فيما يلي:

1إعداد الذكاء الاصطناعي الدبلوماسيين بشكل أفضل: أكد المقال أن الطريقة التي تدير بها الأطرافُ المفاوضاتِ، ستتغير بلا شك في السنوات المقبلة. ووفقاً للمقال، تتمثل أحد الأمثلة البسيطة على ذلك، في الحاجة إلى من يترجمون اللغات ترجمةً حيةً؛ حيث يمكن أن يؤدي استخدام المعالجة الآلية للغة (automated language processing) إلى تسهيل المفاوضات، وتقليل الوقت الذي تستغرقه الترجمة التوضيحية المتتالية.

وبحسب المقال، فإنه في حين أن بعض الأدوات ستُسرع المفاوضات، فإن البعض الآخر سيُعلِّم الدبلوماسيين بشكل أفضل قبل المحادثات. ونوه المقال بأنه مع تحسُّن النماذج اللغوية الكبيرة، سيكون الذكاء الاصطناعي قادراً على البحث وتلخيص المعلومات بسرعة أكبر من فريق من البشر، وإعداد الدبلوماسيين بشكل أفضل للدخول في المفاوضات.

2تسهيل الذكاء الاصطناعي المساومات في المفاوضات: شدد المقال على أنه مع قيام المزيد والمزيد من الأطراف بتطوير الذكاء الاصطناعي الخاص بهم، يمكن أن تلعب مساومة الذكاء الاصطناعي “hagglebots” دوراً رئيسياً في المفاوضات؛ بحيث تكون أجهزة الكمبيوتر هي التي تحدد الاتفاقات المثلى في ضوء مجموعة من التجارة والمصالح. ومن ثم، يمكن لمثل هذه الأنظمة – طبقاً للمقال – أن تغير النظرة إلى التكنولوجيا؛ ما يسمح للذكاء الاصطناعي بأن يصبح وكيلاً مستقلاً في الالتزامات الدولية بدلاً من كونه من مجرد أداة.

3تقديم الذكاء الاصطناعي استشارات ودعمًا للمفاوضين: أوضح المقال أنه مع بدء المفاوضات، قد تعزز الأطراف وفودها باستخدام الذكاء الاصطناعي؛ ما يوفر مستشاراً وموفراً للبيانات طوال المناقشات. ودلل المقال على ذلك بمستشار التجارة المعرفي لشركة IBM التكنولوجية، الذي ساعد المفاوضين بالفعل من خلال الرد على الأسئلة المتعلقة بالمعاهدات التجارية، التي قد تتطلب أياماً أو أسابيع للإجابة.

4إمكانية تحديد الذكاء الاصطناعي للسلوكيات الخاطئة: أشار المقال إلى أن التقنيات الجديدة، تسمح للدول أيضاً، بالتماس مدخلات المواطنين بسهولة أكبر في الوقت الفعلي. ووفقاً للمقال، فإنه منذ أكثر من عقد من الزمان، كانت إندونيسيا سبَّاقة في إنشاء وحدة UKP4 للتنمية والرقابة، وهو ما يسمح للمواطنين العاديين بتقديم شكاوى حول أي شيء من البنية التحتية المتضررة إلى غياب المعلمين.

وبحسب المقال، فإنه على الرغم من أنه يمكن إساءة استخدام التكنولوجيا للتلاعب والمعلومات الخاطئة، فإن الذكاء الاصطناعي يمكن أيضاً أن يكون بمنزلة أداة قوية لتحديد تلك السلوكيات الخاطئة؛ ما يخلق صراعاً مستمراً في سباق التسلح بين الذكاء الاصطناعي الذي سيساعد، والذكاء الاصطناعي الذي سيضر.

5اختبار الذكاء الاصطناعي السيناريوهات أمام المفاوضين: طبقاً للمقال، يمكن للأنظمة الذكية أيضاً، أن تساعد المفاوضين في اختبار المواقف والسيناريوهات المختلفة، في غضون دقائق، وأضاف المقال أنه خلال الجولة الأولى من المفاوضات النووية الإيرانية، قام فريق في وزارة الطاقة الأمريكية ببناء نسخة طبق الأصل من موقع نووي إيراني؛ لاختبار كل تبديل للتخصيب النووي الإيراني وتطويره. وبذلك، فإنه سيكون نظام الذكاء الاصطناعي في المستقبل، قادراً – وفقاً للمقال – على تفعيل سيناريوهات مماثلة وتجارب افتراضية، بشكل أسرع وبتكلفة أقل بكثير. وأضاف المقال أنه حتى لو ظلت الدبلوماسية فناً، فإنها ستعتمد بشكل متزايد على العلوم الصعبة.

6تأمين الذكاء الاصطناعي اتصالات الفرق التفاوضية: أوضح المقال أنه عندما يتوصَّل المفاوضون إلى اتفاق، فإنهم بحاجة إلى تأمين دعم قيادتهم؛ ما يخلق الحاجة إلى اتصال آمن، وأشار المقال إلى أنه لطالما واجه المفاوضون خطر التجسس والتسريبات، وأصبحوا الآن أكثر عرضة من ذي قبل، لخطر المكالمات التي يتم اعتراضها وخروقات الأمن السيبراني. وهنا، يمكن للتكنولوجيا الجديدة – بحسب المقال – أن تؤمن الاتصالات وتُعرِّضها للخطر في آن واحد. ومن اللافت للنظر، طبقاً للمقال، أن أجهزة الكمبيوتر الكمومية القوية من المرجح أن تكسر التشفير الحالي يوماً ما.

وشدد المقال على أنه اعتباراً من اليوم، من المحتمل أن تقوم العديد من وكالات الاستخبارات بالفعل، باعتراض وتخزين الكابلات على أمل فك تشفيرها، بمجرد تطوير القدرات التكنولوجية المطلوبة. واستجابةً لذلك، طوَّرت الدول تقنيات جديدة لضمان سلامة الاتصالات الدبلوماسية، من خلال التشفير اللاحق الكمي، وفق ما ذكر المقال.

7مساهمة الذكاء الاصطناعي في ضمان تنفيذ الاتفاقات: أوضح المقال أنه بعد إعلان المفاوضين عن الوصول إلى صفقة، لا يزال بإمكان التكنولوجيا أن تلعب دوراً في ضمان دخول الاتفاق حيز التنفيذ. وبحسب المقال، فإنه على سبيل المثال، عندما دخلت خطة العمل الشاملة المشتركة حيز التنفيذ في يناير 2016، واجهت الولايات المتحدة صعوبة في الإفراج عن الأصول الإيرانية المجمدة بعد الثورة الإيرانية لعام 1979؛ إذ كانت البنوك لا تزال تخشى تحويل الأموال خوفاً من التعارض مع نظام العقوبات.

ولكن في النهاية –ووفقاً للمقال – سلمت الحكومة الأمريكية 1.7 مليار دولار نقداً إلى إيران. وبناءً عليه، تتمتع تقنية دفتر الحساب الموزع (Distributed ledger technology)، بالقدرة على ضمان حصول الأطراف بشفافية، على تعويض؛ ما يضمن عدم التلاعب. وطبقاً للمقال، يمكن كذلك استخدامها لتحويل الأموال علانيةً، مع الحفاظ على العقوبات لأغراض أخرى.

8لعب الذكاء الاصطناعي دوراً في مراقبة التزامات الأطراف: أشار المقال إلى أنه بعد الاتفاق والتنفيذ، تُعتبَر المراقبة هي المفتاح لضمان استمرار الاتفاقية؛ لذلك، من المرجح في المستقبل – بحسب المقال – أن يجعل إنترنت الأشياء (internet of things)، أو القدرة على توصيل عناصر الاستخدام اليومي بالإنترنت، عمليات التفتيش والمراقبة أكثر فاعليةً بكثير، من خلال إنشاء العديد من نقاط البيانات الجديدة. وطبقاً للمقال، استخدمت الفرق في مختبر لوس ألاموس الوطني بالفعل – على سبيل المثال – الذكاء الاصطناعي للكشف عن علامات اختبارات المتفجرات النووية، من خلال الاعتماد على البيانات من شبكات الاستشعار الدولية.

ونوه المقال بأنه يمكن للاستشعار عن بعد، أن يلعب دوراً في ضمان متابعة الأطراف لالتزاماتها؛ حيث بمجرد أن ينضج الاستشعار الكمي، سيصبح من الصعب على الفاعلين السيئين إخفاء أنشطتهم. ولقد أثبتت أجهزة الاستشعار الكمومية – وفقاً للمقال – نجاحها بالفعل في رسم خرائط للأنفاق تحت الأرض، وتحديد النشاط الزلزالي. ولكن من المؤكد أن بعض هذه التطبيقات لا تزال بعيدة في المستقبل؛ ففي أي مفاوضات مقبلة، يجب أن تعتمد المراقبة على طرق أكثر تقليديةً، بحسب ما ذكر المقال. ومع ذلك يبقى الأمل في تلك التقنيات الجديدة متاحاً طبقاً للمقال.

مفاوضات مبتكرة

وختاماً، أوضح المقال أنه على الرغم من أن أساليب شن الحروب قد تطورت، فإن سبل التوصل إلى السلام، لم تَخْطُ خطوات مماثلة بعد؛ لذلك، كشف دفاع أوكرانيا في حربها مع روسيا – بحسب المقال – عن أهمية جلب الابتكار إلى ساحة المعركة. وبذلك لن يكون النجاح على طاولة المفاوضات في جزء كبير منه – طبقاً للمقال – إلا نتيجة للابتكار التكنولوجي أيضاً.