• اخر تحديث : 2024-05-02 20:55
news-details
قراءات

أبعاد النشاط العملياتي لـ"داعش" خارج مناطق النفوذ التقليدية بنيجيريا


أعلن تنظيم "داعش" استهداف حاجز للجيش النيجيري في ولاية "إيدو" جنوب البلاد (7 أبريل 2023)، في الهجوم الثاني لعناصره في تلك الولاية، بعد الهجوم الأول في سبتمبر 2022، لاستهداف حاجز للشرطة. وتقع ولاية "إيدو" جنوب ولاية "كوجي"؛ حيث شهدت الأخيرة أعلى معدل عمليات للتنظيم خارج مناطق النفوذ التقليدية شمال شرق البلاد في ولايتي "برنو" و"يوبي". ولا يمكن إغفال أن هذه الأمر يؤشر على بعض التحولات في نشاط تنظيم داعش ومحاولاته توسيع دائرة عملياته بعيداً عن مناطق عملياته التقليدية.

اتجاهات رئيسية

يمكن تحديد الاتجاهات العامة للنشاط العملياتي لـ”ولاية غرب أفريقيا”، من خلال الاعتماد على رصد وتحليل بيانات وكالة “أعماق” الموالية لتنظيم “داعش”، خلال الفترة (1 يناير – 11 أبريل) 2023، بواقع 65 عملية، لتحديد بعض المؤشرات الرئيسية في النشاط العملياتي.

وفي حين أن البيانات الرسمية الصادرة عن تنظيم “داعش”، في الأعداد الأسبوعية لصحيفة “النبأ” خلال المدى الزمني المُحدد سلفاً، سجلت معدل عمليات يُقدر بنحو 75 عملية لـ”ولاية غرب أفريقيا”، بزيادة 10 عمليات عن تلك المعلنة من قبل وكالة “أعماق”، فإن الاعتماد على الأخيرة في توضيح الاتجاهات الرئيسية للنشاط العملياتي، يأتي لتقديمها بعض تفاصيل عمليات التنظيم المسجلة، على النحو التالي:

1– محدودية القدرة على نشاط عملياتي بوتيرة مرتفعة: لتحديد منحنى النشاط العملياتي لـ”ولاية غرب أفريقيا” منذ مطلع عام 2023، يمكن المقارنة بمعدل النشاط العملياتي خلال الربع الأخير من عام 2022، مع تحييد العمليات المسجلة خلال 11 يوماً الأولى من شهر أبريل الجاري، ليظهر تقارب في مستوى النشاط، مع تراجع محدود في عدد العمليات خلال الربع الأول لعام 2023 بواقع 4 عمليات، ليُسجِّل نحو 54 عملية، مقارنةً بـ58 عملية خلال الربع الأخير من العام الماضي. وهنا، تبرز عدد من الملاحظات الرئيسية على منحنى النشاط العملياتي منذ أكتوبر 2022 حتى مارس 2023؛ وذلك كالتالي:

أ– رغم تقارب معدل العمليات المسجلة بين الفترتين الزمنيتين، فإن اللافت تراجع منحنى النشاط العملياتي خلال الربع الأخير من عام 2022 بواقع (29 عملية في شهر أكتوبر 2022، و20 عملية في شهر نوفمبر 2022، و9 عمليات في شهر ديسمبر الماضي)، مقابل تصاعد المنحنى خلال شهر يناير 2023، الذي سجل 15 عملية إرهابية، قبل أن يحدث تراجع محدود خلال شهر فبراير الذي شهد تنفيذ 11 عملية إرهابية، ثم قفزة في معدل النشاط خلال شهر مارس الذي حدث خلاله 28 عملية.

ب– السمة الرئيسية لمنحنى النشاط العملياتي لفرع “داعش”، هي التذبذب الشديد صعوداً وهبوطاً، بمعدلات حادة في عدد العمليات المسجلة بين شهرين متتاليين؛ إذ تراجع النشاط خلال شهر ديسمبر 2022 بواقع 11 عملية، مقارنة بـ20 عملية خلال شهر نوفمبر 2022، وزيادة لأكثر من الضعف في معدل العمليات خلال شهر مارس الماضي بواقع 28 عملية، مقارنةً بـ11 عملية خلال شهر فبراير الماضي.

ج– أن قراءة منحنى النشاط العملياتي منذ الربع الأخير من عام 2022 وحتى الربع الأول من العام الجاري، تشير إلى محدودية قدرة فرع “داعش” على مواصلة النشاط على وتيرة مرتفعة لبضعة أشهر، ومن ثم فقدان الميزة الرئيسية لهذا الفرع خلال عام 2021 حتى الربع الثالث من عام 2022، وهو ما كان محل ثناء من قبل المتحدث باسم تنظيم “داعش” أبو عمر المهاجر خلال شهر أبريل 2022، عقب مقتل زعيم التنظيم “أبو إبراهيم الهاشمي القرشي”.

د– في ضوء تسجيل نحو 11 عملية لـ”ولاية غرب أفريقيا” خلال أقل من أسبوعين في شهر أبريل الجاري، يُتوقَّع تجاوز معدل العمليات حاجز 20 عملية بنهاية هذا الشهر، وربما يقترب من معدل عمليات شهر مارس الماضي، أو يتجاوزه.

2– أولوية استهداف القوات العسكرية: من خلال تحليل النشاط العملياتي لفرع “داعش” خلال الفترة (1 يناير – 11 أبريل) 2023، يتضح التركيز على استهداف القوات العسكرية بنسبة 78.5% من إجمالي العمليات المسجلة بنحو 65 عملية، بفارق كبير عن الأهداف الأخرى، سواء المدنيين وأفراد الشرطة والميليشيات الموالية للحكومة، وفقاً لتعبير التنظيم.

وبالنظر إلى تفاصيل عمليات “ولاية غرب أفريقيا”، وبالتركيز على استهداف القوات العسكرية، يمكن الإشارة إلى بعض النقاط الرئيسية:

أ– تسجيل 3 عمليات فقط لاستهداف قوات الجيش الكاميروني في المناطق الشمالية على الحدود مع نيجيريا من أصل 51 عملية لاستهداف القوات العسكرية، في سياق عمليات فرع “داعش” الذي يمتد نشاطه خارج دولة نيجيريا، وإن ظلت الأخيرة هي بؤرة النشاط الرئيسي لفرع التنظيم، والتركيز على استهداف القوات العسكرية بواقع 48 عملية.

ب– يتضح أن استهداف المدنيين، وتحديداً المسيحيين، ليس أولوية خلال الفترة الماضية، في ضوء عمليات محدودة بواقع 6 عمليات خلال أكثر من ثلاثة أشهر، مقارنةً بإجمالي عمليات الاشتباك مع أطراف مسلحة، سواء قوات الجيش أو أفراد الشرطة أو الميليشيات الموالية للحكومة في نيجيريا وفقاً لتصنيف التنظيم. وهذا يشير إلى تركيز فرع “داعش” على مواجهة التهديد المباشر لتأمين مناطق نفوذه.

ج– يتضح من تحليل النشاط العملياتي لاستهداف القوات العسكرية، أن التركيز الرئيسي كان استهداف الدوريات العسكرية، سواء في نيجيريا أو الكاميرون المجاورة بواقع 24 عملية خلال الفترة من 1 يناير 2023 حتى 11 أبريل 2023؛ وذلك مقابل تنفيذ 14 عملية ضد ثكنات وحواجز، و10 عمليات ضد معسكرات. ولكن بوجه عام، يبرز توازن فرع “داعش” في عملياته بين استهداف الدوريات “المتحركة”، والمقرات العسكرية “الثابتة”، دون ترجيح الأهداف المتحركة على الثابتة، في مواجهة الحملات العسكرية، باعتبار أن الأهداف العسكرية الثابتة تمثل الركيزة الرئيسية لإطلاق الحملات العسكرية.

3– محاولة توسيع النطاق الجغرافي للنشاط العملياتي بنيجيريا: على اعتبار أن نيجيريا هي بؤرة النشاط العملياتي لـ”ولاية غرب أفريقيا”، فإن تحديد أبعاد النطاق الجغرافي لهذا النشاط، يكتسب أهمية، خاصةً مع اتجاه التنظيم خلال النصف الأول من العام الماضي بصورة ملحوظة، إلى الاتجاه بالنشاط العملياتي خارج مناطق النفوذ التقليدية المتمثلة في ولايتي “برنو” و”يوبي” على الترتيب.

ولكن من خلال تحليل النطاق الجغرافي للنشاط العملياتي، يتضح استمرار تركيز العمليات في نطاق ولاية “برنو” شمال نيجيريا بمعدل 48 عملية، وبدرجة أقل في ولاية “يوبي” الشمالية المجاورة بإجمالي 8 عمليات، فيما بلغ إجمالي العمليات المنسوبة إلى “داعش” خارج الولايتين نحو 6 عمليات.

وبقدر ما يُظهر توزيع النشاط العملياتي جغرافياً، بتسجيل ولاية “برنو” المعدل الأكبر من العمليات، باعتبارها منطقة النفوذ الرئيسية لفرع “داعش”، في ضوء استمرار عمليات الجيش النيجيري لمكافحة الإرهاب، ومن ثم ارتفاع معدل عمليات التنظيم لمواجهة حملات الجيش، فإنه يشير إلى استمرار عمليات التنظيم خارج مناطق النفوذ التقليدية، خاصةً مع بروز هذا الاتجاه خلال النصف الأول من عام 2022، باتجاه ولايات الحزام الأوسط، وباتجاه جنوب نيجيريا.

ملامح النشاط

لتحديد طبيعة التهديد المتعلق بالنشاط العملياتي لـ”ولاية غرب أفريقيا” خارج مناطق النفوذ التقليدية، يمكن الوقوف على بعض الملامح الرئيسية لطبيعة هذا النشاط بصورة أكبر من خلال حصر وتحليل النشاط العملياتي في الولايات المختلفة بخلاف “برنو” و”يوبي”، خلال الفترة الزمنية (1 يناير 2022 – 11 أبريل 2023)، اعتماداً على بيانات وكالة “أعماق” الموالية لـ”داعش”؛ وذلك كالتالي:

1– الاستفادة من الأوضاع الأمنية المضطربة بـ”ولايات الحزام الأوسط”: أمكن حصر نحو 32 عملية لـ”ولاية غرب أفريقيا” خارج ولايتي “برنو” و”يوبي” شمال البلاد، خلال المدى الزمني المُحدد سلفاً، والسمة الرئيسية لمنحنى النشاط العملياتي خارج مناطق النفوذ التقليدية، أنه يميل إلى الثبات في معدل العمليات بوتيرة شهرية في حدود عملية أو اثنتين في أغلب الأشهر، باستثناء عدم تسجيل عمليات خلال أشهر (مارس وأغسطس) 2022، ومارس 2023، وقفزة في معدل العمليات خلال أشهر (أبريل ومايو ويونيو) 2022؛ حيث شهدت الشهور الثلاثة تسجيل 15 عملية إرهابية. ويرجع ذلك إلى استجابة هذ الفرع الكبيرة لموجة العنف التي أطلقتها القيادة المركزية لـ”داعش” خلال شهر أبريل 2022، عقب مقتل زعيم التنظيم “أبو إبراهيم الهاشمي القرشي”.

وبالنظر إلى تحليل النطاقات الجغرافية للنشاط العملياتي لـ”ولاية غرب أفريقيا” خارج مناطق النفوذ التقليدية، يتضح تنفيذ عمليات في أربع ولايات، وهي على الترتيب من حيث أعلى معدل العمليات: “كوجي (15 عملية)، وأداموا (12 عملية)، وتارابا (3 عمليات)، وإيدو (عمليتان)”. ويمكن الوقوف على بعض الملاحظات الرئيسية اعتماداً على تحليل تفاصيل العمليات في الولايات الأربعة؛ وذلك كالتالي:

أ– تُعد ولاية “أداموا” شرق نيجيريا أولى الولايات الأربعة التي شهدت نشاطاً عملياتياً لـ”داعش” بعد ولايتي “برنو” و”يوبي” شمال البلاد؛ إذ شهدت نشاطاً خلال عام 2021، أي قبل المدى الزمني المُحدد بدايةً من يناير 2022. ويمكن تفسير ذلك باعتبارها الولاية المجاورة لـ”برنو” من الجنوب. ورغم ذلك فإن الولاية لم تشهد أي عمليات خلال ثمانية أشهر متقطعة خلال المدى الزمني المُحدد، بما يشير إلى استمرار اهتمام التنظيم بتوسيع النشاط العملياتي في تلك الولاية؛ لتوسيع النفوذ باعتبارها امتداداً جغرافياً طبيعياً لولاية “برنو”.

ب– توقف العمليات في ولاية “تارابا” التي تقع إلى الغرب من ولاية “أداموا”؛ إذ لم تُسجل عمليات مرتبطة بتنظيم “داعش” في تلك الولاية منذ شهر مايو 2022، وارتبط النشاط العملياتي بها خلال مدة موجة العنف التي أطلقها “داعش” خلال شهر أبريل 2022 التي امتدت إلى شهر مايو 2022، مسجلة 3 عمليات فقط.

ج– تمكن فرع “داعش” في نيجيريا من إحداث اختراق أمني لافت في ولاية “كوجي” التي تقع ضمن الحزام الأوسط باتجاه جنوب البلاد؛ إذ استمرت عمليات التنظيم في الولاية منذ الإشارة إلى هجوم على مقر للشرطة في شهر أبريل 2022، وصولاً إلى آخر عملية منسوبة لـ”داعش” في تلك الولاية خلال شهر فبراير 2022، بتفخيخ مقر انتخابي وتفجيره.

ويتضح من خلال تصدُّر ولاية “كوجي” معدل العمليات المرتبطة بـ”داعش” خارج مناطق النفوذ التقليدية، اهتمام التنظيم بتعزيز وجوده في تلك الولاية؛ نظراً إلى موقعها الاستراتيجي لربط ولايات الجنوب والشمال؛ إذ إنها تشترك في حدود مباشرة مع نحو 10 ولايات مجاورة، وتحديداً مع العاصمة “أبوجا”؛ إذ نفذ التنظيم عمليات اقتحام لسجن في كوجي بالقرب من العاصمة لتهريب عناصر متشددة في يوليو 2022، وكانت تلك أبرز عملية للتنظيم خارج مناطق نفوذه التقليدية.

د– انطلاقاً من تعزيز فرع “داعش” نفوذه في ولاية “كوجي”، فإن “ولاية غرب أفريقيا” نفذ أول عملياته بولاية “إيدو” التي تحدها “كوجي” من الشمال والشرق، خلال شهر سبتمبر 2022، قبل أن ينفذ العملية الثانية خلال شهر أبريل الجاري، بما يشير إلى اتجاه نحو التوسع جنوب نيجيريا.

وإجمالاً، فإن النشاط العملياتي لـ”داعش” خارج مناطق النفوذ التقليدية، يتجه للاستفادة من الأوضاع الأمنية المضطربة فيما يُعرف بـ”ولايات الحزام الأوسط”، في ظل تجدد المواجهات ذات الأبعاد الطائفية والإثنية في تلك الولايات، التي يُشكل المسيحيين أغلب سكانها، فيما تنشب مواجهات بين الحين والآخر بين عرقية “الفولاني” المسلمة التي تعمل في الرعي، ومزارعين من إثنية كوتيب التي تتكون من أغلبية مسيحية.

2– التركيز على استهداف المدنيين بأربع ولايات: خلافاً لتركيز “ولاية غرب أفريقيا” في مناطق نفوذه التقليدية شمال نيجيريا، على استهداف القوات العسكرية، فإنه يركز في الولايات الأربعة على استهداف المدنيين بنسبة 59.4% من إجمالي العمليات المنسوبة إلى التنظيم في تلك الولايات، بفارق كبير عن الأهداف الأخرى. ويتضح من خلال توزيع طبيعة الأهداف وفقاً للولايات الأربعة، أن أعلى معدل عمليات لاستهداف المدنيين كان في ولايتي “أداموا” و”كوجي” على الترتيب، بمعدلات 10 و8 عمليات على التوالي، بينما سجلت تارابا عملية واحدة ضد المدنيين، فيما لم تسجل ولاية إيدو أي عملية. ويمكن تحديد بعض النقاط الرئيسية، بالنظر إلى طبيعة الأهداف في كل ولاية؛ وذلك كالتالي:

أ– عدم تسجيل عمليات لاستهداف قوات الجيش أو الشرطة في ولاية “أداموا”: وربما يرجع ذلك إلى مخطط التنظيم لمحاولة توسيع النفوذ من خلال استهداف المسيحيين بصورة رئيسية؛ من أجل زيادة معدلات النزوح، سواء داخل نيجيريا أو خارجها باتجاه الكاميرون التي تستقبل نازحين متضررين من أعمال العنف والإرهاب شمال وشرق البلاد. وفي سياق ذلك، يتم الاشتباك خلال الهجمات على المدنيين مع ميليشيات موالية للحكومة – وفقاً لتعبير التنظيم – التي تعمل على تأمين القرى من هجمات عناصر “داعش”، بما يشير إلى احتمالات عدم رغبة التنظيم في فتح جبهة مواجهات مع قوات الجيش والشرطة في تلك الولاية.

ب– تشهد ولاية “كوجي” توازناً في عمليات “داعش” باتجاه المدنيين (8 عمليات) وأهداف أخرى على تنوعها، بفارق عملية واحدة لصالح استهداف المدنيين، فيما لم تُسجل عمليات لاستهداف قوات الجيش، بحكم طبيعة الولاية التي لم تكن تشهد انتشاراً موسعاً للجيش، مقابل تنفيذ 3 عمليات لأفراد الشرطة، جميعها على أهداف ثابتة، مثل الهجوم على مقر أو حاجز للشرطة، وكذلك تم تنفيذ 3 عمليات ضد مقرات حكومية، وعملية اقتحام سجون.

اللافت في عمليات التنظيم في “كوجي” الاتجاه إلى عمليات ضد أهداف حكومية، مثل تفجير مقر انتخابي، وإحراق سيارتين حكوميتين، وكان لافتاً محاولة استهداف حاكم الولاية من خلال سيارة مفخخة قرب قصر الحكم خلال شهر يناير 2023.

ج– لم تُسجل عمليات لاستهداف المدنيين في ولاية “إيدو” جنوب البلاد، وكان التركيز على استهداف حاجز للجيش وآخر للشرطة، فيما شهدت ولاية “تارابا” تنوعاً في العمليات بين استهداف المدنيين والعسكريين وعملية تخريبية لإحراق برج اتصالات.

3– تصدُّر نمط الهجمات المباشرة الخاطفة: لا يعكس النشاط العملياتي لفرع “داعش” في الولايات الأربعة، تطوراً عملياتياً منذ مطلع عام 2022 حتى 11 أبريل 2023، من خلال التركيز على نمط الهجمات الخاطفة، سواء لاستهداف المدنيين أو حتى القوات العسكرية وأفراد الشرطة، بواقع 22 عملية من إجمالي 32 في الولايات الأربعة.

ولكن اللافت في أنماط العمليات بولاية “كوجي”، الاعتماد على نمط التفجيرات (سيارات مفخخة – عبوات ناسفة – أحزمة ناسفة) في النشاط العملياتي مقارنةً بالولايات الثلاثة الأخرى، التي لم تُسجل عمليات اعتماداً على هذا النمط، وهو يعكس تطوراً في القدرات التسليحية. وهنا، يمكن الوقوف أمام بعد النقاط الحاكمة لأنماط النشاط العملياتي في الولايات الأربعة؛ وذلك كالتالي:

أ– أن توسيع الاعتماد على التفجيرات في ولاية “كوجي”، وبشكل خاص استخدام العبوات الناسفة بواقع 3 عمليات لاستهداف المدنيين، يشير إلى خفض هامش المواجهات مع قوات الشرطة خلال تنفيذ العمليات، وإن كان يشي بتعزيز التنظيم قدراته التسليحية، وبروز بعض القدرات العملياتية في تلك الولاية، وإن كانت محدودة ومرتبطة بعمليتين فقط، محاولةً استهداف حاكم الولاية بسيارة مفخخة مطلع 2023، واقتحام سجن منتصف عام 2022.

ب– أن التركيز على استخدام نمط الهجمات الخاطفة بشكل رئيسي في ولاية “أداموا”، بواقع 11 عملية، ربما يرتبط بطبيعة نطاق الولاية جغرافياً بالقرب من مركز النفوذ الرئيسي في ولاية “برنو”، ومن ثم يسهل اختراق حدود الولايتين وتنفيذ هجمات على قرى للمدنيين على الحدود بينهما، ومن ثم فإن نمط الهجمات المباشرة الخاطفة، يُعد الأمثل وفقاً لطبيعة الأهداف في تلك الولاية.

ج– ويمكن تفسير اعتماد التنظيم في العمليتين المرتبطتين به في ولاية “إيدو” على الهجمات المباشرة الخاطفة، في سياق عدم وجود ثقل عملياتي في هذه الولاية، بالنظر إلى المدى الزمني الكبير بين العمليتين الأولى والثانية، وطبيعة الأهداف، سواء الجيش أو الشرطة، باستهداف مباشر خاطف ثم الاختباء مجدداً، دون فتح جبهة مواجهات موسعة في تلك الولاية، وهو ما يتشابه مع حالة العمليات في ولاية “تارابا”. ويتوافق هذا مع حجم القدرات التسليحية للعناصر التي تنفذ الهجمات، وربما عدم امتلاك قدرات أكبر من حيث التسليح.

4– التنوع في حدود وطبيعة الوجود والانتشار: في ضوء حجم النشاط العملياتي وطبيعة الأهداف وأنماط الهجمات، يمكن تحديد ملامح الوجود والانتشار لعناصر “ولاية غرب أفريقيا” في الولايات الأربعة:

أولاً– على مستوى أداموا: بالنظر إلى تكرار الهجمات على القرى التي تضم مسيحيين في تلك الولاية، ورغم أنها تُعد أهدافاً “رخوة”، باستثناء بعض القرى التي تشهد انتشاراً لميليشيات موالية للحكومة – وفقاً للتنظيم – فإن طبيعة العمليات تشير إلى إشراك أعداد ليست بالقليلة من العناصر، لتنفيذ هجوم على قرية. وهذا يضعنا أمام احتمالات تسلل عناصر من ولاية “برنو” المجاورة، أو تمدُّد فرع “داعش” وتشكيل مجموعات وإن كانت محدودة في تلك الولاية، أو نقل بعض عناصره على حدود “برنو” باتجاه “أداموا”.

ثانياً– على مستوى كوجي: بخلاف الوضع المضطرب في ولاية “أداموا”، فإن النشاط العملياتي في ولاية “كوجي”، يبعث على مزيد من القلق، خاصةً أنها ليست امتداداً جغرافياً لمناطق النفوذ التقليدية، ومع ذلك تمكن التنظيم من تشكيل خلايا لتنفيذ عمليات داخل المدينة، وزرع عبوات ناسفة لاستهداف المدنيين، دون لفت الأنظار مع احتمالات تشكيل مجموعات أخرى بأعداد أكبر من الخلايا في المدينة، لتنفيذ هجمات على قرى مسيحيين.

ثالثاً– على مستوى إيدو: وبالنظر إلى أنها ولاية مجاورة لـ”كوجي”، فإنه يتوقع أن النشاط العملياتي المحدود يرتبط بمجموعات التنظيم في “كوجي”، من دون الجزم بعدم قدرة التنظيم على تشكيل مجموعات جديدة لتنفيذ عمليات في تلك الولاية مستقبلاً. وهذا مرهون بقدرة التنظيم على استقطاب عناصر جديدة من ولايات الوسط والجنوب خلال الفترة المقبلة.

رابعاً– على مستوى تارابا: لا تشي العمليات في تلك الولاية، بامتلاك “ولاية غرب أفريقيا” عناصر بشرية لتنفيذ عمليات، في ظل انقطاع العمليات في تلك الولايات منذ شهر مايو 2022، بما يشير إلى أن العمليات كانت مرتبطة بمجموعاته التي نفذت عمليات في ولاية “أداموا”، إبان موجة العنف عقب مقتل زعيم “داعش”.

تهديد متزايد

وأخيراً، فإنه على الرغم من محدودية النشاط العملياتي لفرع “داعش” خارط مناطق النفوذ التقليدية، فإن اختراق التنظيم ولاية “كوجي” على وجه الخصوص؛ لما لها من أهمية استراتيجية جغرافياً؛ لامتلاكها حدوداً مع ولايات عديدة في الحزام الأوسط وولايات الجنوب؛ فإن عمليات التنظيم تمثل تهديداً لمنطقة جديدة في نيجيريا بخلاف شمال شرق البلاد.

وتدفع تحركات فرع “داعش” باتجاه الحزام الأوسط وجنوب البلاد إلى تصاعد التخوفات من توسيع النشاط والنفوذ تدريجياً في تلك الولايات، انطلاقاً من ولاية “كوجي” باتجاه الولايات المجاورة، خاصةً في ظل تخوفات من قدرة التنظيم على استقطاب عناصر جديدة في تلك الولايات، وهو ما يتضح من خلال تشكيل خلايا ومجموعات في ولاية “كوجي” خلال الأشهر القليلة الماضية، وتصاعد القدرات التسليحية.

ويبقى أن الرهان في تحجيم نشاط “ولاية غرب أفريقيا” في تلك الولايات وعدم توسيع النشاط العملياتي، مرهوناً بحدود قدرات أفراد الشرطة في مواجهة هذا الاختراق الأمني، بالتركيز على تفكيك خلايا التنظيم وملاحقة مجموعاته، اعتماداً على جهد استخباراتي في جمع المعلومات، خاصةً مع عدم اعتماد فرع “داعش” على المواجهات المفتوحة والسيطرة الميدانية في تلك الولايات، مثل ولاية “برنو”.