• اخر تحديث : 2024-05-02 13:29
news-details
إصدارات الأعضاء

الاقتصاد الافريقي وتنافس الدول الكبرى وقمة بريكس القادمة؟


تشهد أغلب دول القارة الافريقية السمراء اضطرابات سياسية واقتصادية واجتماعية وليس أخرها في دولة (النيجر)، وسبقتها مالي وبوركينا فاسو، مما يدلّ على ان اغلب الدول الافريقية تريد التخلص من السيطرة الأطلسية (الأوروبية والأمريكية) وهذه ذات تاريخ استعماري سيء، وبدأت النخب الثقافية الافريقية على مختلف مشاربها تذكر بذلك بين فترة وأخرى، وحاليا يتم الاستعداد في دولة (جنوب افريقيا) التي تترأس مجموعة البريكس من تاريخ 1 /1/2023، والتي ستعقد قمتها خلال الشهر الحالي ومن المتوقع بين 22و24/8/2023.

وجنوب أفريقيا من الدول المؤسسة مع الأربع الاخرى في  المجموعة أي  (روسيا والصين والهند والبرازيل)، فهل سنشهد تسخينا مصطنعا في القارة السمراء الغنية بالموارد الضرورية والنادرة والمطلوبة للدورة الاقتصادية العالمية؟، حيث تمتلك القارة الافريقية احتياطيات كبيرة من الموارد ومنها مثلا  [10% من النفط العالمي والغاز - 33% من اليورانيوم اللازم للصناعة النووية وخاصة في دولة النيجر وناميبيا وجنوب افريقيا -50% من الذهب وخاصة في جنوب أفريقيا وغانا وغينيا ومالي وتنزانيا - 40% من الإنتاج العالمي من الألماس - 80% من إنتاج البلاتين - و95% من الاحتياطي للكروم و64% من المنغنيزو40% من النحاس  و35% من المياه العذبة المتجددة وفيها أكبر مساحة مزروعة من الأناناس والقهوة والكاكاو والنخيل والفول السوداني والفلفل والبطيخ والقطن ونخيل البلح و الزيتون والحمضيات والخضار والاخشاب، ولها موقع جيوسياسي هام حيث تطل على المحيطين الهندي والأطلنطي والبحر المتوسط والأحمر ونهر النيل، والبحيرات الكبرى ..الخ. وهذا خولها لتكون مركز هام للثروة السمكية حيث يعمل حوالي /10/ مليون أفريقي بمهنة صيد الأسماك.

تنتج بحدود /35%/ من الإنتاج العالمي من السمك، وتؤكد المعلومات انه يوجد لديها /3000/ نوع من الأسماك ...الخ]، فهل ستسمح الدول الأطلسية بنجاح قمة بريكس القادمة ؟!، وخاصة في قاطرة النمو الافريقية دولة جنوب افريقيا؟ ولاسيما أن قادة مجموعة البر يكس أعلنوا عن تدشين عملة جديدة أو قاعدة الذهب ستكون بديلا للدولار الأمريكي، وبالتالي تخليص العالم والقارة الافريقية من هيمنة الدولار الذي تحول من وسيلة تداول إلى وسيلة للإرهاب الاقتصادي من عقوبات وحصار على الدول، وهو مغطى فقط بالقوة الامريكية وليس بالذهب أو الإنتاج، وستكون هذه العملة حسب تصريح السيد (سيرغي لافروف) وزير الخارجية الروسية بديلا عن (الدولار الأمريكي واليورو الأوروبي والإسترليني البريطاني).

هذه أول مرة يتم التصريح بذلك، ويساعد بذلك  أن دولا عديدة من القارة وغيرها تقدمت بطلب للانضمام إلى المجموعة ومنها (السعوديّة ومِصر وإيران ونيجيريا وفنزويلا...الخ) ونتيجة ذلك قد يتم الاستغناء عن منظومة (السويفت SWIFT ) التي تتحكم أمريكا بها وهي المسؤولة عن تحويل العملات بين دول العالم، وهذا يفسر السعي والتوجهات الكبيرة لدول البريكس لشراء الذهب لتغطية عملاتها وخاصة (اليوان الصيني، والروبل الروسي)، وتؤكد المعلومات مثلا ان الصين اشترت سنة /2022/ كمية /524/ طن من الذهب من سويسرا بقيمة /33/ مليار دولار ومن روسيا اشترت حوالي /7/ طن حسب مديرية الجمارك الصينية، وزاد احتياط البنك المركزي الصيني لأكثر من /2010 / طن، وأصبحت في المرتبة السادسة عالميا بعد (روسيا) التي تمتلك /2299/ طن، ولكن لاتزال أمريكا هي الأولى عالميا وتمتلك /8133/ طن، وإذا استمرت روسيا والصين وباقي دول البريكس بشراء كميات من الذهب فإنها ستتفوق قريبا على الولايات المتحدة الامريكية وخلال فترة قليلة نعتقد انها لن تزيد عن /5/ سنوات، وهنا الخطورة الكبرى على الدولار،  وكلنا نعرف أن الكثير من قيادات العالم تم الإطاحة بهم عندما طرحوا عملة بديلة عن الدولار واشتروا كميات كبيرة من الذهب كما حصل في ليبيا منذ أكثر من /20/ سنة بالدعوة إلى اعماد الدينار الافريقي، لكن المعادلات الدولية تغيرت وموازين القوى اختلفت ولم تعد الإرادة والإدارة الامريكية قدرا لا مفرّ منه.

ويترافق هذا مع زيادة القوة للعملتين الروبل واليوان على الساحة العالمية، وهذا يمهد للعد التنازلي للسيطرة الغربية على النظام العالمي الجديد، ومن هنا نتفهم تصريح رئيس جنوب أفريقيا الذي يخالف به قرار محكمة الجنايات الدولية وقال [إن قمة بريكس ستعقد بحضور شخصي، وسيشارك فيها جميع رؤساء الدول الخمس الأعضاء في المنظمة] وفي هذا إشارة واضحة لحضور السيد الرئيس (فلاديمير بوتين) ومنحه (الحصانة الدبلوماسية)، علما ان الجانب الروسي لم يعلن حتى الان هل سيحضر الرئيس (بوتين) شخصيا ام سيرسل من يمثله، فالأيام القليلة القادمة ستوضح ذلك، فهل ستمر قمة البر يكس بخير وهي تزداد قوة يوما بعد يوم،  وقد تجاوزت في القوة الاقتصادية سنة 2022 مجموعة السبع الصناعية التي تضم كل من [أمريكا وكندا وفرنسا وبريطانيا وألمانيا واليابان وإيطاليا]، وأن البر يكس  حققت أرقاما قياسية في الاقتصاد العالمي فهي تضم أكثر من /40%/ ٪ من سكـان العالـم، و 30٪ مـن مساحــة اليابـسـة، و18٪ من التجارة العالمية، و25٪ من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، ووصلت مساهمتهم الجماعية في النمو الاقتصادي العالمي على مدى العقد الماضي إلى ما يقرب من 50 ٪، مما يجعل البر يكس قوة رائدة في التنمية الاقتصادية العالمية.

وتعرف الدول الافريقية ان المجموعة تختلف عن القوى الغربية من خلال دعوتها إلى قيام نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب على أسس العدالة وسيادة القانون الدولي وتحقيق المساواة والاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى والتعاون والعمل المنسق واتخاذ القرارات الجماعية لجميع الدول، ولها تواجد كبير في المؤسسات الدولية مثل (الأمم المتحدة ومجموعة العشرين والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي. والعالم كله يتذكر مساهمة البر يكس في مواجهة كورونا بعكس الدول الأطلسية التي عبرت عن انانيتها وعدم قدرتها ورغبتها في مساعدة دول الجنوب الفقيرة ، وها هي ستعقد قمتها تحت عنوان [بريكس وأفريقيا: شراكة من أجل النمو المتسارع المتبادل، والتنمية المستدامة والتعددية الشاملة]، وعقد القمة في جنوب أفريقيا لها أهمية خاصة في هذا الوقت حيث أن جنوب افريقيا هي عضو فاعل في عدد من المنظمات الدولية الهامة مثل [الاتحاد الافريقي AU ومجموعة السبع والسبعين G77 والصين وحركة عدم الانحياز NAM ، وهي الدولة الافريقية الوحيدة في مجموعة العشرين G20 وفي اتفاقية منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية (AfCFTA)  والتي تعتبر أكبر منطقة تجارة حرة في العالم  بين /55/ دولة  تضم /1،3/ مليار نسمة وبناتج محلي إجمالي بحدود /4/ تريليون دولار ، وكل هذا يدفعنا للقول ان (ما بعد قمة بريكس في جنوب افريقيا سنة 2023 ليس كما قبلها ) ، فهل ستتقبل الدول الغربية هذا الواقع ام ستقدم على خطوات جهنمية كما تفعل في أوكرانيا أو اكثر، و الأيام القادمة ستعطي الجواب؟