• اخر تحديث : 2024-04-29 01:16
news-details
إصدارات الأعضاء

مجموعة بريكس والقلق الغربي ومحكمة الجنايات الدولية؟!


تعطي الأسئلة دلالات واضحة أكثر من الأجوبة في أغلب الأحيان، لأن كل سؤال له جواب محدد بينما قد يكون الجواب جوابا لعدةّ أسئلة (وهذا رأي شخصي)، والسؤال المطروح الآن على الساحة الاقتصادية العالمية هو لماذا القلق الغربي المتصاعد من تزايد دور مجموعة (البر يكس) واسمها مشتق من أوائل الحروف للدول الأعضاء المؤسسة وهي [برازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا] والتي عقدت قمتها الأولى سنة /2009/، وتستعد الآن لعقد قمتها الخامسة عشر في دولة جنوب أفريقيا في شهر أب سنة  2023 وتحت عنوان [شراكة من أجل النمو المتسارع والتنمية المستدامة والتعددية الشاملة].

واجتمع وزراء خارجية المجموعة  بتاريخ 1و2/6/2023 في مدينة ( كيب تاون في جنوب أفريقيا) للتحضير لاجتماع القمة القادم، وتم التركيز على أهم المشاكل العالمية التي يتعرض لها العالم من [أزمات غذاء وسلاسل التوريد والإرهاب الاقتصادي الأمريكي (عقوبات وحصار) وأزمة الديون العالمية وبؤر التوتر وتغير معالم القوة الاقتصادية العالمية ...الخ]، وولدّ هذا الاجتماع قلقا غربيا أمريكيا  كبيرا، ولا سيما بخصوص الموضوعين الأساسيين وهما (توسيع المجموعة والبحث عن إنهاء القطبية الأحادية وإيجاد عملة بديلة للدولار) وهذا يعدّ مصدر خطر على السياسة الامريكية

وبلغة الواقع والأرقام فإن الكثير من دول العالم عبرّت عن رغبتها الانضمام إلى المجموعة ومنها حاليا وهي (مصر والسعودية والامارات والجزائر وتونس وايران وكازاخستان وتركيا والأرجنتين والمكسيك وإندونيسيا ونيجيريا والكونغو والجابون وكوبا وبنغلادش وغينيا بيساو  وجزر القمر) وبعض هذه الدول لها ثقل اقتصادي أو جيوسياسي أو سكاني أو كلها مع بعضها، وهذا يعني خروج هذه الدول من تحت (العباءة الامريكية)، ونتوقع أنه ستنضم دولا جديدة لان باب العضوية مفتوح، وقد أكد هذا كل وزراء الخارجية المجتمعين في جنوب افريقيا، أمّا اقتصاديا فقد أثبتت المجموعة نجاحها حيث نشرت صحيفة (لو فيغارو) الفرنسية تقريرا أكدت فيه أن دول مجموعة البر يكس الخمس سبقت دول مجموعة السبع G7 والتي تضم  (الولايات المتحدة واليابان والمملكة المتحدة وألمانيا وكندا وإيطاليا وفرنسا) وهذه أول مرة تتفوق عليها، بدليل ان قيمة الناتج المحلي الإجمالي للدول السبع لسنة /2022/  شكل نسبة / 30،7%/ من قيمة الناتج المحلي الإجمالي العالمي، أما ناتج دول البر يكس شكلّ نسبة /31،5%/ أي بفارق قدره /0،8%/ ، ولو تمّ اعتماد مؤشر القوة الشرائية لكان الفارق أكبر من ذلك، وسيزداد الفارق سنة /2023/ لأن معدل النمو في دول مجموعة البر يكس أعلى منه في دول السبع.

وتؤكد الدراسات الاقتصادية الغربية أن دول المجموعة تساهم بأكثر من /51%/ من معدل النمو الاقتصادي العالمي بينما الدول السبع بحدود /25،6%/، وتتمتع دول المجموعة بإمكانيات كامنة يمكن استغلالها فهي تشكل [ نحو 41% من سكان العالم ومساحتها أكثر من / 27% / من مساحة العالم، وتستحوذ على نحو 26% من الناتج الإجمالي العالمي لسنة 2022 ومن المتوقع ان تصل / 33%/ سنة /2023، وأنتجت  أكثر من /30%/ من السلع والخدمات العالمية وصادراتها بنسبة / 28%/ بينما مستورداتها بنسبة /21%/ أي أن ميزانها التجاري في حالة فائض بعكس الدول الغربية، كما أسست المجموعة ومنذ سنة /2014/ خلال قمتها في روسيا افتتاح مؤسسة (بنك التنمية الجديد NDB) ومقره في مدينة (شنغهاي الصينية) برأسمال قدره خمسين /50/ مليار دولار والتوجه لزيادته لحدود /100/ مليار وأكثر ،وقد يكون هذا الصندوق بديلا عن (صندوق النقد والبنك الدولي) وهما بمثابة أذرع للإدارة الامريكية لفرض شروطها مما سببّ امتعاض أغلب دول العالم من سياستهما، ويساهم في هذا أيضا أن (اليوان الصيني) أصبح جزءا من سلة حقوق السحب الخاصة في صندوق النقد بدءا من 1/10/2015، وأن روسيا قررت تصدير النفط والغاز بالروبل الروسي وهذا يضعف دور الدولار، فماذا لوان الصين حذت حذو روسيا في بيع سلعها باليوان ولا سيما  بعد ان نجحت في سوق النفط والبورصة العالمية  في ترسيخ (يوان دولار) كمنافس (للبترو دولار)، كما يتم الآن البحث عن آلية للتحويلات المالية بدلا من منظومة (السويفت) الأمريكية.

أمّا سياسيا فإن العالم يترقب قمة البر يكس القادمة  وهل سيتم توجيه الدعوة للرئيس الروسي ( فلاديمير بوتين) لحضورها وهل سيلبي الرئيس الدعوة ويحضر بعكس الرغبة الغربية التي مارست ضغوطا على (محكمة الجنايات الدولية) الخاضعة للإملاءات الغربية لإصدار مذكرة لاعتقاله؟!، وفي حال انعقاد القمة وحضور (بوتين) فهذا يعني أن المجموعة وجهت رسالة للعالم بأن نظاما عالميا جديدا يتشكل بعكس الرغبة الامريكية، ونحن في سورية هل نسرع بالانضمام إلى بريكس ومصلحتنا الحقيقية في انتهاء القرصنة الغربية وتشبيك العلاقات مع أصدقائنا.