• اخر تحديث : 2024-11-15 12:27
news-details
إصدارات الأعضاء

واقع الاقتصاد الأوروبي إذا خرجت ألمانيا منه؟!


تؤكد الوقائع الاقتصادية أن القرن التاسع عشر وحتى اتفاقية بريتون وودز سنة /1944/ كان الأقوى عالميا، ثم اصبح الاقتصاد الأمريكي هو الأقوى حيث أزاح بريطانيا وسيطر الدولار على التعاملات الاقتصادية والتجارية العالمية، وفي القرن الواحد والعشرين بدأ بعض قادة الاتحاد الأوربي يؤكدون بأن التبعية لأمريكا يسبب الكثير من المشاكل الاقتصادية للقارة، وبدأت تنتعش الدعوات القومية الاوروبية للتكامل الاقتصادي وتقوية (الاتحاد الأوروبي European Union) الذي تأسس رسميا/1991/ بموجب اتفاقية (ماستريخت  الهولندية) كاستجابة لدعوات أوروبية منذ خمسينات القرن الماضي، وتم اعتماد عملة أوروبية موحدة وهي (اليورو) من تاريخ 1/1/1999، ولكن تركت الحرية للدول الاوروبية بالتعامل بها او الاستمرار التعامل بعملاتها الوطنية.

وتشكلت منطقة نقدية هي (منطقة اليورو وتضم 20 دولة)، وسنة /2020/ انسحبت بريطانيا من الاتحاد علما انها حافظت خلال عضويتها  في الاتحاد على عملتها (الجنيه الاسترليني) ولم تتخل عنه والبعض يعتبر هذا العمل البريطاني تجسيدا لوصية (مارغريت تاتشر) عندما قالت [إذا تخليتم عن الجنيه الإسترليني ستتخلون عن سيادتكم]، وهنا نسأل ومع المتغيرات الدولية هل تستطيع أوروبا إعادة ارثها الاقتصادي بعدما تبين لها ان التبعية لأمريكا أضعفها، ولكن بنفس الوقت ماذا سيحصل للاتحاد الأوروبي ولمنطقة (اليورو) لو انسحبت بعض الدول منهما وتحديدا (ألمانيا) وهي قاطرة الاقتصاد الأوروبي، فهل يتحول الاتحاد إلى كيانات اقتصادية منفصلة؟!،  وخاصة ان الدعوات داخل ألمانيا بدأت تطالب بالخروج منه ولاقت دعوته تضامنا من قبل بعض مكونات  الشعب الألماني تجسدت في احتجاجات، مما اضطر المستشار الألماني (أولاف شولتس) للتحذير من هذه الدعوات التي ستلحق الضرر في الاقتصاد الألماني، واطلق عليها (Dexit) كما حصل لبريطانيا بخروجها بموجب اتفاقية (Brexit)، واكد معهد الماني للبحوث الاقتصادية (DIW) بأن ألمانيا أصبحت مثقلة بالديون بسبب الحرب في أوكرانيا وخاصة أنها تدفع ثمنا كبيرا من الانقطاع الكامل لإمدادات الغاز الروسي، مما أدى إلى انكماش اقتصادي بقيمة /100/ مليار يورو بنسبة / 2،8%/ من قيمة الناتج المحلي الإجمالي البالغة /3700/ مليار يورو)، وأدى إلى تراجع معدل النمو الاقتصادي إلى سالب/0،3%/ والصادرات سنة /2023/ بنسبة /1،2%/ عن سنة /2022/ وفقاً لمنظمة (Paritätischer Gesamtverband)غير الحكومية و القدرة التنافسية والاستثمارات، وبنفس الوقت زاد معدلي البطالة والتضخم والركود التضخمي ونسبة الأشخاص المهددين بالفقر في ألمانيا ستبلغ/  14% /  من السكان، وهذا انعكس اجتماعيا على زيادة الكراهية والموقف السلبي من الأجانب في ألمانيا ولا سيما في (الشطر الشرقي) بسبب تراجع فرص العمل، مما ساعد  الحركات اليمينية في طرح مشاريعها وخاصة مشاريع التهجير، كما اكد (صندوق إدارة الأصول في أوروبا - أموندي -) بأن العقوبات على روسيا فشلت تماما، وأن روسيا باعت كل إنتاجها النفطي ومن الغاز بسعر اعلى من السعر الذي حددته دول الاتحاد الأوروبي /60/ دولار للبرميل الواحد وعن طريق شركات روسية وصديقة، وحقق الاقتصاد الروسي معدل نمو /1،5%/ بينما الاتحاد الأوروبي أقل من /0،5%/ أي أن الاقتصاد الروسي نما أكثر من /3/ مرات من الاقتصاد الأوروبي.

وهنا نتساءل ماذا سيحل بالاقتصاد الأوروبي وبمنطقة اليورو إذا فاز اليمين الألماني وأيضا نجح الجمهوريين في أمريكا، ولا سيما ان ألمانيا تشكل بحدود /24%/ من الاقتصاد الأوروبي و/20%/ من استثماراته وهي أكبر مصدر وبنفس الوقت اكبر مستورد أيضا من الدول الاوروبية، وقد اكدت (غرفة التجارة الألمانية الأمريكية) إذا فاز (ترامب) بالانتخابات سيفرض رسومًا جمركية على أوروبا مما يضطر الاتحاد الأوروبي لزيادة الرسوم الجمركية وبالتالي ينخفض حجم التجارة والنمو الاقتصادي وستتعرض ألمانيا لأضرار كبيرة من جراء ذلك، ومن خلال تحليلنا لاقتصاد الاتحاد الأوروبي وجدنا انه يواجه عدة تحديات ومنها مثلا [تراجع معدل النمو وسعر الفائدة والخلل المالي  وسلاسل التوريد بعد التوتر في البحر الأحمر وضعف تأثير البرلمان الأوروبي وزيادة معدلي التضخم والبطالة والنزعات اليمينية ...الخ]، ونتوقع ان خروج  (ألمانيا) من الاتحاد ومن منطقة اليورو يعني الموت السريري لكليهما؟!، ويتأكد للأوروبيين عند ذلك أن المانيا اقتدت ببريطانيا وانسحبت لتضمن ريادة اقتصادها وكما تقول العبارة الألمانية الشائعة (Leben ist kein Ponyhof) وترجمتها  أن (الحياة ليست مزرعة الخيول الصغيرة بل هي تحدي)، وسيقول الاوربيون عندئذ لبريطانيا وألمانيا (حتى أنت يابروتوس) من مسرحية (وليم شكسبير "يوليوس قيصر") كإشارة إلى التخلي عن دول الاتحاد الأوروبي الأخرى، إننا نترقب واقع الاتحاد الأوروبي ومنطقة اليورو سنة 2024؟!.