• اخر تحديث : 2024-05-02 20:55
news-details
تقدير موقف

ما أهم الملفات المطروحة في حوار شانجريلا 2023؟


انطلق حوار شانجريلا في نسخته العشرين يوم 2 يونيو الجاري في سنغافورة، واستمرت فعالياته حتى يوم 4 يونيو. ويُعَد هذا الحوار واحداً من أهم المنتديات الدولية الأمنية؛ حيث يجتمع فيه وزراء دفاع وعسكريون وخبراء أمنيون، بوتيرة دورية سنوية منذ عام 2002، لمناقشة التحديات الأمنية الأكثر إلحاحاً في المنطقة، وتعزيز السلام عن طريق الانخراط في محادثات ثنائية وجماعية هامة.

ويتم إدارة وتنسيق الحوار من قِبل “المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية (IISS)”. ويحضر الحوار في العادة ما يقارب 500 مندوب، الذين يمثلون أكثر من أربعين دولة من آسيا والمحيط الهادئ، ومن أوروبا وأمريكا الشمالية. ويأتي الحوار هذا العام في ظل استمرار الحرب الأوكرانية وحالة الضبابية التي تسيطر على مسار الحرب وكيفية إنهائها، علاوةً على تصاعد حدة الصراع بين الولايات المتحدة والصين، وتنامي التنافس الدولي في منطقة الهندوباسيفيك.

دلالات رئيسية

عادةً ما يتناول حوار شانجريلا العديد من القضايا السياسية والاقتصادية الدولية والأمنية، ولكن ما يميز الدورة لهذا العام أنها تأتي وسط حالة من التوتر والاستقطاب غير المسبوق بين واشنطن وبكين؛ لذلك كانت العلاقات الأمنية والتوترات بين الولايات المتحدة والصين على قمة أولويات جدول أعمال المؤتمر، كما ناقش الحوار أيضاً عدداً من القضايا الهامة على الساحة الدولية في الوقت الحالي، وعلى رأسها الحرب الروسية الأوكرانية، واستمرار "تهديد" كوريا الشمالية للأمن والسلم الدوليَّين في بحر الصين الشرقي، وتصاعد تحركاتها "العدوانية" ضد كل من كوريا الجنوبية واليابان؛ هذا بالإضافة إلى الحديث عن الأمن السيبراني، وتطوير القدرات العسكرية لعدد من الدول، والأبعاد النووية للأمن القومي العالمي. وعليه يمكن القول إن “حوار شانجريلا 2023” استدعى عدداً من الدلالات الرئيسية المتمثلة فيما يلي:

1محاولة تهدئة التوترات بين الصين والولايات المتحدة: تساءلت العديد من وسائل الإعلام عن إمكانية عقد لقاء بين وزير الدفاع الأمريكي “لويد أوستن” ونظيره الصيني “لي شانج فو”. وقد أكدت الصين في وقت سابق مشاركة وزير دفاعها في أعمال المنتدى، إلا أنها قد رفضت التعليق على إمكانية عقد لقاء فيما بين وزير الدفاع الصيني ونظيره الأمريكي. بالتزامن مع ذلك، أكد البنتاجون رفض الصين طلباً من الولايات المتحدة لعقد اجتماع بين وزيرَي الدفاع. ووصف “أوستن” – في تصريح ألقاه خلال زيارته إلى طوكيو قبيل المشاركة في أعمال المؤتمر – أنه من المؤسف أنه لن يتمكن من التقاء وزير الدفاع الصيني، وأضاف أنه ما زال يُرحِّب لأي تواصل مع نظيره الصيني؛ لأنه يرى أن وزارات الدفاع يجب أن تتحدث بعضها مع بعض على أساس روتيني، أو يجب أن يكون لديها قنوات مفتوحة للاتصالات.

وعلى الرغم من عدم عقد اللقاء بين الطرفين، فإن الوزيرين تبادلا التحية خلال اليوم الأول من الحوار، كما أكدا في كلمتيهما أن خيار الصراع والحرب المفتوحة بين الصين وأمريكا، سيمثل كارثة عالمية بامتياز لا يمكن أن تحمد عقباها.

كما أنه بالتزامن مع انعقاد أعمال الحوار، تم الإعلان عن وصول مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون شرق آسيا والمحيط الهادئ “دانيال كريتنبرينك” إلى بكين في 4 يونيو 2023. وتأتي هذه الزيارة ضمن جهود واشنطن لتعزيز اتصالاتها ببكين. وقالت الوزارة، في بيان لها، إن مساعد وزير الخارجية لشؤون شرق آسيا والمحيط الهادئ “دانيال كريتنبرينك” سيناقش القضايا الرئيسية في العلاقات الثنائية بين البلدين، وسترافقه في الزيارة “سارة بيران”، وهي مديرة شؤون الصين وتايوان في مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض في الفترة من 4 إلى 10 يونيو.

2تأكيد استمرار قنوات الحوار بين بكين وحلفاء واشنطن: بالرغم من عدم التواصل المباشر المعلن بين واشنطن وبكين خلال حوار شانجريلا، كشف الحوار عن حرص واشنطن على استمرار قنوات التواصل بين حلفائها وبين بكين. وفي هذا الصدد، سلطت التقارير الإعلامية بدورها الضوء على الاجتماع الذي عُقد بين”وزير الدفاع الصيني لي شانج فو” ونظيره الأسترالي “ريتشارد مارليس” على هامش أعمال الحوار؛ حيث أكدا أن اللقاء كان بمنزلة البديل الاستراتيجي الذي لجأت إليه كل من واشنطن والصين لحفظ ماء الوجه لكلا البلدين، وضمان وجود قناة اتصال بين الطرفين.

وأكد وزير الدفاع الأسترالي مناقشته عدداً من القضايا الأمنية مع نظيره الصيني، تراوحت بين تأكيد ضرورة ضمان استمرار الأمن والسلم والاستقرار في منطقة ما وراء المحيطَين الهندي والهادي، والحفاظ على حركة الملاحة هناك، والإبقاء على قنوات للحوار بين دول المنطقة، وهي قضايا تتصدر قائمة المواضيع التي تسعى واشنطن إلى مناقشتها مع بكين، وتُعَد من أهم مطالب الولايات المتحدة.

3التكريس لدور سنغافورة في التقريب بين الصين والدول الغربية: يُعَد حوار شانجريلا تأكيداً لمساعي سنغافورة خلال السنوات الماضية للتحول إلى مركز آسيوي مهم لتهدئة التوترات بين الصين والدول الغربية، وساعد على ذلك أن سنغافورة حرصت على تبني مواقف من الصراعات الكبرى تعتبر مواقف شبه محايدة أو غير حادة؛ حيث تنتهج سنغافورة سياسة خارجية تدعم تسوية الصراعات وعدم تفاقمها في ظل الارتدادات السلبية لتلك الصراعات على الاقتصاد السنغافوري من جهة، ولكونها مركزاً ماليّاً يضم سكاناً متعددي الأعراق والجنسيات من جهة أخرى. ويمنح هذا الموقف سنغافورة مكاسب متعددة؛ منها إقامة علاقات متوازنة مع دول العالم، والبعد عن مخاطر تأثيرات الاستقطابات السياسية الحادة.

وفي هذا الإطار، تحافظ سنغافورة على علاقات جيدة بالولايات المتحدة والصين. وبالنظر إلى موقعها في جنوب شرق آسيا وأهميتها الاستراتيجية وعلاقاتها بالولايات المتحدة والصين، فإنه يُنظر إلى سنغافورة على أنها إحدى الدول التي قد تلعب دوراً في تهدئة التوترات بين واشنطن وبكين، فضلاً عن أن الدولتين تحرصان على الحفاظ على علاقات جيدة بها. وبينما تدعم سنغافورة حضوراً قويّاً للولايات المتحدة في القارة الآسيوية عبر السماح لها بالوصول إلى المنشآت العسكرية، فإنها أيضاً تعتبر الصين أكبر شريك تجاري.

4تصاعد الاهتمام العالمي بآثار المنافسة السيبرانية والتكنولوجية: مع استمرار الصراعات الجيوسياسية وتعقيداتها التي تتقاطع مع مجالات المنافسة المتعددة، بما في ذلك المجال التكنولوجي والسيبراني؛ احتل الملف الأمني السيبراني أهميةً خاصةً لدى الحوار. وقد أقر تقرير الآسيان الأمني لعام 2021 أن الأنشطة السيبرانية والتقنيات الناشئة مثل الذكاء الاصطناعي، والأنظمة المستقلة والحوسبة فوق الصوتية ستضيف بُعداً جديداً لتحديات الأمن الإقليمي والدولي.

وتشمل هذه التحديات السؤال عن المصير الذي ستؤول إليه التقنيات في حالة قدرة عناصر مختلفة على تعطيل القدرات الدفاعية للدول، وتعميق حالة عدم التوازن في القدرات التكنولوجية والسيبرانية بين الدول، بالإضافة إلى إمكانية وقوع هذه التقنيات في أيدي جماعات وجهات فاعلة أخرى غير الدول؛ فعلى سبيل المثال أصبح تأمين أنظمة الدفاع الجوي الأرضية، التي طورتها الجيوش النظامية منذ عقود، من أبرز قضايا الأمن القومي التقليدية التي تشغل صانعي القرار في الوقت الحالي، مع تضاعف إمكانية استحواذ الجماعات الإرهابية والجماعات المسلحة من غير الدول على هذه المنظومات الدفاعية الجوي، واستخدامها في استهداف الطائرات التجارية والمدنية.

وفي هذا الصدد، سعت جلسات حوار شانجريلا إلى الخروج بتوصيات وسياسة استرشادية يمكن لمسؤولي الدفاع الإقليميين تطبيقها في حالة التعرض لمثل هذه المواقف مستقبلاً. كما تم التعمق في عرض تداعيات المنافسة الإلكترونية والتكنولوجية، وما يعنيه بالنسبة إلى الدول الصغيرة ودول جنوب شرق آسيا، كما تم تأكيد دور القطاع الخاص في الدفاع والقضايا التي تتعلق بالتسريبات الأمنية لبيانات المواقع العسكرية، وتطوير القدرات المتقدمة، مثل القدرات السيبرانية والطائرات بدون طيار تحت البحر، والذكاء الاصطناعي للأغراض الدفاعية؛ هذا بجانب الإشارة إلى أهمية عمل وكالات دفاع الآسيان على تطوير تقديرات أفضل للآثار المترتبة على نشوب صراع بين القوى الكبرى في منطقة آسيا والمحيط الهادئ باستخدام تقنيات الإنترنت والتكنولوجيات الناشئة، وكيفية تجنب تأثير مثل هذه الحروب على المصالح الحيوية لدول الآسيان والأمن الإقليمي للمنطقة ككل.

5استمرار حضور ملف الحرب الأوكرانية: ما زالت قضية الحرب الروسية الأوكرانية تتصدر قائمة القضايا الأمنية محل الاهتمام العالمي، وقد ألقت القضية بظلالها على المناقشات في حوار شانجريلا؛ وذلك على الرغم من عدم وجود أي تمثيل روسي في الحوار. وقد استخدم وزير الدفاع الأمريكي “لويد أوستن” الحرب الروسية في أوكرانيا مثالاً وتذكيراً عامّاً بأن الأمن في آسيا “لا يمكن النظر إليه باعتباره أمراً مفروغاً منه”؛ وذلك خلال خطابه في محادثات الدفاع في سنغافورة، وقال إن “العدوان الروسي الصادم يؤكد، بما لا يدع مجالاً للشك، مدى خطورة تمكُّن الدول الكبرى من غزو جيرانها المسالمين، والإفلات من العقاب”، على حد وصفه.

وفي السياق ذاته، شاركت العديد من الوفود الأوروبية في أعمال الحوار، وقد سعت إلى استغلال هذه المنصة لحشد الدعم الآسيوي ضد روسيا؛ حيث ناقشت بعض تقارير المنصات الإعلامية الأوروبية الجهود التي قامت بها وفودها الخاصة، لإقناع الهند وفيتنام بالعدول عن النهج المحايد في التعاطي مع الحرب الأوكرانية، مع حث كوريا الجنوبية واليابان على الإسراع في إضافة إصلاحات تشريعية لأنظمتهما القانونية، بما يلغي القيود المفروضة حاليّاً على تقديم هاتين الدولتين مساعدات عسكرية إلى أوكرانيا.

وأما بريطانيا فقد قال وزير دفاعها في تصريحات لأحد البرامج الفضائية، أثناء مشاركته في أعمال الحوار، إن لندن ترى أن الصين تقوم بكل ما تقدر عليه للتوسط فيما بين موسكو وكييف، إلا أنه يجب على صناع القرار في بكين عدم المبالغة في لعب هذا الدور، وتجنُّب ممارسة الضغوط غير العادلة وغير المقبولة على الحكومة في كييف.

مخرجات الحوار

أفرز الحوار عن عدد من المخرجات المادية الملموسة، بجانب عدد من المبادرات والتصريحات المناوئة لبعض أطراف الحوار (حروب كلامية)، وهي المخرجات التي تمثلت في الآتي:

1طرح بكين وواشنطن قراءتين مغايرتين للواقع الأمني الإقليمي والعالمي: قال وزير الدفاع الصيني “لي شانج فو” إن عقلية الحرب الباردة تعاود الظهور في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، لكن بكين تسعى إلى الحوار بشأن المواجهة. وجاءت هذه التصريحات بعد أن رفض “لي” الاجتماع رسميّاً بوزير الدفاع الأمريكي “لويد أوستن”، على هامش حوار شانجريلا، وأضاف أن عقلية الحرب الباردة عادت إلى الظهور الآن؛ ما يزيد بشكل كبير من المخاطر الأمنية، واتهم بعض الدول بتكثيف سباق التسلح، والتدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى. وأعاد الجنرال قضية تايوان إلى المشهد مرة أخرى حين قال إن الصين لن تتسامح مع محاولات قوى الاستقلال أو القوى الخارجية لفصل تايوان عن الصين.

وبدوره، قال وزير الدفاع الأمريكي “لويد أوستن” خلال حوار ألقاه حول الدور الأمريكي في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، إن من المهم بناء خطوط للاتصال والتشاور فيما بين الصين والولايات المتحدة، ولا سيما مسؤولي الجيش والدفاع في البلدين، وأضاف: “كلما تحدثنا أكثر تمكنَّا من تجنب سوء التفاهم والتقدير الذي قد يؤدي إلى اندلاع أزمات ونزاعات خطيرة في عدد من الأقاليم، خاصةً مضيق تايوان”.

وسارع الطرف الصيني بالرد على كلمة “أوستن”؛ حيث قال المتحدث باسم وزارة الدفاع الصينية،”تانج هيفي”، إن وزير الدفاع الأمريكي أدى بتصريحات غير صحيحة، وليس من شأن الولايات المتحدة التدخل في هذه التفاصيل؛ لأنها تخص شؤون الصين الداخلية. وأضاف الجانب الصيني أن المؤتمر من المفترض أن يناقش حوارات بنَّاءة للسلام، وكل ما تفعله الولايات المتحدة هو عرض هيمنتها وتعزيز قيادتها عن طريق تشويه وقمع الآخرين.

كما أشار وزير الدفاع الصيني “لي شانج فو” إلى الحادثة التي وقعت بين سفينتين حربيتين أمريكية وصينية بالقرب من مضيق تايوان؛ حيث اقتربت سفينة حربية صينية بشكل خطير من سفينة أمريكية كانت تشارك في تدريبات بحرية مع سفينة ثالثة حربية كندية. وقد تساءل “هيفي” عن الأسباب الكامنة وراء إجراء مثل هذه التدريبات العسكرية الخطيرة على مقربة من السواحل الصينية.

2انعقاد اجتماع استخباراتي سري على هامش الحوار: بالتزامن مع انعقاد حوار شانجريلا، أُعيد الحديث مجدداً عن أهمية القنوات الاستخباراتية السرية في إدارة العلاقات الدولية؛ حيث أشار تقرير لوكالة رويترز، يوم 4 يونيو الجاري، إلى أن مسؤولين كباراً من نحو عشرين من أجهزة المخابرات الكبرى في العالم، عقدوا اجتماعاً سريّاً على هامش اجتماعات حوار شانجريلا. وأشار التقرير إلى أن "مثل هذه الاجتماعات تنظمها حكومة سنغافورة، وتُعقَد سرّاً في مكان منفصل بجانب القمة الأمنية منذ عدة سنوات، ولم يتم الكشف عن هذه الاجتماعات من قبل".

وأضاف التقرير أنه “شاركت مديرة المخابرات الوطنية الأمريكية أفريل هاينز، في الاجتماع السري، ممثلةً للولايات المتحدة، كما كانت الصين من الدول الحاضرة الأخرى”. وبحسب رويترز فإن “سامانت جويل” مدير جهاز المخابرات الهندية، جناح البحث والتحليل، حضر الاجتماع أيضاً”، ونقل التقرير عن مصادر قولها: "الاجتماع عنصر مهم على أجندة الظل الدولية… وبالنظر إلى مجموعة البلدان المعنية فإن هذا ليس اجتماعاً مخابراتيّاً، بل هو بالأحرى وسيلة لتعزيز فهم النوايا وبواطن الأمور على نحو أعمق… وهناك شفرة غير معلن عنها بين أجهزة المخابرات تتمثل في أن بوسعها التحدث عندما تكون هناك صعوبة في التواصل والتعامل الدبلوماسي. إنه عامل مهم للغاية خلال أوقات التوتر، واجتماع سنغافورة يساعد في تعزيز ذلك".

3تأكيد مسار التنافس الأمريكي الصيني في الهندوباسيفيك: أشاد وزير الدفاع الأمريكي، خلال مشاركته في أعمال حوار شانجريلا، بالتدريبات العسكرية الموسعة التي تقيمها واشنطن في الوقت الحالي مع عدد من الدول الحليفة في المنطقة، بما في ذلك اليابان، وأستراليا، والفلبين وإندونيسيا. كما أكد أن الولايات المتحدة في الوقت الحالي ستعمل على زيادة معدل مشاركتها للتكنولوجيا العسكرية المتقدمة مع الهند؛ ما يخلق قابلية التشغيل البيني بينها وبين اليابان؛ هذا بجانب الشراكة الاستراتيجية الهامة مع أستراليا ضمن اتفاق “أوكوس”، وأشار أيضاً إلى انفتاح الولايات المتحدة على الدخول في المزيد من الشراكات الأمنية مع دول المنطقة، بما يحقق الأمن والاستقرار العام هناك.

وردت الصين على هذه التصريحات، بتأكيد سعيها إلى الدخول في شراكات أمنية وعسكرية موسعة مع دول جنوب شرق آسيا على أساس “الاحترام المتبادل”، إلا أن الوفود الآسيوية المشاركة في الحوار لم تتفاعل بإيجابية مع العرض الصيني؛ حيث قال البعض إنه بينما تتحدث الصين عن التعاون، فإن أفعالها تظهر حقائق ورسائل مغايرة.

4مطالبة زعماء شرق آسيا بتفعيل الحوار بين بكين وواشنطن: حثَّ زعماء شرق آسيا بكين وواشنطن على إصلاح العلاقات، ودعوا إلى استئناف الاتصالات بين الجانبين، قائلين إن المنطقة في حالة من القلق والاضطراب العام بفعل المنافسة الأمريكية–الصينية، كما أكدوا تخوفهم العام من اضطرارهم إلى الانحياز لصالح طرف على حساب الطرف الآخر، إذا ما ساءت العلاقات بين الولايات المتحدة والصين.

وفي هذا السياق، دعا وزير الدفاع السنغافوري “نج إنج هين”، الذي كان يتحدث في حلقة نقاش في حوار شانجريلا في الرابع من يونيو الجاري، الصين والولايات المتحدة إلى إبقاء قنوات الاتصال الرسمية وغير الرسمية مفتوحة. وأضاف “نج” أنه سيكون متأخراً جدّاً لبدء أو تنشيط هذه القنوات في لحظات الأزمات. وأكد أن تجنُّب الصراع المادي والمباشر بين القوتين في المنطقة، واستخلاص الدروس من حرب أوكرانيا، يجب أن يتصدَّرا أجندات العمل السياسي لدى صانعي القرار في آسيا. وقال إن تكرار الصراع القائم حاليّاً في أوروبا بالقارة الآسيوية سيكون بمنزلة كارثة عالمية غير مسبوقة.

5تزايد الانخراط الدولي في منطقة الهندوباسيفيك: كشف حوار شانجريلا عن احتمالية تزايد التعقيدات الأمنية في منطقة الهندوباسيفيك خلال السنوات القادمة، في ظل تعدد الفاعلين الطامحين إلى الانخراط في المنطقة؛ فالأمر لم يعد مقتصراً على الولايات المتحدة والصين فقط. وفي هذا الصدد، قال وزير الدفاع الألماني “بوريس بيستوريوس”، يوم 4 يونيو الجاري خلال حضوره حوار شانجريلا، إن ألمانيا سترسل سفينتين حربيتين إلى منطقة الهندوباسيفيك في عام 2024. وذكر “بيستوريوس” أن "الدول بحاجة إلى الحفاظ على قواعد النظام الدولي، وحماية الممرات البحرية؛ لذلك ستقوم ألمانيا بنشر فرقاطة وسفينة إمداد في منطقة الهندوباسيفيك".

6تعزيز الجهود الجماعية للتصدي للتجارب الصاروخية لكوريا الشمالية: قال وزير الدفاع الياباني خلال إحدى الجلسات في حوار شانجريلا، إن اليابان وكوريا الجنوبية اتفقتا على حل الخلافات بسرعة بشأن المواجهات العسكرية السابقة التي تقف في طريق توثيق التعاون الأمني بين البلدين.

وأجرى وزير الدفاع الياباني “ياسوكازو هامادا” محادثات مع نظيره الكوري الجنوبي “لي جونج سوب”، على هامش الحوار؛ بهدف تسريع توحيد جهودهم في مواجهة "التهديدات" من كوريا الشمالية؛ حيث قالت وزارة الدفاع الكورية الجنوبية إن “سوب” و”هامادا” أدانا فشل إطلاق كوريا الشمالية قمراً صناعيّاً جديداً، مخصصاً لأغراض التجسس، في 31 مايو الماضي، ووصفاه بأنه انتهاك خطير لقرارات مجلس الأمن الدولي التي تحظر جميع عمليات الإطلاق باستخدام تكنولوجيا الصواريخ الباليستية، كما أكدت وزارة الدفاع الكورية في بيان آخر، اتفاق الجانبين الكوري والياباني على تعزيز تعاونهما الأمني بصورة أكبر على الصعيد الثنائي، ومع حليفتهما المشتركة؛ الولايات المتحدة لكبح التهديدات النووية والصاروخية لكوريا الشمالية، وتعزيز استقرار منطقة المحيطين الهندي والهادئ.

واتفق قادة الدفاع في كل من الولايات المتحدة واليابان وكوريا الجنوبية، خلال فعاليات الحوار، على تفعيل آلية مشاركة البيانات لتبادل بيانات التحذير من الصواريخ في الوقت الفعلي قبل نهاية العام؛ من أجل تحسين قدرة كل دولة على اكتشاف وتقييم الصواريخ التي تطلقها كوريا الشمالية.

7طرح إندونيسيا مبادرة جديدة لإنهاء الحرب الأوكرانية: قدم وزير الدفاع الإندونيسي “برابو سوبيانتو” خطة سلام لإنهاء الحرب في أوكرانيا، ودعا إلى تدشين منطقة منزوعة السلاح على طول الحدود الشرقية لأوكرانيا، يضمنها مراقبون أمميون وقوات حفظ سلام تابعة للأمم المتحدة؛ هذا بالإضافة إلى دعوته إلى إجراء استفتاء للأمم المتحدة حول ما تسمى الأراضي المتنازع عليها بين الطرفين.

قدم وزير الدفاع الإندونيسي أيضاً دعوة لمسؤولي الدفاع والعسكريين في جميع أنحاء العام، والحاضرين في اجتماع الدفاع المنبثق عن حوار شانجريلا، إلى إصدار إعلان يدعو إلى وقف الأعمال العدائية. وأكد وزير الدفاع الإندونيسي استعداد بلاده للمشاركة في جهود الوساطة، وإرسال وحدات لعملية حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة.

وقد قُوبل هذا الاقتراح برفض وانتقادات واسعة؛ حيث قال أحد المشاركين إنه يساوي بين المعتدِي والمعتدَى عليه. ورفض المتحدث باسم وزارة الخارجية الأوكرانية “أوليج نيكولينكو” الخطة، مكرراً موقف كييف من أنه يتعين على روسيا سحب كامل قواتها من كافة الأراضي الأوكرانية. وأضاف “أوليج” أنه "لا يوجد مناطق متنازَع عليها بين أوكرانيا وروسيا لإجراء استفتاءات هناك، بل هي أراضٍ محتلة، ويرتكب الجيش الروسي جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بهذه المناطق، وتحاول أوكرانيا رد هذا العدوان بكل ما أوتيت من قوة".

أخيراً، لم يفرز الحوار الكثير من المخرجات البنَّاءة، إلا أنه قد أفسح المجال لعدد من الدول الأوروبية والآسيوية لطرح مبادرات ورؤى أخرى تهدف إلى التوفيق بين بكين وواشنطن، والعمل على تجنب الانجراف نحو المجهول. وبالرغم من ذلك، كشف الحوار عن تزايد التعقيدات في منطقة الهندوباسيفيك، في ظل صدام الرؤي بين واشنطن وبكين حول المنطقة، وطبيعة التحالفات بها، ناهيك عن مساعي قوى دولية مختلفة إلى تعزيز حضورها في المنطقة.