• اخر تحديث : 2024-05-03 14:30
news-details
تقدير موقف

ما التأثيرات المحتملة للوثائق المسربة من وزارة الدفاع الأمريكية؟


ظهرت على شبكات التواصل الاجتماعي تويتر وتيليغرام – وهي منصة تضم أكثر من نصف مليار مستخدم في روسيا – وDiscord‏، وثائق لوزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) تُصنَّف على أنها وثائق سرية، تُوضِّح طبيعة مساعدات الولايات المتحدة الأمريكية وحلف شمال الأطلسي لأوكرانيا؛ حيث تحمل تفاصيل عن الأسلحة والمعدات العسكرية التي تقدمها واشنطن لكييف، وجداول زمنية أكثر دقةً مما تعلنه إدارة جو بايدن علناً عن تسليم الأسلحة الأمريكية والتدريبات للجيش الأوكراني. وقد تضمَّنت الوثائق المسربة تحليلات أمريكية شديدة الحساسية حول الصين ومنطقة الشرق الأوسط، وأسراراً خاصة بالأمن القومي الأمريكي، تم إعدادها لرئيس هيئة الأركان المشتركة مارك ميلي، وكبار المسؤولين العسكريين، وقد كانت متاحة أيضاً لعدد من الأفراد والمتعاقدين الذين يمتلكون تصاريح أمنية.

وقد أطلقت وزارة العدل الأمريكية تحقيقاً في تسريب وثائق البنتاغون الذي يصفه أحد كبار المسؤولين الأمريكيين بأنه “خرق استخباراتي هائل”؛ الأمر الذي دفع وزارة الدفاع إلى إجراء مراجعات داخلية لمعرفة كيفية تسريب تلك الوثائق ونشرها على وسائل التواصل الاجتماعي. ويَتهم العديد من المسؤولين الأمريكيين روسيا أو عناصر موالية لها بالوقوف وراء ذلك التسريب.

دلالات عديدة

تحمل الوثائق المُسرَّبة لوزارة الدفاع الأمريكية، التي نشرت عددٌ من الصحف الأمريكية تفاصيل بعضها، العديد من الدلالات التي يتمثل أبرزها فيما يلي:

1شن حملة تضليل متبادلة: أشار بعض المسؤولين الأمريكيين إلى أن الوثائق المسربة ربما تكون عملية روسية تهدف إلى زرع عدم الثقة بين الولايات المتحدة وأوكرانيا، وأنه تم التلاعب بها أو استخدامها جزءاً من حملة تضليل روسية؛ حيث تتضمن تخفيضاً لعدد الضحايا الروس الذين يقلون كثيراً عن تقييمهم غير الرسمي؛ فقد ذكرت إحدى الوثائق المنشورة أن عدد الضحايا الروس منذ العمليات العسكرية الروسية ضد أوكرانيا في 24 فبراير 2022 يبلغ 16000 إلى 17500 ضحية روسية، بينما تقول السلطات الأمريكية إن عددهم يقدر بنحو 200 ألف قتيل وجريح. وتشير آخر حصيلة رسمية للخسائر صادرة عن وزارة الدفاع الروسية في سبتمبر 2022 إلى أن عدد القتلى بلغ 5937 عسكرياً. ولا تشمل هذه الحصيلة مقاتلي فاجنر الذين لا ينتمون رسمياً إلى الجيش الروسي.

وفي المقابل، تشير مصادر روسية إلى أن الوثائق التي سُرِّبت هي عمل مخابراتي أمريكي أو أوكراني من أجل تضليل القيادة الروسية؛ فقد أشارت قناة “‏Gray Zone‏” – وهي قناة على تطبيق ‏تيليجرام مرتبطة بمجموعة فاجنر الروسية – إلى أن الوثائق تضم معلومات مضللة نشرتها ‏أوكرانيا من أجل تضليل القيادة الروسية قبل هجوم أوكراني مخطط ضد روسيا.‏

2تأكيد تقديم الولايات المتحدة معلومات استخباراتية لأوكرانيا: على الرغم من نفي الرئيس الأمريكي جو بايدن والعديد من مسؤولي الإدارة الأمريكية أكثر من مرة تقارير صحفية تفيد بتزويد الولايات المتحدة أوكرانيا بمعلومات عن مراكز القيادة ومستودعات الذخيرة الرئيسية؛ ما سمح للأوكرانيين باستهداف القوات الروسية وقتل كبار الجنرالات، وتأكيد المسؤولين الأمريكيين أن أوكرانيا لعبت الدور الحاسم في تخطيط وتنفيذ تلك الضربات؛ فإن الوثائق التي تم تسريبها – حتى الآن – تكشف عن تقديم الإدارة الأمريكية معلومات استخباراتية حصلت عليها من اختراق أجهزة الأمن والاستخبارات الروسية؛ ما مكَّن كييف من الدفاع عن نفسها؛ فقد تضمنت الوثائق المسربة تحذيرات آنية ويومية لوكالات الاستخبارات الأمريكية بشأن توقيتات الضربات الروسية وأهدافها المحددة، وتحذيرات لكييف بشأن الضربات التي تخطط موسكو لتنفيذها، وتقييم قوة آلة الحرب الروسية؛ ولذلك قال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف، إن الوثائق تكشف بما لا يدع مجالاً للشك المشاركة المباشرة أو غير المباشرة للولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي في الصراع بين روسيا وأوكرانيا، وهو ما يزيد تعقيد الحرب الروسية–الأوكرانية، ويُطيل أمدها.

3امتلاك قدرات استخباراتية أمريكية متقدمة: تكشف الوثائق أن لدى الولايات المتحدة الأمريكية قدرات استخباراتية قوية نجحت في اختراق كل الأجهزة الأمنية والعسكرية والاستخباراتية الروسية تقريباً؛ ما مكَّنها من امتلاك فهم للتخطيط الروسي، وقدرة على تحذير حلفائها بشأن عمليات موسكو المستقبلية.

4وجود قدرات متنامية لمجموعة فاجنر: تظهر الوثائق المسربة أنه في الوقت الذي يعاني فيه الجيش الروسي من أزمات متعددة خلال عملياته العسكرية في أوكرانيا، ونقص في الجنود والمعدات، فإن مجموعة فاجنر لا تزال قوة فاعلة، ولها تأثير؛ ليس فقط في أوكرانيا، بل في جميع أنحاء العالم؛ حيث تشير الوثائق إلى أن فاجنر تعمل بنشاط على إحباط المصالح الأمريكية في أفريقيا، واستكشاف التوسع في هاييتي، وقد ألمحت إلى سعي المجموعة للحصول على أسلحة من تركيا العضو بحلف الناتو، ولكن الوثائق لم تُحدِّد مدى معرفة الحكومة التركية بذلك أو إقرار هذه الصفقات وتنفيذها بالفعل. وأفادت الوثائق بأن مجموعة فاجنر لديها 22 ألف مقاتل في المناطق المحيطة بباخموت، بما يفوق عدد الوحدة الأوكرانية الموجودة في هذه الجبهة.

5عدم قدرة الجيش الأوكراني على الانتصار في الحرب: تكشف بعض الوثائق المسربة تقييماً أمريكياً سلبياً للجيش الأوكراني الذي يعد، وفقاً لبعضها، “في حالة يُرثَى لها”. وتشير أخرى إلى نقص الذخائر المخصصة للدفاعات الجوية لدى الجيش الأوكراني، وكذلك تردي أداء الجيش الأوكراني عسكرياً، ومواجهته حصاراً شديدَ الخطورة في باخموت، بالإضافة إلى النقص الحاد في العتاد الذي يُواجِه الجيش الأوكراني، وهو ما يكشف عن معضلات تُقوِّض احتمالية فوز أوكرانيا في الحرب الروسية–الأوكرانية، وعن مزيد من الدعم الأمريكي والغربي؛ ما يعني أن الحسابات الخاطئة قد تدفع إلى تورط أمريكي مباشر في الحرب، وإطالة أمد الأزمة الأوكرانية، وأن حلها سيكون على حساب أوكرانيا.

6اعتبار الصين حرب أوكرانيا فرصة لكشف عدوان الناتو: تكشف الوثائق المسربة أنه من المرجح أن تنظر بكين إلى هجمات أوكرانيا في عمق الأراضي الروسية على أنها فرصة لتصوير الناتو على أنه المعتدي. وتشير الوثائق إلى أن الصين قد تزيد من دعمها لروسيا إذا اعتبرت الهجمات الأوكرانية مؤثرة. وتشير الوثائق إلى أنه على الرغم من عدم وجود مؤشر حالي على أن الصين قدمت مساعدات عسكرية قاتلة لروسيا، فإنه إذا هاجمت أوكرانيا موسكو باستخدام أسلحة قدمتها الولايات المتحدة أو الناتو، فمن المحتمل أن يُنظر إليها على أنها مسؤولية واشنطن المباشرة عن تصعيد الصراع. في مثل هذا السيناريو، قد تجد بكين مبرراً لتسليح روسيا.

7تجسس الولايات المتحدة على الحلفاء: تؤكد الوثائق تجسس واشنطن على القادة العسكريين والسياسيين بأوكرانيا وحلفاء أمريكا بما في ذلك إسرائيل كما يؤدي تسريب الوثائق إلى إثارة الشكوك حول قدرة أمريكا على إخفاء الأسرار، خاصةً ضمن مجموعة العيون الخمس الاستخباراتية. علاوةً على ذلك، كشفت بعض الوثائق عن تجسس واشنطن على كوريا الجنوبية. وفي هذا السياق، أشارت إحدى الوثائق إلى أن مجلس الأمن القومي في كوريا الجنوبية ناقش طلباً أمريكياً للبلاد لتزويد أوكرانيا بالذخيرة المدفعية دون استفزاز موسكو. وتنص الوثيقة – التي تستشهد بمعلومات استخبارية – على أن مستشار الأمن القومي لكوريا الجنوبية درس بيع الذخائر إلى بولندا، التي تتحكم في طرق إمداد الأسلحة الأساسية؛ من أجل تسليم المواد إلى أوكرانيا بسرعة، حسب رغبة الولايات المتحدة.

8الاهتمام بالأنشطة النووية لإيران وكوريا الشمالية: شكلت الأنشطة النووية لإيران وكوريا الشمالية محور اهتمام رئيسياً لواشنطن على مدار السنوات الماضية، وهو ما أكدته الوثائق المسربة؛ حيث تؤكد أن الولايات المتحدة تراقب عن كثب سعي إيران لامتلاك سلاح نووي. وتوجد تقارير توضح بالتفصيل تجارب إيران الأخيرة للصواريخ الباليستية القصيرة المدى، وتقرير للوكالة الدولية للطاقة الذرية حول جهود إيران لتوسيع مرافق تخصيب اليورانيوم. وعلى الرغم من أن هذه التقارير تبدو كأنها تحديثات روتينية لواضعي السياسات، فإن إحدى الوثائق – التي تدعي أنها تستند إلى معلومات استخباراتية وتقارير دبلوماسية – تقدم نظرة متشائمة لقدرة الوكالة الدولية للطاقة الذرية على تنفيذ مهمتها في مجال الأمن النووي. ومن جهة أخرى، تشمل الوثائق المسربة تحديثات بشأن برنامج الأسلحة النووية لكوريا الشمالية، مثل تجارب الصواريخ.

9متابعة تطورات الأزمة الداخلية في إسرائيل: فقد رصدت الوثائق تمرد جهاز الموساد الإسرائيلي ضد الإصلاح القضائي الذي اقترحه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو؛ ففي فبراير، دعا قادة الموساد المسؤولين والمواطنين إلى الاحتجاج على الإصلاحات، وهو كشف مهم؛ بسبب الحظر القانوني لعمل الموساد على التأثير في السياسة الداخلية، والتزام رئيس الموساد ديفيد بارنيا – الذي عيَّنه نتنياهو – الصمت علناً حول الإصلاح القضائي. ولا تقدم التسريبات تفاصيل حول جهود قادة الموساد لتشجيع الاحتجاجات ضد خطط نتنياهو.

اللافت أن ثمة اعتقاداً بأن المعلومات المسربة نتجت عن التجسس الأمريكي على إسرائيل أقرب حليف لها في الشرق الأوسط؛ ما قد يؤدي إلى توتر العلاقات بين الطرفين. وقد رفض مجلس الأمن القومي الأمريكي ومكتب مدير المخابرات الوطنية ووزارة الخارجية التعليق على المذكرة، وكذلك فعلت الحكومة الإسرائيلية. وقد يشير ذلك إلى تحريض الولايات المتحدة سراً على الاحتجاجات للإطاحة بنتنياهو.

تداعيات محتملة

تحمل تسريبات وزارة الدفاع الأمريكية عن تطورات الحرب الروسية–الأوكرانية، وطبيعة الدعم العسكري الأمريكي والغربي لكييف، وكذلك عن القضايا الأخرى المرتبطة بحلفاء واشنطن؛ مجموعة من التأثيرات على تطورات العمليات العسكرية الروسية خلال الفترة القادمة، وعلى علاقات الولايات المتحدة مع حلفائها الاستراتيجيين حول العالم، وهي التأثيرات التي يتمثل أبرزها فيما يلي:

1تقويض الخطط العسكرية الأوكرانية: على الرغم من أن الوثائق المسربة لا تتضمن خططاً قتالية محددة، فإنها تزود روسيا بمعلومات قيمة في وقت تستعد فيه لمواجهة هجوم أوكراني مضاد، مثل الجداول الزمنية لتسليم الأسلحة والقوات وأعداد القوات الأوكرانية وتفاصيل عسكرية أخرى؛ فقد أشارت إحدى الوثائق المسربة إلى أن أوكرانيا بصدد تشكيل 12 لواءً جديداً من بينها 9 تُدرِّبها الولايات المتحدة. ومن بين تلك الألوية التسعة، ذكرت الوثائق أن 6 ألوية ستكون جاهزة بحلول 31 مارس الفائت، والباقي بحلول 30 أبريل الجاري. وقالت الوثيقة إن إجمالي المعدات اللازمة لتسعة ألوية كان أكثر من 250 دبابة، وأكثر من 350 مركبة ميكانيكية، كما تكشف القدرات القتالية لأوكرانيا، ونقاط الضعف المحتملة، وجهود حلف شمال الأطلسي للمساعدة في صد الهجوم الروسي.

ويأتي كشف الوثائق في وقت تبذل فيه الولايات المتحدة وحلف الناتو جهداً موسعاً لتسليح وتدريب القوات الأوكرانية استعداداً لهجوم الربيع المتوقع؛ لاستعادة الأراضي التي تحتلها روسيا في الشرق والجنوب؛ لذلك ستؤثر الوثائق على معركة الربيع؛ حيث تكشف الوثائق عن كمية الأسلحة العسكرية الأمريكية وغيرها من المعدات التي وصلت إلى ساحة المعركة في أوكرانيا، وعدد الجنود الأوكرانيين الذين جرى تدريبهم على استخدامها، وكيف نظمت كييف طائراتها ودفاعاتها الجوية لوقف هجوم بالصواريخ الروسية، كما قدمت معلومات حساسة عن معدلات إطلاق قذائف مدافع هاوتزر، وسرعة نفادها، وتدفق الشحنات، وتقييمات عن ساحة المعركة، بما في ذلك في مدينة باخموت؛ حيث تخوض القوات الروسية والأوكرانية معارك قاسية منذ أشهر هناك.

2تفكيك شبكات التجسس الأمريكية: تكشف الوثائق المسربة عن بعض المصادر الاستخباراتية التي تعتمد عليها الولايات المتحدة في الحصول على المعلومات، فعلى سبيل المثال، كشفت الوثائق عن الوكالات الروسية التي تعرفها الولايات المتحدة الأمريكية، وهو ما يعطي موسكو الفرصة لمعرفة كيف تجمع واشنطن معلوماتها، وقطع مصادر المعلومات التي تعتمد عليها لكشف المخططات العسكرية الروسية في أوكرانيا، وهو ما يؤثر على الجهود الأمريكية والغربية لهزيمة روسيا في كييف. والأمر لا يقتصر على روسيا؛ حيث يشمل أيضاً بعض حلفاء واشنطن مثل كوريا الجنوبية وإسرائيل؛ فالكشف عن بيانات من داخل بعض المؤسسات في هذه الدول سيجعل هذه الدول أكثر حذراً، وستعمل على تقييد أي مصادر محتملة لتسريب المعلومات إلى واشنطن.

3صعوبات مشاركة المعلومات الاستخباراتية مع الحلفاء: ستؤثر الوثائق المسربة على قدرات مجتمع الاستخبارات الأمريكية على مشاركة معلومات حساسة ودقيقة مع الأجهزة الاستخباراتية لشركاء وحلفاء الولايات المتحدة حول العالم، ولا سيما تحالف “العيون الخمس”، الذي يقوم على مشاركة معلومات استخباراتية بين الولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا ونيوزيلندا وكندا؛ لتعزيز جهود الشركاء لمواجهة الصين.

ووصف مسؤول استخباراتي كبير التسرب بأنه “كابوس للعيون الخمس”؛ حيث إن بعض الوثائق المسربة يحمل “NOFORN”؛ ما يعني أنه لم يكن من المفترض مشاركتها مع دول أجنبية حليفة، مثل المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا، فضلاً عن أوكرانيا؛ لذلك أعرب مسؤول استخباراتي أوروبي عن قلقه من أنه إذا قيدت الولايات المتحدة وصول الحلفاء إلى تقارير الاستخبارات الأمريكية المستقبلية، فإنها “قد تتركهم في الظلام”؛ ما يقوض من قدراتهم على مواجهة التحديات الإقليمية في مناطق استراتيجية للولايات المتحدة، كمنطقة الهندو–باسيفيك التي أضحت أولوية أولى للولايات المتحدة راهناً.

4مواجهة الاختراق الاستخباراتي للبنتاغون: تتضمن الوثائق المسربة طريقة عمل أبرز وكالات الاستخبارات الأمريكية، ولا سيما وكالة الأمن القومي، ووكالة الاستخبارات المركزية، ووكالة استخبارات الدفاع، ومكتب الاستطلاع الوطني، وتوضح تفاصيل أنشطة التجسس الأمريكية ومصادرها، وأنواع صور الأقمار الصناعية التي تستخدمها الولايات المتحدة لتتبع القوات الروسية، وتحديد أنواع التكنولوجيا المتقدمة التي تستخدمها للحصول على المعلومات الاستخباراتية. كما تكشف الوثائق أن المستندات تمت مشاركتها على منصة الدردشة Discord بواسطة مستخدم على خادم يسمى “Wow Mao”. ولا يمكن إغفال أن هذه المعطيات ستدفع واشنطن إلى البحث المعمق في كيفية تسريب هذه الوثائق، وآليات مواجهة الاختراق الاستخباراتي للبنتاغون.

5تفاقم أزمة الثقة بين واشنطن وحلفاءها: إن كشف الوثائق عن تجسس الولايات المتحدة سيكون لها تداعيات على علاقات الولايات المتحدة بحلفائها، وستفضي إلى مزيد من التوترات في علاقات الولايات المتحدة وإسرائيل، التي تشهد جملة من التطورات مؤخراً؛ لمعارضة واشنطن سياسات الحكومة الإسرائيلية؛ حيث كشفت وثائق البنتاجون المسربة أن قيادة الموساد جهاز الاستخبارات الخارجية، شجَّعت موظفي الوكالة والمواطنين الإسرائيليين على المشاركة في الاحتجاجات المناهضة للإصلاحات القضائية المقترحة للحكومة الإسرائيلية الجديدة برئاسة بنيامين نتنياهو خلال مارس الماضي. وقد نفى مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي تقارير الصحف الأمريكية التي أشارت إلى ذلك، وذكر بيانه أن الموساد لم يشجع كبار مسؤوليه ولا أفراد الجهاز على الانضمام إلى التظاهرات ضد الحكومة، أو التظاهرات السياسية أو أي نشاط سياسي آخر.

6- تصعيد الجدل بشأن تسليح أوكرانيا: ربما تؤدي الوثائق المسربة إلى تصعيد الجدل، وربما تصعد الخلافات أيضاً بين الدول الغربية بشأن تسليح أوكرانيا؛ حيث كشفت بعض الوثائق أن من المحتمل أن تنفد صواريخ الدفاع الجوي لدى أوكرانيا بحلول مايو المقبل؛ ما يثير مخاوف بشأن قدرة أوكرانيا على الدفاع عن نفسها في الحرب مع روسيا. وفي هذا الصدد، وفي ضوء تزامن التسريبات مع المناقشات بين واشنطن والدول الغربية بشأن إمكانية تقديم مساعدات عسكرية إضافية لكييف، ذهبت بعض التقارير إلى أن التسريبات قد تكون مقصودة؛ لزيادة الضغط على الحكومات الغربية لتقديم دعم إضافي، لا سيما في شكل إمدادات الصواريخ.

حرب المعلومات

خلاصة القول: يأتي تسريب وثائق سرية توضح بالتفاصيل خططاً سريةً للولايات المتحدة الأمريكية وحلف الناتو لبناء الجيش الأوكراني قبل هجوم مخطط ضد روسيا، في مرحلة من الحرب أضحت فيها حرب المعلومات أكثر أهميةً من الاشتباكات المادية المباشرة بين القوات الروسية والأوكرانية، وفي وقت تحاول فيه موسكو استعادة زمام المبادرة بعد تعرضها للعديد من الخسائر العسكرية خلال الأشهر الماضية. وتعد التسريبات انتصاراً لموسكو التي تتخلَّف عن الولايات المتحدة في جمع المعلومات الاستخباراتية في أوكرانيا. وسيحد كشف الوثائق من تبادل المعلومات الاستخباراتية بين الولايات المتحدة الأمريكية وشركائها الأوروبيين حول الخطط الروسية في أوكرانيا، وكذلك بين واشنطن وحلفائها حول العالم؛ ما سيؤثر على قدرات الإدارة الأمريكية على مواجهة التحديات الدولية والإقليمية التي تتقدم أجندتها في الوقت الراهن.