قبل أقل من أسبوع من الانتخابات التشريعية والرئاسية تخشى تركيا من عمليات احتيال واسعة النطاق من قبل معسكر أردوغان للبقاء في السلطة.
"قطة دخلت المحول... عشية الانتخابات البلدية في 30 آذار / مارس 2014، وبعد عدّها الكامل في مراكز الاقتراع، غرقت 35 مدينة في تركيا فجأة في الظلام. والذعر سيطر على مراكز الاقتراع. واشتبهت المعارضة على الفور في حدوث تزوير على نطاق واسع. لكن في اليوم التالي، قدم وزير الطاقة تانر يلديز تفسيرا آخر. قائلاً: "انقطعت الكهرباء في اسطنبول بسبب دخول قطة إلى محول". تبرير غير كاف لتبديد الشك.
بعد تسع سنوات، أصبحت المخاوف من التزوير والمخالفات خلال الانتخابات في تركيا المقرر إجراؤها في 14 أيار\مايو منهجية ولا علاقة للقطط التي تغزو شوارع اسطنبول. ثقة الناخبين الأتراك في مؤسساتهم آخذة بالتدهور. ولم تفلت أي من الانتخابات التي أجريت في تركيا منذ العام 2015 من هذه الملاحظة.
ويقول الرئيس الفخري لحزب الشعوب الديمقراطي المؤيد للأكراد القاضي إرتوغرول كوركشو: "منذ العام 2015، يقوم أنصار أردوغان بالغش في كل انتخابات. وسيحاولون مرة أخرى هذه المرة، لكن كل هذا يتوقف على الفجوة الموجودة. إذا كان الفارق كبيرًا جدًا، فلن يتمكنوا من تغيير النتيجة".
ويقول مدير صندوق مارشال الألماني في أنقرة أوزغور أونلوهيسارجيكلي: "الواضح أن الانتخابات المقبلة ستكون غير عادلة لكنها حقيقية وتنافسية. غير عادلة لأن الحملة الانتخابية في كل تركيا، كما هو الحال دائمًا في السنوات الأخيرة، غير متكافئة تمامًا، إذ يمتلك الحزب الحاكم موارد الدولة للقيام بحملة بشرية ومادية ومالية. والوقت المخصص لكل حزب أو مرشح في وسائل الإعلام غير متناسب إلى حد كبير، والصحف والتلفزيون ومعاهد الاقتراع ملتزمة بنسبة 95 في المئة بقضية الرئيس. لقد رفض التلفزيون الحكومي TRT مؤخرًا بث الإعلان عن حملة المرشح الديمقراطي الاشتراكي كمال كليتشدار أوغلو الانتخابية. تجدر الإشارة إلى أنه منذ صدور مرسوم العام 2017 لم تعد وسائل الإعلام ملزمة باحترام مظهر من مظاهر المساواة في وقت التحدث بين الأحزاب أو المرشحين".
استخدم رجب طيب أردوغان مرة أخرى إجراءات صارمة لإعادة انتخابه هذا العام، فقد ضاعف في حملته الاحتفالات الرسمية والهدايا للناخبين، ومنها تدشين حاملة طائرات للبحرية التركية، وتقديم الخزان الوطني الجديد، وتدشين استخراج الغاز الطبيعي من حقل غاز في البحر الأسود، وملء مفاعل لمحطة أكويو النووية الروسية المستقبلية. وهو يحول كل هذه الأحداث إلى حجة انتخابية. واحتفالاً بنهاية شهر رمضان، عقد اجتماعاً في باحة مسجد السلطان أحمد الذي أعيد افتتاحه بعد خمس سنوات من التجديد.
أجرت تركيا انتخاباتها الأكثر إثارة للجدل في العام 2015 التي فقد فيها حزب العدالة والتنمية أغلبيته البرلمانية؛ لأن قضايا الفساد وصعود سلطة حزب الشعوب الديمقراطي، وصلاح الدين دميرتاش أضعفته. وأحبطت هذه النتيجة خطط أردوغان الذي كان بحاجة إلى أغلبية ثلاثة أخماس لإصلاح الدستور وإقامة نظام رئاسي وشخصي. ونظرًا لكون رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو مسؤولاً عن هذه النتيجة السيئة، فقد تم ثنيه عن تشكيل حكومة ائتلافية مع المعارضة، وكان أردوغان قد دعا إلى انتخابات جديدة.
وفي العام 2017، تم التصديق على إصلاح للدستور من خلال استفتاء لتأسيس نظام رئاسي. ومرة أخرى، تميزت الحملة بالتزوير، لكن كان من المتوقع أن تكون النتيجة قريبة. وفي مساء يوم الفرز، وبينما أشارت النتائج الأولى إلى فوز “نعم”، وافق المجلس الأعلى للانتخابات على المصادقة على أكثر من مليون ونصف المليون بطاقة اقتراع لم يتم ختمها خلافًا للقانون، الأمر الذي عكس النتيجة. واحتجت المعارضة من دون جدوى، وتم التحقق من صحة النتيجة. ولم تغير تقارير مجلس أوروبا ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا (OSCE) المنتقدة شيئًا. ومرة أخرى ستنشر منظمة الأمن والتعاون في أوروبا أكثر من 300 مراقب في تركيا للانتخابات هذا العام.
وفي العام 2018، استخدم أردوغان تكتيكًا آخر للسيطرة على المشهد الانتخابي. فقرر إجراء الانتخابات بعد 18 شهرًا مقارنة بما كان مقررًا في البداية، وأعلنها قبل أقل من شهرين من موعدها، ما فاجأ المعارضة. ولم تسلم الانتخابات الرئاسية والتشريعية من شبهات التزوير: حشو صناديق الاقتراع، وتعدد الأصوات وتهجير مراكز الاقتراع خاصة في المناطق الكردية.
وزادت هذه المخاوف في عام 2019 خلال الانتخابات البلدية. فبعد تصويت مشدود في إسطنبول ـ معقل أردوغان التاريخي ـ تم إعلان فوز مرشح المعارضة أكرم إمام أوغلو، متقدمًا ب 13 ألف صوت. وتم شطب النتيجة على الفور من قبل السلطات والمجلس الأعلى للانتخابات الذي أمر بإعادة الانتخابات. وفي التصويت الثاني، فاز إمام أوغلو بفارق 750 ألف صوت، وهو نصر لا جدال فيه هذه المرة.
سيكون هناك اهتمام خاص بالمناطق المتضررة من زلزال 6 شباط\فبراير، فهناك الكثير من الأشياء المجهولة: عدد القتلى يثير حالة من الشك. فالأرقام الرسمية تشير إلى أن 50 ألف شخص لقوا مصرعهم في الكارثة. لكن بعض التقديرات تصل إلى 250 ألفًا، مع الجثث المفقودة ومجهولة الهوية. مات الناس لكنهم لايزالون على القوائم الانتخابية. سيكون هناك بلا شك أشياء مقلقة في المناطق الريفية، لكن ليس من السهل التزوير على نطاق واسع بحسب القاضي إرتيم أوركون، الذي يقول:"يمكنهم التأثير على النتيجة، لكن تغييرها أكثر صعوبة".