• اخر تحديث : 2024-04-26 21:42
news-details
مقالات مترجمة

بلومبيرغ: تأثير الدومينو في أفريقيا والإحراج في باريس


نشرت وكالة "بلومبيرغ" مقالا للكاتب ليونيل لوران بعنوان: "تأثير الدومينو في أفريقيا والإحراج في باريس... أدى وباء الانقلابات إلى إصابة أحد مستعمري القارة السابقين بالشلل"، يتناول الانقلابات التي جرت وتجري في افريقيا والنظرة الفرنسية تجاهها كونها كانت تحكم سيطرتها على هذه الدول كمستعمرات فرنسية، وفي ما يلي نص المقال مترجم الى العربية:

ينتشر الآن ما يسميه إيمانويل ماكرون "وباء" الانقلابات في أفريقيا الناطقة بالفرنسية. منذ الربيع العربي لم تشهد باريس وغيرها من العواصم الغربية مثل هذه الأحداث، فقد سقطت سلسلة من أنظمة الرجل القوي التي يفترض أنها مستقرة في أيدي ضباط عسكريين طموحين، وكثيرًا ما يهتف لها جيل جديد يشعر بخيبة أمل بسبب الوعود الديمقراطية غير المنجزة. ليس هناك حل سهل، لكن النهج الجديد تأخر. وتكمن أهمية سقوط حجر الدومينو الأخير - الرئيس علي بونغو في الغابون - في حقيقة أن عدم الاستقرار ينتشر خارج منطقة الساحل، إذ أثارت المعركة الخاسرة ضد الجهاديين بدعم من فرنسا غضب السكان المحليين، وشجعت على الإطاحة العسكرية بالأنظمة في دول مثل مالي والنيجر، وأتاح المجال أمام مجموعة فاغنر الروسية. وربما كان عجز الغرب أو الكتل الإقليمية الأفريقية عن عكس هذه الاستيلاءات على السلطة قد غذى الرغبة في الإطاحة ببونغو الذي حكمت عائلته الغابون لمدة 55 عامًا وكانت لفترة طويلة شريكًا رئيسيًا لمصالح باريس في إفريقيا، (وتحولت مؤخرًا إلى المجال الإنجليزي)

وربما كان فشل الغرب أو التجمعات الإقليمية الأفريقية مثل تكتل المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا “إيكواس” في إجهاض الانقلابات العسكرية وإعادة الحكم المدني إلى النيجر ومالي على سبيل المثال هو ما شجع العسكريين في الغابون ليطيحوا بالرئيس علي بونجو الذي تحكم عائلته البلاد منذ أكثر من 55 عاما، والتي كانت شريكا في خدمة المصالح الفرنسية في المنطقة على مدى سنوات طويلة.

وما يجعل انقلاب الغابون تطورًا محرجًا لفرنسا وحلفائها الأوروبيين الذين عقدوا اجتماعًا يوم الخميس الماضي لبحث سبل الرد على انقلاب 30 تموز/يوليو الماضي في النيجر بما في ذلك إمكانية فرض عقوبات على نظام الحكم العسكري الجديد، هو أن بعض قطع الدومينو الأخرى ربما تنتظر السقوط.

وفي حين تحيا عائلة بونجو حياة مرفهة للغاية بفضل الثروة النفطية الكبيرة التي تمتلكها الغابون، فيعيش نحو ثلث سكان البلاد بأقل من 7 دولارات يوميًا للفرد بحسب بيانات البنك الدولي.

ويقول ليونيل لوران إن السبب المباشر لانقلاب الغابون ليس انتشار الجماعات الإرهابية، ولا الوجود العسكري الفرنسي في البلاد كما كان الحال في مالي والنيجر، إنما إعلان فوز الرئيس بونجو بفترة حكم ثالثة في انتخابات متنازع على نتيجتها، وهو ما يمثل جزءًا من موجة “العهد الثالث” في قارة يبلغ متوسط عمر سكانها 19 عامًا، في حين يبلغ متوسط عمر حكامها 63 عامًا.

لهذا احتفى المواطنون في شوارع الغابون بالانقلاب وهو عمل غير ديمقراطي بطبيعته، لكن ينظر إليه باعتباره خلاصًا من حكم مستبد. وكما هو الحال في تاريخ فرنسا نفسها، يستفيد الجنرالات من الفوضى السياسية والاقتصادية للاستيلاء على السلطة كما يرى الباحث في مركز أبحاث “آي.إف.آر.آي” تيري فيركولون الذي يطلق على اللحظة الراهنة في أفريقيا “لحظة بونابرت”.

أما الممثل الأعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل فقد قال “الانقلابات العسكرية ليست الحل، لكن لا يمكن أن ننسى أن الغابون أجرت قبل الانقلاب انتخابات كانت مليئة بكل المخالفات".

كل هذا يفسر رد الفعل الغامض تجاه الغابون بعد النيجر. فباريس أدانت الانقلاب، وإدارة الرئيس جو بايدن دعت المجلس العسكري الذي استولى على السلطة إلى المحافظة على الحكم المدني. في الوقت نفسه يترقب الجميع قطعة الدومينو القادمة التي ستسقط في أفريقيا. والكثير من القادة الأفارقة يلتفتون حولهم بقلق خوفًا من تكرار سيناريو النيجر والغابون. ففي الكاميرون قرر الرئيس بول بيا البالغ من العمر 90 عامًا ويحكم منذ العام 1982 تغيير العديد من قيادات الجيش. وتستعد السنغال التي أعلن رئيسها أنه لن يسعى لفترة حكم ثالثة لإجراء انتخابات رئاسية في العام المقبل.