شكل ظهور إقليم كردستان على الساحة الإقليمية والدولية بعد عام 2003 عاملا أساسيًا في تفعيل علاقات العراق بمحيطه الإقليمي والدولي، أو في تأزيمها. وبرزت سلسلة من القضايا والتحديات التي رفعت من شأن الإقليم في معادلة العلاقات العراقية – التركية، لعل أهمها الانفتاح الاقتصادي التركي على إقليم کردستان، وعمل مئات الشركات والخبراء الأتراك في قطاعات تنموية مختلفة في الإقليم، والتعاون الذي أبدته حكومة الإقليم مع الحكومة التركية في مكافحة العمليات الإرهابية لتنظيم داعش، وعمليات التمرد لحزب العمال الكردستاني التركي المعارض، والذي يتخذ من بعض مناطق الإقليم – ولا سيما في جبال قنديل وسنجار في محافظة نينوى – ملاذا آمنا لشن عملياته ضد القوات التركية، إضافة إلى التنسيق السياسي والأمني المشترك بين تركيا وحكومة الإقليم في "الحرب الأهلية" في سوريا.
لقد أفضت حالة عدم الاستقرار السياسي والأمني التي مر بها العراق بعد الاحتلال الأمريكي عام 2003، إلى ظهور تحديات عميقة، انعكسـت في مظاهـر سلبية على العلاقات العراقية التركية، وكان لإقليم كردستان دور في تأزيمها، لعل أهمها ملف تصدير حكومة الإقليم للنفط عبر الأراضي التركية، بعيدًا عـن موافقة الحكومة العراقية الاتحادية، فضلًا عن الوجود العسكري التركي في مناطق الإقليم الكردي، والذي عدّته الحكومة العراقية غير شرعي ولا قانوني، ولم يحظ بأي موافقات عراقية رسمية، بالإضافة إلى ملف مدينة كركوك، إذ إن المحاولات الكردية للسيطرة عليها أربكت علاقات العراق مع تركيا، لأن المدينة بحسب وجهة النظر التركية – تمثل معقل التركمان ومكان وجودهم التاريخي وهم يشكلون رأس الحربة للدفاع عن مصالح تركيا في العراق.
وخلصت الدراسة إلى سلسلة من الاستنتاجات، لعل أبرزها أن التحالف التركي مع إقليم كردستان سيوفر مزيدا من التحصينات الأمنية والدفاعية للأكراد، ضد أي محاولات من الحكومة العراقية لإجبارهم على تخفيف أو إلغاء امتيازاتهم السياسية والاقتصادية والثقافية التي حصلوا عليها منذ عام 2003. ومن ثم فإن تداخل المصالح التركية مع الإقليم والفرص التي وفرتها تركيا أمام كردستان لتصدير النفط، وربما الغاز مستقبلًا إلى أوروبا، كل ذلك سيعطيهم قوة تفاوضية مع الحكومة العراقية، وليس من السهولة أن يتخلى الأكراد عن تلك المكاسب في المراحل المقبلة.
للاطلاع على الدراسة يمكن الضغط على الرابط