مع حلول عيد الأضحى المبارك، دخلت البلاد في عطلةٍ رسميةٍ، ومعها الحركة السياسية في إجازةٍ أيضًا، حتى ما قبل العيد، لم يسجّل أي تطورٍ سياسيٍ بارزٍ في لبنان، تحديدًا في ملفي الإستحقاق الرئاسي، والدعوة إلى الحوار بين المكونات اللبنانيين. لا بل أكثر من ذلك، تبدي مختلف الأطراف اللبنانيين تصلبًا في مواقفها من هذين الملفيّن، بين متصلبٍ في موقفه الداعم لهذا المرشح الرئاسي أو ذاك، وبين مؤيدٍ للحوار ورافضٍ له.
وسط هذه الأجواء السوداوية، تطل بارقة الأمل من بوابة لبنان السياحية في هذا الصيف، حيث يشهد البلد موسمًا سياحيًا واعدًا، كما كان متوقعا منذ الربيع الفائت، وبحسب تقدير رئيس اتحاد النقابات السياحية ونقيب أصحاب الفنادق في لبنان بيار الاشقر، الذي توقع أن يشهد لبنان حركةً سياحيةً واعدةً خلال فترة الأعياد. وقد تتجاوز حجوزات الفنادق لموسم "صيف 2023" نسبة الـ 80 في المئة، وفقًا لتوقعات الأشقر في الربيع. ليعود ويكشف أن في الأيام القليلة الفائتة "يدخل إلى لبنان بحدود 18 ألف شخص يوميًا حتى نهاية شهر أيلول، وأغلبهم من اللبنانيين، وهناك جزء كبير من السواح يأتون من العراق بالدرجة الاولى ومصر بالدرجة الثانية".
وأعلن الأشقر أن "نسبة الحجوزات مرتفعة جدًا في بيروت، وأغلبها من الأجانب، ونسبة الحجوزات خارج بيروت لا بأس بها"، من دون أن يحدد نسبة هذه الحجوزات. ولكن لاريب أن هذه الحركة السياحية التي يشهدها البلد، تبعث في الأمل، وتسهم في إنعاش الإقتصاد اللبناني، الذي وصل الى مرحلةٍ حرجةٍ في الأعوام الأربعة الفائتة. وفي السياق عينه، كشف رئيس لجنة الأشغال العامة والنقل النيابية النائب سجيع عطية في حديثٍ صحافيٍ أن "نحو 10 مليارات دولار دخلت البلد من المغتربين هذا العام". ودعا شركة "طيران الشرق الأوسط" إلى تحسين أسعارها خلال هذا الموسم السياحي لصيف 2023، لتشجيع السواح على زيارة لبنان والسياحة فيه.
وأوضح عطية أن "مطار رفيق الحريري في بيروت يستقبل حالياً نحو 30 ألف زائر يومياً، وهذا عدد كبير جداً يؤدي إلى زحمةٍ خانقةٍ في محيط المطار، ما يستدعي التفكير بتشغيل مطارات أخرى، أبرزها مطار القليعات في شمال لبنان، فهو جاهز لاستقبال الطائرات، لكن يحتاج لقرارٍ سياسيٍ لتشغيله"، يختم عطية. وما يعزز الأمل أيضًا في شأن إنتعاش الوضع الإقتصادي اللبناني، من خلال الحركة الواعدة التي يشهدها القطاع السياحي في لبنان، هو الإزدياد الكبير في عدد القادمين إلى سورية معظمهم من دول الخليج من مغتربين وعرب، بحيث تصل الأعداد يومياً إلى ما بين 5 آلاف إلى ستة آلاف قادمٍ، معظمهم مغتربون سوريون، على حين هناك ازدياد في أعداد القادمين العرب خلال الفترة الراهنة. وذكرت مصادر عليمة أنه يومياً تدخل ما بين 500 إلى 600 وأحياناً تصل إلى 700 سيارة خاصة عبر معبر نصيب الحدودي بين سورية والأردن والمفتوح على دول الخليج.
وجرت العادة قبل إندلاع الحرب الكونية على سورية في منتصف آذار 2011، أن يكمل السواح العرب طريقهم من سورية إلى لبنان، بعد إنهاء جولاتهم السياحية فيها، للإستمتاع في السياحة في ربوع لبنان. فهل يعود الوضع السياحي بين لبنان وسورية إلى ما كان عليه قبل إندلاع الحرب المذكورة؟ لا أحد يملك جوابًا دقيقًا على هذا السؤال.
ولكن لا بد للأجهزة المختصة في لبنان، من أن تكون على أتم الجهوزية، لتسهيل حركة عبور السواح في مختلف المعابر الحدودية البرية والجوية والبحرية. ولاريب أن إعادة تطوير الحركة السياحية بين لبنان وسورية، يدخل في إطار إعادة تفعيل العلاقات الثنائية ككل، ولهذه الغاية سيقوم وفد حكومي لبناني رفيع بزيارة دمشق، وكان وزير المهجرين عصام شرف الدين في حكومة تصريف الأعمال اللبانية سبقهم إلى العاصمة السورية، تمهيدًا لإنجاح زيارة هذا الوفد، علّه أن يحقق من خلالها النتائج المرجوة منها، لما في ذلك من مصلحةٍ مشتركةٍ لخير البلدين.