بانقضاء المهلة الزمنية التي حددها قادة 11 دولة من الدول الأعضاء في المجموعة الاقتصادية لغرب أفريقيا المعروفة باسم “إيكواس”، للسلطة العسكرية الجديدة في النيجر – وهي المهلة المحددة بأسبوع ينتهي في 6 أغسطس الجاري، وقد أُقرَّت خلال أعمال القمة الاستثنائية التي انعقدت في 30 يوليو 2023 بالعاصمة النيجيرية أبوجا، من أجل التراجع عن الانقلاب العسكري الذي وقع في البلاد في 27 يوليو 2023، وأطاح بنظام الرئيس محمد بازوم واستعادة الشرعية الدستورية في البلاد – ثمة حالة من الترقب تجاه شروع إيكواس في تنفيذ تهديدها باستخدام القوة العسكرية في النيجر للإطاحة بالمجلس العسكري الجديد، الذي أصر على عدم الرضوخ للضغوط الإقليمية والدولية بإعادة بازوم إلى السلطة، وسط انقسامات إقليمية ودولية –ولو نسبيّاً – تجاه الحل العسكري المحتمل في البلاد؛ الأمر الذي يضفي مزيداً من الضبابية حول مستقبل النظام السياسي في النيجر وأمن المنطقة ككل خلال الفترة المقبلة.
استجابة معقدة
اتسمت دينامية الحراك الإقليمي والدولي في أعقاب الانقلاب بالنيجر بدرجة من التعقيد في ضوء سياق إقليمي مضطرب سياسيّاً وأمنيّاً بالأساس. ويمكن الإشارة إلى أبرز أبعاد تلك التفاعلات تجاه الانقلاب على النحو التالي:
1– فرض حزمة من العقوبات الإقليمية: فقد تزعم الاتحاد الأفريقي ومنظمة إيكواس التيار المعارض بشدة للانقلاب الأخير في النيجر، ودعت إيكواس إلى المسارعة بإعادة الشرعية الدستورية في البلاد، وسرعان ما هددت بعقوبات تصعيدية وصولاً إلى الحل العسكري لاستعادة نظام “بازوم” والاستقرار في البلاد.
وأعلنت إيكواس والاتحاد الاقتصادي والنقدي لغرب أفريقيا عن حزمة من العقوبات ضد السلطات الجديدة في النيجر تمثلت في إغلاق الحدود مع النيجر فوراً، وحظر الرحلات التجارية، ووقف المعاملات المالية، وتجميد الأصول الوطنية، وتعليق المساعدات، ومنع قادة الانقلاب من السفر وتجميد أصولهم؛ الأمر الذي قررت على إثره نيجيريا وقف تصدير الكهرباء إلى النيجر التي تحصل على نحو 70% من احتياجاتها من أبوجا؛ ما دفع المجلس العسكري النيجري إلى وصف العقوبات بأنها غير إنسانية وغير عادلة.
ويأتي فرض هذه العقوبات في إطار محاولة للضغط على العسكريين الجدد في نيامي للتراجع وإعادة بازوم مجدداً للحكم، واحتواء سلسلة الانقلابات التي باتت تهدد منطقة الساحل، خاصة بعدما شهدت سبعة انقلابات عسكرية خلال السنوات الثلاث الأخيرة منذ عام 2020.
2– اصطفاف إقليمي داخل إيكواس: وهو كشفه الانقسام الذي ظهر في المواقف الإقليمية تجاه الانقلاب؛ حيث أيدت دولتا مالي وبوركينا فاسو الأحداث الأخيرة في النيجر، وسط رفض حاسم للحل العسكري في النيجر والتدخل الأجنبي فيها؛ حيث اعتبر البلدان، في بيان مشترك – وقد انضمت إليهما غينيا كوناكري – أن هذا التدخل سيكون بمنزلة إعلان حرب على الدول الثلاث؛ وذلك في محاولة لدعم الانقلاب. وبالرغم من أنه دعم إقليمي محدود نسبيّاً، فإنه قد انعكس على إصرار السلطة العسكرية الجديدة في النيجر على رفض العقوبات الإقليمية وعدم الاستسلام لأي تهديدات، خاصة بعدما أوفد المجلس العسكري النيجري وفداً بقيادة الجنرال ساليفو مودي إلى باماكو وواجادوجو للتنسيق والحصول على المزيد من الدعم؛ ما أدى إلى تزايد حدة المواجهة مع إيكواس، بما يهدد تماسك المنظمة خلال الفترة المقبلة وسط تخوفات من تفككها بسبب التناقضات بين بعض دولها الأعضاء.
3– طرح البعض التفاوض خياراً أولاً: تحاول إيكواس تسوية الأزمة سلميّاً من خلال الحوار والتفاوض في سبيل إقناع العسكريين في النيجر بالتراجع عن الانقلاب وعودة الشرعية الدستورية في البلاد، بينما جعلت الحل العسكري خياراً أخيراً في حالة فشل جميع محاولات التفاوض والوساطة مع القادة الجدد في النيجر؛ فقد أوفدت الرئيس البنيني باتريس تالون إلى النيجر للتفاوض مع قائد الانقلاب “عبد الرحمن تشياني”، قبل إرسال وفد آخر برئاسة الجنرال عبد السلام أبو بكر الرئيس النيجيري الأسبق؛ من أجل التفاوض والتوصل إلى صيغة توافقية لإنهاء الأزمة.
كما تطوع الرئيس التشادي الانتقالي محمد إدريس ديبي للوساطة بين القادة العسكريين في النيجر وإيكواس، إلا أن المجلس العسكري الجديد يصر على إنهاء حقبة الرئيس بازوم من المشهد السياسي النيجري، وهو ما قد يعني مزيداً من التأزم في العلاقة بين إيكواس والنيجر خلال الفترة المقبلة.
4– تكثيف الحرب النفسية على النيجر: فقد دعت إيكواس إلى اجتماع وزراء الدفاع للدول الأعضاء في 1 أغسطس 2023 – وهو الاجتماع الذي حضره نحو 11 دولة – في إشارة إلى التلويح بالحل العسكري، خاصة أنهم أكدوا د تمسكهم بخيار التدخل العسكري في النيجر لاستعادة الديمقراطية هناك، كما أعلنت إيكواس عن خطة التدخل العسكري المحتمل في النيجر؛ وذلك قبل يوم من انتهاء المهلة التي حصل عليها المجلس العسكري النيجري للعودة إلى النظام الديمقراطي بقيادة بازوم، في محاولة لإرباك حسابات العسكريين في النيجر، خاصة بعدما أعلنت بعض الدول – مثل السنغال وبنين – استعدادها للتدخل العسكري في النيجر إذا قررت إيكواس ذلك، وهو خطوة أخرى نحو مزيد من تأزم العلاقات بين دول المنطقة مستقبلاً.
5– تزايد المخاوف الغربية من استمرار الانقلاب: وهي مرتبطة بالأساس لدى بعض القوى الفاعلة مثل فرنسا والولايات المتحدة بخسارة حليف إقليمي قوي في مجال مكافحة الإرهاب بالساحل، واحتمال سقوط النيجر في فلك النفوذ الروسي، خاصة بعدما دعا المجلس العسكري النيجري قوات فاجنر إلى التدخل في النيجر وفق تقارير غربية بعدما ألغى الاتفاقات العسكرية مع باريس من طرف واحد، بما يهدد النفوذين الفرنسي والأمريكي اللذين يعتمدان على النيجر باعتبارها إحدى المحطات المهمة للوجود العسكري الأمريكي في المنطقة، خاصة أنها تستضيف قاعدة عسكرية أمريكية للطائرات بدون طيار في أغاديز جنوب البلاد.
ويُضَاف إلى ذلك تخوُّف باريس من عرقلة وصول اليورانيوم إلى محطاتها النووية التي تعتمد عليها بنسبة 35% من إجمالي احتياجاتها، وما يمثله من تهديد للطاقة الكهربائية في فرنسا التي تشهد سياقاً داخلياً مضطرباً بفعل الاحتجاجات الراهنة، خاصةً بعدما أفادت تقارير بقرار المجلس العسكري النيجري وقف تصدير الذهب واليورانيوم إلى باريس.
كما تخشى أوروبا من تنامي موجات الهجرة غير الشرعية من أفريقيا إليها نتيجة تفاقم الاضطرابات الأمنية الإقليمية في الساحل بفعل تداعيات الانقلاب في النيجر، وما قد يترتب عليه من توترات أمنية في السياق الإقليمي، خاصةً أن النيجر تُعَد محطة عبور استراتيجية بالنسبة إلى المهاجرين الأفارقة، كما تتزايد المخاوف من امتلاك موسكو – في حالة انخراط فاجنر في النيجر – ملفَّ المهاجرين غير الشرعيين، والبدء في مساومة أوروبا على أزمة شرق أوروبا.
لذلك يبدو أن هناك إصراراً من القوى الدولية على دحر الانقلاب في النيجر وعودة نظام بازوم إلى السلطة؛ حتى لا تخرج الأمور عن السيطرة في الساحل وتكتسب موسكو رقعة استراتيجية أوسع في المنطقة على حساب النفوذ الغربي، وهو ما جعل الخطاب الرسمي الأمريكي يتبنى موقفاً بعدم نجاح الانقلاب بشكل كامل، وأنه لا تزال هناك فرصة لإعادة بازوم إلى منصبه، وهو ما تُردِّده فرنسا وألمانيا؛ الأمر الذي يعكس رفض القوى الدولية الفاعلة الانقلابَ الأخير في النيجر، وتصويره على أنه لا يزال محاولة انقلابية قابلة للفشل، خاصة في ضوء احتمالات بأن يكون هناك خطوة تصعيدية ضد قادة الانقلاب في المدى المنظور,
6– هواجس توسُّع تأثير الدومينو في الساحل: هناك مخاوف مشتركة بين إيكواس والقوى الفاعلة في المنطقة من تأثيرات نجاح الانقلاب في النيجر بأن يمتد إلى دول أخرى في المنطقة، وهو ما يُقوِّض الديمقراطية في بلدان الساحل، وما قد يترتَّب عليه من تداعيات كارثية على المستويات السياسية والاقتصادية والأمنية والاجتماعية، بما في ذلك تصاعد نشاط التنظيمات الإرهابية في دول المنطقة نتيجة الفراغ الأمني المحتمل، بما يُوسِّع نطاق سيطرة تلك التنظيمات ويُعزِّز نفوذها ويُوسِّع عملياتها الإرهابية في دول المنطقة، وربما يصل إلى الإطاحة ببعض حكومات الساحل في تكرار لنموذج طالبان في أفغانستان على الساحة الأفريقية.
لذلك يتفق كلٌّ من إيكواس والقوى الدولية على ضرورة إفشال الانقلاب ولو باتخاذ إجراءات تصعيدية مثل الحل العسكري بدعم فرنسي ومباركة أمريكية؛ من أجل إنهاء تمدد الحكم العسكري وكسر سلسلة الانقلابات في الساحل.
محددات حاكمة
هناك جملة من المحددات ربما تلعب دوراً حاسماً في نجاح الضغوط الإقليمية والدولية في إسقاط الانقلاب العسكري بالنيجر، ويتمثل أبرزها فيما يلي:
1– تمسك “بازوم” بالسلطة: لا يزال الرئيس بازوم متمسكاً بمنصبه، ويرفض تقديم استقالته والتنازل عنه لصالح قادة الانقلاب العسكري، كما حذَّر عبر صحيفة واشنطن بوست بأن تداعيات الانقلاب حال نجاحه ستُعزِّز النفوذ الروسي في الساحل على حساب الغرب وواشنطن التي طالبها بالتدخل لإعادة البلاد إلى المسار الدستوري.
2– مدى استقرار الحكم الجديد: يمكن القول إن الحكم الجديد يعاني من معضلة استقرار نتيجة الضغوط الإقليمية والدولية التي مارستها إيكواس والقوى الدولية، والتخوُّف من عمل عسكري محتمل ووشيك تقوده إيكواس ومدعوم دولياً للإطاحة بالانقلاب، إضافةً إلى العقوبات الإقليمية التي فُرِضت على النيجر عقب الانقلاب، التي بدأ المواطنون يشعرون بها، لا سيما مع زيادة أسعار بعض المواد الغذائية مثل الأرز بنسبة 40%، بما يؤكد أن استمرار تلك العقوبات سيُعزِّز الاضطرابات الاجتماعية في البلاد ويهز ثقة الرأي العام بالعسكريين الجدد في البلاد.
كما كشف المجلس العسكري النيجري، في بيان له، عن وثيقة تطالب فيها بعض النخب في النيجر بالتدخل العسكري الأجنبي، وكان قد وقَّع عليها كل من قاموسي مسعود وزير الخارجية “السابق” والقائم بأعمال رئيس الوزراء، والرائد ميد جيري قائد الحرس الوطني “السابق”، وهو ما يعني وجود أطراف داخلية رافضة للانقلاب، لها قاعدتها الشعبية في البلاد؛ ما قد ينذر باضطرابات سياسية وأمنية في البلاد خلال الفترة المقبلة.
3– حدود نجاح الحشد الإقليمي والدولي لإيكواس: يمنح التأييد الإقليمي والدولي لموقف تجمُّع إيكواس بشأن ضرورة إسقاط الانقلاب العسكري في النيجر؛ الضوء الأخضر للمنظمة الإقليمية بالتدخل العسكري في النيجر للإطاحة بقادة الانقلاب واستعادة النظام المنتخَب بقيادة بازوم، خاصةً بعد إعلان إيكواس وضع خطة للتدخل دون الكشف عن موعده وطبيعته، تزامناً مع استمرار اجتماع وزراء الدفاع لدول إيكواس من أجل بحث الأزمة النيجرية، وإن كانت ستُواجِه بعض التحديات ينبغي تجاوزها وتحييد بعضها، مثل الدول الرافضة للتدخل العسكري، وتهديدات البعض الآخر – أي مالي وبوركينا فاسو وغينيا كوناكري – بمواجهة التدخُّل العسكري بجانب قادة الانقلاب في النيجر.
4– تمركز القوات الأوروبية في النيجر: لا تزال النيجر تستضيف قوات عسكرية أوروبية من دول فرنسا والولايات المتحدة وإيطاليا وألمانيا، وهي تشكل عامل ضغط قوياً على العسكريين النيجريين في حالة التدخل العسكري بالبلاد، وهو ما يعزز المخاوف من دور محتمل لتلك القوات بدعم قوات إيكواس، أو التدخل العسكري المنفرد بحجة حماية المصالح الغربية والفرنسية في البلاد.
5– الدعم الدولي للتدخل العسكري: وهو أمر تعززه مؤشرات تكشف نوايا بعض القوى الفاعلة في المنطقة، لا سيما فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية؛ فهناك إصرار فرنسي من قبل الرئيس إيمانويل ماكرون على بقاء القوات الفرنسية التي يبلغ عددها 1500 جندي في النيجر، بالتزامن مع تشديده على أن بلاده ستحمي مصالحها الحيوية ورعاياها في النيجر والمنطقة إذا لزم الأمر؛ وذلك عقب هجوم للمتظاهرين الذين تجمعوا بالآلاف على السفارة الفرنسية في العاصمة نيامي. وربما يمثل ذلك دليلاً على احتمال تنفيذ تدخل عسكري أو دعم تدخل إقليمي للإطاحة بالحكام العسكريين الجدد وعودة نظام بازوم، وهو ما بدأ مع اتهام الجيش النيجري القوات الفرنسية بخرق الإجراءات الاستثنائية بإغلاق الحدود البرية والجوية؛ وذلك عقب هبوط طائرة عسكرية فرنسية في المطار الدولي بالعاصمة نيامي عقب اندلاع الانقلاب.
كما جاءت خطوة إجلاء بعض الدول الأوروبية – مثل إيطاليا وفرنسا – لرعايا أوروبيين من النيجر، وإجلاء واشنطن بعض موظفي سفارتها وأسرهم من البلاد بسبب المخاوف من اندلاع صراع في البلاد؛ لتعكس تنامي احتمال تصعيد عسكري إقليمي في النيجر في المدى القريب، مع انسداد أفق الحوار والتفاوض بين إيكواس والمجلس العسكري النيجري.
فيما سارع المانحون الدوليون – مثل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وفرنسا – إلى تعليق المساعدات المالية والتعاون الأمني مع النيجر، التي تُعَد أكبر المتلقين للمساعدات الاقتصادية والإنمائية والإنسانية في الساحل؛ فقد خصَّص الاتحاد نحو 554 مليون دولار لتحسين الحوكمة والتعليم والنمو المستدام في النيجر خلال الفترة بين عامي 2021 و2024. وكانت واشنطن قد قدمت ما يقرب من 138 مليون دولار – وهي أكبر المانحين الثنائيين للنيجر – حتى عام 2023، مساعداتٍ إنسانيةً للنيجر، كما خصَّصت نحو 281 مليون دولار مساعداتٍ أمنيةً لعمليات مكافحة الإرهاب في البلاد، بالإضافة إلى 387 مليون دولار مساعداتٍ ثنائيةً في المجال الصحي بين عامي 2017 و2022، في حين خصصت وكالة التنمية الفرنسية نحو 97 مليون يورو في عام 2021 للنيجر.
وهو ما يعكس الرغبة الدولية في تضييق الخناق على العسكريين الجدد في النيجر، وإثارة المزيد من الأزمات على الصعيد الداخلي؛ لتأليب الرأي العام ضدهم، بما يزيد الضغوط الداخلية والخارجية على المجلس العسكري الجديد، الذي ربما يرضخ لها ويتراجع عن الانقلاب.
6– تحييد تدخل فاجنر في النيجر: أشارت تقارير إلى طلب المجلس العسكري النيجري مساعدة فاجنر في حالة التدخل العسكري في البلاد، وهو ما يضعها في مواجهة مع إيكواس والقوى الدولية الفاعلة بالساحل. ومن ثم، فقد يُجنِّب ضمانُ عدم تدخُّل فاجنر في النيجر عدمَ تصعيد الصدام في النيجر، وتحوُّلَه إلى صراع متعدد الأطراف، سواء كانت إقليمية أو دوليةً، وهو التحول الذي يُهدِّد المصالح الدولية الاستراتيجية في الساحل.
وإجمالاً، تدفع معظم المؤشرات التي تعكسها تطوُّرات الأزمة في النيجر إلى سيناريو محتمل؛ مفاده اتخاذ إيكواس إجراءً تصعيدياً بالتدخل العسكري الإقليمي في البلاد، وهو الإجراء المدعوم من قِبَل الغرب، بما في ذلك باريس وواشنطن؛ وذلك في ضوء تمسُّك الانقلابيين في النيجر بالانطلاق نحو مرحلة جديدة تتجاوز الرئيس “بازوم” الذي يصر هو الآخر على تمسُّكه بمنصبه، وسط سياق إقليمي مضطرب ومنقسم – ولو بشكل نسبي – ومُرشَّح للمزيد من الاضطراب في حالة تعرُّض نيامي لعملية عسكرية.
فقد تتطوَّر هذه الأحداث إلى حرب إقليمية تُعزِّز السياق المأزوم في المنطقة، كما قد تُهدِّد بتفكك إيكواس وانهيارها عقب احتمال انسحاب بعض دولها الأعضاء، مثل النيجر ومالي وبوركينا فاسو وغينيا كوناكري؛ وذلك بجانب توتر العلاقات الإقليمية البينية في منطقة الساحل التي ربما تكون عرضةً لمزيد من العسكرة، وهو ما يُعمِّق أزماتها على جميع المستويات، بما في ذلك تصاعد نشاط الإرهاب الذي ربما يُهدِّد مستقبل الدولة الوطنية في الساحل التي تعاني في الأساس من اختلالات جوهرية عميقة ربما تدفع نحو اختفائها خلال العقود المقبلة.
هذا وإن الأمر يستوجب ضرورة الدفع نحو تبني خيار الحوار والتفاوض بين الأطراف المعنية من أجل التوصل إلى حل سلمي من شأنه أن يُجنِّب البلاد والساحل ككل سيناريو كارثياً ستكون تداعياته سلبيةً على أمن واستقرار المنطقة هناك.