اجتماع السفراء الأوروبيين المقيمين في طهران منتصف أكتوبر/تشرين الأول الذي استضافته إحدى السفارات لدعم أعمال الشغب، والتخطيط لاغتيال شخصيات نووية وجو-فضائية وعسكرية رئيسية، والدعم المسلح للجماعات الكردية المناهضة للثورة من الأسطول الخامس للبحرية الأمريكية، يمكن عدّها من الإجراءات المهمة والمُلفتة للعدو في أعمال الشغب التي لم تخف عن أعين جهاز الاستخبارات التابع لحرس الثورة الإسلامية. وفي إطار تبيين الجذور لأعمال الشغب التي وقعت العام الماضي، أجرى موقع KHAMENEI.IR الإعلامي مقابلة مع العميد محمد كاظمي، رئيس جهاز الاستخبارات في حرس الثورة الإسلاميّة. وفقاً للعميد كاظمي، إن أجهزة استخبارات 20 دولة أجنبية متورطة في تأجيج أعمال الشغب الأخيرة.
بسم الله الرحمن الرحيم
طُرحت تحليلات متنوّعة حول جذور وأسباب أعمال الشغب في خريف العام الماضي. نرغب في بدء حوارنا بالحديث عن تحليل منظّمة الاستخبارات التابعة لحرس الثورة الإسلاميّة بصفتها مؤسسة أمنيّة مهمّة في البلاد لجذور مخطّط الأعداء وجوانبه المختلفة.
خلال الأشهر الستّ الأولى من العام 1401، واجهت جمهوريّة إيران الإسلاميّة توفيقات متعدّدة وفرص في الساحتين الداخليّة والخارجيّة، وبمقدوري الإشارة إلى هذه النماذج:
أحد النماذج، همّة الأجهزة التنفيذيّة، الإشرافيّة والتشريعيّة وتآزرها في حلّ معضلات من قبيل أزمة النّقص في المياه، انقطاع الكهرباء، البلاءات الطبيعيّة وتطبيق المشاريع التحوليّة على المستوى الاقتصادي مع أدنى حدّ من الاضطرابات الاجتماعيّة.
النموذج التالي هو عدم تقدّم المشاريع الإقليميّة لأمريكا وشعورهم بالغضب من قدرة التأثير الاستراتيجيّة لدى إدارة الإمام الخامنئي في إلحاق الهزيمة بمخططهم.
كما كان من المهمّ أيضاً في هذا المجال التعاون الاستراتيجي بين إيران وروسيا (معاهدة الأعوام العشرين الاستراتيجيّة) وإحداث ممرّ يربط الشمال بالجنوب وكذلك التعاون الاستراتيجي مع الصين (معاهدة الأعوام الخمس والعشرين الاستراتيجيّة) وإعادة إحياء فكرة الحزام والطريق (إعادة إحياء طريق الحرير) إلى جانب مضاعفة حضور الصين في غرب آسيا.
كما إنّ مسار تشكيل الحكومة في العراق، والإنجاز الذي حقّقه لبنان في ترسيم الحدود المائيّة مع الكيان الغاصب، وتفعيل الضفّة الغربيّة ضدّ الكيان إلى جانب التحدّيات في أفغانستان وباكستان كان يحظى بالأهميّة أيضاً في نفس هذه المرحلة.
وإنّ استمرار تقدّم البرنامج النوويّ مع التحرّك باتجاه التخصيب بنسبة 60% ورفع مدى القوّة الإقليميّة والصاروخيّة لجمهوريّة إيران الإسلاميّة (خاصّة قوّة المسيّرات)، والتوسّع في لعب الأدوار الإقليميّة من غرب آسيا إلى القوفاز وأوروبا الشرقيّة وكذلك مشاركة مختلف فئات المجتمع في المراسم الوطنيّة والدينيّة من قبيل عيد الغدير السعيد، مسيرة أربعين الإمام الحسين (ع) الحاشدة والعظيمة، موجة نشيد «سلام فرمانده» الدوليّة في الساحة الثقافيّة – الاجتماعيّة، هي أمورٌ يُمكن أخذها بعين الاعتبار في هذه الفترة الزمنيّة.
هذه الظروف أدّت إلى بروز الاضطرابات وظهور المخاوف الاستراتيجيّة لدى الأمريكيّين وشركائهم المحليّين، فقرّروا توجيه ضربةٍ للجمهوريّة الإسلاميّة.
لذلك في شهري أيلول وتشرين 2022 (وفي مستهلّ العام الدراسي والاقتراب من الذكرى السنويّة لأحداث «تشرين الأوّل 2019») أثيرت قضيّة الحجاب، حريّة النساء والشباب بصفتها نقطة الهدف لتفعيل المنصّات للاعبين وأدوات بثّ انعدام الاستقرار داخل البلاد، لكي يتمّ توفير الأرضيّة للاحتجاج وممارسة الضغوط ذات الصلة بحقوق الإنسان. لذلك فإنّ وقوع حادثة وفاة السيّدة مهسا أميني التي كانت فتاة شابّة كُرديّة وسنيّة، سرّع في تنفيذ مخطط العدوّ.
وإنّ الخلايا الفكريّة التابعة للهيئة الحاكمة في أمريكا نشطت وبادرت إلى تحليل ومعرفة مكامن خلل الاعتراضات في إيران خاصّة فيما يرتبط بأحداث شهر تشرين الأوّل 2019، وكانت توصي بالتركيز على مجال النساء والشباب من أجل الإسقاط طويل الأمد للجمهوريّة الإسلاميّة. على سبيل المثال، هم يؤكّدون في تقرير مؤسسة FDD على أنّ المظاهرات المقبلة في إيران قد تتضمّن عنفاً أكبر من قبيل تخريب الممتلكات العامّة و... وقد تنشب الاعتراضات بنحوٍ انفجاري ومسافات زمنيّة أقل تفصل كلّ تحرّك عن الآخر.
إنّ أجهزة التجسس أكّدت في الخلاصة التي توصّلت إليها في آب من العام 2022 أنّ "تحقيق النجاح فيما يرتبط بقضيّة «الحجاب الإلزامي» سيكون مقدّمة لإسقاط النظام". لذلك فإنّهم مع التركيز على موضوع «الحجاب الإلزامي» – خاصّة في وسائل التواصل الاجتماعي – أسّسوا لموجة من الاعتراضات بشأن الحجاب. وإنّ وجود بعض الأرضيّات الاجتماعيّة – الثقافيّة أيضاً كان قد مهّد الظروف لتركيز العدوّ [على هذه النقطة] والتأثير في هذا الصدد.
بدءًا من القليل من عدم الرّضا، على المستويات الاقتصاديّة والمعيشيّة بين فئات الناس وتحوّله إلى أعمال شغب في المجتمع خاصّة بسبب استمرار المشكلات الاقتصاديّة حسب استطلاعات الرأي وصولاً إلى التأثير المدمّر لانتشار شبكات التواصل الافتراضيّة، واستخدام الأقمار الصناعيّة، الـVOD والألعاب الكمبيوتريّة خلال العقد المنصرم (خاصّة خلال أعوام انتشار فيروس كورونا) على الناشئة والشباب (بروز مشاعر الاعتراض، الحماس، العنف والسعي وراء الملذّات في هذا الجيل) والتأسيس لنمط عيش بعيد عن القواعد الرسميّة والقيميّة للنظام.
كما كان ملاحظاً تكثيف العمل على تغيير مرجعيّة المجتمع لتتحوّل من النخب إلى الشخصيّات البارزة (المشاهير) والمؤثّرة خلال الأعوام الأخيرة، وكذلك إنتاج المحتوى القائم على حقوق النساء والشباب، وتصوير المرأة كضحيّة للحجاب الذي يؤذيها، إلى جانب تحريض وسائل الإعلام المعارضة على مواجهة الشرطة، «دورية الإرشاد»، الجهاز القضائي والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وكذلك شبكات العرض المنزليّة، السينما والمسرح، هي من العوامل التي أدّت خلال الأشهر الأخيرة إلى وقوع هذه الحادثة والتنظير في نهاية الأمر للعنف والظلم المتجذّرين في النظام والإسلام أيضاً، وصناعة الكراهية ضدّ الفئة المتديّنة والمناصرة للنظام وتعميق ثنائيّة الأقطاب على المستويين السياسي والاجتماعي.
عادة ما تترافق الخطوات التخريبيّة ومخططات العدوّ مع مستوى من مؤشّرات واضحة لا تخفى على العيون الحاذقة. ماذا كانت الخطوات العمليّة للأعداء في تنفيذهم «الحرب المركّبة» ضدّ الشعب الإيراني خلال حادثة أعمال الشغب عام 2022؟
الأمريكيّون توصّلوا بعد مجيء حكومة بايدن إلى هذه النتيجة الاستراتيجيّة بأنّهم تلقّوا الهزيمة في العديد من الملفّات الخارجيّة وسبب ذلك كان الخطوات التي أقدمت عليها إيران وأسلوب قائدها في الإدارة. هذه الهزائم أدّت إلى تهميش المكانة الدوليّة لأمريكا. لذلك لا بدّ لإيران أن تدفع ثمن هذا الأمر. لذلك انطلقوا باتجاه إعادة تدوين وصفة الضغوط القصوى لترامب بما ينسجم مع الديمقراطيّين (الحرب المركّبة) لصدّ الجمهوريّة الإسلاميّة ومحاصرتها. ولأجل تحقيق هذا الأمر وضعوا خطّة تضمّ خطوات ثلاثة:
الخطوة الأولى هي إرساء أجواء اعتراض على وفاة السيّدة أميني وتأجيج اعتراضات الجماعة المعترضة وبناء أجواء مغمورة بالعاطفة والشكّ والترديد من أجل شدّ الفئات الرماديّة والمؤيّدة.
الخطوة الثانية، سوق أجواء الاحتجاجات نحو التحوّل إلى أعمال شغب مع السعي لتنفيذ اعتصامات يوميّة وأعمال شغب ليليّة وتفعيل التيّارات والمجموعات غير المؤيّدة.
الخطوة الثالثة، تحويل أجواء أعمال الشغب إلى حركة مسلّحة من خلال تفعيل المجموعات والفرق المسلّحة ضمن أجواء أعمال الشغب، إلى جانب الاعتداء على أماكن القوى الأمنيّة وعناصرها ونشر الأكاذيب بشأن قتل المدنيّين.
في أيّار من العام 2022، وفي جلسة التنسيق بين وكالة الـCIA والعناصر المعادين للثورة الإسلاميّة جرت الإشارة إلى نماذج من انعدام الرضا العامّة في البلاد كفرص مناسبة للاستغلال خلال الأشهر القادمة، وجرى طرح الأساليب التالية لإطلاق الاحتجاجات: 1) التأكيد على وجوب تعيين مسؤولين تنفيذيّين ولجنة لإدارة المشروع، 2) تشكيل غرف خاصّة بالحرب الداخليّة ضد النظام وعرض خطط تأمينيّة لحفظ الأشخاص والقادة الميدانيّين، 3) وجوب التواصل على هيئة خلايا مع القادة من أجل مضاعفة أمنهم وتقديم أساليب من أجل تصنيع مواد تفجيريّة، 4) بثّ الكره عبر صناعة الأخبار العاطفيّة، 5) سلب الناس والفئات المتديّنة المناصرة للنظام أمنهم، 6) العثور على حلول مثل «النقاط العمياء» من أجل الهروب من عدسات الكاميرا في المدينة.
هذا بينما يردّ ريتشارد نفيو (الخبير في وزارة الخارجيّة الأمريكيّة ومهندس الحظر في حكومة أوباما) على سؤال في جلسة الكونجرس حول قضيّة تغيير النظام في إيران بما يلي: «لا توجد سياسة للتغيير في الأخبار فما بالكم بالمرحلة التنفيذيّة. إن التحدّي الرئيسي الذي تواجهه جمهوريّة إيران الإسلاميّة هو الفاعلية وليس المشروعية. تغيير النظام هو حلمٌ لا تقدر عليه أمريكا ولا تتوفّر الأرضيّة لتنفيذه في إيران بأيّ نحو (عسكري- انقلاب- ثورة ملوّنة). كان الديمقراطيّون يعتقدون أنه إضافة إلى رفع مستوى الضغوط الاقتصاديّة، فإنّه من الضروري منح الدور لتلك المجموعات المحليّة وتقويتها وتوجيهها ضمن إطار تنمية الحقوق المدنيّة، مشروع التغلغل والاختراق والتواصل مع المجتمع النخبوي والجامعي».
في ظلّ ظروفٍ كهذه، اتّجه الأمريكيون نحو وضع خطّتهم الثانية وتنفيذها، وكانت تقضي بإشغال إيران في وقت واحد بمجموعة من الأزمات المحليّة، وتوفير الأموال للمجموعات في الخارج، وتحريض القوميّات، والإيحاء بعدم امتلاك النظام الكفاءة، واستمرار الحظر والضغوط، وإظهار كون الهجوم العسكري قريباً والعزل السياسي الشامل والواسع. في الواقع كان الإطار للمخطط الثاني عبارة عن جعل «إيران ضعيفة».
ما هي الفعاليات والاستراتيجيّات التي اتّبعها العدوّ من أجل التأسيس للخلاف وتوسعته وسلب الثقة في مختلف المستويات بين الفئات الشعبيّة والمجموعات السياسيّة؟
لقد سعوا في مجال الرأي العام عبر إطلاق الحرب النفسيّة الضاغطة، وإنتاج الأمواج والهاشتاغات في الساحة الافتراضيّة، إلى تحريض مشاعر النفور والغضب والحزن في المجتمع. تشير التحليلات إلى أنّهم ركّزوا لتحقيق هذا الأمر على محاور ثلاثة:
1. الإيحاء بوجود نظام سلطوي يفرض القيود بكلّ أركانه. مثل: تشفير (filtering) شبكات التواصل الاجتماعيّ، تلاحم السلطات، مشروع صيانة [خدمات الساحة الافتراضيّة]، الرقابة الاستصوابية.
2. الإيحاء بنكث حقوق النساء وممارسة سياسة التمييز. مثل: الحملات والهجوم على «دوريّة الإرشاد»، التحرّر في الخفاء، دخول النساء إلى الملاعب، حملة نزع الحجاب في 21 تير.
3. الإيحاء بكون النظام تهديداً للأرواح ولقمة العيش. مثل: حملة «لا تُعدموا»، منع استيراد لقاح كورونا، مقتل 1500 شخص في أحداث آبان 98، المشاكل الاقتصاديّة والمعيشيّة.
4. الإيحاء بانهيار نظام الجمهوريّة الإسلاميّة وانتهاء عمر الثورة الإسلاميّة
وفيما يرتبط بالقوى السياسيّة حاولوا جرّ المجتمع نحو ثنائيّة الأقطاب من خلال التركيز على تخريب النظام الإسلامي واستهداف مكانة الإمام الخامنئي بصفته فصل الخطاب، وإبراز نمط العيش الغربي والحدود الاجتماعيّة من قبيل الحجاب وحقوق المرأة وتقديم النساء كتيّار مخلّص للمجتمع الإيراني، وعملوا على رفع مستوى مطالب الناس من النظام عبر تغيير الأولويّات والقضايا التي تواجه الأجهزة التشريعيّة والتنفيذيّة.
من الأحداث التي كانت مشهودة في بدايات أعمال الشغب نظراً إلى الإمكانات التي كانت متوفّرة لدى الجماعات الناشطة على الحدود الغربيّة لبلادنا، قصف أماكن هذه الجماعات في العراق، الأمر الذي دلّ على الموقف الصلب والقويّ لبلدنا بما يرتبط بصون أمنه، وقلّما جرى التطرّق للحديث عن خفايا هذا الأمر نظراً إلى وقوع الأحداث الأخرى بشكل متتالٍ. ما الدور الذي لعبته هذه الخطوة ضمن إطار خطّة البلاد للجم مشروع العدوّ الضخم لاستهداف أمن البلاد نظراً إلى الرسائل التي كان قد بعث بها الأعداء؟
خلال الأعوام الأخيرة، كان أحد أهداف أمريكا والكيان الصهيوني، دعم الجماعات الإرهابيّة ضمن الإطار القومي وعلى حدود البلاد بهدف التأسيس لخلايا مزعزعة للأمن ونقل انعدام الأمن إلى عمق البلاد حتى يتمكّنوا من تحويل فرصة التنوّع القومي والمذهبي في الجمهوريّة الإسلاميّة إلى تهديد. ضمن هذا الإطار شهدنا تضاعف تحرّكات العدوّ الرامية إلى جعل أجهزة التجسّس متآزرة مع الجماعات الإرهابيّة وتقريب مواقف الجماعات بعضها من بعض. بحيث أنّه وفق أنواع الرّصد الاستخباري لدينا، كان هناك جدول أعمال خاصّ على الساحة الكرديّة ومحوره تفعيل محطات أمريكا في المنطقة ضمن إطار ملفّ الثورة الكرديّة، ولا يزال مستمرّاً. وفي أواخر العام 1400 تمّ تسليم ما يقرب من 800 ألف دولار للأكراد المعادين للثورة الإسلاميّة بهدف تقويتهم وتزويدهم بالتجهيزات والعناصر الجُدد. وخلال مسيرة الأربعين شاهدنا مواقف من بعض الجماعات الكرديّة تهدّد أمن الزائرين، ومع بدء أعمال الشغب تضاعف لعبهم لأدوارهم في مجال إطلاق الدعوات والتحريض على الهجوم على القوات الأمنيّة والشرطة وأماكنهم والهجوم على الفئات القيميّة و...
لذلك، وعقب التنسيقات السابقة مع الحكومة العراقيّة، والرسائل والتحذيرات السابقة لقادة هذه الجماعات، وبناء على المعلومات الدقيقة التي تمّ الحصول عليها من داخل الأحزاب المعادية للثورة الإسلاميّة، تمّ خلال أربع مراحل، بالتزامن مع حضور العناصر الأساسيّين لهذه الجماعة، توجيه ضربات قاسية من قبل قوات حرس الثورة الإسلاميّة، بحيث تزعزع توازنهم الأمني. تمّ في هذه العمليّة استهداف 44 هدفاً محدّداً بشكل مسبق، وقُتل 24 شخصاً من الأشرار المعادين للثورة الإسلاميّة وجُرح أكثر من 165 شخصاً منهم، كما وُضعت شبكة المتعاونين معهم في الداخل قيد المراقبة والعمل الاستخباري.
لقد تمّ إطلاع الحكومة العراقيّة والمسؤولين في الإقليم شمال العراق بخطوط إيران الحمراء ومُنحت فرصة لمنع تحرّكات الجماعات الإرهابيّة الكرديّة في سبيل توفير الأمن لأراضي البلاد. كما تمّ إجراء نقاشٍ في هذا المجال خلال الزيارة الأخيرة للأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي وتمّ عقد بعض الاتفاقيات.
كان هناك بعض الأخبار الدالة على تبادل الرسائل بين إيران والدول الغربية في أيام أعمال الشغب. من قبيل أنه كان يُقال إن إحدى الدول الغربية كانت قد اشترطت لإنهاء أعمال الشغب في إيران استجابة قِبل إيران على جملة من المطالِب. ما مدى صحة هذه الأخبار؟
في خضم أعمال الشغب طُرِحت هذه الشائعة من ناحية بعض وسائل الإعلام المعارضة، مفادها أن بريطانيا لوّحت بتهديد جمهورية إيران الإسلامية أنه مقابل تحقيق شروط من قبيل وقف دعم روسيا في حرب أوكرانيا، والعودة إلى قيود «خطة العمل الشاملة المشتركة» (الاتفاق النووي) وإطلاق سراح السجناء، فإن أعمال الشغب ستنتهي.
وكذلك بعد أيام أعمال الشغب، طُرِحت في بعض اللقاءات الدبلوماسية ادّعاءات مشابهة خاصة من قِبل الدول الأوروبية، وبُذلت جهود لنقل هذه الرسالة إلى جمهورية إيران الإسلامية، والتي مفادها أن الانفراج الاقتصادي وتطوير التعاملات الدولية، وعدم دعم وإفساح مجال لمناهضي الثورة المعاندين والمعارضة الخارجية، من قِبل هذه الدول، وتحقيق الاستقرار في داخل البلاد، رهنٌ بتغيير السلوك من قِبل إيران، وقبول المسارات العالمية في الموضوعات الثقافية-الاجتماعية، والعودة عن أشكال التطور النووي و...
على سبيل المثال، في الاجتماع الذي عُقد في الدوحة في قطر، بحضور وفد من وزارة خارجية بلادنا ووفد من الاتحاد الأوروبي بهدف إحياء المباحثات [النووية]، شدَّد الطرف المقابل على موضوع تغيير سلوك جمهورية إيران الإسلامية والتعامل مع الغرب.
على كل حال، فإنّ ظهور أعمال الشغب وعدم الاستقرار في البلاد، يؤدي إلى أن تستغل الدول الغربية، خاصّة في تعاملاتها مع إيران، مشكلاتنا الداخلية بما يصب في مصالحها، لكن في المجموع، سعت الجمهورية الإسلامية لمنع نجاح هذه الدول في ربط الموضوعات المتعددة للمباحثات أو سائر الموضوعات بمشكلات إيران الداخلية، ولسحب الورقة الرابحة من يد العدو. بحول الله وقوته وبالإجراءات التي اتُّخذت، كُبِحت الأوضاع الداخلية وجرى التحكم فيها، وستزول الأضرار بسعي الحكومة الموقّرة، وإن العدو وأجهزة التجسس تُقرُّ بأنَّ نظام جمهورية إيران الإسلامية قد تغلّب على أعمال الشغب وحلِّ المعضلات.
يتأتى من ظواهر الأمر أن الشبكة المرتبطة بدُعاة المَلَكِيَّة والمنافقين كانت هي أيضاً ضليعة في إيجاد الفتنة الأخيرة.
بالنظر إلى الكراهية التاريخية التي يكنها الناس في إيران للمجموعات الإرهابية، خاصة المنافقين ودعاة المَلَكِيَّة، فلم يتسنَ لهؤلاء مطلقاً أن يخلقوا أمواجاً وأحداثاً أمنية-اجتماعية داخل البلاد، وقد كانوا دائماً يتحينون الفرص ليركبوا الموجة وليثيروا انعدام الأمن والشغب في ذاك السياق. بالطبع فقد تزايد دعمهم وتوجيههم من قبل أجهزة التجسس، وبتفعيل المجموعات والتيارات الإرهابية وجعلها منسجمة؛ فقد سعوا خلال السنوات الأخيرة لاستخدامها – خاصة في حيّز الحرب النفسية في الوقائع الأخيرة أيضاً – في هذه المحاور: بدءًا بالحفاظ على مسار الفوضى، والإيحاء بتوسع دائرة الاعتراضات عبر إطلاق دعوة وصناعة وسم، وانتهاءً باختلاق القتلى في الداخل، وصناعة روافع للضغط [في مجال] حقوق الإنسان وتنفيذ إجراءات مؤذية ضد الناس والبنى التحتية للبلاد، واستمرار إجراءات الدعاية الإعلامية، وتبرئة الزُمر في المجتمع بأساليب مُبتكرة، وذلك بهدف التأثير أكثر في الجيل الشاب.
وفي هذا السياق، في الاجتماع الثلاثي الذي حصل في إحدى دول المنطقة حول أوضاع إيران بحضور ممثلين من أمريكا وبريطانيا والكيان الصهيوني، تمّ التشديد على بضع نقاط: «أولاً أن توضع الأسلحة بين يدي مناهضي الثورة الأكراد عبر الأسطول الخامس للقوات البحرية الأميركية، وثانياً الدعم الاستخباراتي لزمرة النفاق لاستطلاع الأماكن الهامة، وثالثاً تنشيط المجموعات المناهضة للثورة بهدف تنفيذ أعمال سرية داخل إيران».
نظراً إلى إشراف الأجهزة الاستخباراتية للبلاد على الشبكات الرئيسة العملياتية والإعلامية لهذه الزُمر في الداخل؛ جرى التعرف في ذروة أعمال الشغب، على 35 فرداً من زعماء النفاق، و20 فرداً من زعماء تيار دعاة المَلَكِيَّة، وأُلقي القبض عليهم. وفي هذه الأثناء وُضِعت الشبكة المزعومة لشباب الأحياء تحت التعقيب والمراقبة الاستخباراتيّة في بعض المحافظات، وتمّ التصدي لها.
وكذلك يقولون في شهر مهر في التقييم الذي قدمته وكالة الدي آي إيه (وكالة استخبارات الدفاع الأميركية): «في هجومها على حدود إيران أثبتت هذه الجماعات أنها عاجزة، وأن ادعاءاتها السابقة بشأن عمليات شراء وتخزين الأسلحة داخل إيران كانت كاذبة. بالإضافة إلى أن مدن كردستان كان لها أداء أفضل مقارنة بالمدن التي كان لأنصار منظمة المجاهدين (المنافقين) حضور فيها».
في القضايا الأمنية، فإن كثيراً من الأمور كامنةٌ فيما لم يُقل وفي الأحداث التي حِيل دون وقوعها بالتدابير الأمنية. اشرحوا بعض مصاديق هذه النجاحات.
في السنوات الأخيرة، وتأثُّراً بتصعيد مستوى مواجهة الثورة الإسلامية مع نظام الهيمنة في الساحة الداخلية والإقليمية والدولية (خاصة بعد انتصار محور المقاومة في إعلان نهاية داعش)؛ نشهد سعي الأعداء لخلق بيئة أمنية جديدة حول البلاد في إطار حرب مركّبة. من أضلاع الحرب المركّبة، الحرب الاستخباراتية والأمنية ضد المصالح الوطنية لإيران وأمنها القومي. إن أجهزة الاستخبارات، ووسائل الإعلام، والفضاء الافتراضي والجماعات الإرهابية، هم اللاعبون المركزيون في الحرب الاستخباراتية-الأمنية لزعزعة جمهورية إيران الإسلامية والتحكم بها. في هذا السياق، فإن الجهاز الاستخباراتي للحرس لديه في جدول أعماله الكشفُ عن العناصر والشبكات المثيرة لانعدام الأمن والوقاية منها والتصدي لها، والرصد الدائم وبذكاء للتهديدات من مبدئها.
من أمثلة دفع التهديدات هذا، هو الحيلولة دون اغتيال إمام جمعة إحدى المحافظات، والهجوم على محافظها. كما اتُّخذت إجراءات أخرى عديدة، ومرة أخرى على سبيل المثال، يمكن أن أشير إلى التصدي لبعض التيارات الفئوية التي كانت تسعى لحَرْف مطالب واعتراضات فئات المجتمع، والقبض على العناصر المرتبطة بزُمر اليسار والنفاق ودعاة المَلَكية قبل إجراءاتهم الداعية للشغب، ومنع عقد اجتماعات تنسيق وقيادة زعماء بعض الجماعات، وتنفيذ موارد عديدة من المهمّات الاستخباراتية ضد الشبكات الناشطة في تهريب الأسلحة خلال أعمال الشغب، والعثور على كميات كبيرة من الأسلحة التي كانت عناصر الجماعات آخذة بتهريبها إلى داخل البلاد بهدف استخدامها في أعمال الشغب، وضبطها.
يبدو أن العدو قد استثمر بنحو خاص بعض القضايا والتي من ضمنها الطوائف الدينية والنساء وأمثال ذلك، من أجل إيجاد تصدع وشروخ اجتماعية وسياسية. كيف تحللون هذه الخطوة؟
لطالما كان الاستثمار في الموضوعات التي بوسعها أن تُحدث الانقسام في المجتمع وتستهدف انسجام البلاد جزءاً من الاستراتيجيات القديمة، وكثيرة الاستعمال من قبل العدو لا سيما بريطانيا الخبيثة، ليس وحسب في بلادنا، بل في كل مجتمع يتوفر فيه إمكان كهذا. إذا أردتُ التوضيح بشفافية أكبر، فقد كان هذا الاستثمار في ثلاثة مجالات:
1. ثمة مسار عالمي يجري في مجال المرأة. يوجد علائم خفية وواضحة كثيرة تدل على تركيز العدو واستثماره في هذا الموضوع في بلادنا أيضاً. سابقاً ذكرتُ نقطة عن النتيجة التي استخلصتها أجهزة التجسس في مسألة الحجاب. التصريح الرسمي لبايدن بأنه «لقد استيقظت الاعتراضات بقيادة النساء في إيران، وإنّ أمريكا تقف إلى جانب نساء إيران»، وكذلك تخصيص وزارة الخارجية والسي آي إيه لميزانيات ضخمة لمخطط كشف الحجاب، هو مثال آخر عن هذا الأمر.
في خضم أعمال الشغب في شهر تشرين الأول، صرح وزير الخارجية الأميركي في اجتماع مع بضعة أشخاص من الناشطين الإيرانيين في مجال المرأة وحقوق الإنسان المناهضين للثورة، أن الحكومة الأميركية ستستمر في دعمها المالي اللازم بهدف دعم ناشطي حقوق الإنسان، وخاصة حقوق المرأة، وتحقيق إجماع عالمي ضد الحكومة الإيرانية عبر مكتب تطوير ونشر الديمقراطية وحقوق الإنسان في وزارة الخارجية الأميركية DRL)[7] فيما يخص وضع المرأة(.
2. في المجال القومي والطائفي، ذكرت مؤخراً إحدى هذه الوكالات في استراتيجيتها، أن خلق أزمة وتوسيع الشروخ الموجودة في المحافظات ذات التنوع القومي في بلادنا، هو من أهم السبل لإضعاف نظام جمهورية إيران الإسلامية، وكانت قد عدّدت: تضخيم بعض النقص، وتأجيج الانقسامات الدينية والصراعات القومية، وتحريض الناس عبر أزمة المياه، وإيجاد تشاؤم إزاء القيادة والحرس و... على أنها تكتيكاتها. وفي مخطط آخر، خُصِّص مبلغ 550 ألف دولار مساعدة إعلامية لتحريض الأقليات القومية والدينية في المناطق الحدودية لإيران، وتغطية أخبار أعمال الشغب داخل البلاد.
3. في مجال الشباب، بناء على المعلومات التي وصلتنا مؤخراً في مورد آخر كانوا قد عدَّدوا تباعد فئة الشباب، وإطلاق مصطلح «الثورة الطلابية» على أعمال شغب الخريف، وإعادة إنتاج التوترات السياسية وتظهيرها، وتقسيم التيارات إلى متشددة ومعتدلة، على أنها تكتيكات تغيير الاستراتيجية الأميركية في مواجهة إيران.
إن المواجهة الأمنية والعسكرية بين إيران والكيان الصهيوني هي من ضمن أهم محاور الملف الأمني للبلاد. الموضوع الذي يُتابَع أيضاً في السنوات الأخيرة بحساسية أكبر من قبل الصهاينة مع تزايد قدرة ونفوذ إيران في المنطقة، وكان مترافقاً مع مساعٍ لتوجيه ضربة لمصالح إيران الإقليمية. لكنْ إيران، ولأن لديها اليد العليا في هذا المضمار، سعت للرد على هذه الأعمال ضمن اجتناب ردود الفعل الانفعالية والمرحلية لكن في الوقت والمكان المناسب. ما هي النقاط التي يمكن عرضها حول إجراءاتنا المتبادلة في هذا المجال؟
من الضروري الالتفات إلى أن الكيان الصهيوني، بات خلال السنوات الأخيرة في ظروف بحيث إنه من ناحية يواجه الإجراءات الهجومية لمجموعات محور المقاومة ضد مصالحه، ومسار تزايد قدرة إيران ومحور المقاومة، ومن ناحية أخرى، فإن الصهاينة يعانون من الانقسام والأزمات الداخلية. لذا سعى مسؤولو هذا الكيان الغاصب، ضمن جر التهديدات من ساحتهم الداخلية إلى الخارج وفرض الضغط على جبهة المقاومة، إلى التوصل إلى مستوًى من الردع. وجمهورية إيران الإسلامية أيضًا، وفي إطار سياستها المبدئية التي مفادها «الرد المتبادل على التهديدات»، لديها في جدول أعمالها إيجاد الردع الاستخباراتي بميزتي المبادرة الخفية والضربة المتماثلة ضد الكيان الصهيوني. بالطبع، فإن تهديدات جمهورية إيران الإسلامية للكيان وجوديةٌ واستراتيجية، لكن تحركات الصهاينة تكتيكية ومقطعية. لذا يسعون بالاستعانة بالحرب الإعلامية إلى بث دعاية إعلامية عن إجراءاتهم الصغيرة وإلى – كما يزعمون – إيجاد حيثية لهم. في المقابل، جرى التعرف على الأرضيّات والقابليّات التي يستعين بها الجهاز التجسسي للكيان في هذه الإجراءات، وكشفها. شاهدتم نموذجاً من المواجهة التي تفوَّقت بها جمهورية إيران الإسلامية على الكيان في مسألة السفن. وكذلك تُوجَّه ضربات في القطاعات والساحات المختلفة للمناطق المحتلة، وقطاع غزة، والفضاء السيبراني، ومواقع الكيان في المنطقة و... ولا يزال تعزيز القدرة على توجيه ضربات جوهرية على جدول الأعمال.
بالطبع، بدليل الحفاظ على الأهداف والأساليب والأدوات وكذا حماية الشبكات المتعاونة والتيارات ذات التوجُّه المماثل في عمق أراضي فلسطين المحتلة، وأيضاً خلق الرعب والإبهام لدى الصهاينة تجاه منشأ الضربات؛ فلا يوجد حالياً قرار للكشف عن هذه الإجراءات المؤثرة وعرضها إعلامياً.
طُرحت أخبار حول تدخل الأجهزة الاستخباراتية لأكثر من عشرين دولة في أعمال شغب الخريف. اشرحوا أبعاد هذه القضية.
تبيّن التحقيقات الاستخباراتية في الجهاز الاستخباراتي للحرس ضلوع ومشاركة أجهزة استخبارات ما يقارب عشرين دولة في أعمال شغب 1401 [2022]، وكان لبعض هذه الدول ضلوع لعدد من أجهزة استخباراتها.
تجدر الإشارة إلى أنه خلال السنوات الأخيرة كان هناك مسعًى لتحقيق ائتلاف وتقسيم العمل بين المجموعات المعارضة للجمهورية الإسلامية الإيرانية وأجهزة استخبارات الدول المتخاصمة، وقد ظهر إلى الواجهة في الوقائع الأخيرة.
بالطبع فإن ضلوع الأجهزة الاستخباراتية لهذه الدول وسفاراتها كان بنحو مباشر وغير مباشر، أو بالتعاون مع العناصر الوكيلة في مختلف المجالات السياسية والأمنية والديبلوماسية والحقوقية والسيبرانية. على سبيل المثال، من الموارد التي بوسعي الإشارة إليها: 1. جمع المعلومات عن الوضع الميداني لأعمال الشغب ومطالب عناصر الشغب، 2. تحديد المسارات والجماعات الناشطة في تهريب الأسلحة والمعدات، 3. تنسيق الجماعات الإرهابية، 4. دعم عناصر الشغب مالياً وإعلامياً، 5. ممارسة الضغوط على المنظمات الحقوقية والدولية بهدف عزل إيران وطردها، 6. تشديد الضغوطات الدبلوماسية على جمهورية إيران الإسلامية، 7. السعي لجعل العناصر المعارضة والمعاندة متحدة، وتعزيزها، 8. التمهيد لتنظيم تجمعات مناهضي الثورة خارج البلاد ودعمها، 9. تشديد ضغط الحظر وخلق أمواج دعاية إعلامية في حيز المعيشة والغلاء، 10. التخطيط لإجراءات مؤذية والتخريب السيبراني.
من الدول التي كانت ناشطة في هذه المجالات، يمكن الإشارة إلى أمريكا وبريطانيا والإمارات والسعودية وفرنسا وألمانيا وكندا وبلجيكا والنمسا وأستراليا وإيسلندا وإيطاليا وكوسوفو والنرويج والبحرين ونيوزيلندا والكيان الصهيوني الغاصب.
وفي هذا المجال، فإن بعض إجراءات هذه الأجهزة وعملائها، هي في البيان التالي:
1. التحركات الديبلوماسية لسفارة فرنسا في طهران بهدف جمع المعلومات الميدانية عن أعمال الشغب ووضع قوى الأمن والشرطة في شهر تشرين الأول، وتبادل المعلومات مع ضابط استخبارات سفارة إحدى الدول الأوروبية.
2. سعي الكيان الصهيوني لتبرير تأسيس صندوق لدعم المُضربين والمعترضين بمبادرة وتأمين المال من قبل أمريكا والدول الأخرى.
3. اجتماع سفراء 28 دولة أوروبية في سفارة إحدى الدول الأوروبية في بداية شهر تشرين الأول 2022، لبحث اقتراح استدعاء سفراء الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي وإغلاق السفارات الأوروبية في إيران، بمحورية ألمانيا.
4. استخدام المواطنين غير الأوروبيين (أفغانيين وباكستانيين وعراقيين)، ومشاركة المواطنين الأوروبيين لجمع المعلومات وتوثيق وضع أعمال الشغب مما كان قد أدى إلى اعتقال 40 فرداً من مواطني إحدى الدول المجاورة، ومواطنٍ من الجنسية الفرنسية-الإيرلندية في محافظة خراسان الرضوية، ومواطنٍ ألماني في محافظة أردبيل.
5. تكثيف نشاطات ودعم وكالة السي آي إيه بهدف إيجاد مجاري سيبرانية ضرورية لمخابرة أنباء أعمال الشغب، ومن ضمنها السعي لإرسال معدات تقنية، وأنظمة الاختراق وإلغاء حظر الأدوات المتعلقة بالتواصل الجوَّالي بذريعة التدفق الحر للمعلومات وحرية الإنترنت، في خضم أعمال الشغب.
5. مطالبة السي آي إيه بتشكيل فريق مشترك مع الموساد و MI6] بهدف التفعيل ثانيةً لمخطط اغتيال العلماء الإيرانيين، خاصة في المجال النووي والفضائي والعسكري، في أواخر أعمال الشغب.
6. الاجتماع الدوري المشترك لجهاز الاستخبارات الإماراتي والكيان الصهيوني في إحدى الدول العربية، تحت عنوان دعم أعمال الشغب في إيران.
بصرف النظر عن تخطيط الأعداء الأجانب وعملائهم في الداخل، ما هو دور الأشخاص المنخدعين أو غير المطلعين في الداخل في تأجيج هذه الحوادث؟
قال قائد الثورة الإسلاميّة في تصريحاته في حفل التخرج المشترك لطلبة جامعات القوات المسلحة أنّ ذريعة هذه الحوادث هي مقتل تلك السيدة، إلا أن أعمال الشغب هذه كانت مدبرة من قبل العدو.
بينما في الساعات الأولى كانت المؤسسات المسؤولة في الإدارات المختلفة تتابع قضيّة وفاتها، للأسف بعض الناس في الداخل، وبدلاً من التوضيح والمطالبة بإحقاق الحق وضخ السكينة والهدوء في المجتمع، وتزامناً الحرب النفسية الواسعة النطاق لوسائل الإعلام المعادية، عمدوا ومن خلال مواقف مُبهمة واستفزازية إلى إدانة النظام بناءً فقط على بعض الإشاعات وبدون أي تحقيق في أصل القضية، ما زاد من الإبهام، وبالتالي ارتفاع مستوى الغضب في المجتمع. هؤلاء الأشخاص، دون أن يكونوا قادرين على تحليل أن هذه الاضطرابات حدثت في سياق حرب العدو المركّبة، كانوا فقط سبباً لتحريض بعض الشباب واليافعين الذين تمّ خداعهم ليأدّوا دور عناصر أجهزة التجسس الأجنبية والجماعات المعادية.
أظهر نشاط بعض التيارات الداخلية وانفعال بعضها الأخر، مثل أيام فتنة 2009، أن امتلاك البصيرة والفهم للوضع والجو العام هو أمر ضروري دائماً للحؤول دون الأزمات أو التغلب عليها. كان تدمير أركان النظام الإسلامي ومبادئه وصورته وهياكله وتغيير أماكن العدو والصديق من بين السلوكيات التي قاموا بها وتسبب في تغطية الحقيقة وعدم الوضوح في الجوّ العام. على الرغم من أن التعديل المتأخر لبعض المواقف ساعد في جعل الأجواء أكثر شفافية، إلا أن الصمت والمواقف المنحازة للنخب، وبعض علماء البلاد والتأخر في أداء بعض نواب مجلس الشورى، تسبّب للأسف في فرض تكلفة كبيرة على نظام الجمهوريّة الإسلاميّة مرة أخرى.
إنّ إثارة سوء الظنّ والشك واللامبالاة والحقد والكراهية لدى الناس تجاه الحكومة من خلال تبني مواقف غير مبدئية وغير مسؤولة، والتي كان منشؤها الجهل تارةً، والعداء للنظام الإسلامي أخرى، يؤدّي إلى تحوّل المجتمع المتماسك إلى مجتمع غير متماسك ومشتتّ ومعارض للنظام الإسلامي حيث يجب على جميع الحريصين من الأشخاص والتيارات الداخلية توخي الحذر والابتعاد عن هذه الأجواء.
لقد هُزم العدو في أعمال الشغب الأخيرة أمام وحدة الشعب الإيراني وذلك من خلال مشاركة الشعب في مسيرات 13 آبان (يوم التلميذ وذكرى السيطرة على وكر التجسس) و22 بهمن (ذكرى انتصار الثورة الإسلاميّة)، لكن كما حذر قائد الثورة في خطابه يوم 4 حزيران/يونيو من هذا العام، فإنّ هذه ليست المحاولة الأخيرة للعدو وسيكون لديهم المزيد من العمل للقيام به في المستقبل. ما هو تقييمكم لتحركات العدو والتيارات المعادية في المستقبل؟
كما ذكرنا سابقاً، إنّ استراتيجية العدو ضد جمهورية إيران الإسلامية متواصلة، وإحدى نقاط العطف بالنسبة لهم انتخابات عام [9]1402. لكن هناك إرادة فوق إرادة العدو، حيث يقول القرآن الكريم في الآية 12 من سورة آل عمران: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ...} وأيضاً في الآية 36 من سورة الأنفال حيث وعد الله: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ...}.
لقد رأى الأصدقاء والأعداء المحليون والأجانب هذه الإرادة الإلهية في يوم الله 13 آبان و22 بهمن. مع الحضور الواعي والمحفز للشباب والعائلات في هذه المناسك الدينية-السياسية والإعلان عن هزيمة خطة الأعداء لمائة يوم، تركت مقاومة الشعب الإيراني أثرها على الوضعين الداخلي والخارجي للبلاد. لقد تركت تأثيرها الأول على الأمريكيين، حيث أنّهم وبعد أن أخطأوا في الحسابات، بدّلوا موقفهم في أعمال الشغب والتفكير في تنفيذ ما يسمونه خطتهم الثانية من خلال الدعم العلني للإرهابيين الأشرار وأنصار ديكتاتورية بهلوي سيئي السمعة، واليوم هم يتطلعون إلى تبديل وجوههم وتعديل مواقفهم.
التأثير الثاني كان على الأوروبيين، الذين يسعون، ومن خلال انسحابهم من إعلان حرس الثورة الإسلامية منظمة إرهابية من قبل الاتحاد الأوروبي والحكومات الأوروبية، إلى إحياء مسارات التعامل الدبلوماسي مع إيران، حيث أنّه تبعاً لذلك شهدنا حضور مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية في طهران. تمثّل التأثير الثالث في الزيارة التاريخية للسيد رئيسي (الرئيس الموقّر لبلادنا) إلى الصين والاتفاقيات الاستراتيجية بين طهران وبكين، وخاصة في المجال الاقتصادي. يمكن رؤية الأثر الرابع في الإعلان عن الاتفاق بين جمهورية إيران الإسلامية والمملكة العربية السعودية، وترحيب الحكومات العربية الأخرى بتطوير العلاقات مع إيران.
وفي الداخل أيضاً، فإنّنا عقب الأمر التاريخي لقائد الثورة الإسلاميّة بالعفو وتخفيف أحكام مجموعة مُعتدّ بها من المتهمين والمحكومين في الأحداث الأخيرة، إضافة إلى الهمّة المضاعفة للمؤسسات التنفيذيّة، التشريعيّة والقضائيّة في البلاد من أجل لجم التضخّم ومنح الاستقرار للسوق وأيضاً تدفّق الانفراجات الخارجيّة إلى داخل البلاد، نشهد بفضل الله ارتقاء الأمل، الانسجام والثقة بالنفس لدى عامّة الناس وبين مختلف فئاتهم، إضافة إلى انطلاق مشاريع اقتصاديّة ضخمة مع بداية العام 1402.
بالطبع، في أجواء الحرب النفسية للعدو، ينبغي أن نكون حريصين على عدم الوقوع في خطأ في التقدير. لقد جاءت التحوّلات الأخيرة نتيجة مقاومة الناس وكفاءة نظام جمهوريّة إيران الإسلاميّة، إذ إنّه طوال هذه الأعوام التي تلت انتصار الثورة وعلى الرغم من الحجم الكبير لمخططات الأعداء وخطواتهم العدائيّة والشريرة، استمرّ مسار الارتقاء والتقدّم والعزّة لإيران الإسلاميّة وإن شهدت البلاد وقفة في بعض الأحيان.