• اخر تحديث : 2024-04-30 13:50
news-details
قراءات

زار الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا الصين خلال الفترة 11–14 أبريل الجاري، في ثالث جولة خارجية له منذ توليه مهام منصبه في يناير الماضي، بعد زيارته كلاً من الأرجنتين والولايات المتحدة. تأتي هذه الزيارة، في خضم التوتر الدولي الراهن بسبب التصعيد العسكري الصيني في مضيق تايوان، والتنافس المتزايد بين واشنطن وبكين، وتوسعه في العديد من المجالات، كالتكنولوجيا والتمويل والأمن، إضافة إلى تداعيات الحرب في أوكرانيا، وهو الأمر الذي يُثير التساؤلات حول موقف الرئيس البرازيلي من القوى الكبرى المتنافسة، ورؤيته لكيفية التعاطي مع هذه الأوضاع الدولية المتوترة، وموقع البرازيل من التنافس الدولي الراهن.

ركائز أساسية

تتمثل الملامح الرئيسية لرؤية دا سيلفا إلى التنافس الراهن بين القوى الكبرى، خاصة الولايات المتحدة من جانب والصين وروسيا من جانب آخر، وموقع البرازيل من هذا التنافس؛ في عدة أبعاد، من بينها:

1تجنب الانحياز إلى أي من القوى الكبرى المتنافسة: شدد الرئيس البرازيلي على أنه “ستكون لدينا علاقات مع الجميع”؛ لذلك هناك حرص على التمسك بموقف الحياد في التنافس الدولي الراهن، ورفض الانصياع للضغوط الأمريكية للانحياز إليها في حرب باردة جديدة بين القوى الكبرى. كان هذا الموقف واضحاً في رفض البرازيل مطالب الغرب تقديم أسلحة إلى أوكرانيا، معلنةً تمسكها بموقف الحياد من هذه الأزمة، من خلال الحفاظ على علاقات متوازنة مع القوى الكبرى، وعدم الانحياز إلى أي من الأطراف المتصارعة. وتسعى حكومة دا سيلفا إلى تقديم نفسها بصفتها وسيطاً دولياً يحظى بالقبول والمصداقية من الجميع.

في الوقت نفسه، فإن الرئيس البرازيلي كان مدركاً مخاطر الاعتماد الكبير على الصين، في ظل معارضة أجزاء من قاعدته الانتخابية، ولا سيما العمالة المنظمة، تدفق السلع المصنعة الصينية إلى الأسواق البرازيلية، والحواجز غير الجمركية التي يواجهها المصنعون البرازيليون في السوق الصينية؛ لذلك قال دا سيلفا: “أريد أن يفهم الصينيون أن استثماراتهم هنا ستكون موضع ترحيب رائع، ولكن ليس لشراء شركاتنا بل لبناء أشياء جديدة نحتاجها. إننا لا نبيع الأصول التي لدينا؛ إننا نبني أصولاً جديدةً”. في الوقت نفسه، دعا الرئيس البرازيلي في يناير الماضي إلى إبرام اتفاقية التجارة الحرة بين تجمع ميركوسور (البرازيل، والأرجنتين، وأوروجواي، وباراجواي) بشكل عاجل قبل التفاوض مع الصين بشأن اتفاقية مشابهة.

2التمسك بتفعيل دور المنظمات الدولية: مثل العديد من دول العالم، كان للتنافس الدولي المحتدم بين القوى الكبرى تداعيات اقتصادية خطيرة على البرازيل؛ لذلك فإن دا سيلفا ينظر إلى هذا التنافس باعتباره مدمراً للبشرية، وهو يطالب بدور فاعل للمنظمات الدولية لحل النزاعات الدولية بالطرق السلمية.

كان هذا واضحاً في رفض البرازيل التوقيع على البيان الصادر عن القمة “من أجل الديمقراطية” التي نظمتها واشنطن في مارس الماضي، الذي يدين موقف روسيا من الحرب في أوكرانيا. كان قرار عدم الالتزام بالبيان الختامي للقمة نابعاً من عدم موافقة الرئيس البرازيلي على استخدام الحدث لإدانة مواقف روسيا. وبالنسبة إلى الدبلوماسيين البرازيليين، فإن البيئة المثالية لمناقشة القضايا المتعلقة بالحرب هي الجمعية العامة ومجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.

3الدعوة إلى إقامة نظام دولي متعدد الأقطاب: في مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ لعام 2022 (COP27) في شرم الشيخ بمصر، ألقى دا سيلفا خطاباً كشف فيه عن اتجاه البرازيل إلى اتباع سياسة خارجية برجماتية ونشطة، وتعهد “بالمساعدة في بناء نظام عالمي سلمي قائم على الحوار والتعددية القطبية”. ولطالما دعا الرئيس البرازيلي إلى إصلاح المؤسسات الدولية من أجل زيادة تمثيل مصالح دول الجنوب الصاعد، وطالب بشغل بلاده مقعداً دائماً في مجلس الأمن الدولي، وتعاون مع الصين روسيا وجنوب إفريقيا والهند بتشكيل تجمع “بريكس” الذي يستهدف التعبير عن مصالح الدول النامية الصاعدة والدفاع عنها داخل منتديات صنع القرار العالمي.

كان تأسيس بنك التنمية الجديد “بنك بريكس” ليكون ثقلاً موازناً لمؤسسات التمويل الدولية، التي تقودها بلدان غربية، بمنزلة إشارة قوية على حرص البرازيل على تعزيز الاستقلال الاقتصادي والحد من الضغوط الأمريكية. بالمثل، كان اتفاق البرازيل والصين، في نهاية مارس الماضي، على استخدام العملات المحلية في التبادل التجاري بين البلدين، وإنشاء غرفة مقاصة لإتمام الصفقات ومنح القروض بين البلدين دون الحاجة إلى استخدام الدولار الأمريكي، خطوة مهمة في إطار مساعي بعض الدول لإضعاف هيمنة الولايات المتحدة على النظام المالي الدولي، من خلال الحد من استخدام الدولار عملةً احتياطيةً عالميةً.

4رفض تسييس علاقات البرازيل الدولية: على الرغم من التقارب المتزايد بين الصين والبرازيل، تصر إدارة دا سيلفا على موقفها غير المنحاز فيما يتعلق بالمنافسة بين الولايات المتحدة والصين. ادعى “سيلسو أموريم” مستشار دا سيلفا للعلاقات الدولية ووزير الخارجية الأسبق، أن البرازيل “لا تستطيع تحمل اختيار أحد الجانبين في حرب الرقائق بين الولايات المتحدة والصين”؛ وذلك في ظل الأنباء المتداولة عن احتمال توقيع الجانبين خلال زيارة الرئيس البرازيلي إلى الصين، على صفقة تشتري بموجبها الشركة الصينية المصنعة للسيارات الكهربائية BYD، مجمعاً صناعياً كان مملوكاً لشركة فورد الأمريكية التي غادرت البلاد خلال الحكومة البرازيلية السابقة، على أن يخصص لتصنيع السيارات الكهربائية. قال أموريم: “ليس لدينا تفضيل لمصنع أشباه الموصلات الصيني، لكن إذا كان يوفر ظروفاً جيدة، فلا أرى سبباً لرفضنا. نحن لسنا خائفين من الذئب الشرير الكبير”، في إشارة إلى الولايات المتحدة. وبعبارة أخرى، لن تقرر البرازيل إذا ما كانت ستستثمر أو تشتري رقائق من بلد على حساب الأخرى، بناءً على تصور ما للخير أو الشر، أو كما قال أموريم: "بناءً على تصور الشيوعية الدولية أو حرب الديمقراطيات ضد الأنظمة الاستبدادية".

عوامل محددة

هناك عدة عوامل تُشكل رؤية الرئيس البرازيلي للتنافس الدولي الراهن وتؤثر عليها، من أبرزها:

1تقاليد السياسة الخارجية البرازيلية: يُعد موقف الرئيس البرازيلي من تنافس القوى الكبرى، انعكاساً قوياً لعدد من المبادئ التي قامت عليها سياسة البرازيل الخارجية منذ عدة عقود؛ منها احترام السيادة الوطنية للدول، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، وأولوية التسوية السلمية للصراعات، والحرص على إقامة علاقات إيجابية وودية مع مختلف الدول. وغالباً ما تتمسك الحكومات اليسارية، ومنها حكومة حزب العمال الحاكم بقيادة دا سيلفا، أكثر من الحكومات التي قادها رؤساء من تيار اليمين، بهذه المبادئ التي تكاد تتطابق مع تقاليد الحزب ومبادئه الأساسية.

2الطموحات الدولية لدا سيلفا: تعهد رئيس البرازيل، منذ توليه مهام منصبه في يناير الماضي، بعودة بلاده إلى المسرح العالمي، وتنشيط دورها في العديد من الملفات الإقليمية والدولية، بعد نحو أربع سنوات من التراجع بسبب سياسات سلفه جايير بولسونارو، التي تسببت في توتر علاقات بلاده بالعديد من حلفائها في الإقليم والعالم. وهكذا سيظل صعود الصين باعتبارها ثقلاً موازناً للهيمنة الأمريكية جذاباً على المدى الطويل للمسؤولين البرازيليين ومحللي السياسة الخارجية الذين يسعون إلى تعظيم الاستقلال الاستراتيجي لبلادهم دولياً.

3تأثير الاعتبارات الداخلية: يصعُب فهم موقف الرئيس دا سيلفا من التنافس الدولي الراهن بمعزل عن العوامل والمحددات الداخلية، التي تفسر بدرجة كبيرة التحركات البرازيلية على الساحة الدولية. يُمثِّل الوضع الاقتصادي المتأزم بالداخل عاملاً دافعاً لرئيس البرازيل لتوثيق علاقات بلاده بالصين أكبر شريك تجاري للبلاد، بحجم تبادل تجاري بلغ 150 مليار دولار عام 2022، مع فائض في الميزان التجاري لصالح البرازيل قدره 29 مليار دولار، إضافة إلى الأهمية الخاصة للاستثمارات الصينية في البرازيل، البالغ حجمها 70 مليار دولار.

ينطبق الأمر نفسه على العلاقات مع روسيا التي تعد أكبر مصدر للأسمدة إلى البرازيل، والتي تعتبر ضرورية لمواصلة نمو قطاعها الزراعي الرائد. في الوقت نفسه، فإن الأجندة البيئية الطموحة للرئيس البرازيلي، التي تحظى بتأييد بعض القطاعات المحلية الداعمة له، من شأنها أن توفر منصة للتعاون مع الولايات المتحدة والغرب، الذي يولي اهتماماً خاصاً بالملف البيئي. من المرجح أن تنطوي الجهود التي يبذلها رئيس البرازيل للوفاء بالالتزامات البيئية العالمية، على فرض قيود على التوسع الزراعي، وهو ما قد يمثل مشكلة بالنسبة إلى الصين التي تعتمد على البرازيل مورداً لفول الصويا ولحم البقر.

4استمرار الضغوط الأمريكية: حرصت إدارة بايدن على دعم دا سيلفا في مواجهة الضغوط الداخلية التي تعرض لها عقب أعمال الشغب التي قام بها أنصار سلفه اعتراضاً على تنصيبه رئيساً للبلاد. وتنظر واشنطن إلى البرازيل باعتبارها شريكاً رئيسياً لها في أمريكا اللاتينية. مع ذلك فإن لدى الإدارة الأمريكية مخاوف جدية من التقارب الصيني البرازيلي، مع زيارة دا سيلفا المرتقبة إلى بكين.

تتركز المخاوف الأمريكية من تعاون البرازيل الصاعد مع الصين في ثلاث قضايا: انضمام البرازيل المحتمل إلى مبادرة الحزام والطريق الصينية، والتعاون في مجال الرقائق الإلكترونية، وكذلك في مجالات الاتصالات؛ حيث تضغط واشنطن لمنع شركة Huawei القريبة من الحكومة الصينية من تطوير “شبكة 5G” في البرازيل، مشيرةً إلى مخاوف أمنية تتعلق بالتجسس. في الوقت نفسه، تخشى واشنطن من أن نمو صادرات البرازيل الزراعية إلى الصين، سيسمح للأخيرة بمعاقبة المنتجين الأمريكيين عن طريق خفض صادراتهم من السلع الزراعية، خاصةً الذرة، والتحول إلى الصادرات البرازيلية في المقابل.

خيارات رئيسية

بهدف ترجمة رؤية دا سيلفا بشأن التنافس الدولي الراهن وموقف بلاده منه إلى واقع عملي، اتبعت البرازيل عدة استراتيجيات، كان من بينها:

1عدم الانحياز النشط: على خلاف عدم الانحياز التقليدي بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي السابق، الذي تبنته دول العالم الثالث خلال حقبة الحرب الباردة، والذي يعني عدم التدخل في الصراع الدولي والوقوف على مسافة واحدة بين جميع أطرافه، فإن رؤية دا سيلفا تشدد على عدم اكتفاء البرازيل بلعب دور المتفرج والقيام بدور إيجابي ونشط من أجل تخفيف حدة التوترات الدولية وإيجاد مخرج للأزمة الأوكرانية.

من هذا المنطلق، يمكن فهم دعوة دا سيلفا إلى تشكيل مجموعة عمل تضم عدة دول، منها البرازيل، والصين، والهند، وإندونيسيا، للتوسط في محادثات سلام بين روسيا وأوكرانيا، وهو الدعوة التي ستكون محور محادثات الرئيس البرازيلي مع نظيره الصيني خلال زيارته إلى بكين، والتي طرحت أيضاً مبادرة سلام لإنهاء الحرب. وليس من المستغرب أن يخطط وزير الخارجية الروسي لزيارة البرازيل في 17 أبريل المقبل، أي بعد مضي ثلاثة أيام فقط على انتهاء زيارة دا سيلفا إلى الصين. وتقوم مبادرة البرازيل للسلام في أوكرانيا، على موافقة الأخيرة على التنازل لروسيا عن شبه جزيرة القرم مقابل إنهاء الحرب، وهو الأمر الذي رفضته كييف.

2استراتيجيات التحالفات المتعددة المستويات: بهدف تخفيف ضغوط القوى الكبرى المتنافسة، يعمل دا سيلفا على تبني موقف دولي مرن يتجنب الانضمام إلى التحالفات الأيديولوجية أو الدفاعية وكذلك القرب المفرط من واشنطن أو بكين أو موسكو، والميل بدلًا من ذلك إلى إقامة مزيج من الترتيبات التعاونية مع شركاء متعددين على أساس المصالح الاقتصادية والأمنية ذات الأولوية. وهو ما يسمح بإبراز مكانة البرازيل داخل المنتديات الدبلوماسية غير الغربية، كالبريكس.

وليس من قبيل المصادفة تعيين رئيسة البرازيل السابقة “ديلما روسيف” رئيسة لبنك التنمية الجديد التابع للبريكس الذي يهدف إلى تعزيز التجارة باستخدام عملات أخرى غير الدولار أو اليورو. ويُمثل انتخاب حليفة دا سيلفا، فرصة مهمة للبرازيل لتعزيز حضورها داخل التجمع، كما سيدعم العلاقات مع الصين. في الوقت نفسه، هناك حضور قوي للبرازيل في التجمعات التي تضم الدول الأكثر نفوذاً في العالم، كمجموعة العشرين، والمجموعات التي يقودها الغرب، كمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، التي تسعى البرازيل للانضمام إليها. ومن المتوقع أن تشارك البرازيل في قمة السبع الكبار المقرر أن تعقد في مايو القادم؛ وذلك بدعوة من اليابان.

3تنشيط دور المنظمات الإقليمية: من أجل زيادة الاستقلال الإقليمي وتقوية وحدة بلدان أمريكا اللاتينية والحد من الهيمنة الأمريكية، يعمل دا سيلفا، بالتنسيق مع بعض دول المنطقة، على إحياء المنظمات الإقليمية التي تراجع دورها خلال السنوات الأخيرة، كالسيلاك وميركوسور التي تستبعد الولايات المتحدة من عضويتها. بالمثل، كان اقتراح البرازيل والأرجنتين إطلاق عملة مشتركة في يناير الماضي، محاولة من جانب البلدين للتخفيف من الضغوط الخارجية من خلال تقليل الاعتماد على الدولار الأمريكي، واعتماد العملات المحلية في المبادلات التجارية.

4تعظيم مكاسب البرازيل من التنافس الدولي: يعمل دا سيلفا على استثمار حالة التنافس بين القوى الكبرى، بما يخدم المصالح القومية لبلاده. وتشجع العلاقات الوثيقة مع الصين حركة التبادل التجاري وجذب الاستثمارات إلى البرازيل، إضافة إلى محاولة الرئيس البرازيلي جذب الشركات التكنولوجيا الصينية للمشاركة في تصنيع الرقائق الإلكترونية في البلاد؛ ما قد يؤدي إلى توليد فرص عمل، وهو ما سينعكس إيجاباً على شعبية دا سيلفا بالداخل.

من ناحية أخرى، يمكن أن يؤدي تحسين الروابط مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إلى تقوية مكانة البرازيل بصفتها فاعلاً دولياً نشطاً في مجال البيئة، كما يجلب لها مصادر لتمويل مشروعات التحول إلى الطاقة النظيفة والحفاظ على الغابات المطيرة عبر صندوق الأمازون. في الوقت نفسه، فإن التزام دا سيلفا بالحد من قطع غابات الأمازون، من شأنه تشجيع الاتحاد الأوروبي على المضي قدماً في التصديق على اتفاقية التجارة الحرة مع تجمع “ميركوسور”، مع ما يترتب على ذلك من عواقب إيجابية محتملة للتنمية والنمو الاقتصادي في البرازيل.

من جملة ما سبق، يمكن القول إن البرازيل في عهد دا سيلفا تعمل على إقامة توازن دقيق للغاية بين الولايات المتحدة والصين. ومع ذلك فإن هذا التوازن قد يكون من الصعب الحفاظ عليه في ظل الانقسامات الداخلية بشأن الموقف من تايوان، التي لا تعترف بها البرازيل رسمياً؛ حيث تلتزم بسياسة “الصين واحدة”، في حين أن عدداً من القادة المحليين وقادة الولايات في المعارضة بجانب بعض السياسيين على الجناح الأيسر لحزب العمال، نظموا رحلة إلى تايوان في مارس الماضي.

والواقع أن زيارة دا سيلفا إلى بكين، ووجود معارضة لها في تايبيه، تقدمان تناقضاً صارخاً لما قد تبدو عليه العلاقات البرازيلية الصينية في المستقبل؛ ليس هذا فحسب، بل إن من المتوقع أن تتصاعد وتيرة الضغوط الأمريكية على البرازيل إذا قامت بكين بغزو تايوان، ناهيك عن أن تنامي نفوذ الصين سياسياً واقتصادياً في أمريكا اللاتينية، سيكون له انعكاسات سلبية على تطلعات دا سيلفا لعودة بلاده للعب دور القائد الإقليمي. كان هذا واضحاً مع اتجاه أوروجواي للتفاوض على اتفاقية للتجارة الحرة مع الصين بدون التشاور مع بقية شركائها في تجمع الميركوسور، إضافة إلى المخاوف الأمنية المتزايدة التي تثيرها المؤسسة العسكرية البرازيلية إزاء التقارب الاستراتيجي بين الأرجنتين والصين، الذي أبرزه وجود محطة الفضاء العسكرية الصينية في الأرجنتين، كما تجدر الإشارة إلى أن الصين تفوقت على البرازيل كشريك تجاري رئيسي للأرجنتين في عام 2021.