• اخر تحديث : 2024-05-03 21:39
news-details
إصدارات الأعضاء

هل يئس الخبراء والمحللون السياسيون وأصحاب الرأي والمشورة من طبقة السياسيين؟


يعيش الخبراء والمحللون السياسيون واصحاب الرأي والمشورة هذه الايام نوعا من (الخيبة) ناتجة عن (يأسهم) من طبقة السياسيين ان ينهضوا بالبلد الذي يمتلك الكثير من مستلزمات (النهضة) والبناء والاعمار، خاصة وان العالم يشهد تحولات كبرى، عاجلت فيه معظم دول العالم ان تأخذ المكان الذي تضمن فيه مستقبل شعوبها، فيما سياسيونا وقفوا موقف (المتفرج)، ينتظرون من ينتصر ليكون عليهم (ولياً)!

اصحاب الفكر هؤلاء لم يصابوا بهذه (الخيبة) الا بعد ان (غسلوا ايديهم) من جميع الاطراف السياسية علمانية واسلامية وليبرالية والخ، وبعد ان انتظروا عقدين من الزمن كانت امالهم انّ (احزاب المعارضة العراقية) التي عانت (الويلات) من النظام البائد من قتل وتهجير وملاحقة وعاشت اياما قاسية في المهجر ان يكونوا قد عادوا بعد سقوط النظام البائد وسلالهم ملأى بالمشاريع والخطط الاستراتيجية لنهضة بلدهم اسوة بقادة (المعارضة) بالعالم الذين كافحوا وجاهدوا من اجل استقلال بلدانهم ونجحوا بعد العودة في بناء تجارب سياسية واقتصادية مشهودة وموضع تقدير الشعوب .

 

إيران ايضا كان معارضوها بالخارج وذاقوا الويل من حكومة الشاه وتعرض رفاقهم للقتل والقائهم من العمارات الشاهقة لكنهم حين عادوا بنوا وطنهم ولم بثأروا من شعبهم ولم يسرقوا ثروات بلدهم. المعارضة الفيتنامية ايضا كانت بالخارج وقائدهم هوشي منه كان يغسل الصحون في المنافي لكن عادوا وبنوا دولة رغم قلة ثرواتهم وحجم خسائر الحرب.

الذي حدث ان هؤلاء (اصحاب الفكر) وضعوا كل خبراتهم وثقافاتهم لدعم الاحزاب الحاكمة، واوقفوا خطابهم لخدمة مشروعهم السياسي، وجالسوا القيادات لأعوام وتعرفوا عليهم عن كثب، ولكن وبعد (عقدين) انهارت جميع (الآمال) وشهدوا انهم خسروا في موقعين الاول ان بلدهم لم يزل يعيش الازمات من سكنية ومعيشية ولم يبن مصنع ولا معمل ولا مشروع نافع ومازال العراقيون ينتظرون ان يباع نفطهم ويودع بالمصرف الفيدرالي الاميركي وتتصدق عليهم امريكا بما تراه.!

ومازالت اراضيهم تتجول بها قوات الاحتلال الاميركي وتحتل تركيا مساحة واسعة فتقتل وتهجر وتعتقل كيفما تريد والاقليم يسرق النفط ويفعل ما يشاء فيما الفساد الاداري والمالي بضرب بمفاصل الدولة.

كانت احداث ما بعد خروج التيار الصدري من العملية السياسية والتخلص من تبعات حكومة الكاظمي هي الحد الفاصل بين (النخب المثقفة) وبين طبقة السياسيي، حيث وجدت نفسها (غريبة) ليس هنالك من يهتم بها ويرعاها وان (الاحزاب) قد عادت الى اماكنها بعد (مرحلة قلق وخوف) وشهدت اهمالا (شبه متعمد).!

المثقفون (أحسوا) تماما انهم (استغفلوا) من قبل جميع الاطراف وانهم استخدموهم كـ (مرحلة) وانتهى دورهم!!

فيما سؤال يراودهم؛ لماذا المعارضة العراقية لا تشبه (معارضة) الدول الاخرى؟

لماذا معارضو الدول الاخرى يعودون ليعمروا ويبنوا والمعارضة العراقية تعود لتنتقم من بلدها؟

التحليل النفسي يؤكد ان المعارضة العراقية عاشت اياما صعبة خارج البلد مثلما عاشت جحيما في بلادها قبل الفرار فباتت ترى في كل عراقي لم يهاجر وكأنه (رجل امن) او (جلاد) ولا يجوز التقرب منه او منحه اي منصب او امتياز ومنعوا الحاقه بأحزابه مهما كان ولاؤه لهم او للوطن.! لذا تجد ان الاحزاب التقليدية الاسلامية وغير الاسلامية شاخت وليس فيها من دماء جديدة بل لا تجد لأي قائد منهم شخصية (ثانية).

هذه الاحزاب بدأت تتأكل وتفقد (خواصها) وبات الشعب في (نفرة) منها ويرى فيها سببا لضياع هوية البلد وثرواته وشخصيته، وانهم غير معنيين باي فائدة لشعبهم وربما هم (فرحون) بما حل لبلدهم على ايديهم وكأنهم (ثأروا لأنفسهم) منه.

الاخوة من الكتاب والمحللين السياسيين ومعهم اصحاب الفكر والرأي ومن هم على شاكلتهم يحبون شعبهم حد النخاع ويتمنون ان يروا وطنهم شامخا عزيزا وان ينعم الشعب بثرواته، فيما لا يملكون وسيلة سوى هذه (الاحزاب)والتي اعجزتهم عن اي فعل يذكر.!

المشكلة ان هذه (الاحزاب) تملك المال والاعلام وان دول العالم لم تجد سواها بديلا لتحاوره، فبات المثقفون في (حيرة) حيث ليس لديهم سوى خطابهم واقلامهم وهذه محكومة بأمرين الاول المنابر الاعلامية التابعة لهذه الاحزاب والثانية بيد (الاحزاب المضادة) والتي أكثر حقدا على البلد وتتمنى (عودة الدكتاتوريات) او لها خط (طائفي).

المثقفون برون ان مشكلة (احزاب المعارضة) بالعراق لا تخرج عن دائرة (الاحزاب العربية) الاخرى فمنذ ان استقلت الدول العربية من الاستعمار وجاهدت وناضلت فشلت احزابها وشخصياتها السياسية ان تدير دفة السلطة وسرعان ما انقلبت على نفسها وراحت تسلم زمام امورها بيد (الاجانب) الذين وجدوهم فريسة وبقرة حلوبا فيما بقيت الشعوب العربية فقيرة بائسة ليس لها من حضور داخلي ولا خارجي وهذه مصر (ام الدنيا) تقف اخر الطابور وعشرة ملايين من شعبها يسكنون المقابر.!

السؤال الذي يتبادر الى الذهن (هل العقل العربي متخلف؟) ربما.. خاصة وانه الى الان عاجز ان يثق بقدراته وقدرات شعبه، وينتظر من يساعده في صناعة (القرار)!

دول الخليج تمتلك ثروات تفوق حاجتها لمرات عديدة فقطر ليس بأكثر من (300) ألف نسمة ومثلها بأكثر قليلا الممالك والامارات الاخرى، ومازالت عاجزة عن التفكير، بل وعاجزة في الدفاع عن نفسها!

وهكذا الدول العربية الاخرى، واخيرا وبعد ربيعهم العربي وبدلا من تحول جديد في حياتهم سادتهم الفوضى وهاجرت الملايين من شعوبهم باتجاه الدول التي وراء صناعة الازمة في بلادهم.!

الذي دفع المثقفين للسؤال عن سبب تمسك القيادات السياسية العراقية والحكومية بكثرة اللقاء بـ (السفيرة الاميركية) المدعوة (رومانوسكي) رغم شدة الاعتراضات والتهكم والتنديد و(التشكيك)؟

هو تيقنهم ان القيادات السياسية والحكومية عاجزة ان تصنع قرارها بيدها فالتجأت الى (العنصر الأجنبي) وربما يتمدد هذا الامر الى الدولة العباسية وكيف جلب الخليفة الثامن المعتصم الغلمان ليكونوا جندا للدولة ثم قادة عسكريين ثم قادة البلد وبيدهم صولجان الحكم، وبعدهم جاء البوبهيون والسلاجقة الذين حكموا (الامة) حوالي (300) سنة وهم لا يحسنون (اللغة العربية)!! ودخلوها (دون حرب) ثم جاء المغول وبعدهم العثمانيون ليحكمونا (656) سنة ثم الإنكليز ومسز بيل الخ.

اذن هي ازمة ثقة بالنفس لا غير، والا كيف ان العالم العراقي البروفيسور الياس گورگيس كان وراء نهضة الصين الحديثة فيما حين زار العراق بعد (الاحتلال) لم بجد من يتحدث معه!!

إن "تعداد علماء وأكاديميي مصر المقيمين بالخارج يبلغ حوالي 86 ألف عالم وأكاديمي منهم 1883 في تخصصات نووية نادرة، و42 رئيس جامعة حول العالم، ووزير بحث علمي في كندا، وثلاثة أعضاء بمجلس الطاقة الإنمائي من إجمالي 16".

اقول ما دمنا قد منحنا الاحزاب المعارضة وغير المعارضة فرصة (ادارة الدولة) وفشلوا بل آخذين بنا الى المجهول، وليس من الصلاح ترك الامر في مشيئتهم، فالخبراء والمحللون السياسيون استفزتهم حادثة كركوك الاخيرة، حيث ان تجربة العشرين سنة من ادارة الدولة بيد هذه الطبقة من السياسيين لم تصنع منهم اصحاب حل وعقد فاغرقوا المحافظة بالدم ورجال الامن رغم بساطة الحلول وتساءلوا اين مستشاريك يا سيادة رئس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة؟

لا بد للنخب المثقفة ان تنظم امرها وان تتعامل مع الواقع السياسي للبلد من اجل بناء تجربة سياسية ناجحة وغير ذلك فإننا نطيل من عمر المرحلة الفاشلة. اما كيف ننظم امرنا فهذا يحتاج الى قراءة واعداد برنامج وخطط مستقبلية والثقة بالنفس ومواجهة الصعاب والاحتمالات، واجد انهم قادرون على ذلك فالشعب ماداً يده يبحث عمن ينقذه.