المنافسة بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ومرشحه المعارض الرئيس كمال كيليجدار أوغلو شديدة. وتشير استطلاعات الرأي إلى أن كل النتائج واردة: يمكن لأردوغان أن يمدد حكمه إلى عقد ثالث، أو يخسر الرئاسة، وقد يحتفظ تحالف الشعب بالأغلبية البرلمانية، أو يفقدها. لكن من الواضح أن جوًا من اليأس تسلل إلى خطابات الرئيس وكبار الشخصيات في حزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه.
ولصرف انتباه الناخبين عن سوء إدارتهم الكارثية للاقتصاد، فإنهم يهرولون على استعارات متعبة للتواصل مع الناخبين. أردوغان نفسه ـ بالعودة إلى الاحتجاجات بعد انقطاع دام ثلاثة أيام بسبب خلل في المعدة ـ ينتقد مجتمع المثليين ـ ويزعم أن المعارضة مدعومة من قبل الإرهابيين.
واتهم قادة حزب العدالة والتنمية الغرب بأنه يعمل للتأثير على التصويت، ويقولون إن الرئيس جو بايدن دعا لتشجيع المعارضة التركية لتهزم أردوغان في الانتخابات. وحذر وزير الداخلية سليمان صويلو الغربَ من تدبير “انقلاب سياسي” في يوم الانتخابات. وألمح أردوغان إلى “مؤامرة” ضده، حيث تحدث بصيغة الغائب في مقابلة مع قناة “سي أن أن ترك” قائلا: “الغرب يقول إنه ضد أردوغان، وهذا موقف عدواني ضد أردوغان وعدواني ضد أمتي، وستحبط أمتي المؤامرة في 14 أيار/ مايو”.
تفوح من هذه التصريحات حول المؤامرات الغربية رائحة صناعة الأعذار تحضيرًا للهزيمة، لكن أردوغان ليس مخطئا بالكامل لافتراض أن بايدن والقادة الأوروبيين لن يخفوا فرحتهم في حال خرج من المشهد في تركيا، وذلك بسبب عدائيته ضدهم، وعدم احترامه قلقهم. وسيتم الترحيب بخطاب كليتشدار أوغلو التصالحية والودية التي تتناقض مع نبرة أردوغان. ويأمل الغرب بتغيير في أنقرة يقود إلى عودة سريعة لتركيا إلى حظيرة حلف الناتو بعد تحول لسنوات نحو الشرق. ففي الوقت الذي يواجه فيه الناتو أكبر تحد له بسبب توغل فلاديمير بوتين في أوكرانيا، فإنه سيكون سعيدًا لعودة تركيا كجزء من الإجماع، وليس المؤدي لدور المخرب.
وحتى لو أنتجت الانتخابات أسوأ النتائج لأردوغان، فعلى قادة الغرب الحذر من شحن كليتشدار بالكثير من التوقعات لسبب واحد، فهو قد يكون قادرًا على تأمين رأس مال سياسي نتيجة الفوز لتحقيق الأولويات المحلية، مثل إطلاق سراح المعتقلين السياسيين وتحرير الصحافة، والحد من التضخم العالمي، وإنقاذ العملة التركية الضعيفة، وإصلاح الضرر الذي حدث نتيجة الزلزال بدلًا من تبديد الأموال على السياسة الخارجية. كما يتفق كليتشدار أوغلو مع أردوغان في الكثير من مواقفه التي تتباين مع المنظور الغربي. ولو أراد الغرب من كليتشدار أن يكون مرنًا في السياسة الخارجية، فيجب مساعدته في تنظيف ما سيتركه أردوغان على اقتصاد تركيا، أو أن يكون صبورًا عليه وهو يعالج المهمة الضخمة.
وواحدة من القضايا الخلافية التي يتوقع الناتو حلًا لها على يد كليتشدار، هي تمرير المصادقة على انضمام السويد إلى الحلف. وقالت المعارضة التركية إنها ستزيل الفيتو الذي فرضه أردوغان. ولكن كليتشدار أوغلو لن يكون سريعًا في إزالة العقبات التي تؤثر على علاقة تركيا مع الغرب. فأردوغان اشترى نظام أس- 400 من روسيا الذي أثّر على دفاعات الناتو، ووافق عليه كليتشدار في السابق. وقال إنه يريد الحفاظ على علاقات ودية مع روسيا التي أصبحت أهم شريك تجاري، وكذلك مزود تركيا بالطاقة، وموسكو لن تنظر موسكو بايجابية لتراجع أنقرة عن صفقة أس-400.
ولهذا السبب، على الغرب ألا يتوقع من كليتشدار وحكومته الانضمام إلى نظام العقوبات الغربية ضد روسيا، أو المشاركة في المقاطعة ضد موسكو. ومثل أردوغان، فقد يجادل أن تركيا قد تؤدي دورًا مفيدًا كوسيط في الحرب الأوكرانية، وطريق يمكن من خلاله مرور الحبوب الأوكرانية.
وهناك أيضًا مجال آخر قد يُخيّب كليتشدار أوغلو أمل الغربيين فيه، هو إحداث تغيير في السياسة من سوريا، خاصة التعامل مع الجماعات الكردية التي ساعدت الغرب على هزيمة تنظيم الدولة. ولا خلاف بين أردوغان وجماعات المعارضة في ما يتعلق بالجماعات الكردية التي اصطفت مع المنظمات الإرهابية التي تمثل تهديدًا وجوديًا على تركيا.
وحتى لو كان يريد المرونة، فوجود حزب إيلي القومي في تحالف كليتشدار سيقيّد يده في الموضوعات الكردية. كما يريد كليتشدار ترحيل ملايين اللاجئين السوريين إلى بلدهم الذي دمرته الحرب، وهو تحرك لن يقرّبه من جماعات اليمين.
ووعد كليتشدار أوغلو بإعادة ضبط العلاقات مع الغرب، لكن لو حدث تغير في الحكومة في أنقرة يوم 14 أيار/مايو، فإن أولوياتها ستكون مختلفة عن تلك التي تريدها واشنطن وبروكسل. وعلى الغرب التخفيف من توقعاته.