• اخر تحديث : 2024-04-30 13:50
news-details
مقالات مترجمة

لماذا يُتوقع تراجع مكانة واشنطن في السوق العالمية للطائرات المقاتلة؟


تمكنت الولايات المتحدة من تحقيق مكانة متميزة في مجال بيع الطائرات المقاتلة في مرحلة ما بعد الحرب الباردة مع انهيار الحواجز التجارية؛ وذلك في مقابل تقلص ميزانيات الدفاع لمعظم الدول. وسيطرت مقاتلة إف-16 التي تصنعها شركة لوكهيد مارتن على السوق، وقدمت إمكانات هائلة مقابل السعر. وفيما صنع المصنعون الغربيون 1667 طائرة مقاتلة بين عامي 1991 و1995، فإن 727 من هذه المقاتلات كانت من طراز إف-16، و597 من الأنواع الأمريكية الأخرى، وفقاً لبيانات شركة AeroDynamic الاستشارية.

ومتابعةً لذلك، طورت الولايات المتحدة المقاتلة F-35 Joint Strike Fighter، التي دخلت الخدمة في عام 2015، والتي عززت هيمنة واشنطن التصديرية في السوق العالمية للطائرات المقاتلة. وفي هذا الإطار، نشر موقع "فورين بوليسي" مقالاً لـ”ريتشارد أبو العافية” العضو المنتدب في شركة AeroDynamic الاستشارية لإدارة صناعة الطيران والدفاع، بعنوان “سوق الطائرات المقاتلة يدخل عصره المتعدد الأقطاب”.

ريادة مهددة

توقع المقال أن تتراجع مكانة الولايات المتحدة في السوق العالمية للطائرات المقاتلة في الفترة المقبلة. ويمكن إرجاع ذلك بصورة أساسية إلى ما يلي:

1- تزايد اهتمام بعض الدول بالطائرات المقاتلة الوطنية: تشير الاتجاهات العالمية في سوق السلاح إلى تطورات مهمة، مع عودة الاهتمام بالطائرات المقاتلة الوطنية؛ حيث اهتمت كل القوى الكبرى ومعظم القوى الثانوية في الماضي ببناء نماذج لطائرات مقاتلة خاصة بها، وهي النماذج التي اختفى معظمها خلال التسعينيات مع تقلص ميزانيات الدفاع بعد الحرب الباردة، ولكن الوضع تغير الآن مع عودة اهتمام دول مثل المملكة المتحدة واليابان والهند وكوريا الجنوبية وتركيا وتايوان بتطوير صناعاتها الخاصة من الطائرات المقاتلة.

وقد كشفت الإمارات أيضاً في وقت سابق من هذا العام عن طموحاتها لإنشاء طائراتها الخاصة. وتتمثل الدوافع الرئيسية وراء اهتمام العديد من دول العالم بالطائرات المقاتلة الوطنية، في تصاعد التوترات في مناطق عديدة حول العالم، خاصةً في آسيا وأوروبا الشرقية، والضغوط التي فرضتها الحرب الأوكرانية؛ حيث ارتفعت ميزانيات الدفاع لمعظم الدول.

2- دخول بعض المنافسين الجدد مجال الطائرات المقاتلة: أكدت تحليلات أنه بحلول أواخر العقد الثالث من القرن الحالي، ستكون سوق المقاتلات العالمية – وسوق الدفاع بوجه عام – أكثر تشتتاً، مع تراجع هيمنة الولايات المتحدة التي تبتعد عن الريادة في مجال تصدير الطائرات المقاتلة مع دخول منافسين جدد في السوق، ومواجهة الولايات المتحدة منافسة قوية في هذا المجال.

ومثالاً على ذلك، فإنه على الرغم من اعتماد اليابان على المقاتلات الأمريكية لفترة طويلة، تعاونت مؤخراً مع المملكة المتحدة للمشاركة في تطوير مقاتلة جديدة سيتم بناؤها في كلا البلدين. وعليه، فإنه بدءاً من أواخر العقد الثالث من القرن الحالي، ستتوقف لندن وطوكيو عن شراء مقاتلات إف-35 وتبدآن في تصنيع مقاتلاتهما المشتركة.

3- تغير الاستراتيجية الأمريكية بشأن الطائرات المقاتلة: ترى بعض التحليلات أن الاستراتيجية الأمريكية بشأن الطائرات المقاتلة تغيرت، بشكل يساهم في تراجع ريادة واشنطن في هذا المجال؛ حيث بدأت الولايات المتحدة تعطي الأولوية لتطوير طائرات نفاثة أكثر قدرة وتخصصاً، بدلاً من الطائرات النفاثة المتعددة الاستخدامات الموجهة للتصدير، مع استهداف برنامج الهيمنة الجوية للجيل القادم من القوات الجوية الأمريكية إنتاج طائرة باهظة الثمن وكبيرة جداً بحلول أوائل 2030، بحيث يمكن تجهيز جيشها بشكل أفضل؛ لصعود القوى العظمى مثل الصين.

وعلى الرغم من ذلك، فإن من غير المرجح أن تكون مثل هذه الطائرة قابلة للتصدير؛ لأسباب تتعلق بالتكلفة والأمن. وفيما ستعمل الولايات المتحدة باستمرار على تحديث الطائرات المقاتلة إف-16، فإنه بحلول أواخر عام 2030، سيؤثر العمر وتطوير المقاتلات الجديدة على الجاذبية الشاملة لهذه المقاتلة.

4- التراخي عن توفير أنظمة لبرامج المقاتلات في دول أخرى: حذرت بعض الأوساط والتقارير الأمريكية من احتمالية فقدان واشنطن هيمنتها التاريخية على السوق، مع تعدد صانعي الطائرات المقاتلة، مشيرة إلى أن هذا الأمر متوقع حدوثه بشدة إذا لم تكن الشركات الأمريكية والمسؤولون الأمريكيون أكثر استباقية في التنافس مع المنتجين الأوروبيين لتوفير التقنيات والأنظمة لبرامج المقاتلات في الدول الأخرى.

وتدعو هذه الأوساط إلى تبني جملة من الإجراءات التنظيمية لتعزيز مكانة واشنطن في هذا المجال، وعلى رأسها تسريع التغييرات في إرشادات تصدير الأسلحة والأنظمة التنظيمية، فضلاً عن جعل بيع مكونات مثل الرادارات وأجهزة الاستشعار الأخرى وأجهزة الحرب الإلكترونية أولوية قصوى للولايات المتحدة. ويُشار في هذا الصدد إلى أن ثمة ارتياحاً أمريكياً للجهود التي بذلتها وزارة الدفاع الأمريكية مؤخراً لتبسيط إجراءات المبيعات العسكرية الخارجية؛ حيث يعتبرها الكثيرون خطوة في الاتجاه الصحيح.

دعوات محذرة

وختاماً، أكد المقال أن من الملاحظ وجود دعوات حالية في الداخل الأمريكي لصانع القرار إلى تكثيف جهود التسويق والتواصل للطائرات المقاتلة، مع تطوير منتجات جديدة مصممة للعديد من الدول الناشئة، محذرة من أنه إذا لم تتكيف واشنطن من خلال إعطاء الأولوية لبيع الأنظمة والتقنيات التي تشغل الطائرات المقاتلة للدول الأخرى، فإنها ستتخلف عن ريادتها في سوق الدفاع العالمية.