• اخر تحديث : 2024-05-02 10:37

منذ اندلاع الاشتباكات الأخيرة في مخيم عين الحلوة بعد اغتيال القيادي في حركة فتح محمد العرموشي، جرى ربط تلك الاشتباكات بالأوضاع السياسية المحلية والإقليمية والدولية، وذلك بسبب خصوصية وموقع المخيم والصراع الداخلي على النفوذ ما بين القوى الرئيسية في الساحة الفلسطينية، وهذا ما يجعل البعد الأمني حاضراً في تحليل الأسباب و التداعيات  وسط التقدير بأن هذه الاشتباكات سوف تستمر في الفترة القادمة، مع عدم الالتزام بأي وقف لإطلاق النار، تمهيداً لمعركة قد تكون فاصلة، يسبقها ويمهد لها ما يجري حالياً من خروقات متكررة لوقف إطلاق النار وعمليات التدشيم داخل أحياء وشوارع وأزقة المخيم.

وفي الجانب المعلن أن هذه الاشتباكات تدور ما بين حركة فتح لوحدها دون مشاركة أي فصيل من فصائل منظمة التحرير الفلسطينية وبين المجموعات الإرهابية، ومن أبرزها (الشباب المسلم) و (فتح الإسلام) ومجموعة شادي المولوي وبقايا عناصر أحمد الأسير.

وتتفق جميع الأطراف على أن الاشتباكات في مخيم عين الحلوة يفتعلها متفلتون لديهم أجندات خارجية للعبث بأمن المخيمات، ولكن دون أن يسمي احد تلك الجهات التي تدعم المجموعات الإرهابية في مخيم عين الحلوة كما فعلت في سوريا.

وحتى اللحظة لم تفلح الفصائل الفلسطينية بالعمل على تشكيل قوة أمنية موحدة تنهي الاشتباكات وتقوم بالعمل على تسليم المتهمين بقتل اللواء محمد العرموشي بكل الوسائل المتاحة (ما عدا القتال). الذي لم يؤدي سوى إلى تشريد وترويع أهالي المخيم من أطفال ونساء وشيوخ إضافة لجوار المخيم الذي ضاق ذرعاً بهذه الاشتباكات.

وبما أن مصادر فلسطينية عدة تؤكد أن الحسم العسكري على الأرض غير متاح، فلماذا الاستمرار بالاشتباكات وعدم الالتزام بوقف إطلاق النار، وبالتالي تسوية ملف الاشتباكات عبر تسوية نهائية تجنب المخيم صراع النفوذ وتداعياته الأمنية والسياسية مع التأكيد بأن هذه الاشتباكات ترفع من منسوب الخوف بأن يمتد هذا الصراع نحو سائر المخيمات الفلسطينية في لبنان.

ويلاحظ في البعد الأمني خلال الاشتباكات بأن إطلاق النار لم يكن منظماً بل تدميرياً وطائشاً بهدف تهجير سكان المخيم. والإضرار بالعلاقة مع الجوار الذي لم يسلم من هذه الاشتباكات، إضافة لإيصال رسائل بأكثر من اتجاه، خاصة على الصعيد الخارجي حيث تزامنت  تلك الاشتباكات مع إصدار تحذيرات من دول خليجية لمواطنيها بعدم التوجه إلى لبنان ومغادرته فوراً، كجزء من الضغط على لبنان ومقاومته، واعتبار أن هذه الاشتباكات تأتي في سياق السعي لضرب المخيمات الفلسطينية في لبنان بتعليمات خارجية، لتحقيق أجندة إقليمية ودولية تستهدف اللاجئين الفلسطينيين في لبنان.

ووفقاً لمصادر فلسطينية إن عنوان هذه المعركة خارجي، والقوى الإرهابية المتطرفة في المخيم أجندتها خارجية أكبر من المخيم الذي يراد له أن يبقى رهينة للحروب وحرائق داخلية بأوامر من جهات خارجية لا يهمها ما يحصل في المخيم الذي دمر منه حتى الآن حوالي الـ 20%، تحت عنوان تدمير الجماعات الإرهابية التي لا يتجاوز عدد عناصرها الفعليين الـ 200 شخص، ولكن هناك من يريد الإمساك بالمخيمات تحت عنوان السيطرة على تلك المجموعات وإنهاء خطرها على المخيم، مع العلم بأن هذا الخطر كان موجوداً منذ ما قبل الاشتباكات الحالية وقد يستمر ما بعدها.

إن ما يشهده مخيم عين الحلوة اليوم هو محاولة لتدميره واقتعال الخضات الأمنية بشكل دائم وذلك انطلاقًا من الموقع الجغرافي للمخيم وعنوانه السياسي وأيضاً الوضع اللبناني الحالي الذي يعيش مخاص انتخاب رئيس جمهورية وحضور الشركات النفطية إلى لبنان، ومن هنا يمكن وضع تقدير على أن استمرار الاشتباكات وتطورها هو الأرجح مع احتمال أن يقوم الجيش اللبناني بالتدخل وحسم المعركة في منطقة التعمير والطوارئ تحت عنوان إنها أحياء غير تابعة إدارياُ للمخيم.

وفي البعد السياسي يبرز ارتباط مخيم عين الحلوة بقضية حق العودة وما يسمى بمفاوضات التسوية مع توجه دولي وإقليمي لتصفية قضية اللاجئين وإسقاط حق العودة وفرض مؤامرة التوطين على لبنان والفلسطينيين.

من هنا يجب فهم ما يجري بأنه ليس فقط ثارات شخصية أو ما يحكى عن صراع داخلي فلسطيني على الإمساك بورقة المخيمات، بل هناك دور اقليمي ودولي، حيث يربط الكثيرون ما يجري في مخيم عين الحلوة بعدة تطورات إقليمية ومنها الحديث عن تقدم في موضوع التطبيع ما بين السعودية والإسرائيليين، وحاجة السلطة الفلسطينية إلى إنجازات و عوائد من هذا التطبيع المحتمل، وذلك بعد إشغال وإنهاك الفلسطينيين داخلياً، وهذا الحديث لا ينفي تدخل دول خليجية أخرى لها علاقة وطيدة سياسية وأمنية مع حركات وتيارات فلسطينية لها حضور في مخيم عين الحلوة.

وفي ظل الحديث عن الأبعاد الأمنية والسياسية طرحت عدة تساؤلات خلال اشتباكات عين الحلوة ومنها:

- هل ما يجري هو لإدخال موضوع اللاجئين الفلسطينيين وملف السلاح داخل وخارج المخيمات في صلب أي تسوية رئاسية مقبلة.

- من هو المستفيد من تدمير المخيم وتهجير الفلسطينيين وضرب حقهم بالعودة إلى ديارهم في ظل تنامي وتصاعد المقاومة وإنجازاتها داخل فلسطين وخاصة في الضفة الغربية والقدس.

- لماذا قام الصليب الأحمر بالتعاون مع رئيس بلدية صيدا ومديرة وكالة الإنروا في لبنان ومنسق تيار المستقبل في الجنوب وبموافقة من رئيس لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني بنصب خيم لأهالي مخيم عين الحلوة قرب الملعب البلدي لمدينة صيدا وبمحاذاة الطريق الدولية من بيروت إلى الجنوب.

إضافة لكثير من التساؤلات التي تطرح  علامات الاستفهام حول دور إقليمي ودولي فيما يحصل داخل مخيم عين الحلوة.

وفي خلاصة هذا التقدير يمكن الإشارة إلى أنه وبسبب عدم امتلاك أي جهة فلسطينية للقرار الحاسم في المخيم الذي تتقاسم النفوذ فيه قوى وفصائل فلسطينية ومجموعات متطرفة بدون مرجعية واحدة على المستوى السياسي والأمني فإنه من المتوقع أن تعود وتتكرر الاشتباكات التي يستفيد منها وبشكل كبير الأمريكيون والإسرائيليون، خاصة كلما شعروا بتزايد الخطر عليهم داخل فلسطين وفي المنطقة.