• اخر تحديث : 2024-04-30 13:50
news-details
إصدارات الأعضاء

منذ فترة طويلة تحول لبنان الى مسرح للنزاعات الاقليمية، فكانت المجموعات والمنظمات الدولية تجد في لبنان مرتعا لها وينشط اعضاؤها في اقامة المؤتمرات والندوات... الا انه وفي الفترة الاخيرة تضخمت التمويلات الخارجية لبعض المجموعات والجمعيات غير الحكومية المرتبطة بمراكز سياسية وحتى عسكرية في الغرب كمثل الاتحاد الاوروبي وحلف الناتو وغيرها، وكما ظهر من خلال التجارب التي اعقبت احداث تشرين العام 2019 في الجمهورية اللبنانية فان اعداد هذه المنظمات التي كانت تتستر بغلاف وشعارات براقة للاستهلاك لا غير، ازداد بشكل ملحوظ، شعاراتها عمليا كانت تبقى مجرد شعارات تردد في المهرجانات وعلى صفحات المجلات وامام الكاميرات واجهزة التلفزة كمثل الادعاء بالقيام بنشاطات انسانية وهي تحمل شعارات الحرية والدفاع عن وسائل الاعلام والحقوق المدنية وحقوق المرأة والطفل ولكنها في الواقع براء من كل هذا وذاك، همّ افرادها الوحيد تحصيل الرزق من المستعمر القديم الجديد ولو على حساب البلد والشعب.

كل هذه الشعارات الكبيرة كان المقصد منها دائما بعيد جدا عما يقال، فهذه المجموعات اكانت تدري ام لا، حُضرت سفارتيا للعمل على زعزعة الاستقرار الداخلي والاوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية في البلاد، هذا هو مقصد الاميركيين والبريطانيين الاساسي وقد استطاعوا تحقيق الكثير منه في نشاطاتهم الهدامة في السنوات الاربع الاخيرة بشكل خاص.

فالبرامج التي اعدت في الغرف السوداء الاميركية والبريطانية والفرنسية للبنان تحت هذه الشعارات وغيرها اوصلت عن سابق تصميم الى تحويل هذه العناصر المحلية الممولة والموجهة بعناية الى اداة لتحقيق "الفوضى الخلاقة" والتي تحدثت عنها كوندوليزا رايس وزيرة الخارجية الاميركية السابقة منذ حوالي العقدين، ما ادى الى ادخال لبنان واللبنانيين في الحفرة الاجتماعية الاقتصادية العميقة وبالتالي المأزق السياسي الكامل.

الاندفاعة الاميركية الاطلسية لم تتوقف عند هذه الامور في لبنان، فبعد زعزعة اسسه وبنيانه الكامل بدأت باستخدامه كمنصة لتشويه صورة الدول المناوئة لها كروسيا وإيران والصين وغيرهم. ففي نهاية شهر تشرين الثاني العام 2022 اقيم في لبنان سيمبوزيوم بتنظيم خارجي من خلال الجمعية البريطانية المعروفة "Crissis Action" وكان العنوان الرئيسي لهذا السيمبوزيوم "الجرائم الروسية العسكرية في اوكرانيا" الهدف هو تشويه صورة روسيا والتصويب عليها من خلال لبنان والملفت ان المشاركين في هذا النشاط بمعظمهم كانوا من الاعلاميين الاجانب ولم يسمح للإعلاميين اللبنانيين بتغطية هذا السيمبوزيوم والمشاركة فيه.

المشاركون كانوا من ممثلين لوسائل اعلامية روسية مؤيدة للغرب شكلت سابقا ما يسمى بالطابور الخامس داخل روسيا والملفت ارتباط مدرائها وغالبية موظفيها والعاملين فيها بالكيان الصهيوني ان كان بشكل مباشر كحاملين لجنسيته او من خلال علاقاتهم الايديولوجية به وهم كانوا على الدوام يظهرون التعاطف مع الكيان الغاصب دون وجل، ومن هذه الوسائل "نوفايا غازيتا" ومحطة "دوجد" التلفزيونية وراديو "صدى موسكو" وهي كلها نقلت مراكزها بعد وقف نشاطها في روسيا الى دول البلطيق والسويد وبولونيا وغيرها بعد العملية العسكرية الخاصة الروسية في اوكرانيا بسبب تهجمها على القوات المسلحة وسعيها الخبيث لإضعاف الروح الوطنية والترويج للناتو والغرب الاميركي الاستعماري.

وقد منع دخول الصحافيين اللبنانيين الى هذا السيمبوزيوم لتغطية احداثه بالرغم من انه يجري على اراضي لبنانية، الا وفق لوائح خاصة ومختارة سابقا ومعظم المشاركين كانوا اعلاميين اجانب تمويلهم يأتي بالدرجة الاولى من الادارات الاميركية البريطانية. هدف هذا النشاط الذي لا يفيد لبنان بشيء، بل على العكس يضر به، كان العمل على تشويه صورة روسيا وفق المنهج الاميركي الانغلو ساكسوني المعتاد وتخريب العلاقات بين روسيا من جهة والعالم العربي ولبنان من جهة اخرى.

فلماذا اختيار لبنان تحديدا؟ الم تعد تكفي اراضي الناتو والاتحاد الاوروبي التي يقاتل قادتها بمصالح وثروات شعوبهم ارضاء للأميركي، لإقامة مثل هذه الندوات والمؤتمرات التافهة؟!؟

ولماذا زج لبنان من خلال بعض المنظمات غير الحكومية الممولة من السفارات الغربية وبعض المغامرين لتوتير علاقاتنا بروسيا والدول المساندة لها، خاصة وان روسيا وبالرغم من كل ما يجري وبرغم انشغالها بمواجهة الناتو الذي يهددها ليل نهار، نراها تسعى لتقديم الدعم للبنان وليس اخرها مبادرة الرئيس بوتين بتقديم النفط والقمح مجانا الى لبنان. وهل السعي هو لتدمير علاقاتنا الخارجية بدول صديقة لم تضمر للبنان يوما الا الخير وكانت دائما مؤيدة لقضايانا ساعية لمساعدة اقتصادنا عكس الولايات المتحدة وحلفائها الضامرة للشر والمحاصرة للبنان والمانعة عنه كل المساعدات، بل وفارضة العقوبات عليه وعلى ابنائه والمؤيدة المطلقة لعدوه - الكيان الغاصب علنا وجهارا، فكيف يمكن السماح لبعض المنتفعين اصحاب مشاريع الارتهان والتبعية بفرض اجندتهم على اللبنانيين في غير مصلحتهم ومصلحة وطنهم ونسمع يوميا ادعاءات فارغة منهم بالدفاع عن السيادة والحرية والاستقلال؟!