عُقدت القمة الثامنة عشرة لمجموعة العشرين، خلال يومي التاسع والعاشر من سبتمبر الجاري، بحضور زعماء أغنى قوى اقتصادية في العالم؛ وذلك في العاصمة الهندية نيودلهي، وكانت تلك القمة المرة الأولى التي تستضيف فيها الهند المجموعة. ولعل هذه القمة جاءت تتويجاً لكافة العمليات والاجتماعات لمجموعة العشرين التي عُقدت على مدار عام 2023.
يُذكَر في هذا الصدد، أن مجموعة العشرين قد تأسست على يد الدول العشرين الكبرى في العالم، في عام 1999 لتشكل تجمعاً اقتصادياً مهماً بعد الأزمة المالية الآسيوية، انطلاقاً من كون الأزمات الاقتصادية لم يُعَد من الممكن احتواؤها داخل حدود الدولة الوطنية، بل باتت تتطلب تعاوناً اقتصادياً دولياً. وترجع أهمية ذلك التكتل إلى ما يمثله في الوقت الراهن من 85% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، و75% من التجارة الدولية؛ حيث يضم في عضويته كلاً من الأرجنتين وأستراليا والبرازيل وكندا والصين وفرنسا وألمانيا والهند وإندونيسيا وإيطاليا واليابان وكوريا الجنوبية والمكسيك وروسيا والمملكة العربية السعودية وجنوب أفريقيا وتركيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
دلالات جوهرية
خلال الفترة بين الأول من ديسمبر 2022 إلى 30 نوفمبر لعام 2023، تتولى الهند رئاسة قمة مجموعة العشرين التي تنعقد عادةً على أساس سنوي، تحت قيادة الرئاسة الدورية. ولعل قمة ذلك العام جاءت محملة بعدد من الدلالات الهامة التي يمكن تسليط الضوء عليها فيما يأتي:
1- اتجاه عالمي نحو ثورة استثمارية في الطاقة المتجددة: في إطار تقديم رئيس الوزراء الهندي ناريندا مودي شعار مجموعة العشرين، فإنه قد أشار إلى أن رئاسة الهند لمجموعة العشرين تأتي في ظل أزمة وفوضى يمر بها العالم، وأن رمز اللوتس شعار المجموعة هو بمنزلة تجسيد للأمل في ظل الظروف المعاكسة الراهنة؛ وذلك تحت عنوان رئيسي “أرض واحدة، عائلة واحدة، مستقبل واحد”، في إشارة إلى ثورة الطاقة المتجددة التي يتجه العالم إليها في الوقت الراهن، في ظل الرغبة العالمية في مكافحة ظاهرة التغير المناخي، وبلوغ هدف صافي صفر انبعاثات.
ولعل حرص الهند على تأكيد محورية قضية التغير المناخي في أجندة القمة لهذا العام، وفتح مزيد من الفرص الاستثمارية في الطاقة المتجددة، يتلاءم مع اهتمام الهند الواسع بالطاقة المتجددة على خلفية إطلاق التحالف الدولي للطاقة الشمسية بقيادة الهند مركز إبداع الهيدروجين الأخضر في وقت سابق من هذا العام، وموافقة الهند على تخصيص 2.3 مليار دولار لإنتاج واستخدام وتصدير الهيدروجين الأخضر. ويترافق ذلك مع اقتراب انعقاد مؤتمر الأطراف للتغير المناخي كوب 28 في دولة الإمارات العربية المتحدة، الرامي إلى توحيد العالم حول سبل مكافحة التغير المناخي، وبحث فرص تعزيز الاستثمارات في الطاقة المتجددة.
2- رغبة الهند في تعزيز نفوذها عالمياً: جاء الاهتمام الواسع من قبل الهند باستقبال الحدث والترويج له، باعتباره حدثاً تاريخياً بالنسبة إلى الهند، وبمنزلة شهادة على نفوذ الهند المتنامي على الساحة العالمية، وإقرار بالتزامها بتعزيز التعاون الدولي.
وانطلاقاً من كون قمة قادة مجموعة العشرين بمنزلة حدث شديد الأهمية؛ إذ يجمع الاقتصادات الكبرى في العالم لمناقشة القضايا العالمية وتعزيز التعاون الدولي؛ فإن الهند باعتبارها الدولة المضيفة للقمة، كانت لديها الفرصة لإظهار نموها الاقتصادي وبراعتها الدبلوماسية على المسرح العالمي، واتخاذ القمة منصة للتواصل مع الدول الأخرى وصياغة أجندة التنمية الاقتصادية العالمية وتعزيز فرص الاستدامة.
3- محاولة تأكيد مبدأ التعددية والتعاون الدولي: في الوقت الذي يتوسع فيه عمل البريكس ليضم أعضاءً جدداً، والاتجاهات الصاعدة به والداعية إلى التخلص من هيمنة الولايات المتحدة على الاقتصاد العالمي، فضلاً عن الدور القيادي الذي تقوم به الصين فيه، فإن ذلك التوقيت يعد مصيرياً بالنسبة إلى مجموعة العشرين؛ إذ تمثل القمة فرصة لتأكيد مبدأ التعددية وأهمية التعاون الدولي وحتمية الاتحاد في سبيل محاربة المخاطر الاقتصادية الراهنة. ولعل تصريح أنطونيو جوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة قبل القمة، عن الخطر الحقيقي الذي يحمله تفكك النظام العالمي، في ظل العوائق التي يكابدها العالم من جراء الحرب الأوكرانية، يحمل المعنى ذاته، في رغبة قمة العشرين في تأكيد ضرورة تعزيز التعاون الدولي لمواجهة خطر التفكك.
4- فرصة واشنطن لتعزيز وجودها كقوة عظمى: أظهرت الولايات المتحدة ترقباً لحضور قمة مجموعة العشرين، باعتبارها تجمعاً لعدد كبير من القادة العالميين المؤثرين، بما يحمله ذلك من أهمية دبلوماسية واسعة. وفي معرض هذا، عبر الرئيس الأمريكي عن سعادته بالسفر إلى الهند للمشاركة في ذلك الحدث التاريخي، وهو ما يدلل على القيمة التي توليها الولايات المتحدة لعلاقاتها بالهند. أضف إلى ذلك تخصيص اجتماع ثنائي يجمع بين الرئيس الأمريكي ورئيس الوزراء الهندي على هامش القمة في الثامن من سبتمبر الجاري، بما يشير إلى عمق العلاقات القوية والمتنامية بين البلدين؛ حيث يتعاونان في مجموعة واسعة من القضايا تتراوح بين التجارة والتعاون العسكري إلى تغير المناخ والتكنولوجيا.
كذلك فإن اهتمام الولايات المتحدة بالقمة، يشير إلى الرغبة الأمريكية الحثيثة في البحث عن أي ميزة في إطار منافستها الجيوسياسية المستمرة مع الصين، لمزيد من تعزيز نفوذها بين أهم اقتصادات في العالم، وربما اغتنام فرصة غياب الرئيس الصيني شي جي بينج، عن حضور القمة، لإبراز الوجود الأمريكي كقوة عظمى مقابل الصين وروسيا، ورداً على توسع البريكس وطموحه في التخلص من الهيمنة الأمريكية على الاقتصاد العالمي.
5- تجاهل صيني لقمة مجموعة العشرين: مثَّل غياب الصين عن حضور القمة، عدم اكتراث بفرص تسوية الخلافات العالقة مع القوى الغربية. وبحسب جيك سوليفان مستشار الأمن القومي الأمريكي، فإن غياب الصين عن القمة، هو بمنزلة إهدار لأي فرصة للمشاركة على نحو بنَّاء في تسوية القضايا المتعددة الأطراف التي تواجه البلدان النامية.
ولعل غياب الصين يحمل قدراً من الترقب والريبة؛ نظراً إلى أهميتها في الشؤون العالمية ودورها لاعباً رئيسياً في مجموعة العشرين. ومن هذا المنطلق، تسبب غيابها في ترك فراغ في تمثيل قوة عالمية رئيسية، وقد فسَّر البعض هذا الغياب باستمرار التوتر بين الصين والهند على خلفية الصراعات الحدودية بينهما. وإن كان يرد على ذلك بأن المسألة لا علاقة لها بالهند؛ إذ ليست تلك المرة هي الأولى التي يختار فيها الرئيس الصيني عدم المشاركة في قمة المجموعة؛ فقد سبق أنْ لم يحضر “جين بينج” قمة مجموعة العشرين التي عُقدت في إيطاليا في عام 2021. وربما يحمل غياب الصين عن الحدث في طيِّه رغبة في إظهار الرفض من قبل الصين لأي فرص للتعاون مع الولايات المتحدة، وتأكيد تمسكها بتحقيق أهدافها في تحدي القوى الغربية من خلال مجموعة البريكس.
6- وعي عالمي بتعزيز التعاون في قضايا شديدة التنوع: في السنوات الأخيرة، كانت المناقشات بين دول مجموعة العشرين قدتوسعت بحيث لم تعد تقتصر على الاقتصاد فحسب، بل تشمل أيضاً تغير المناخ، والطاقة المستدامة، والإعفاء من الديون الدولية، وفرض الضرائب على الشركات المتعددة الجنسيات.
وفي قمة مجموعة العشرين لهذا العام، تمحور التركيز حول أولويات رئيسية في جدول الأعمال ممثلة في التنمية الخضراء، وتمويل المناخ، ومعالجة التحديات البيئية من خلال استراتيجيات التنمية المستدامة، كاستخدام التقنيات المنخفضة الكربون لمكافحة الأوبئة. أضف إلى ذلك الإشارة إلى أهمية النمو المتسارع والشامل والمرن، عبر تعزيز النمو الاقتصادي الشامل الذي يعود بالنفع على جميع قطاعات المجتمع، مع بناء القدرة على الصمود في الوقت نفسه لتحمل الصدمات الاقتصادية.
وكذلك الدعوة نحو تسريع التقدم في أهداف التنمية المستدامة، وتأكيد أهمية التحول التكنولوجي والبنية التحتية الرقمية من خلال استكشاف تأثير التكنولوجيا؛ هذا إضافةً إلى التشديد على أهمية تحديث المؤسسات الدولية لمعالجة الاحتياجات المتغيرة للقرن الحادي والعشرين؛ وذلك من خلال القيام بإصلاحات وتصميم تدابير مبتكرة، فضلاً عن تعزيز تمكين المرأة في كل جانب من جوانب التنمية، والاعتراف بمساهماتها التي لا تُقدَّر بثمن في كل من المجتمع والاقتصاد.
وهي جميعها جوانب شديدة التنوع والاختلاف، تمس جميع دول العالم، ولا تقتصر على تعزيز العلاقات الاقتصادية وفرص التجارة بين أغنى اقتصادات العالم فحسب، بل إعطاء رؤية عامة للقضايا العالمية الراهنة الشديدة الحساسية في مختلف المجالات، دون حصر فوائدها على دول بعينها.
7- التركيز على الخيارات المستدامة والمسؤولة بيئياً: سلطت الرئاسة الهندية للقمة الضوء على أسلوب الحياة من أجل البيئة (LiFE)، مع التركيز على الخيارات المستدامة والمسؤولة بيئياً على نطاق نمط الحياة الفردي ومستوى التنمية الوطنية؛ وذلك بغية بلوغ مستقبل أكثر اخضراراً. وقد ركزت مجموعات العمل في هذا الصدد على عدد من المسارات ممثلة في الزراعة، ومكافحة الفساد، والثقافة، والاقتصاد الرقمي، والحد من مخاطر الكوارث، والتنمية، والتعليم، والتوظيف، واستدامة البيئة والمناخ، وتحولات الطاقة، والصحة، والتجارة والاستثمار، والسياحة.
8- مساعي مجموعة العشرين لتوسيع عضويتها: كشفت القمة عن مساعي مجموعة العشرين إلى تعزيز مكانتها العالمية عبر توسيع عضويتها، وكذلك دعوة أطراف دولية مؤثرة للمشاركة في فعاليات المجموعة. ولعل النموذج الأبرز على ذلك حضور دولة الإمارات في القمة؛ فقد كشف هذا الحضور عن عمق العلاقات والروابط الاقتصادية والسياسية بين دولة الإمارات والهند، وحرص أبوظبي على تعزيز تلك العلاقات؛ حيث جاءت دعوة دولة الإمارات من قِبل الهند في ضوء العلاقات الاستراتيجية الوثيقة بين البلدين على كافة المستويات، وفي ظل دعم دولة الإمارات لأجندة الهند خلال استضافتها قمة مجموعة العشرين؛ حيث شاركت الدولة في نحو 25 اجتماعاً تم عقدها خلال عام 2023. وعلى خلفية ذلك، صرح “جونفير سينج” المدير العام الرئيس لإدارة أنظمة الدفع والتسوية في البنك الاحتياطي الهندي، في تصريحات له على هامش أعمال قمة مجموعة العشرين يوم 10 سبتمبر الجاري؛ بأن الهند تتطلع نحو مزيد من التعاون البنَّاء مع الإمارات في مجال الدفع الرقمي.
مخرجات رئيسية
أسفرت القمة عن عدد من النتائج الرئيسية على مدار يومي انعقادها، يمكن استعراضها فيما يأتي:
1- الإعلان عن مشروع للسكك الحديدية يربط الشرق الأوسط بجنوب آسيا: شهدت القمة، وبالتحديد يوم 9 سبتمبر الجاري، الإعلان عن اتفاق للسكك الحديدية والموانئ يربط بين الشرق الأوسط وجنوب آسيا؛ حيث اتفقت كل من الولايات المتحدة والسعودية والاتحاد الأوروبي والإمارات وشركاء آخرين في مجموعة العشرين، على استكشاف مشروع ممر شحن لزيادة التدفقات التجارية بين الهند وأوروبا، وتوفير موارد الطاقة وتحسين الاتصال الرقمي، وهو ما من شأنه أن يسهم في تقليل أوقات الشحن والتكاليف واستخدام الوقود، بما يفيد بالتبعية الدول المنخفضة والمتوسطة الدخل في المنطقة، ويتيح للشرق الأوسط القيام بدور حاسم في التجارة العالمية.
2- ضم الاتحاد الأفريقي في عضوية مجموعة العشرين: في افتتاح القمة، في يوم 9 سبتمبر الجاري، دعا رئيس الوزراء الهندي، الاتحاد الأفريقي ممثلاً في رئيسه غزالي عثماني، إلى الجلوس على طاولة زعماء المجموعة بصفة عضو دائم. وبذلك تكون قد صدقت مجموعة العشرين رسمياً على العضوية الدائمة للاتحاد الأفريقي في المجموعة.
3- تبني توافقاً عاماً حول الامتناع عن استخدام القوة: تبنت مجموعة العشرين إعلاناً توافقياً في اليوم الافتتاحي للقمة يوم 9 من سبتمبر الجاري، وإن كان قد تجنب إدانة روسيا بحربها في أوكرانيا، لكنه دعا جميع الدول إلى الامتناع عن استخدام القوة من أجل الاستيلاء على الأراضي، و”التمسك بمبادئ القانون الدولي، بما في ذلك سلامة الأراضي والسيادة، والقانون الإنساني الدولي، والنظام المتعدد الأطراف الذي يحمي السلام والاستقرار”، مع تأكيد أن استخدام الأسلحة النووية أو التهديد باستخدامها أمر غير مقبول.
4- تجنب إدانة التدخل العسكري الروسي في أوكرانيا: كان لافتاً أن البيان الختامي للقمة تجنب الإشارة صراحةً إلى إدانة الهجوم الروسي على أوكرانيا، وقد كشف ذلك الأمر، بشكل أو بآخر، عن عجز مجموعة العشرين عن التوصل إلى الإجماع بشأن هذه القضية. ويرجع ذلك إلى رفض الصين وروسيا قبول اللغة التي تلقي باللوم على موسكو في الصراع، وإن كان تم تداول صيغة “الحرب في أوكرانيا” من أجل الخروج من الخلافات بين الدول الأعضاء، وتجنب إدانة موسكو.
5- الدعوة إلى تنفيذ مبادرة البحر المتوسط للحبوب: دعا الإعلان الختامي للقمة إلى تنفيذ مبادرة البحر الأسود للتدفق الآمن للحبوب والأغذية والأسمدة من أوكرانيا وروسيا؛ وذلك على خلفية انسحاب موسكو من الاتفاق في يوليو الماضي 2023؛ بسبب ما وصفته روسيا حينها بـالفشل في تلبية مطالبها، عبر تنفيذ اتفاق موازٍ يخفف القيود عن صادراتها من الغذاء والأسمدة. وفي إطار ذلك، تم خلال الإعلان تأكيد أهمية الحفاظ على الأمن الغذائي وأمن الطاقة، والدعوة إلى وقف التدمير العسكري أو الهجمات الأخرى على البنية التحتية ذات الصلة، التي من شأنها أن تهدد الأمن الغذائي العالمي.
فضلاً عن تأكيد قادة المجموعة ضرورة القضاء على الجوع وسوء التغذية، والالتزام بدعم جهود البلدان النامية وقدراتها لمواجهة تحديات الأمن الغذائي، ووقف التقلبات الخاصة بأسعار الغذاء العالمية، فضلاً عن تعزيز الصحة العالمية للتأهب لمواجهة الأوبئة، وتسهيل الوصول إلى اللقاحات والخدمات الصحية.
6- الموافقة على معالجة نقاط الضعف المتعلقة بالديون: بحسب الإعلان الصادر في اليوم الأول للقمة، فإن المجموعة وافقت على معالجة نقاط الضعف المتعلقة بالديون في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل “بطريقة فعالة وشاملة ومنهجية”، بيد أنه لم تُوضَع خطة عمل جديدة يمكن من خلالها تحقيق ذلك الهدف، غير أن الدول قد تعهَّدت من جانبها بتعزيز وإصلاح بنوك التنمية المتعددة الأطراف، وتقديم تمويل إضافي لمساعدة البلدان النامية والاقتصادات الناشئة في مكافحة الفقر ومواجهة التحديات العالمية، فضلاً عن الدعوة إلى الانتهاء سريعاً من معالجة ديون إثيوبيا.
في حين قبلت الاقتراح الخاص بتشديد القواعد التنظيمية للعملات المشفرة، وأقرت بأن وزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية سيناقشون فرص الانطلاق في وضع خارطة طريق للعملة المشفرة خلال اجتماعهم في أكتوبر المقبل، مع تأكيد الالتزام بضمان تكافؤ الفرص والمنافسة العادلة في مقابل محاربة الممارسات المشوهة للأسواق.
7- الاتفاق على حاجة العالم لتمويل تحول الطاقة: اتفق قادة القمة على حاجة العالم إلى ما مجموعه 4 تريليونات دولار من التمويل المنخفض التكلفة سنوياً من أجل التحول في مجال الطاقة، مع إتاحة وتخصيص حصة كبيرة من الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة الأولية. ومن ثم دعا البيان الصادر في اليوم الأول للقمة، إلى تسريع الجهود نحو التخفيض التدريجي لطاقة الفحم؛ وذلك بما يتماشى مع الظروف الوطنية والاعتراف بالحاجة إلى الدعم نحو التحولات العادلة، فضلاً عن إعادة تأكيد أهمية استخدام آليات تسعير الكربون والحوافز نحو حياد الكربون وصافي الصفر، والاعتراف بالحاجة إلى زيادة الاستثمارات العالمية لتحقيق الأهداف المناخية الواردة في اتفاق باريس.
أضف إلى ذلك، الإشارة إلى حاجة البلدان النامية إلى ما بين 5.8 و5.9 تريليون دولار في الفترة قبل عام 2030، لتلبية احتياجاتها لتنفيذ أهدافها الخاصة بالانبعاثات، والدعوة إلى وضع هدف كمي جماعي جديد طموح وشفاف وقابل للتتبع فيما يخص تمويل المناخ في عام 2024، بدءاً من وضع حد أدنى قدره 100 مليار دولار سنوياً؛ هذا علاوة على تعزيز التعاون مع بنوك التنمية المتعددة الأطراف في سبيل دعم تطوير أنظمة صحية منخفضة الكربون، قادرة على الصمود في وجه تغير المناخ.
8- دعم الشراكات الدولية وفرص التجارة: خلال القمة، أيد قادة المجموعة ضرورة وجود نظام تجاري متعدد الأطراف يتمتع بقدر من الإنصاف، قادر على تمكين التجارة والاستثمارات كي تعمل محركاً لتحقيق النمو والرخاء لصالح الجميع. مع تأكيد أهمية إصلاح دور منظمة التجارة العالمية وتحسين وظائفها. وفي هذا الصدد، تم تأكيد ضرورة الالتزام بتحقيق أهداف التنمية المستدامة، وحتمية اتخاذ الإجراءات اللازمة من أجل تعبئة التمويل المناسب لصالح الدول النامية التي تتعرض لتحديات خلال تنفيذ خطتها للتنمية 2030. أضف إلى ذلك الإشارة إلى أهمية تعزيز الشراكات الدولية في هذا الإطار، من أجل تسريع وتيرة الإجراءات اللازمة لزيادة ذلك التمويل وضمان استدامته.
9- تعزيز سبل مكافحة الإرهاب: أدانت القمة الإرهاب بكافة صوره ومظاهره، مع الإشارة إلى حتمية قيام الدول بتطوير الأطر التنظيمية الفعالة للحد من انتشار الاتجار غير المشروع بالأسلحة، مع تأكيد ضرورة تعزيز التعاون الدولي بغية مكافحة تلك الظواهر، بما في ذلك تقييد أي دعم مالي أو سياسي لتلك المنظمات الإرهابية، فضلاً عن وقف الأنشطة الخاصة بغسيل الأموال.
إجمالاً، حملت قمة مجموعة العشرين المنعقدة في العاصمة الهندية نيودلهي، دلالات عديدة في توقيت حاسم ومحوري بعد قمة البريكس وما أُثير حول توسعها وأهدافها الجديدة في مواجهة النفوذ الأمريكي. وقبل انعقاد مؤتمر كوب 28 في دولة الإمارات، لتصبح تأكيداً لأهمية التعاون الدولي في مقابل ما تسعى إليه الصين وروسيا من محاربة الهيمنة الأمريكية على الاقتصاد العالمي، وتمهيداً بشكل كبير لقمة كوب 28 التي ستنطلق في الثلاثين من نوفمبر المقبل، بوضعها قضية التغير المناخي والتمويل المناخي والطاقة المتجددة في صدارة أجندتها.
وقد اختتمت القمة أعمالها في يوم الأحد الموافق 10 من سبتمبر الجاري؛ إذ قام رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي بتسليم رئاسة المجموعة للبرازيل التي من المقرر أن تستضيف القمة المقبلة في عام 2024. وفي ضوء ذلك، تلتزم مجموعة العشرين بالعمل على تحقيق نتائج إيجابية خلال المؤتمر الوزاري لمنظمة التجارة العالمية الذي تستضيفه دولة الإمارات في عام 2024.