في خطوة جديدة من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للسير عكس اتجاه سلفه الديمقراطي جو بايدن، قام بإلغاء القيود التي فرضتها إدارة بايدن على الضربات الجوية بطائرات بدون طيار، بجانب الغارات التي تنفذها قوات العمليات الخاصة ضد أهداف خارج مناطق الحرب التقليدية. ووفقاً لهذا القرار، أعاد ترامب العمل بالقواعد التي استخدمها خلال فترة ولايته الأولى. ويمنح هذا القرار القادة العسكريين القدرة على شن الضربات الجوية من دون موافقة البيت الأبيض.
أسباب دافعة
هناك العديد من الأسباب التي دفعت الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى إلغاء القيود المفروضة على الغارات الجوية والعسكرية، التي كانت تستوجب قبل ذلك في عهد سلفه جو بايدن الحصول على الموافقة من البيت الأبيض، ولعل من أهم هذه الأسباب ما يلي:
1– توسيع نطاق الأشخاص الذين يمكن استهدافهم: سعى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من خلال موافقته على إلغاء القيود المفروضة على الغارات الجوية إلى توسيع نطاق الأشخاص الذين يمكن استهدافهم في الهجمات، بجانب أنه لا يركز على ضرب القيادات العليا للمنظمات الإرهابية فقط كما كان مسموحاً في عهد إدارتي أوباما وبايدن. ويعتبر هذا القرار خطوة أساسية نحو استهداف المليشيات والجماعات المسلحة، التي تعتبرها الولايات المتحدة إرهابية.
2– الرغبة في تبني سياسات مغايرة للإدارات السابقة: تتمثل أحد أبرز دوافع ترامب للموافقة على هذا القرار في رغبته في إحداث تحول وتغير كبير عن السياسات التي اتبعتها الإدارات الأمريكية السابقة، وتطلعه إلى وضع بصمات خاصة به تعزز وجوده في منصبه، وتترك له إرثاً في تاريخه السياسي؛ وذلك لأن سياسات بايدن في مجال الحرب كانت نسخة طبق الأصل من تلك التي وضعها خلال فترة الرئيس السابق باراك أوباما الثانية؛ حيث ركزت الغارات الجوية عادةً على القيادات العليا للمنظمات الإرهابية.
يُضاف إلى ذلك أن إدارة بايدن فرضت قيوداً يتعين من خلالها على مشغلي الطائرات بدون طيار في الجيش الأمريكي ووكالة الاستخبارات المركزية الحصول على إذن من البيت الأبيض لاستهداف المشتبه بهم بالإرهاب خارج مناطق الحرب التقليدية. أما الآن فسيكون للقادة الميدانيين صلاحيات أوسع لاتخاذ القرار بتنفيذ الضربات من دون العودة إلى البيت الأبيض للحصول على موافقته.
3– تخفيف قيود الجيش الأمريكي على الضربات بالخارج: سعى الرئيس الأمريكي، من خلال هذا القرار، إلى المساهمة في تخفيف القيود والرقابة التنفيذية للجيش الأمريكي على الضربات الجوية الأمريكية في الخارج؛ وذلك لأن القيود التي وضعتها إدارة بايدن كانت تستوجب على القادة العسكريين قبل شن أي ضربة التأكد من استيفاء هذه الضربة عدداً من المعايير الصارمة، والحصول على الموافقات من سبعة صناع قرار منهم الرئيس، بجانب أنه كان لا بد من التأكد من أن الفرد المستهدف عضو في منظمة إرهابية، بالإضافة إلى أنه لا بد من توقع وقوع خسائر في صفوف المدنيين بأقل قدر ممكن. ولا ينبغي أن تكون هناك معلومات استخباراتية متناقضة؛ لذلك أراد ترامب التخلص من كل ذلك وتسهيل الإجراءات.
4– منح القادة العسكريين الحرية لتحديد من يستهدفونه: تمثل موافقة الرئيس الأمريكي على إلغاء القيود المفروضة على الغارات الجوية والعسكرية خطوة نحو إعطاء الأولوية للمرونة من خلال منح القادة العسكريين حرية أكبر في تحديد من يستهدفونه مع تخفيف السيطرة المركزية المتعددة الطبقات التي نفذها الرئيس السابق جو بايدن على الضربات الجوية والمداهمات التي تنفذها قوات العمليات الخاصة الأمريكية.
5– تعزيز الجهود الأمريكية لمجابهة الإرهاب حول العالم: يريد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من هذا القرار القضاء على أي إرهابي يخطط لقتل الأمريكيين؛ حيث يؤكد عبر هذا القرار أنه لن يسمح للبيروقراطية التي فرضتها إدارة بايدن بعرقلة جهوده الرامية إلى القضاء على الإرهاب الذي يستهدف الولايات المتحدة ويحاول تدميرها.
ويسعى الرئيس الأمريكي ووزير الدفاع الأمريكي إلى تكثيف الضربات ضد "المشتبه بهم بالإرهاب" في المناطق التي لا تُعتبَر ساحات قتال تقليدية، مثل "الصومال" و"اليمن". وعلى الرغم من ذلك، قد يؤدي هذا القرار إلى زيادة وقوع ضحايا مدنيين؛ وذلك لأنه يقوم على عكس ما كان يسير عليه سلفه الديمقراطي جو بايدن؛ حيث كان يتعين على القادة العسكريين التفرقة بين الضربات المتعمدة والدفاعية؛ فإن كانت الضربات متعمدة التزمت بعملية متعددة الخطوات من اللوائح والتدقيق الرفيع المستوى.
يُضاف إلى ذلك أنه خلال الضربات المتعمدة تتم مراجعة المعلومات الاستخباراتية المجمعة لتحديد إذا ما كان الأفراد إرهابيين، بهدف تقليل خطر وقوع إصابات بين المدنيين، وتجنب عمليات القتل المستهدفة للأشخاص الأبرياء الذين يتم الخلط بينهم وبين المشتبه بهم في الإرهاب.
6– التطلع إلى توسيع نطاق الاغتيالات في أماكن مختلفة: يستهدف الرئيس الأمريكي من قراره توسيع نطاق الاغتيالات التي تطال كل مُناوِئ يريد الضرر بواشنطن في كل مكان في العالم، وخاصةً في العراق؛ وذلك لأن إدارة ترامب تسعى إلى تنفيذ اغتيالات في صفوف الفصائل العراقية المرتبطة بإيران. والدليل على ذلك ما تم في نهاية ولايته الأولى عندما تم قصف مطار بغداد الدولي في مطلع عام 2020، بشكل أدى إلى اغتيال قاسم سليماني قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني.
سلاح ذو حدين
وختاماً، يمكن القول إن إلغاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب القيود المفروضة على الضربات الجوية والعسكرية، يحمل في طياته الكثير من المخاطر والمزايا في الوقت نفسه؛ وذلك من خلال تبسيط العمليات العسكرية وتوسيعها من دون الحصول على موافقة من البيت الأبيض؛ ما قد يؤدي إلى تدهور قدرات التنظيمات الإرهابية بشكل أسرع، إلا أنه في الوقت نفسه قد يزيد من خطر اتخاذ قرارات خاطئة وسقوط ضحايا مدنيين غير مقصودين.