• اخر تحديث : 2024-11-22 10:05
news-details
مقالات مترجمة

الإيكونومست: انفجرت الخرطوم في حرب مفتوحة


يتقاتل جيشان سودانيان متنافسان من أجل السيطرة على العاصمة والبلاد لم يكن من الصعب قراءة علامات التحذير. فمنذ أشهر، كانت التوترات تتصاعد بين أقوى شخصيتين في الحكومة العسكرية السودانية: الجنرال عبد الفتاح البرهان، الزعيم الفعلي للسودان منذ انقلاب عام 2019؛ ومحمد حمدان دقلو (المعروف بحميدتي) أمير حرب. وهو قائد قوات الدعم السريع، وهي وحدة شبه عسكرية انبثقت عن ميليشيات الجنجويد المتهمين بارتكاب أعمال إبادة جماعية مثل القتل والاغتصاب في دارفور. وحذر الكثيرون من صدام وشيك بين قوات الدعم السريع وقوات حكومة الجنرال برهان المعروفة باسم القوات المسلحة السودانية.

تصاعدت الأزمة بشكل حاد في صباح يوم 13 نيسان\أبريل، عندما استيقظ سكان مروي في شمال السودان ليجدوا جنودًا من قوات الدعم السريع يتجولون في البلدة، ويتخذون مواقع حول المطار، وهو قاعدة للطائرات المقاتلة. ورداً على ذلك، حاصر جنود الأمن رجال القوات المسلحة الرواندية وأمروهم بالانسحاب، حسب ما ورد. وسرعان ما حذرت الحكومة من مواجهة وشيكة بين القوتين، كما فعل ممثلو أميركا والاتحاد الأوروبي والعديد من الحكومات الغربية الأخرى. على مدار الـ 24 ساعة التالية، انطلق الدبلوماسيون بين المعسكرين في محاولة لتجنب الصراع. أما في الخرطوم ـ عاصمة السودان ـ فاستعد السكان للأسوأ. 

ولم تتأخر المواجهة، حيث اندلع القتال في صباح 15 نيسان/ إبريل وتبادل الطرفان الاتهامات حول من بدأ الحرب أولًا. وبحسب الجيش الوطني، شنت قوات حميدتي حرب تمرد ضد الدولة. وردت قوات الردع السريع بأن قوات الجيش قامت بحملة واسعة ضد عناصرها. ووصف حميدتي رئيسه بالمجرم الذي يجب تقديمه للعدالة أو الموت مثل الكلب، وزعم أنه المنتصر. وبعد ساعات على الطلقة الأولى هدرت الدبابات في شوارع العاصمة وحلقت المقاتلات في أجوائها، ففي الوقت الذي قصفت فيه القوات الجوية قواعد الدعم السريع، فقد قام مقاتلوها بالهجوم على المطار الدولي، حيث أظهرت لقطات الفيديو التي انتشرت على منصات التواصل الاجتماعي أعمدة الدخان تعلو من مدرجه، وتوسعت المواجهات حول القصر الرئاسي والتلفزيون الرسمي.وأطلق جنود الطرفين الصواريخ على المناطق السكنية التي بحث سكانها عن ملاجئ. وقال مواطن في وسط الخرطوم في رسالة نصية: "نسمع طلقات مدفعية ثقيلة" و"الأصوات مخيفة".

وانتشر القتال حول البلاد مباشرة، حيث زعمت قوات الدعم السريع سيطرتها على مطار مروي وقاعدة عسكرية في الأبيض في ولاية كردفان ومواقع في دار فور. وشوهدت عمليات نشر للقوات في مدينة القضارف في الشرق. ولا أحد يعرف ما إذا كانت المناوشات ستتحول إلى حرب شاملة، وقال الرجلان إنهما لن يوقفا القتال ويتفاوضا.

تكمن خلف المواجهات الأخيرة المعركة على السلطة بين البرهان وحميدتي وبين مجموعة معقدة من الأحزاب السياسية والمليشيات والمتمردين، وحتى القوى الأجنبية المتحالفة مع كل منهما. وتدور معركة في قلب القتال حول من سيدير وجهة العملية الانتقالية السياسية التي بدأت قبل أربعة أعوام برحيل نظام عمر البشير الذي أجبر على التنحي عن السلطة. ولما شعر حلفاء البشير في الجيش بأن وقته قد انتهى، قاموا، ومنهم البرهان وحميدتي، بانقلاب أخرجه من السلطة.  ثم توافقت الأطراف المدنية والمتمردون والجيش على جدول للتحول الديمقراطي يقود إلى حكومة مدنية وانتخابية، لكن حكم فرق تسد الذي خلفه البشير ترك معه قنبلة موقوتة: وهي مجموعة متنوعة من المليشيات والجماعات المسلحة تتنافس على السلطة. وأقوى فصيل بينها هو قوات الدعم السريع التي أنشئت كمواز للجيش والمخابرات بقيادة مركزية وتمويل منفصل، ولم يخف الرجل الذي يقودها ـ حميدتي ـ طموحاته بقيادة البلد. تمامًا كما لم يخف البرهان طموحاته، فهو صعد إلى السلطة في عهد البشير وهو ينظر إلى نفسه كحارس لمصالح المؤسسة العسكرية، بما في ذلك الإمبراطورية التجارية الواسعة.

والمخاوف من انتشار القتال حول السودان كبيرة، فكلا من القوات المسلحة والدعم السريع لديهما شبكة رعاية قبلية وإثنية في البلاد. كما أن الإسلاميين حول البرهان متمكنون بشكل جيد في الجيش والاقتصاد. ويحظى الجنرال بدعم من مصر. وانتشرت أشرطة فيديو في بداية القتال عن اعتقال الدعم السريع لجنود وطيارين مصريين في مطار مروي.

وبالمقارنة، يحظى حميدتي بدعم من رئيس أريتريا أسياس أفورقي المعروف بتدخله في شؤون جيرانه، وهو تقرب من السعودية والإمارات بعدما أرسل مقاتليه في اليمن للمشاركة في الحرب الدائرة، وبالتالي حصل الدعم السريع على التسليح منهما.  ويسيطر الجيش الوطني على الأجواء وهذا يفسر تركيز جنود حميدتي على القواعد الجوية. وربما أنهى القتال عملية التحول الديمقراطية التي واجهت معوقات، وفي الوقت الذي يتقاتل فيه جيشان علق السودانيون العاديون في الوسط وباتوا في مرمى كل منهما. وقال أحمد عصمت أحد قادة المحتجين في الخرطوم: "لا ندعم أيا منهما" و"أي حرب تعني نهاية الثورة".