جاء الإعلان يوم 18 سبتمبر الجاري عن مشاركة أستراليا في تدريب “إيلانج أوزيندو 23” مع القوات الإندونيسية ليؤكد التحركات الأسترالية المكثفة على الساحة الدولية في ظل مساعي كانبرا لتعزيز مكانتها العالمية والدفاع عن مصالحها؛ حيث ترتكز السياسة الخارجية الأسترالية على ضرورة الالتزام بتعددية الأطراف الدولية والإقليمية، وكذلك على إقامة العلاقات الثنائية القوية مع حلفائها، فضلاً عن اهتمامها الشديد بالقضايا المتعلقة بالتجارة والتعاون الاقتصادي والأمن الإقليمي؛ إذ تحافظ كانبرا على علاقات مهمة مع دول الآسيان، بالإضافة إلى تحالفها بشكل ثابت مع الولايات المتحدة وحلفائها، ناهيك عن سعيها الدؤوب من أجل تعزيز علاقاتها مع مختلف الدول الآسيوية بهدف تعزيز مصالحها الوطنية في كافة المجالات. ولكن من ناحية أخرى، تواجه أستراليا في علاقاتها الخارجية عدداً من التحديات، يأتي على رأسها تنامي النفوذ الصيني في منطقة الهندوباسيفيك، والخلافات الإقليمية ذات الصلة.
مظاهر التحرك
شهدت أستراليا في السنوات الأخيرة تحركاً ملحوظاً على الساحة الدولية؛ حيث اتخذت الحكومة الأسترالية خطوات عديدة لتعزيز دورها عالمياً. ومن أهم مظاهر هذه التحركات ما يلي:
1. دعم تحالفها مع الدول الغربية: ركزت كانبرا مؤخراً على العمل بشكل أوثق مع حليفتها الرئيسية الولايات المتحدة، خاصةً فيما يتعلق بزيادة التعاون العسكري الثنائي والوجود الأمريكي المتناوب في أستراليا، ليشمل زيارات متكررة للغواصات الأمريكية إلى قاعدة في غرب أستراليا، وزيادة التعاون بين البلدين في مجال الفضاء. ويرجع ذلك الأمر إلى العلاقات الأمنية المتينة التي تتمتع بها كانبرا مع واشنطن، والتي توجت بانضمام الأولى إلى تحالف “أوكوس” الأمني مع الولايات المتحدة والمملكة المتحدة عام 2021، بهدف تعزيز التعاون الأمني بين الدول الثلاث في مواجهة التهديدات المتزايدة من الصين في المنطقة. وبالإضافة إلى أوكوس، تعد أستراليا والولايات المتحدة والمملكة المتحدة أيضاً أعضاء في مجتمع استخبارات “العيون الخمس”، بجانب كل من كندا ونيوزيلندا، وهو المجتمع الذي يركز حالياً على تبادل المعلومات الاستخباراتية بين الدول الأعضاء في مواجهة الصين أيضاً.
هذا وتعد أستراليا عضواً رئيسياً في الحوار الأمني الرباعي، بجانب الولايات المتحدة واليابان والهند. وعلى الرغم من تأسيسه بوجه خاص من أجل التعاون البحري بين هذه القوى استجابةً لكارثة تسونامي في المحيط الهندي عام 2004، فإن المخاوف المشتركة بشأن التحدي الذي تفرضه الصين على النظام الذي تقوده الولايات المتحدة في منطقة الهندوباسيفيك، قد شجعت على ضرورة التعاون من خلاله ليشمل أجندة أوسع، بما في ذلك القضايا الأمنية والاقتصادية والصحية؛ فلقد أجروا العديد من التدريبات العسكرية المشتركة، وساعدوا في جهود الاستجابة لانتشار فيروس كورونا، بل يسعون أيضاً إلى مساعدة المنطقة على تطوير بنية تحتية عالية الجودة؛ ما يوفر بديلاً لمبادرة الحزام والطريق الصينية.
وفي يوليو 2023، أجرى 30 ألف جندي من الولايات المتحدة وأستراليا و11 دولة أخرى تدريبات عسكرية مشتركة في أجزاء مختلفة من أستراليا كجزء من تدريبات (Talisman Sabre 2023)، وهي مناورة عسكرية أظهرت الاهتمام المتزايد لدى هذه الدول بدعم تحالفها الأمني من أجل مواجهة نفوذ الصين المتزايد في منطقة جنوب المحيط الهادئ.
2. لعب دور أكبر في المحيط الإقليمي: أوضح الكتاب الأبيض للسياسة الخارجية لعام 2017، أنه ليس هناك هدف طويل المدى للسياسة الخارجية أكثر أهمية بالنسبة إلى أستراليا من العمل على الحفاظ على منطقة المحيطين الهندي والهادئ سلمية ومزدهرة. وترتكز الوثيقة على فهم واضح مفاده أن نفوذ الصين في هذه المنطقة سوف يستمر في النمو؛ ولذلك فإن كانبرا ستسعى إلى تعزيز علاقاتها مع الشركاء الآخرين في المنطقة، بما في ذلك اليابان وإندونيسيا والهند وكوريا الجنوبية؛ من أجل تحقيق توازن في المنطقة يناسب مصالحها القومية.
وفي السياق ذاته، دائماً ما تؤكد قوات الدفاع الأسترالية على تركيزها لحماية منظومة الأمن الجماعي في المنطقة – بالتعاون مع الشركاء الإقليميين – باعتبارها أساس الروابط الأسترالية الاقتصادية بالعالم، كما تسعى كانبرا إلى تعزيز تعاونها مع مختلف الدول الآسيوية مؤخراً؛ حيث وقعت العديد من اتفاقيات التجارة والاستثمار مع هذه الدول، نظراً إلى أهميتها بالنسبة إلى اقتصاد أستراليا ومصالحها الأمنية.
3. تحديث الاستراتيجية العسكرية: أقرت المراجعة الاستراتيجية الدفاعية، التي صدرت في أبريل 2023، أكبر تعديل دفاعي في البلاد منذ الحرب العالمية الثانية؛ وذلك بهدف تطوير قدرات قوات الدفاع الأسترالية على ضرب أهدافها بدقة على مدى أطول، وتطوير شبكة أقوى من القواعد والموانئ والثكنات عبر شمال أستراليا؛ إذ تخطط كانبرا لزيادة إنفاقها على أحدث المعدات العسكرية، بما في ذلك الغواصات النووية والصواريخ الطويلة المدى، رداً على نفوذ الصين المتزايد في منطقة المحيطين الهندي والهادئ.
كما ستعمل أستراليا على تحديث مدارج الطائرات في إحدى قواعدها الجوية بشمال البلاد، ولا سيما زيادة قدرتها على تصنيع الصواريخ البعيدة المدى محلياً؛ حيث تسعى كانبرا لكي تصبح أكثر اعتماداً على نفسها وأكثر أماناً واستعداداً لأي تهديدات محتملة خلال السنوات المقبلة، حسبما صرح رئيس الوزراء الأسترالي “أنتوني ألبانيزي” في وقت سابق من هذا العام، فضلاً عن سعي الجيش الأسترالي إلى اكتساب القدرة على ضرب الأهداف التي قد تقع على بعد أكثر من 500 كم، مقارنة بالمدى الحالي البالغ 40 كم.
4. تبني موقف أكثر صرامة تجاه الصين: في الوقت الذي لم تصف فيه المراجعة الاستراتيجية الدفاعية الصين بأنها تمثل تهديداً عسكرياً مباشراً لأستراليا، فإنها أوضحت أن تأكيد بكين لسيادتها على بحر الصين الجنوبي “يهدد النظام العالمي القائم على القواعد في منطقة المحيطين الهندي والهادئ بطريقة تؤثر سلباً على سيادة أستراليا”؛ ولذلك دائماً ما تنتقد كانبرا سياسات بكين التوسعية في المنطقة خلال السنوات الأخيرة، خاصة فيما يتعلق ببحر الصين الجنوبي والقضية التايوانية، وقد أدى ذلك إلى توتر العلاقات بين البلدين، التي وصلت إلى أدنى مراحلها سياسياً مع تعمق الترتيبات الأمنية الأسترالية إقليمياً، مثل الحوار الأمني الرباعي، واتفاق أوكوس، وتحالف العيون الخمس. ويلاحظ أيضاً أن العلاقات بين أستراليا وتايوان شهدت تطورات ملحوظة خلال السنوات الماضية، حتى إن رئيسة تايوان “تساي إينج وين” دعت يوم 26 سبتمبر 2023 أستراليا إلى دعم مسعاها للانضمام إلى الاتفاقية الشاملة والتقدمية للشراكة عبر المحيط الهادئ (CPTPP)؛ وذلك خلال اجتماع مع مجموعة من المشرعين الأستراليين الزائرين للجزيرة.
5. البحث عن فرص التكنولوجيا العسكرية الغربية: عندما تم الإعلان عن تحالف أوكوس في سبتمبر 2021، بين أستراليا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، كان محور الشراكة الواضح وقتها هو التعاون بين الأطراف الثلاثة لمساعدة أستراليا في الحصول على الغواصات النووية؛ وذلك في إطار خطتها لتنويع مصادر تسليح جيشها، التي ستتضمن أيضاً تغييرات محتملة في عدد الفرقاطات من طراز “هانتر”، وزيادة أعداد سفن الدوريات البحرية التي ستشتريها أستراليا.
ووفقاً لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، تعد أستراليا رابع مستورد للأسلحة في العالم؛ إذ تشتري نحو 70% من أسلحتها من الولايات المتحدة. وفي حين لا تمتلك أستراليا محطات للطاقة النووية مع امتلاكها عدداً قليلاً من المهندسين النوويين، فإنه سيتعين عليها الاعتماد على خبراء من الخارج، بجانب خطتها لإرسال الأستراليين من أجل التدريب على استخدام تقنيات التكنولوجيا النووية في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة.
وفي إطار سعيها لتوطين التكنولوجيا العسكرية الغربية على أراضيها، صرح وزير الدفاع الأسترالي ريتشارد مارليس في أبريل الماضي، بأن “حرب أوكرانيا أظهرت أن مخزونات الصواريخ لدى الأصدقاء والحلفاء ليست في المكان الذي يجب أن تكون فيه، كما أنه من المهم تصنيع الذخائر في أستراليا، ومن الواضح أننا سنفعل ذلك بشكل وثيق للغاية مع الولايات المتحدة؛ حيث نعمل على أن نكون قريبين بما يكفي ليكون لدينا إمكانية تبادل الصواريخ بين قواتنا الدفاعية، وهذا ما سيؤدي إلى تعظيم القدرة الأسترالية”.
6. تعزيز الشراكات الأمنية الثنائية: تعمل أستراليا أيضاً على تنمية العلاقات الأمنية الثنائية مع دول مثل اليابان والهند وكوريا الجنوبية، وهي القوى المقربة لها في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، التي تشترك معها في المخاوف بشأن المسار الاستراتيجي للصين، ومن ثم تعمل كانبرا على تعزيز هذه العلاقات وسيلةً للتحوط، في حالة فقدان الالتزامات الأمنية الأمريكية لمصداقيتها في المستقبل؛ لذا قامت ببناء علاقة أمنية واسعة النطاق مع طوكيو، وهي العلاقات التي رفعتها إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية الخاصة في عام 2014، والتي على أساسها تُعقد اجتماعات منتظمة (2+2) بين وزيري الدفاع والخارجية في البلدين.
هذا وتنمو العلاقات الاستراتيجية الأسترالية مع نيودلهي، التي تطورت بالفعل سريعاً منذ عام 2014 في شكل تدريبات عسكرية مشتركة، وتعاون نووي مدني، وإقامة حوارات منتظمة على المستوى الوزاري، حتى وصلت هذه العلاقة إلى آفاق جديدة في عام 2020 مع إنشاء شراكة استراتيجية شاملة، وترتيب الدعم اللوجستي المتبادل المصمم لتعزيز قابلية التشغيل البيني بين القوات المسلحة للبلدين، كما وقعت كانبرا شراكة استراتيجية شاملة مع سيول في عام 2021، لتعزيز التعاون الأمني بين البلدين، كما تعقد اجتماعات (2+2) بين وزيري الخارجية ووزيري الدفاع لتسهيل المناقشات حول المجالات ذات الاهتمام المشترك.
محفزات رئيسية
يأتي تصاعد النشاط الأسترالي على الساحة الدولية والإقليمية مدفوعاً بمجموعة من المحفزات الرئيسية، ولعل أبرزها ما يلي:
1. مرونة العلاقات الاقتصادية الأسترالية: هناك قدر كبير من الأريحية في العلاقات الودية التي تجمع بين كل من أستراليا من جهة وبين بقية الدول الغربية من جهة أخرى؛ فقد كان الاتحاد الأوروبي ثاني شريك تجاري لأستراليا في عام 2020، بالإضافة إلى كونه سابع وجهة تصدير ورابع سوق للخدمات وثاني مصدر للاستثمار الأجنبي؛ ولذلك تخوض أستراليا محادثات تجارية مع الاتحاد الأوروبي بشأن شروط اتفاقية التجارة الحرة بين الجانبين على مدى السنوات الخمس الماضية، وهي المحادثات التي تسعى كانبرا إلى الانتهاء منها قبل نهاية العام الجاري؛ حتى لا تتوقف هذه المفاوضات لفترة طويلة بسبب انتخابات الاتحاد الأوروبي التي ستجرى في عام 2024.
من ناحية أخرى، افتتحت أستراليا والصين أول حوار رفيع المستوى بينهما منذ ثلاث سنوات في شهر سبتمبر الجاري، في إشارة إلى ذوبان طفيف في العلاقات المتوترة بين كانبرا وأكبر شريك اقتصادي لها؛ وذلك بعدما اشبتك الجانبان في العديد من القضايا، أهمها التجارة الثنائية، التي على إثرها توجهت أستراليا لفتح أسواق بديلة لها.
وفي إطار خطة الصين للتوسع في إنتاجها المحلي من خام الحديد، على أمل فصل نفسها عن أكبر مصدر للصادرات الأسترالية، انضمت أستراليا إلى الجهود الغربية الجماعية لكسر الهيمنة الصينية على العناصر الأرضية النادرة؛ حيث صنفت الإدارة الأمريكية مؤخراً موردي صناعة المعادن والدفاع الأستراليين باعتبارهم “مصادر محلية” بموجب قانون الحد من التضخم.
2. التوتر المتزايد مع الصين: تدهورت العلاقات بين الصين وأستراليا إلى أدنى مستوياتها خلال فترة انتشار وباء كورونا عام 2020؛ حيث أصدرت الحكومة الأسترالية السابقة قوانين تحظر التدخل الأجنبي السري في السياسة الداخلية، وتمنع شركة هواوي العملاقة للاتصالات المملوكة للصين من نشر شبكة 5G في أستراليا بسبب مخاوفها الأمنية، فضلاً عن الدعوة إلى إجراء تحقيق مستقل في وباء كورونا داخل الصين.
ورداً على ذلك، فرضت الصين عقوبات بمليارات الدولارات على البضائع الأسترالية؛ حيث منعت فعلياً تصدير الشعير الأسترالي في عام 2020 من خلال فرض تعريفة جمركية بنسبة 80.5%، وهي التعريفة التي تعتبر – على نطاق واسع في أستراليا – بمنزلة عقاب، كما فرضت تعريفات جمركية أيضاً على النبيذ ولحم البقر والفحم الأسترالي، بالإضافة إلى منتجات أخرى؛ وذلك قبل أن ترفع الصين مؤخراً التعريفة الجمركية المفروضة على الشعير، في إطار بوادر تفاهم بشأن العلاقات الاقتصادية بين البلدين.
3. الرغبة في لعب دور أكثر أهمية في العالم: تسعى أستراليا إلى لعب دور أكثر أهمية في العالم، وأن تكون لاعباً رئيسياً في القضايا العالمية، وقد دفع ذلك أستراليا إلى اتخاذ خطوات عديدة لتعزيز دورها في العالم، بما في ذلك زيادة الإنفاق العسكري، وتعزيز التعاون مع الدول الأخرى في القضايا الدولية المختلفة؛ فقد سبق أن توسطت كانبرا في اتفاقيات باريس للسلام، وشاركت في تأسيس منظمة التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ (APEC)، وقادت المفاوضات بشأن معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية واتفاقية الأسلحة الكيميائية. والآن، يبدو أن الهدف الشامل للسياسة الخارجية الأسترالية هو إدارة المنافسة بين القوى العظمى.
4. الأهمية الاستراتيجية لمنطقة جنوب شرق آسيا: تعتمد أستراليا بشكل كبير على التجارة الخارجية؛ حيث صدرت نحو أكثر من 400 مليار دولار عام 2022، بما يمثل نحو 25% من ناتجها المحلي الإجمالي، الذي وصل إلى 1.68 تريليون دولار في العام ذاته، وقد دفع ذلك كانبرا إلى ضرورة تعزيز تعاونها مع الدول الآسيوية المحيطة بها في المنطقة؛ لضمان سهولة تدفق سلعها وخدماتها إلى الأسواق الخارجية. إضافة إلى ذلك، وقعت أستراليا العديد من اتفاقيات التجارة والاستثمار مع الدول الآسيوية، بما في ذلك الصين التي استحوذت على 25% من إجمالي الصادرات الأسترالية، خاصة أنه يوجد نحو اثني عشر من أكبر خمسة عشر شريكاً تجارياً لأستراليا في آسيا، ويمثلون ثلثي إجمالي صادرات أستراليا.
5. الاستفادة من القدرات العسكرية الأسترالية: وفقاً لمؤشر (Global Fire Power)، فقد احتلت أستراليا المرتبة الـ16 من بين 145 دولة من حيث القوة العسكرية خلال عام 2023. وبناءً على التزام الحكومة الأسترالية بتنفيذ توصيات المراجعة الاستراتيجية الدفاعية، ارتفع حجم الإنفاق الدفاعي إلى مستوى 52.6 مليار دولار عام 2023/2024، بما يمثل 2.04% من الناتج المحلي الإجمالي، ارتفاعاً من 49.1 مليار دولار عام 2022/2023. وتهدف هذه الزيادة إلى تعزيز قدرات أستراليا الدفاعية في مواجهة التهديدات المتزايدة من الصين.
ختاماً، تعكس هذه التحركات الأسترالية رغبة الدولة الجزرية في لعب دور أكثر أهمية على الساحة الدولية، وتعد هذه التحركات جزءاً من استراتيجية كانبرا لتعزيز أمنها ومصالحها الوطنية في العالم، وتحديداً في محيطها الإقليمي. ولكن على الجانب الآخر، وباعتبارها قوة متوسطة في عصر المنافسة المتزايدة بين القوى العظمى، تفتقر أستراليا إلى الثقل الاستراتيجي اللازم لضمان أمنها بمفردها؛ لذللك عادةً ما اختارت طوال تاريخها التحالف مع القوى العظمى، سواء بريطانيا في الماضي، والولايات المتحدة منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية؛ وذلك بهدف مساعدتها على مواجهة تهديداتها الخارجية، وخاصةً الصعود الصيني المتنامي.