أجرى وزير الخارجية الصيني تشين جانج زيارة رسمية إلى أوروبا خلال الفترة من (8–12) مايو الجاري، في الوقت الذي تسعى فيه الصين للعمل وسيطاً في الصراع الأوكراني وإعادة بناء العلاقات مع القارة، ويلتقي خلالها نظراءه من ألمانيا وفرنسا والنرويج. ويأمل تشين – خلال لقائه نظيرته الفرنسية كاثرين كولونا –تبادل وجهات النظر حول تنفيذ التوافق الذي توصل إليه الرئيسان الصيني والفرنسي، خلال زيارة الأخيرة إلى بكين شهر أبريل 2023، بهدف تعزيز الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الصين وفرنسا للوصول باستمرار إلى آفاق جديدة بها.
وقبل وصوله إلى ألمانيا، أكدت وزارة الخارجية الألمانية أن محادثات تشين مع نظيرته الألمانية أنالينا بربوك، ستُركز على الحرب الأوكرانية، باعتبار أنها تمثل أولوية قصوى للسياسة الخارجية الألمانية، خاصةً أن الصين تلعب دوراً مهماً في هذه القضية. من جانبها، أوضحت وزيرة الخارجية النرويجية أنيكين هويتفيلدت، أن من المهم إجراء حوار منتظم مع الصين؛ لأنها تعد من أهم اللاعبين في السياسة الدولية والاقتصاد العالمي.
أبعاد الزيارة
ثمة أبعاد متعددة تتقاطع مع زيارة وزير الخارجية الصيني للدول الأوروبية الثلاث؛ إذ تأتي الزيارة في ضوء استمرار الحرب الأوكرانية، فضلاً عن نيته معالجة بعض القضايا العالقة بينهما، في ظل وجود بعض المساعي نحو تعزيز أطر التعاون بين الجانبين. ويمكن تناول أبرز هذه الأبعاد كالتالي:
1– الاستقطاب الدولي في الحرب الأوكرانية: تعرضت علاقات أوروبا مع الصين لاختبار شديد بسبب الحرب في أوكرانيا؛ حيث زعمت بكين أنها لاعب محايد، بينما تقدم للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الدعم السياسي الدولي الكامل، فضلاً عن استمرارها في تعزيز تجارتها مع موسكو.
على الجانب الآخر، كان المسؤولون الأوروبيون يزورون الصين، في محاولة لثني بكين عن إمداد روسيا بالأسلحة، ولتشجيع بكين على حث موسكو على إجراء شكل من أشكال محادثات السلام. وقالت الصين إنها لا تخطط لتسليح روسيا، وانتقدت أوروبا والولايات المتحدة؛ لدعمهما العسكري الواسع النطاق لأوكرانيا. ومع ذلك، يقول المسؤولون الأوروبيون إنهم لم يروا أي مؤشرات حتى الآن على أن بكين مستعدة لبذل أكثر من الحد الأدنى الضروري للظهور كجزء من العملية الدبلوماسية.
2– التهديد بفرض عقوبات على شركات صينية: يخطط الاتحاد الأوروبي لفرض حزمة جديدة من العقوبات على روسيا والداعمين لها. وضمن حزمة العقوبات، أوصت المفوضية الأوروبية بوقف صادرات التكنولوجيا الحساسة إلى مجموعة من الشركات الصينية؛ بسبب شبهات أنها تبيعها لروسيا؛ إذ يريد التكتل اتخاذ إجراءات صارمة ضد إعادة تصدير التكنولوجيا الحساسة التي يمكن استخدامها في ساحة المعركة، عبر دول ثالثة إلى روسيا.
3– تذبذب العلاقات الاقتصادية: خلال عام 2022، انخفض الاستثمار الصيني في أوروبا إلى أدنى مستوى له في 10 سنوات؛ حيث أثرت سياسة صفر كوفيد في البلاد، بجانب العوامل الجيوسياسية، مثل الحرب الأوكرانية والتوترات الصينية–التايوانية، على تدفق رأس المال. وهكذا انخفض الاستثمار من الصين في الاتحاد الأوروبي وبريطانيا، حتى وصل إلى 7.9 مليار يورو فقط (8.7 مليار دولار)، بانخفاض قدره 22% عن عام 2021، وتتركز 88% من هذه التدفقات في أربع دول فقط؛ هي بريطانيا وفرنسا وألمانيا والمجر.
هذا وقد أعادت هذه التدفقات الاستثمارات الصينية في أوروبا إلى المستوى نفسه تقريباً لعام 2013، قبل موجة الإنفاق الهائلة التي أعلن عنها الرئيس الصيني شي جين بينج، فور إطلاقه مبادرة الحزام والطريق، كما أن من غير المرجح حدوث انتعاش قوي في عام 2023، لكن الاستثمار قد يتعافى قليلاً؛ وذلك في ضوء نهاية سياسة الصين الخاصة بعدم انتشار فيروس كورونا، ومن ثم قد يتم تعزيز حجم الاستثمارات الصينية في الخارج في عام 2023، وخاصةً في أوروبا، ولكن الضغوط الجيوسياسية لا تزال تجعل الانتعاش إلى مستويات الاستثمار في منتصف عام 2010 أمراً غير مرجح.
4– سوء تفاهم حول وضع الجمهوريات السوفييتية السابقة: تأتي زيارة “جانج” بعد أن كررت بكين تأكيد احترامها سيادة جميع دول الاتحاد السوفييتي السابق؛ حيث سبق أن صرح مبعوث الصين في باريس لو شاي، بأن الدول التي ظهرت بعد سقوط الاتحاد السوفييتي ليس لها مكانة فعَّالة بموجب القانون الدولي. ويبدو أن تعليقاته هذه تشير إلى أوكرانيا، التي تقاوم الهجوم الروسي منذ فبراير 2022، بل إلى جميع الجمهوريات السوفييتية السابقة التي ظهرت كدول مستقلة بعد سقوط الاتحاد السوفييتي في عام 1991.
بيد أنه بعد توضيحات بكين لمضمون هذا التصريح، أعلن منسق السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، أن التفسير الذي قدمته بكين أوضح القضية على النحو الواجب، وأن الصين لا تشكك في سيادة الدول السوفييتية السابقة.
أهداف رئيسية
تسعى بكين إلى تأسيس علاقات استراتيجية مع مختلف الدول الأوروبية، ومحاولة جذبها إليها على نحو بعيد عن التوجهات الأمريكية بالقارة العجوز؛ لما للأخيرة من نفوذ سياسي ودبلوماسي واسع النطاق، ومؤثر على مجريات النظام العالمي، بجانب المساعي الصينية للحد من التداعيات السلبية للأزمات الاقتصادية العالمية الراهنة، مستغلةً في ذلك المقدرات الاقتصادية الهائلة للقارة، باعتبارها سوقاً رئيسيةً للمنتجات الصينية. ويمكن إيجاز أبرز أهداف هذه الزيارة على النحو التالي:
1– الترويج لمبادرة السلام الصينية: من وجهة نظر الحكومات الغربية، تعتبر مبادرة السلام العالمي التي أطلقتها بكين، في فبراير الماضي، المكونة من 12 بنداً، منحازة لصالح روسيا، ولكن الصين لا تزال تضغط للعمل وسيطاً في نزاع أوكرانيا، من خلال إعادة بناء علاقاتها بدول القارة الأوروبية؛ إذ تسعى إلى تصوير نفسها على أنها طرف محايد في الحرب الروسية في أوكرانيا، وهو ما تجلى في الاتصال الهاتفي الذي جمع بين زعيمي الصين وأوكرانيا الشهر الماضي، والذي شدد شي خلاله على أن المفاوضات هي الطريقة الوحيدة لحل النزاع، وأكد أن بكين ستبذل كل جهودها لوقف النزاع في أوكرانيا بأسرع وقت ممكن، وهو الأمر الذي لاقى ترحيباً واسعاً من قبل العديد من الدول الأوروبية، وسعى “جانج” إلى استغلاله أثناء جولته الأوروبية.
2– تصحيح مسار العلاقات الصينية–الأوروبية: مما لا شك فيه أن هذه الزيارة تعكس نية بكين إعادة بناء العلاقات مع الاتحاد الأوروبي، خاصةً في ضوء سعي التكتل لإنهاء الحرب في أوكرانيا، خاصةً بعد دعوة القادة الأوروبيين إلى مشاركة الصين للمساعدة في ذلك. ومن ثم، يشير اختيار الوجهات أيضاً إلى استراتيجية بكين لزيادة تفاعلاتها مع الدول الأوروبية الأكثر إسهاماً في سياسات القارة إزاء الصين، التي من خلالها ستستطيع بكين تكثيف علاقاتها ببقية الدول الأوروبية؛ وذلك بعد أن تصاعدت التوترات بينهما بسبب قرار الصين الامتناع عن التصويت على قرارات الأمم المتحدة التي تدين العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا.
3– تحديد الموقف الصيني من الأزمة الأوكرانية: دائماً ما تنتقد الدول الأوروبية الصين بسبب رفضها وصف الحرب الروسية في أوكرانيا بأنها “غزو”، أو لأنها لا تدعو إلى انسحاب روسيا من الأراضي الأوكرانية، ناهيك عن اتهامها المستمر بالتفكير في تسليح روسيا لحملتها في أوكرانيا التي وصفتها بأنها “عملية عسكرية خاصة” ضد التهديدات الأمنية. ولكن على الجانب الآخر، أوضح “جانج”، أثناء لقائه نظيرته الألمانية، أن بلاده بصفتها عضواً دائماً في مجلس الأمن الدولي ودولة رئيسية مسؤولة، لن تصب الزيت على النار، بل أنها مستعدة للحفاظ على الاتصالات مع الأطراف المعنية للتوصل إلى وقف إطلاق النار في وقت مبكر. كما أشار “جانج”، خلال لقائه مع المستشار الألماني “أولاف شولتز” يوم 10 مايو الجاري، إلى أن موقف الصين من الصراع الأوكراني هو تسهيل المحادثات من أجل السلام، مضيفاً أنه “يجب إنهاء النزاع بأسرع ما يمكن؛ لأن أي تأخير لن يؤدي إلا إلى مزيد من البؤس. ويجب تحقيق الحل السياسي من خلال الحوار، وإيجاد السبل لتحقيق السلام والاستقرار على المدى الطويل في أوروبا”.
وحضَّت وزيرة الخارجية الألمانية بكين على اتخاذ موقف واضح ضد روسيا، خاصةً أنها معتبرة أنه لا يوجد دولة أخرى لها تأثير على روسيا أكثر من الصين، محذرةً من أن الحياد في الحرب يعني الوقوف بجانب موسكو، كما أشارت إلى أن الاتحاد الأوروبي يعمل على إيجاد سبل لمنع التحايل على عقوبات روسيا خلال مفاوضاته على حزمة الإجراءات الجديدة، مشددةً على أهمية منع شركات الدفاع الروسية من الوصول إلى أي سلعة متعلقة بالحرب؛ حيث إن مساعدة الشركات الصينية لها، سيدفعها إلى إدراجها بالقائمة السوداء. وفي ذات السياق، شددت وزيرة الخارجية الفرنسية “كاثرين كولونا”، خلال لقائها نظيرها الصيني، على وجوب سعي بكين إلى إقناع روسيا بالعودة إلى الاحترام الكامل لميثاق الأمم المتحدة، ودفعها للمضي قدماً على مسار السلام.
4– تحذير الدول الأوروبية من فرض عقوبات على بكين: بالرغم من تأكيد الزيارة حرص بكين على تصحيح العلاقات مع أوروبا وتجاوز الخلافات معها، فإنها تضمنت أيضاً تحذيراً للدول الأوروبية من تبعات فرض عقوبات على الشركات الصينية نتيجة الحرب الأوكرانية؛ حيث صرح وزير الخارجية الصيني، أثناء المؤتمر الصحفي مع نظيرته الألمانية، أن “الصين والشركات الروسية تربطهما علاقة طبيعية؛ علاقة تعاون. يجب ألا يتأثر هذا النوع من التعاون الطبيعي بعقوبات أوروبية محتملة”، وأضاف أن “الصين سترد أيضاً بالشكل المناسب لكي تحمي المصالح المشروعة للشركات الصينية”، وأوضح أيضاً أن بكين “تعارض بشدة فرض دول أخرى لوائحها الخاصة، أو اتخاذ إجراءات أحادية الجانب ضدها”.
5– تعزيز العلاقات الاقتصادية الصينية–الأوروبية: تأمل بكين أيضاً تحسين العلاقات الاقتصادية مع المزيد من دول شمال أوروبا؛ وخاصة النرويج، وهي دولة اسكندنافية مؤثرة في مجالات مثل تنظيم المياه الدولية، والموارد الطبيعية وصناديق الثروة، كانت شريكاً نشطاً مع الصين، لا سيما في تمويل البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية، وهو أمر بالغ الأهمية لمبادرة الحزام والطريق في بكين. ومن ثم، إذا أدت زيارة “جانج” إلى تعزيز العلاقات مع النرويج، فقد تكون انتصاراً دبلوماسياً واقتصادياً للصين التي تحاول جاهدة للعثور على شركاء اقتصاديين.
كما أن من المرجح أن تكون الصفقات التجارية والاستثمارات من القضايا الرئيسية التي نوقشت بين الصين وفرنسا وألمانيا، خاصةً في ضوء رغبة بعض دول الاتحاد الأوروبي في صياغة المزيد من الحكم الاقتصادي الذاتي لأوروبا بعيداً عن الولايات المتحدة، لا سيما بعد أن تسببت سياسات القوة بين واشنطن وبكين في خسارة غير مباشرة لمصالحهما الاقتصادية، ومن ثم قد تدل هذه الزيارة على المضي قدماً نحو هذا الهدف الأوروبي؛ فعلى سبيل المثال، وافقت الحكومة الألمانية مؤخراً على شراء شركة COSCO Shipping Corporation الصينية حصةً في محطة حاويات في ميناء هامبورج، وهو ما يعد إشارة إيجابية نسبياً لكل من الصين وألمانيا بوجه خاص، والعلاقات بين الصين وأوروبا بوجه عام.
6– محاولة إبعاد أوروبا عن المظلة الأمريكية: حذر وزير الخارجية الصيني تشين جانج من أن الخطر الحقيقي الذي تواجهه أوروبا يأتي من دولة معينة تشن حرباً باردة جديدة، وتفرض عقوبات أحادية الجانب، وتصدر مشاكلها المالية إلى الآخرين. لم يذكر تشين الولايات المتحدة بالاسم، لكنه اتهم الدولة المعنية بإثارة “المواجهة الأيديولوجية، والانخراط في مواجهة المعسكرات، وإساءة استخدام الوضع الاحتكاري لعملتها، وتحويل أزمتها التضخمية والمالية المحلية إلى العالم الخارجي مع تداعيات خطيرة، ومن ثم فإن “هذه هي المخاطر الحقيقية التي يجب أن تؤخذ على محمل الجد”، على حد قوله.
يأتي ذلك التحذير تأكيداً لما أوضحه “جانج”، عقب اجتماعه بنظيرته الألمانية خلال الشهر الماضي، عندما نوه بأن الحرب الباردة الجديدة لن تضر بمصالح الصين فقط، بل ستضحي أيضاً بمصالح أوروبا، وقد أيد “جانج” تصريحاته بتقرير صدر عن المعهد النمساوي للبحوث الاقتصادية ومؤسسة الشركات العائلية، يقدر انخفاضاً بنسبة 2% من الناتج المحلي الإجمالي لألمانيا إذا انفصلت عن الصين، في إشارة إلى حالة تماهي ألمانيا مع المطالب الأمريكية.
7– تأكيد التوجهات الصينية في ملف تايوان: لم يكن ملف تايوان بعيداً عن زيارة وزير الخارجية الصيني إلى الدول الأوروبية؛ فخلال مؤتمره الصحفي مع نظيرته الألمانية، يوم 9 مايو الجاري، أكد أن “عودة تايوان إلى الصين جزء من النظام الدولي بعد الحرب العالمية الثانية”، مشيراً إلى أن “أي طرف يأمل بإخلاص تحقيق السلام والاستقرار في مضيق تايوان، ويلتزم بإخلاص بالحفاظ على النظام الدولي؛ يجب عليه أن يلتزم بشدة بمبدأ صين واحدة، ويعارض بحزم أي عمل من أعمال ما يسمى (استقلال تايوان)”.
8– حضور الملف الكوري الشمالي في أجندة الزيارة: كان ملف كوريا الشمالية حاضراً في أجندة الجولة الأوروبية لوزير الخارجية الصيني؛ إذ أوضحت وزيرة الخارجية الفرنسية “كاثرين كولونا” لنظيرها الصيني أن نهج كوريا الشمالية مثير للقلق، مشيرة إلى أن تصعيدات بيونج يانج الخاصة بتجاربها الصاروخية، التي أجرتها هذا العام، ولا سيما اختبارها صاروخاً باليستياً يعمل بالوقود الصلب، تؤثر بوضوح على استقرار شبه الجزيرة والمنطقة؛ ولذلك طالبته بضرورة بذل جهود للتوصل إلى رد موحد إزاء تلك القضية.
خلاصة القول: تعد هذه الزيارة انعكاساً لتوجهات الأجندة الصينية الخاصة الحريصة على ضمان تنويع علاقاتها السياسية والاقتصادية للانتقال من حقبة “الصين الإقليمية” إلى “الصين العالمية”؛ وذلك في ضوء ما يشهده النظام العالمي من تغيرات هيكلية، مستغلةً في ذلك ما توصَّلت إليه من نجاح وتفوق اقتصادي وتكنولوجي قادر على جذب دول العالم إليها، بما فيها الدول الأوروبية، حتى إن كان هناك العديد من التحفظات على بعض سياساتها، وخاصةً الصديقة مع موسكو، والعدائية مع تايبيه.
على الجانب الآخر، لا تزال واشنطن عقبة رئيسية أمام الطموحات الصينية، تجعل من الصعب إفساح المزيد من المجال للصين لكي تتدخل اقتصادياً بشكل أكبر في أوروبا، خاصةً أنها تمتلك ما يكفي من الأدوات للتأثير على السياسات الأوروبية تجاه مختلف القضايا العالمية، ومن ثم فإن من الصعب للغاية الجزم بنجاح هذه الزيارة في تحقيق أهدافها، وخاصةً ما يتعلق بمحاولة جذب أوروبا للموافقة على المبادرة الصينية للسلام العالمي (لإنهاء الحرب الأوكرانية) بدون ضوء أخضر من الولايات المتحدة.