قالت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية إن الرئيس دونالد ترامب قلب خلال الفترة التي قضاها في البيت الأبيض السياسة الخارجية الأميركية رأسا على عقب، مما خدم مصالح دول وتسبّب في توتر أخرى، وهي تنظر جميعها الآن بترقب لمعرفة القبلة التي ستولّيها واشنطن بعد الانتخابات الرئاسية.
وذكرت الصحيفة -في تقرير جماعي حرره رئيس مكتبها في القدس ديفيد هالفينغر أنه في منطقة الشرق الأوسط مثلا ستشكل هزيمة ترامب "خسارة كبيرة" لحكومة اليمين الإسرائيلي، ولرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
ففي عهد ترامب -تقول الصحيفة- تم "إغراق هذه الحكومة بخدمات سياسية من قبل البيت الأبيض ودعمت إلى أقصى حد، وبلغ هذا الدعم ذروته بصفقات تطبيع مع 3 دول عربية جعلت الشرق الأوسط يتحول فجأة إلى مكان أقل عداء للدولة اليهودية".
وفي المقابل، يؤكد السفير الإسرائيلي السابق في الولايات المتحدة سلاي ميريدور، أن "ضوء نهار أكثر سيسلط على العلاقة بين نتنياهو والبيت الأبيض" في حال فاز المرشح الديمقراطي جو بايدن بالانتخابات، و"قد نخسر ما حققناه مع ترامب، وقد لا نكسب المزيد".
كما ترى الصحيفة -نقلا عن الصحفي هشام ملحم بجريدة النهار اللبنانية- أن خسارة محتملة لترامب ستترك لزعماء دول مستبدة بالمنطقة -وفي مقدمتها مصر والسعودية- "القليل من الأصدقاء" في واشنطن.
دكتاتوري المفضل
أما مصر التي وصف ترامب رئيسها عبد الفتاح السيسي بأنه "دكتاتوره المفضل"، فتؤكد مصادر صحفية قريبة من السلطة أن مسؤوليها "يدعمون بشدة" إعادة انتخاب الرئيس الأميركي لولاية ثانية "لكنهم لا يملكون للأسف صوتا" يدعمونه به.
ومن ناحية أخرى، ترى نيويورك تايمز أن لا دولة تتطلع للانتخابات الرئاسية الأميركية المقبلة بغضب وتذمر أكثر من الصين، حيث أدّت التوترات بشأن التجارة والتكنولوجيا وفيروس كورونا المستجد إلى بلوغ العلاقات بين البلدين أسوأ مستوياتها منذ أن اعترفت واشنطن لأول مرة بجمهورية الصين الشعبية عام 1979.
وتؤكد الصحيفة الأميركية ذائعة الصيت أن قلة من المسؤولين الصينيين يعلقون آمالا على أن تؤدي هزيمة ترامب إلى تحسن في العلاقات، خاصة وأن البديل المحتمل جو بايدن يتبنى نهجا متشددا بشكل متزايد تجاه بكين، لذلك فهو يعتبر -في نظرهم- تحديا "أكثر تعقيدا" من ترامب.
أما في روسيا التي تتهمها وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية "سي آي إيه" (CIA) بالسعي سرا لإعادة انتخاب ترامب، فقد ضاعفت المؤسسات الإعلامية الموالية للكرملين حديثها أخيرا عن إمكانية انزلاق أميركا إلى العنف والفوضى بعد إعلان نتائج الانتخابات.
لكن غالبية الروس يؤكدون أن لا فرق بالنسبة لهم سواء فاز ترامب أو خصمه بايدن. ويقول أرسين أروتيونيان، وهو شاب يملك شركة صغيرة في موسكو "كان ترامب رئيسا جيدا لروسيا، لكن الأمر لا يهم.. لنترك بوتين يصبح رئيسا جيدا لروسيا".
عودة إلى التحضر
أما بالنسبة لحلفاء واشنطن الأوروبيين، فإن إعادة انتخاب ترامب -تقول الصحيفة- ستعتبر تأكيدا لتخلي واشنطن عن دورها القيادي في التحالف الذي يجمع الطرفين.
ويخشى عديد من الأوروبيين من أن تكون ولاية ثانية لترامب أكثر راديكالية وأقل التزاما، وأن يواصل الرئيس الأميركي حرية التصرف وفقا لغرائزه كما فعل في تعاطيه مع أزمة جائحة كورونا، حيث تجاهل نصائح علماء الأوبئة وسخر من مرتدي الكمامات، وأصرّ على أن الفيروس سيختفي.
في المقابل، فإن رئاسة بايدن ستكون موضع ترحيب من قبل الحلفاء الأوروبيين باعتبارها ستشكل "عودة إلى التحضّر"، كما أكد ذلك المحلل الفرنسي لشؤون الدفاع فرانسوا هايسبورغ.
وتختتم الصحيفة بالقول إن ترامب يملك في وسط أوروبا وشرقها "أنصارا" يقدرون تعزيزه لوجود القوات الأميركية على طول حدود روسيا، حيث وصف زعيم صرب البوسنة -ميلوراد دوديك- خصم ترامب الديمقراطي بايدن بأنه "كاره للصرب"، وحثّ الأميركيين من أصول صربية على التصويت لمصلحة ترامب.