• اخر تحديث : 2024-11-22 10:05
news-details
مقالات مترجمة

الغارديان: المسلمون مستبعدون من الحياة السياسية الفرنسية: هذه حقيقة قضية العباءات المدرسية


عندما ظهر غابرييل أتال، وزير التعليم الفرنسي، على شاشة التلفزيون الوطني لإجراء مقابلة بمناسبة بداية الفصل الدراسي الجديد، كانت لديه رسالة واضحة: “لقد قررت أنه لم يعد من الممكن ارتداء العباءة في المدرسة”. وأوضح: “عندما تدخل إلى الفصل الدراسي، يجب ألا تكون قادرًا على التعرف على ديانة التلاميذ من خلال النظر إليهم”. وجاء بعد أيام بيان رسمي يؤكد منع اللباس الطويل الفضفاض الذي ترتديه بعض النساء والفتيات المسلمات. التأثير العملي للإعلان هو أن أي شابة تظهر على أبواب مدرستها مرتدية العباءة تواجه الحرمان من حضور الفصل أو الاختلاط بزملائها. وأضاف الوزير: “لكن سيتم الترحيب بالطلاب وسيكون هناك حوار معهم لشرح معنى القاعدة”.

ينبغي النظر إلى حظر ارتداء العباءة على أنه جزءٌ من العلاقة الاستعمارية القائمة بين الدولة الفرنسية والمواطنين الفرنسيين المنحدرين من هجرة ما بعد الاستعمار، ولها تاريخ يتميز بثلاثة محطات رئيسية، ففي عام 1989، قام مدير إحدى المدارس بطرد ثلاث فتيات مراهقات لارتدائهن الحجاب في الفصل. وفي عام 1994، ميّزت مذكرة حكومية بين ما يسمى بالرموز الدينية “غير العلنية “، والتي قالت إنها مقبولة في المدارس، والرموز الدينية “المتفاخرة”، والتي تم رفضها. وفي عام 2004، صدر قانون جديد يحظر ارتداء الحجاب، أو أي رموز دينية “ظاهرة”، في المدارس الحكومية.

أما عن جديد المرحلة الراهنة فترى كاتبة المقال أنه “يتم الآن حرمان الفتيات المراهقات من حقهن في الدراسة، أو التنقل بحرية داخل مؤسساتهن التعليمية، أو التواصل مع زميلات الصف والمدرسات أثناء ارتداء العباءة، ويبرر الحظر بالدفاع عن العلمانية”.

تاريخياً، كان مبدأ العلمانية في فرنسا يدور حول حماية الحق في حرية الضمير، فهو يتطلب من الدولة أن تظل محايدة تمامًا. لكن مع مرور الوقت، وتحت تأثير المصالح الحزبية والاصطفافات السياسية، تم تجنيد العلمانية لخدمة خطاب يفترض أنه يهدف إلى حماية مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة، وبعبارة أخرى، فهو خطاب يصور الإسلام كدين أبوي، وتهديد للديمقراطية الفرنسية، وإن الأمر (برأيهم) متروك لهذه الديمقراطية لإنقاذ النساء المسلمات من الرجال المسلمين، وعلى نطاق أوسع، من ثقافة الإسلام”.

لكن عندما تستمع جيداً لبعض الخطابات التي تبرر منع العباءة في المدارس، يتبيّن لك أن هناك تحولاً، فلم يعد الأمر يتعلق بحظر الملابس الطويلة الفضفاضة لتخليص الشابات من قبضة السلطة الأبوية الإسلامية، بقدر ما يتعلق بحماية الطلاب الآخرين مما يوصف بالتهديد التبشيري، الذي يمكن أن تشكّله المراهقات اللاتي يرتدين العباءات. ويُنظر إلى هؤلاء الفتيات الآن على أنهن مبعوثات للإسلام العالمي في المدارس”!

وبشأن نظرة الأحزاب السياسية الفرنسية إلى تصنيف العباءة، يشير المقال إلى أن “اليمين واليمين المتطرف في فرنسا يتفقان على أن العباءة هي لباس ديني. أما بالنسبة لأحزاب اليسار، فهناك قلق واضح بشأن تعريفه، فالبعض واضح في عدم اعتباره قطعة من اللباس الديني، والبعض الآخر غير متيقن من ذلك. ولكن أي شخص يخوض في هذه المناقشة لتقديم الحجج حول طبيعة وأهمية الفستان الطويل يرتكب خطأً فادحاً، لأن المناقشة في حد ذاتها تقوم على فرضية متحيزة جنسياً: مفادها أن هؤلاء المراهقات يمارسن الجنس من خلال أنوثة غير طبيعية. كما أنه يقوم على فرضية عنصرية مفادها: أن هؤلاء الفتيات المراهقات يتعرّضن للتمييز العنصري لكونهن مسلمات، وهو دين يسعى إلى تحديد كيانهن وسلوكهن بالكامل. تتضافر هذه النظريات الجنسية والعنصرية لتنتج فرضية ثالثة مفادها: أن هؤلاء المراهقات، كنساء، و”أجانب”، لا بد أنهن يتآمرن ضد الأمة الفرنسية”.

المناقشة الوحيدة التي ينبغي لنا أن نخوضها لا تدور حول ما تفعله هؤلاء الفتيات الصغيرات بأجسادهن، وما يكرسن عقولهن له، بل حول السياسات التي تنشرها الدولة الفرنسية للسيطرة على أجساد وعقول الأقليات العرقية”.. فعلى طول السلم الاجتماعي، تنتمي الشابات المسلمات والشباب المسلمون إلى مجتمع يخضع لمعاملة سياسية استثنائية.

كيف يمكننا أن نفشل في فهم أنه بغض النظر عمّا يفعله أو يفكر فيه هؤلاء الشباب والشابات، فإنهم دائماً ما يكونون محاصرين من قبل الآخر الذي يختزلهم إلى أجساد لا تملك القدرة على التفكير، وبالتالي يجب أن يحكمها العقل الأبيض؟”.

هذا هو جوهر هذا النقاش، أي استبعاد جزء من الشعب الفرنسي من المشاركة في الحياة السياسية، ولذلك نحن بحاجة إلى إعادة التأكيد على حق كل فرنسي، مسلماً كان أو غيره، في ممارسة حقه الكامل المتأتي من حصوله على الجنسية الفرنسية”.