تشهد الساحة العالمية بشكل عام والعربية بشكل خاص حاليا عقد الكثير من المؤتمرات والمنتديات الاقتصادية، ويذكرنا هذا بالفترة بين الحربين العالميتين الأولى والثانية وتحديدا فترة الازمة الاقتصادية الكبرى سنة /1939-1929/ أو (أزمة الكساد الكبير)، لكن في تلك الفترة كانت الكلمة العليا للطغمة المالية الأطلسية وتحديدا التحالف الأنكلو ساكسوني (بريطانيا وأمريكا) ولا سيما بعد انتقال القوة الاقتصادية من (بريطانيا) إلى (الولايات المتحدة) وخاصة بعد مؤتمر (بريتون وودز) سنة /1944/ وسيطرة الدولار الأمريكي على التعاملات الاقتصادية العالمية، ولكن حاليا تغير الوضع النسبي للقوى الاقتصادية العالمية وظهرت قوى جديدة نتج عنها مباشرة تغيرات سياسية واجتماعية وعسكرية...الخ.
إنها لحظات ولادة نظام عالمي جديد وانتهاء للقطبية الأحادية التي ترسخّت منذ منتصف اربعينات القرن الماضي، وبدأت الدعوات من قبل الكثير من دول العالم لاستبدال الدولار وتنويع سلة العملات والتعامل بالعملات المحلية أو العودة إلى قاعدة الذهب أو العملات الالكترونية.. الخ، مثل دول منظمات (بريكس وشنغهاي والاتحاد الأوراسي وتجمع سيلاك في أمريكا اللاتينية والاتحاد الافريقي وأسيان.. الخ)، وظهر هذا واضحا في المنتدى الاقتصادي الأخير (منتدى قازان الخامس عشر عاصمة تتار ستان) بين /15و19/5/2024/ بين (الاتحاد الروسي ومنظمة المؤتمر الإسلامي) هذه المنظمة تأسست سنة /1969/ كرد على محاولة حرق (المسجد الأقصى) من قبل صهيوني متطرف سنة /1969/ وتضم /57/ دولة وتعتبر ثاني منظمة دولية بعد الأمم المتحدة، وغيرت اسمها سنة /2011/ إلى منظمة التعاون الإسلامي وروسيا دولة عضو مراقب فيها منذ سنة /2005/ بناء على طلب الرئيس الروسي (فلاديمير بوتين)، وعقد المؤتمر تحت شعار (الثقة والتعاون) بمناسبة الذكرى /55/ لتأسيس المنظمة والطبعة الخامسة عشر للمنتدى وحضره [أكثر من /20/ ألف مشارك من /87/ دولة ومنطقة و/40/ بعثة دبلوماسية من أوروبا وأسيا وأفريقيا ومؤسسات إعلامية ووكالات أنباء وطنية وباحثين ومحللين وعقدوا اكثر من /150/ جلسة حوارية]، وتم توقيع أكثر من /120/ اتفاقية اقتصادية وركز المنتدى على [الاتجاهات الرئيسية في تحول مجال المعلومات في العالم الحديث ودول منظمة التعاون الإسلامي والفضاء المعلوماتي ما بين التوحيد والتجزئة]، وذلك لتحقيق [دعم النمو والانطلاقة الاقتصادية وتفعيل عمل القطاعات الحكومي والخاص والمشترك وتطوير البنية التشريعية الاستثمارية لتشجيع الاستثمارات والعمل لتقليل معدلي البطالة والتضخم والاستغلال الأمثل للموارد المتاحة من زراعة وصناعة وسياحة وتطوير العمل المصرفي والتبادل بالعملات المحلية عن طريق بنوك مشتركة وتطوير الأنظمة المالية ومراكز البحث العلمي والبنى التحتية وتبادل الخبرات وإيجاد قاعدة لتحويل الأموال على غرار منظومة Swift الغربية واعتماد تجربة التبادل بين دول الاتحاد الاقتصادي الأوراسي حيث ان أكثر من /90%/ من تعاملاتها تتم بالعملات المحلية، والتوجه لتفعيل ممر (الشمال - الجنوب) من روسيا إلى اسيا الوسطى إلى ايران والهند والخليج والعراق والبحر الأبيض المتوسط ،وتفعيل النقل عبر بحر قزوين والسكك الحديدية والبحرية] وغيرها، وشجع ذلك النتائج المحققة سنة /2023/ حيث زاد معدل التعاون (الروسي - الإسلامي) أكثر من /31%/ وستزداد مستقبلا لأن مشاريع النقل المقترحة ستختصر المسافة من روسيا إلى المنطقة العربية من /45/ يوم إلى /15/ يوم وتنخفض تكلفة النقل بحدود /30 إلى 40%/، ولذلك خصصت روسيا لممر الشمال والجنوب اعتماد /280/ مليار روبل حتى سنة /2030/ متوقعة نقل اكثر من /100/ مليون طن سنويا من بحر البلطيق إلى المحيط الهندي بطول أكثر من /7200/ كلم بحيث يمر من عدة دول ومنها [روسيا أذربيجان وكازاخستان وتركمانستان وإيران والهند والعراق وطاجيكستان وأوزبكستان والخليج العربي واسيا الوسطى وأوروبا الوسطى والبحر الأبيض المتوسط ...الخ] وغيرها، ومعروف ان روسيا حققت معدل نمو اقتصادي سنة /2023 / بمعدل أكثر من /3،6%/ وتجاوز الاقتصاد الروسي لأول مرة الاقتصاد الألماني، فهل ستساهم هذه المشاريع في تخفيف الازمات الاقتصادية وخاصة الازمة الغذائية التي تلوح معالمها في الأفق الاقتصادي العالمي؟، وتجدر الإشارة إلى ان الفجوة الغذائية العربية تجاوزت /43/ مليار دولار لسنة /2023/ فهل نشارك في مؤتمر قازان وبفعالية اكبر وبما يضمن مصلحتنا جميعا وتنساب سلعنا واستثماراتنا العربية بن الدول العربية بما يساهم في زيادة التجارة البينية عن نسبتها وهي أقل من /13%/ نتمنى ذلك وهل تتوجه جامعة الدول العربية بعد القمة /33/ في البحرين لتفعيل اقتصادنا العربي لتحسين مؤشراته؟.