في القرن الخامس الميلادي تم إخراج روما من الجزر البريطانية والتي أخذت اسمها من قبائل بريتون، تعرضت بريطانيا لهجوم القراصنة الانجلو سكسون وهم قبائل جرمانية، وقاومهم البريتون ولكن الحياة الناعمة التي عاشوها في العهد الروماني، جعلتهم غير قادرين على مواجهة القراصنة الانجلو سكسون الذين يمتازون بالخشونة والشراسة والعنف، فسيطر الانجلو سكسون وصارت حياتهم تعتمد على الغزو والنهب، ومنهم أخذت انجلترا اسمها، واليوم عندما نتحدث عن استمرار حكم الانجلوسكسونية فتلك رمزية سياسية مختلطة بواقع انتساب حكام أوروبا الفاعلين لهم، ولاشك أن اختلاط النسب والمصالح وواقعة دخول الممالك البريطانية السبعة واعتناق الممالك للمسيحية، بدأت مع أميرة الفرنجة التي ساعدت البابا في استقدام أوغستين المبشر والذي قام بذلك الدور بناء على رغبة أحد ملوك الانجلوسكسون لتثبيت حكمه، وما علينا من سرد تاريخ صراعات دموية طويلة بين الممالك السبعة وامتزاج دماء العروش في خضم صراعات أخرى مع بلاد الفرنجة (فرنسا)، حيث لم تتوحد بريطانيا إلا بعد غزوات الفايكنغ، ولكن التنويه السياسي لبنية الحكم ما بعد روما والتحكم في العالم عبر اثبات النسب الانجلو ساكسوني فما هو إلا تعرية لواقع القرصنة المستمر حتى الآن، ولسنا بصدد إثبات العلاقة السياسية مع المستعمرات في أمريكا والتي نتج عنها الدولة العظمى اليوم وهي الولايات المتحدة الامريكية في القرن الثامن عشر، وكندا إحدى دول الكومنولث المرتبطة بالتاج البريطاني لحد الآن .
ومن التاريخ واتساع الجغرافيا العالمية، إلى سورية التي تمثل الآن ساحة الصراع بين عالمين، عالم الانجلوسكسونية وعالم آخر تضمه حزمة تاريخ من الدفاع عن الوجود مثل روسيا، ودول عانت من احتلال الانجلو ساكسون مثل الصين والهند ومعاناة السلب والنهب الممنهج مع العبث في البنيان الاجتماعي والفكري عبر شركة الهند الصينية البريطانية وذلك ليس بزمن بعيد في حسابات التاريخ، وهكذا يصبح الحديث عن تحالف دول البريكس، ومشروع الحزام والطريق مرتبطاً ارتباطًا وثيقاً بالصراع على سورية، ومن ثم يقودنا إلى قراءة ما يحدث في الجنوب السوري بعين دامعة، فمن ذاك الذي يعرف من أولئك المتجمهرين في الجنوب السوري، يتلفظون بعبارات ساذجة بغض النظر عن محتواها، أي قدر وضعهم على طريق يتصارع عليه قراصنة الانجلو ساكسون مع المحور الباحث عن الانتصاف من التاريخ وبراءة الجغرافيا، أي حزن على الجهل الذي قد يفضي إلى بئس المصير.